حزب الله يرد على القصف الإسرائيلي ويطلق 35 صاروخا تجاه المستوطنات..#خبر_عاجل    طقس الاثنين: تقلبات جوية خلال الساعات القادمة    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    غدا نزول كميات هامة من الأمطار بهذه الجهات    عملية تجميل تنتهي بكارثة.. وتتسبب بإصابة 3 سيدات بالإيدز    سينعقد بالرياض: وزيرة الأسرة تشارك في أشغال الدورة 24 لمجلس أمناء مركز'كوثر'    دولة الاحتلال تلوح بإمكانية الانسحاب من الأمم المتحدة    السعودية: تحذير من طقس اليوم    السعودية: انحراف طائرة عن المدرج الرئيسي ولا وجود لإصابات    عملية تجميل تنتهي بكارثة.. وتتسبب بإصابة 3 سيدات بالإيدز    الرابطة الثانية (ج 7 ايابا)    قبل نهائي رابطة الأبطال..«كولر» يُحذّر من الترجي والأهلي يحشد الجمهور    أسير الفلسطيني يفوز بالجائزة العالمية للرواية العربية    حادث مرور مروع ينهي حياة شاب وفتاة..    أولا وأخيرا: لا تقرأ لا تكتب    افتتاح الدورة السابعة للأيام الرومانية بالجم تيسدروس    إيران تحظر بث مسلسل 'الحشاشين' المصري.. السبب    إنتخابات جامعة كرة القدم: إعادة النظر في قائمتي التلمساني وتقيّة    بين قصر هلال وبنّان: براكاج ورشق سيارات بالحجارة والحرس يُحدّد هوية المنحرفين    البنك التونسي للتضامن يحدث خط تمويل بقيمة 10 مليون دينار لفائدة مربي الماشية [فيديو]    بسبب القمصان.. اتحاد الجزائر يرفض مواجهة نهضة بركان    نابل: إقبال هام على خدمات قافلة صحية متعددة الاختصاصات بمركز الصحة الأساسية بالشريفات[فيديو]    بطولة المانيا : ليفركوزن يتعادل مع شتوتغارت ويحافظ على سجله خاليا من الهزائم    2024 اريانة: الدورة الرابعة لمهرجان المناهل التراثية بالمنيهلة من 1 إلى 4 ماي    تونس تترأس الجمعية الأفريقية للأمراض الجلدية والتناسلية    الكشف عن مقترح إسرائيلي جديد لصفقة مع "حماس"    المعهد التونسي للقدرة التنافسية: تخصيص الدين لتمويل النمو هو وحده القادر على ضمان استدامة الدين العمومي    عميد المحامين يدعو وزارة العدل إلى تفعيل إجراءات التقاضي الإلكتروني    بودربالة يجدد التأكيد على موقف تونس الثابث من القضية الفلسطينية    انطلاق فعاليات الدورة السادسة لمهرجان قابس سينما فن    تسجيل طلب كبير على الوجهة التونسية من السائح الأوروبي    بطولة مدريد للتنس : الكشف عن موعد مباراة أنس جابر و أوستابينكو    جمعية "ياسين" تنظم برنامجا ترفيهيا خلال العطلة الصيفية لفائدة 20 شابا من المصابين بطيف التوحد    استغلال منظومة المواعيد عن بعد بين مستشفى قبلي ومستشفى الهادي شاكر بصفاقس    الدورة الثانية من "معرض بنزرت للفلاحة" تستقطب اكثر من 5 الاف زائر    جدل حول شراء أضحية العيد..منظمة إرشاد المستهلك توضح    تونس تحتل المرتبة الثانية عالميا في إنتاج زيت الزيتون    الأهلي يتقدم بطلب إلى السلطات المصرية بخصوص مباراة الترجي    عاجل/ الرصد الجوي يحذر في نشرة خاصة..    كلاسيكو النجم والإفريقي: التشكيلتان المحتملتان    اليوم.. انقطاع الكهرباء بهذه المناطق من البلاد    وزير السياحة: 80 رحلة بحرية نحو الوجهة التونسية ووفود 220 ألف سائح..    