هل كان يجب أن نعبّر بالصراخ عن تقديرنا لامرأة استثنائية صاغت ملحمة في زمن تَمثَّلَ فيه الظلمُ دكتاتورا قهَرَ الرجال ويتَّمَ الأطفال وقطع طريق الرزق، وصادر الحلم والحقيقة والحق في الغد الديمقراطي. فمن الأسئلة المعطلة لمسيرة التنمية ذلك السؤال الذي يدور حول دور المرأة في مجتمع يقول بأسبقية الرجل عن المرأةأأأأأأأأأأأأأأ في المبادرة، وبالتوازي يقول بتخلّف المرأة عن صناعة التنمية قياسا بالدور الاستثنائي الذي أُسند إليها. وفي اعتقادي أن هذا السؤال ناتج عن ثقافة الجذب إلى الوراء وحجب الصورة الحقيقية التي خصها رب السماء للمرأة خلافا للرؤية القاصرة التي كرّستها المجتمعات العربية طيلة عقود حول دور المرأة في النهضة بعد استقلال المنطقة العربية والإسلامية ككل ومن ثَمّ لا أستبعد أن يكون الغرب هو من غذى هذه الرؤية وسوّقها وعمل السنين الطوال على تجذيرها. وواقع الأمر أنه لم يكن أبدا جليا مثلما كان في الشريعة الإسلامية التي لم تفضل رجلا عن امرأة في آية مطلقا والتفضيل الوحيد الذي ذكرته هو أفضلية الأنثى التي لم ترد إنجابها زوجة عمران عن الذّكَر الذي انتظرته، ومن ثم فإن الدين الذي جعل الأدوار متكاملة بين الرجل والمرأة لا تقوم على منطق التفضيل، وحريّ أن تعتز المرأة بالانتساب إليه. ويبقى السؤال وجيها حول من أنجب عظماء هذه البلاد ومن رباهم، من أنجبت ابن خلدون وربته ومن أنجبت ابن عرفة وربته ومن أنجبت الطاهر ابن عاشور وربته ومن أنجبت فرحات حشاد وربته ألم تكن امرأة بمواصفات قياسية حتى تستطيع تربية هؤلاء الاستثنائيين. ثم من أنجبت شهداء تونس وثوارها الذين أنفقوا دماءهم وحرياتهم طيلة عقود ماضية من أجل تحرير هذه البلاد من الظلم وكذلك شهداء هذه الثورة المباركة التي نقلت تونس من عهد الطغاة إلى عهد الكرامة والحرية ألم تكن المرأة هي وراء كل ذلك. بالإضافة إلى أن المرأة كانت لها محطات في هذه البلاد مثل السيدة عزيزة عثمانة التي عملت في الحقل الصحي وكانت لها آثارها في تاريخ تونس والدكتورة هند شلبي التي كانت رقما في معادلة صعبة أمام بورقيبة الذي كان يحمل مشروعا كاملا لتغيير ثقافة هذه البلاد. وأعتقد أن المرحلة القادمة تطرح المرأة كشريك أساسي في معادلة قيام الجمهورية الثانية ويبقى للمرأة الخيار إما أن تتقبل الرسالة الموكولة لها أو أن ترفض وفي صورة الرفض فإن المرأة التونسية تهدي حقبة أخرى من التأخر لإسرائيل ولا أعتقد أن هناك تونسية مسلمة مستعدة لإعطاء إسرائيل غير الثوار والمجاهدين والرفض والتصدي وكل ما يُرادِفُ هذه المعاني. المصدر جريدة الفجر العدد 7 الجمعة 20 ماي 2011 قريبا جريدة الفجر على الأنترنت !!!