ثورة 14 جانفي ثورة الخبز ثورة الكرامة ثورة الياسمين كلها عناوين التصقت بالثورة التونسية المجيدة التي أشعلت فتيل الثورات العربية معلنة بدا سقوط الأنظمة الدكتاتورية الواحد تلو الأخر ....ثورة أدهشت العالم بأسره وجعلت الكونغرس الأمريكي ينزل من برجه العاجي وينحني إجلالا وإكبارا للشعب التونسي ...الشعب الطامح للحرية والمهرول إلى الديمقراطية قاطعا مع سنوات الجمر والعبودية...كل هذا جميل ورائع ... ولكن ها قد مز شهر...شهران ...ثلاث ...أربعة أشهر والأوضاع غامضة وضبابية وأحيانا قاتمة وحالكة كسواد الليل البهيم. . موعد انتخابات المجلس التأسيسي اقترب والشارع التونسي تائه بين كثرة الأحزاب وحروبها الباردة وبين الاعتصامات والمطالب الاجتماعية مما ولد واقع مرير يسوده بين الفينة والأخرى انفلات امني وما يعقبه من أعمال سرقة ونهب وتخريب ... كلها مؤشرات خطيرة تجعل الوضع الأمني والاقتصادي في عنق الزجاجة. ومما زاد الطين بلة البطء الشديد للحكومة التونسية في التعامل مع الأوضاع وتلكئها في محاسبة أزلام النظام السابق والعائلة الحاكمة فضلا عن ضبابية سياستها مما يجعل مصير الثورة في مهب الريح خاصة وان الأجواء المشحونة التي تعيشها البلاد لا تجعلنا نستشرف خيرا لما بعد 24 جويلية...اللهم إلا إذا تخلت الأحزاب عن حسباتها الضيقة وتحلى المواطن بحس وطني كبير يجعله في مستوى الثورة التاريخية التي كتبها الشعب بدماء شهدائه.