بمشاركة ليبية.. افتتاح مهرجان الشعر والفروسية بتطاوين    برنامج الدورة 28 لأيام الابداع الادبي بزغوان    في اليوم العالمي للفلسفة..مدينة الثقافة تحتضن ندوة بعنوان "نحو تفكرٍ فلسفي عربي جديد"    8 شهداء وعشرات الجرحى في قصف لقوات الاحتلال على النصيرات    مدنين: وزير الصحة يؤكد دعم الوزارة لبرامج التّكوين والعلاج والوقاية من الاعتلالات القلبية    القواعد الخمس التي اعتمدُها …فتحي الجموسي    وزير الخارجية يعلن عن فتح خط جوي مباشر بين تونس و دوالا الكاميرونية    السيناتورة الإيطالية ستيفانيا كراكسي تزور تونس الأسبوع القادم    بنسبة خيالية.. السودان تتصدر الدول العربية من حيث ارتفاع نسبة التصخم !    تألق تونسي جديد في مجال البحث العلمي في اختصاص أمراض وجراحة الأذن والحنجرة والرّقبة    منوبة: تفكيك شبكة دعارة والإحتفاظ ب5 فتيات    مقتل 13 شخصا وإصابة 354 آخرين في حوادث مختلفة خلال ال 24 ساعة الأخيرة    خطبة الجمعة .. أخطار التحرش والاغتصاب على الفرد والمجتمع    منبر الجمعة .. التراحم أمر رباني... من أجل التضامن الإنساني    أولا وأخيرا...هم أزرق غامق    ألفة يوسف : إن غدا لناظره قريب...والعدل أساس العمران...وقد خاب من حمل ظلما    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ستنتصر الثورة في سوريا رغم الداء والأعداء.
نشر في الحوار نت يوم 27 - 05 - 2011

لست سوريا ولكني أعد الثورة في سوريا ضد إستبداد العائلة العلوية ثورتي.
أعد أهل سوريا الثائرين أهلي في العروبة أو في الإسلام أو في كليهما فإن لم يكن ذا ولا ذاك فهم أهلي في الآدمية والتوقان إلى الحرية والديمقراطية والكرامة.وكفى البشرية أديما يلف الناس كلهم إليه على أساس المساواة التامة ( كلكم لآدم وآدم من تراب ).
كتبت لي أقدار الرحمان أن أحيا هناك ( حي اليرموك بدمشق ) ستة أشهر كاملة عام 1993 برفقة مجموعة من الإخوة الذين ضاقت بهم تركيا بعدما أبرم حكامها يومها إتفاقية أمنية مع الذيل المقطوع بن علي على أساس أن نسلم إلى تونس مقايضة مع تسلم تركيا مقاتلي الحزب الكردستاني اللاجئين في تونس.
أحسن السوريون إلينا إحسانا كبيرا لنتفيأ ظلال الشام الوارفة ونتعلم أدب الحديث ورقة المعاملة وفنون المجاملة التي ضن بها علينا عرق دساس ورثناه من غلاظة البربر نحن أصلاء المغرب العربي .
آوتنا هناك مساجد فسيحة لا تكاد تخلو في كل ساعة من ساعات النهار من مشهد من مشاهد طلب العلم في شتى المعارف الشرعية.
أما لذتي التي لا يشبع لها نهم يوما فكانت ساعات طويلات أقضيها في حي الحلبوني متنقلا بين المكتبات الزاخرة بالمصنفات العلمية.
هما لذتان كانتا محرمتين علينا في تونس في أيام حكم عصابات النهب والسلب : مسجد فسيح يتفيأ المصلون ظلاله لا يخشون مساءلة بوليس ولا تعقبات مخابرات و مكتبات تنضح علما وعرفانا لا يحجر على صاحبها إستيراد عنوان ولا مؤلف ولا يسأل طالب علم عم إقتنى : لم وكيف وهل يمكن أن تساهم تلك العملية في التآمر على أمن الدولة!
خلط سياسي آن له أن يزول.
