كانت الثورة التي أزاحت سلطة الزعيم معمر القذافي بعيدا عن شرق ليبيا مصدر خير لباعة الكتب إذ أقبل القراء مدفوعين بالفضول على الكتب التي كانت محظورة على مدى عقود من حكمه. ويقول باعة الكتب في بنغازي معقل المعارضين في شرق البلاد إن الكتب التي تشهد أكبر اقبال هي كتب التاريخ والدين وكتب المعارضين المقيمين في المنفى والكتب الجديدة التي لم تخضع للرقابة." وقال يوسف المواحيشي بائع الكتب "الناس متعطشة للمعرفة وللاطلاع على التاريخ" مشيرا إلى أن مبيعات الكتب تضاعفت منذ أن اخرجت مظاهرات حاشدة شرق ليبيا من قبضة القذافي في منتصف فبراير شباط الماضي. وقال وهو يخدم أحد زبائنه في متجر التمور لبيع الكتب في وسط بنغازي "الكتب المتعلقة بتاريخ ليبيا كانت محظورة او تخضع للرقابة. كان أغلب الموجود منها عن القذافي." ومازال القذافي في السلطة في العاصمة طرابلس وأغلب مناطق غرب ليبيا على الرغم من غارات جوية تشنها قوات حلف شمال الاطلسي. ولم تحقق قوات المعارضة مكاسب كبيرة بعد شهور من القتال. وسحقت المعارضة في ظل حكم القذافي الذي بدأ قبل أربعة عقود وكانت السلطة تتركز في يده ويروج نظام التعليم لنظريته الكونية الثالثة التي سعت للمزج بين الإسلام والاشتراكية. وحظر القذافي الأحزاب السياسية وأقام نظام الحكم المباشر للشعب عن طريق لجان محلية. ويقول منتقدوه إن اللجان ليس لديها سلطة في دولته التي تدار بشكل مركزي ولم تكن سوى قنوات لرعاياه الشخصيين. ويقول باعة الكتب إن مساعي القذافي للترويج لافكاره وفلسفته جزئيا عن طريق كتابه الشهير (الكتاب الاخضر) كانت تشمل فرض رقابة صارمة على الكتب التي تورد أراء مختلفة أو حظرها تماما. وكانت الأعمال التاريخية عن ليبيا قبل الإطاحة بالملك ادريس عام 1969 تعتبر من المحرمات كذلك. وقال محمد جراحي من متجر (دار ومكتب الفضل) لبيع الكتب "الطلب جيد على الرغم من المشكلات الاقتصادية. الكتب التي تشهد اقبالا أكبر هي كتب التاريخ وكتب المعارضين المقيمين في المنفى. لم يكن الناس يأتون من قبل لانهم كانوا يعتقدون ان الرقابة لا تبقي على شيء يستحق الشراء." ويقول باعة الكتب إن العديد من الكتب الدينية كانت محظورة ومنها كتب المتشددين الإسلاميين وكذلك كتب معتدلين. وفي ظل حكم القذافي كان بعض الباعة يبيعون الكتب المحظورة لزبائن معينين مخاطرين بمواجهة أحكام بالسجن لفترات طويلة. وفي متجر المواحيشي تتصدر الكتب الدينية المتجر لكن الزبون التالي اشترى كتابين عن القانون الدستوري. وقال جبريل زليتني وهو مهندس "عشنا 41 عاما في جهل لذلك يجب أن نعلم أنفسنا وغيرنا. ليس لدينا دستور بعد ولن نقبل بان يفرض دستور علينا دون أن نتمكن من فهمه." ويدير شرق ليبيا حاليا المجلس الوطني الانتقالي وهو كيان تشكل على عجل ويواجه صعوبات في إدارة المنطقة وصد هجمات قوات القذافي وتوفير السيولة والغذاء والدواء. ومما يزيد من صعوبة الأمر أن قلة فقط من الليبيين هي التي تملك الخبرة في السياسة وإدارة المجتمع المدني بسبب قبضة القذافي الصارمة على السلطة. ويقول أسامة الطناشي الذي يقع متجره لبيع الكتب بالقرب من مقر المجلس إن الكتب التي تتعلق بإدارة الأزمات تشهد اقبالا كبيرا وكذلك كتب القانون والتنمية. وأضاف "القضاة والاكاديميون وأعضاء المجلس الانتقالي يشترون. لم يكن احد من هؤلاء يعبأ بشراء الكتب من قبل لان الحكومة كانت تحظر كتب القانون والكتب الاكاديمية." وأضاف "في عهد القذافي لم يكن لدينا كتب قانون. نبدأ من الصفر."