ينسب الناس اليوم إلى نظام الأسد أنه نظام ممانعة ضد الإحتلال الصهيوني وما هو كذلك عند التحقيق التاريخي والعلمي الصحيح. الممانعة لا تنسب أولا إلى نظام سياسي ولكن تنسب إلى الشعب السوري الكبير فهو الذي تحطمت على يديه محاولات الصهاينة الإختراقية سواء للنيل من وحدة البلاد وحفاظها على ممانعتها أو للنيل من بنى المقاومة الفلسطينية التي يؤويها الشعب السوري الكبير. أما ممانعة نظام الأسد فلا تفهم سوى في سياقها الجغرافي والسياسي : جغرافيا هناك إيران الطائفية التي تفرض على سوريا ضربا من الممانعة مقايضة مع مصالح أخرى منها الوجود الشيعي في سوريا ومنها الإئتلاف الطائفي بين النظام الشيعي الحاكم في إيران والنظام العلوي النصيري الحاكم في سوريا كما أنه هناك لبنان الذي ظل لعقود طويلة أشبه ما يكون بمحمية سورية ذات إستقلال داخلي. تداخلت تلك التوازنات العرقية ( عرب وأكراد وفرس وغيرهم ) والمذهبية ( سنة وشيعة وغيرهما ) مع مصالح مالية وإقتصادية لتكون سوريا ممانعة بحكم الجغرافيا والتاريخ والتركيبة وليس بحكم وفاء وطني لقيادة سوريا.
كانت الممانعة السورية بكلمة واحدة ضربا من ضروب الإبتزاز أو ضربا من ضروب ( البزنس) بالتعبير الإعلامي المعاصر. تماما كما كان الأمر في عهد عصابات النهب والسلب في تونس : ( بزنس ) دولي لإستدرار العطف المعنوي والضخ المالي بعنوان مقاومة الأصولية والتطرف.
كفى الثورات العربية الراهنة شرفا تمحيص الرجال والحركات.
إمتحان سقط فيه الدكتور البوطي سقوطا مريعا ولكنه مرقوب.
الدكتور البوطي رجل تعلمت منه الكثير و آلاف من أبناء جيلي. رجل من فقهاء العصر دون منازع. رجل جمع بين فقه الشريعة وفقه قضايا المعاصرة. رجل إذا تحدث عن المادية الجدلية التي بنى عليها الشيوعيون أطروحتهم الفلسفية نقضها نقضا ( أنظر كتابه : كبرى اليقينيات الكونية مثلا ) حتى تراءى لك أن الشيوعية بنظرتها الفلسفية للكون والحياة ليست سوى بيوت من التراب يشيدها الأطفال في ساعات مرحهم لتضحى من بعد ذلك أثرا من بعد عين. رجل إذا تحدث عن شريعة الإسلام فإن له فيه باعا طويلا يجمع إليه ريشة بيان ساحرة إلى وسطية فكرية معتدلة. رجل جمع إليه بكلمة واحدة خصلتين لا يجمعهما كل من هب ودب : ضارعة في الحجاج وشاحها البرهان و رهبانية إسلامية تسرح فيها الروح سرحان النحلة في حقول الأزهار ( أنظر شرحه للحكم العطائية مثلا ).
مشكلة البوطي واحدة هي : لا مكان في عقله لقيمة الجهاد والمقاومة.
شن الدكتور البوطي هجومات لا أول لها ولا آخر ضد ( الفيس ) الجزائرية أيام ظهورها وفوزها بإنتخابات الجزائر في شوطها الأول عام 1991 فلما وصل به الأمر حدودا جاوزت المشروع دينا وعقلا ألف كتابا في الجهاد كاد يلغي فيه قيمة الجهاد جملة وتفصيلا. لم يلق ذلك منه عند الناس ترحيبا سيما قبل ظهور ( الجيا ) الجزائرية و تحول قضية الجهاد في الجزائر إلى ما تحولت إليه قضايا كبيرة وكثيرة أي إلى ( بزنس ) فيه شركاء محليون ودوليون فيهم المتجانس وفيهم المتشاكس. وقف الدكتور البوطي من بعد ذلك في مناسبات قليلة جدا يثني على جلاد سوريا الأكبر : حافظ النعجة الذي ظل يكتنز سلاحه ليصبه على مدينة حماة عام 1982 متجاهلا أن جزء من بلاده يحتله الصهاينة ( هضبة الجولان).الدكتور البوطي معروف بعزوفه عن الأضواء : حتى الأضواء العلمية التي له فيها باع وأي باع بله الأضواء السياسية. أكاد أقول : أن تقرأ له علما يفيدك خير لك ألف ألف مرة من أن تسمع له تصريحات سياسية تصيبك بالدوار والدهشة. يمكن لك أن تلتمس له عذرا في دولة بوليسية طائفية بإمتياز شديد.
ذاك ما وقر في من بعد متابعة دائبة لإنتاج الرجل الذي لا أذكر أني ضننت على نفسي بثمن كتاب من كتبه وله وحده سبحانه الحمد والمنة والفضل. رجل تطرف في نفي البعد الجهادي في الإسلام ومنه البعد المقاوم إنطلاقا من إستراتيجية علمية أو دعوية يقدرها هو ومن يشترك معه فيها. إستراتيجية علمية أو دعوية تتطرف في فرض الإذعان لولي الأمر رغم تبدل هذا المفهوم السياسي تبدلا كبيرا جدا إلى حد إدانة أي مقاومة حتى لو كانت سلمية مدنية ديمقراطية. عجبي العجاب الذي لا ينقضي هو كيف يجمع عقل مثل عقل الدكتور البوطي بين وسطية إسلامية فكرية معتدلة جدا كلما طرق أي موضوع لا يتصل مباشرة بالسياسة الشرعية ( أنظر مثلا كتابه الفريد في حقله : السلفية ليست مذهبا فقهيا ..) وبين تطرف فكري كلما تعلق الأمر بالولاء لوكلاء الإحتلال المعاصرين الذين يحكموننا بالحديد والنار بعدما سلبت منهم كل سبل الشرعية والمشروعية دينا ودنيا معا. هل هو خلل في التكوين أم هو تورم في الإهتمام أم هي العصا التي تكره الفقيه على قول ما لا يعتقده أم هي المصالح المتبادلة؟ لا أدري ولا أجزم بواحدة من ذلك.
ثم تعرى الدكتور البوطي في الثورة الراهنة عريا فاحشا.
إستمعت إليه مرة أو مرتين بهذه المناسبة ينعت الثوار السوريين بنعوت من مثل : حثالة. نعوت ينقصها الأدب من لدن فقيه معاصر. أما خلو تلك النعوت من الحقيقة العلمية فهي الخائبة التي ورط فيها فقيه سوريا نفسه بالمجان. الأمر لا يعتمد من قبل الدكتور البوطي ولا من قبل أي رجل فوق الأرض على أهواء أو ميولات. الأمر هنا أمر في الإسلام مقدم ومعظم. أمر لا ينتمي إلى حقل الظنيات بل إلى حقل القطعيات. بل حقل المحكمات التي تعصم الأمة بإسلامها وتعصم الإسلام بأمته ليشد بعضهم بعضا. الأمر يعتمد على قيم الحرية والكرامة ومن قبل ذلك على قيمة الإنسان ومنزلة رأيه حتى لو كان خاطئا كلما كان في كنف السلم ورعاية الحرمة المادية والمعنوية للآخرين. الأمر يعتمد على قيمة المواطنة في الإسلام وعلاقات الحاكم بالمحكوم حتى لو كان ذلك الحاكم منتخبا إنتخابا ديمقراطيا صحيحا من لدن المحكومين بما لا تشوبه شائبة فما بالك إذا كان الحاكم وهو كذلك في سوريا وغير سوريا مفروضا على الناس بالحديد والنار. هذا لمظنة إنتمائه إلى العترة النبوية وكأن الخليفة الأول له عليه الصلاة والسلام كان الحسن أو الحسين أو فاطمة أو عليا ولم يكن أبابكر عليهم جميعا الرضوان وكذا على إمتداد الخلافة الراشدة كلها حيث لا مكان لمشروعية عترة نبوية بل كان المعيار الأوحد المحكم هو بيعة التراضي بين الحاكم والناس حتى أن رئيس إدارة الهيئة العليا للإنتخابات في إثر إغتيال الخليفة الراشد الثاني الفاروق أي : إبنه عبد الله إبن عمر لم يدع بيتا من مدر ولا وبر إلا ولجه سائلا حتى العذراوات في خدورهن عن إختيارهن بين عثمان وعلي عليهما الرضوان. وذاك لمظنه غلبته بالقوة المادية أي العسكرية والأمنية سيما بعد تورط بعض الفقهاء قديما في إضفاء مشروعية دستورية على سلطان الغلبة والقهر وإنتاجهم قالة والغة في الإنحطاط إلى حد التأثم : حاكم غشوم خير من فتنة تدوم.أمر السياسة إذن ليس موكولا في أصوله الدستورية إلى رأي فلان أو قول علان. هناك أصول مرعية لا قوام للأمة إلا بقوامها وعلى رأس تلك القيم المرعية : بيعة تراض متبادل بين الحاكم والمحكوم ولا ريب في أن خير وسيلة تضمن ذلك اليوم : إنتخابات عامة مباشرة ديمقراطية لا حجر فيها على ناخب ولا منتخب لا بسبب جنس أو دين أو لون أو عرق أو لغة إلا الإعتبار الوطني أو بعض الشروط المتعلقة بالسن ومدارك الأهلية الأخرى وهي تراتيب إدارية لا تحط من شأن تلك القيم المرعية.
وبمثل ذلك سقط السيد نصر الله.
سقوط نصر الله أمين عام حزب الله اللبناني لا يفسر سوى في كنف ما أنف ذكره أي أن الممانعة السورية حيال الإحتلال الصهيوني ليست ممانعة وطنية من لدن القيادة السورية ولكنها ممانعة مفروضة من تحالفات مذهبية إيرانية لبنانية سورية. بعض العقول لا تقوى على تفصيل الأمر لحسن إستيعابه وتفكيك مفاصله فإما أن يستوعب العقل أمرا إيجابيا بالكامل أو أن يلفظه بالكامل. أحسن مثال تطبيقي على ذلك هو مثال : حزب الله من جهة وإيران من جهة أخرى حيال المقاومة ضد إسرائيل من جهة كذلك وحيال حقوق المختلفين معهما مذهبيا من جهة أخرى كذلك. بعض العقول لا تستوعب الجمع بين الحسنة ونقيضها. تلك عقول أحادية لا تصلح للحوار في القضايا التي لا سبيل إليها سوى بتفكيك التعقيدات. إنحياز حزب الله على لسان أمينه العام السيد حسن نصر الله إلى جانب السلطة في سوريا ضد الثورة الشعبية الراهنة ( دعا إلى ذلك قبل أيام قليلة صراحا بواحا) لا يجعلنا نحكم على الحزب وأمينه العام جملة وتفصيلا بالعدم. ولكنهما مشهدان متقابلان يحسن بالعقل المركب إستيعابهما معا : مشهد حزب الله المقاوم ومشهد حزب الله الطائفي. إذا حملك عقلك على إعدام حزب الله المقاوم لأنه حزب طائفي ينتصر للظلم العلوي النصيري في سوريا ضد إرادة الشعب السوري فلا تتردد في إتهام عقلك. التهوين من الموقف المخزي لحزب الله حيال المقاومة الشعبية السورية ضد السلطة هناك تهوين يهون من قدر صاحبه دون ريب ولكن التهويل إلى حد شطب قيمة المقاومة من قاموس حزب الله هو كذلك تهويل يهون من قدر صاحبه دون ريب. وبمثل ذلك إيران مع بعض الفوارق المعينة.
الحرية والتحرر وجهان لعملة نقدية واحدة.
المقصود بالحرية مقاومة الشعوب ضد حكامها المغتصبين لإرادتها على درب إستعادة الكرامة والعدالة والديمقراطية والمواطنة والشراكة في الوطن. أما المقصود بالتحرر فهو مقاومة الشعوب ضد المحتل وخاصة المحتل الصهيوني سواء كانت مقاومة ميدانية فوق أرض فلسطين أو مقاومة غير مباشرة خارج الوطن المحتل. الحرية والتحرر من رحم واحدة ولا يفصل بينهما إلا جاهل أو أحمق. هما سبيلان متلازمان تلازما عجيبا. لقد ثبت اليوم بالتجربة أن كل تغول للكيان الصهيوني المحتل يعقبه ضمور في الحريات الداخلية للشعوب والعكس بالعكس دوما صحيح. أصل ذلك أن المحنة العربية الراهنة كما كتب ذلك بحق المفكر السوري الكبير برهان غليون ليس لها سوى عنوان واحد هو: الدولة القطرية هي صنيعة إستراتيجية التجزئية والتبعية الغربية و معلوم أن اللوبي الصهيوني له في تلك الإستراتيجية نصيب موفور.هي معادلة فكرية من أحسن إستيعابها أحسن إستيعاب عصره : الحرية تفضي بالضرورة إلى التحرر والتحرر يفضي بالضرورة إلى الوحدة العربية والإسلامية. السؤال الخاطئ منهجيا هو : أي مسار نقدم؟ سؤال خاطئ منهجيا لأننا نشكو من الظلموت الثلاثي : لا نحن أحرار في أوطاننا بل نورث كما تورث الأنعام ولا نحن أصحاب أرض محررة ولا نحن موحدون فوق أرضنا بل محكوم علينا أن نحيا شظايا أمة. مسارات ثلاث متلازمة يخدم بعضها بعضا بالضرورة.
لا نتهم حزب الله في مقاومته ولكن لا نستأمنه على أنفسنا.
ذلك هو شعوري. لا أنفي عن حزب الله وإيران رغم الإختلاف معهما على المنزع الطائفي وليس المذهبي إذ برغم سنيتي فإني أعد المذهب الشيعي مذهبا إسلاميا معتمدا من لدن الأمة ضمن ثمانية مذاهب يتدين بها المسلمون اليوم وليس هذا محل تفصيل منزعهما المقاوم بل هو محمود بكل آيات الحمد وعرابينه. غير أني لا أستأمنهما على نفسي وحريتي وكرامتي بعدما رأيت بأم عيني وسمعت بأذني هاتين ما جرى للسنة في إيران وما يحاك ضدهم خارج إيران. أما موقف السيد نصر الله من الثورة السورية الراهنة فهو الموقف المتجانس مع كونه طائفيا متطرفا في طائفيته حتى النخاع. موقف مفهوم ولكنه موغل في الخزي والعار. موقف يعمق شعوري : أنتصر لإيران وحزب الله مقاومة لإسرائيل ولا أستأمن أيا منهما على نفسي وما يليني حتى يلج الجمل في سم الخياط.
الممانعة ورقة توت كشفت الثورة السورية العورة التي تخفيها.
ظل يلوح النظام السوري بمثل ما لوح به غيره ممن إمتحن بالثورة ضده : يلوح بتنظيم القاعدة حينا وبالإخوان المسلمين حينا آخر فلما أعيته الحيلة في إقناع الغرب فر إلى التلويح بأن الثورة الشعبية ضده صناعة غربية إنتقاما منه لموقفه الممانع من الإحتلال. وقع في تلك الأحبولة الخبيثة من وقع من الناس الذين كان لهم من قبل ذلك أثر محمود. أثارت بعض المصادر الصحفية أن الصحفي الشهير غسان بن جدو أسس إستقالته من قناة الجزيرة على أسس منها خلفيات الموقف الإعلامي من ثورتي البحرين وسورية بل نقلت بعض تلك المصادر أنه يؤيد عصابة الفساد في سورية ضد الإرادة الشعبية. إذا ثبت ذلك ولم أعثر على ما يؤيده رغم أني مازلت أحتفظ للرجل في صدري بمكان كبير فإن الرجل ليس سوى أكبر الساقطين في تلك الأحبولة الخبيثة. هب أن النظام السوري نظام ممانع هب ذلك ولست من الواهبين لذلك بسبب أن الممانعة السورية فضلها للشعب السوري وليست لحكامه فبأي حق ندين عشرات الآلاف من السوريين المقاومين بصدورهم العارية في الشوارع ويبثون الشهداء شهيدا في إثر شهيد .. بأي حق ندين أولئك بسبب أن حاكمهم ممانع؟ تلك قسمة ضيزى. أول علامات النفاق في الممانعة السورية على المستوى الرسمي وليس الشعبي هي أن حاكم سوريا يذرف دموع التماسيح على الفلسطينيين المحرومين من نسمات الحرية ولكنه يعامل شعبه بمثل ما تعامل به إسرائيل المحتلة الناس في الأرض المحتلة. ليس ذلك هو المعنى الأصيل القح للحرية.
ورقة توت كشفت عورة القذافي وستكشف عورة الأسد كذلك.
تلك هي ورقة التوت التي خيل للمجرم السفاح القذافي في لحظة صحو أنه يستخدمها ليحصد ما بقي من رؤوس الليبيين. صور الأمر على أنه هجوم صليبي ضده وضد شعبه فما إلتفت إليه عربي واحد. ذاك هو مصير الأحبولة الخبيثة التي يلوح بها حاكم سوريا اليوم. الشعب السوري شعب مقاوم ولكنه يقاوم الصهيونية والإحتلال من جانب ويقاوم الإستبداد والقهر من جانب آخر. هما مقاومتان تتلازمان.
وسينتصر الشعب السوري بإذن الله سبحانه على عصابات النهب والسلب والفساد المتسلطة عليه بمثل ما إنتصر في مقاومته للعدوان الصهيوني والإحتلال الإسرائيلي.
الهادي بريك ألمانيا


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.