تأجيل محاكمة العميد الأسبق للمحامين شوقي الطبيب إلى 12 فيفري المقبل    القصرين: سائقو التاكسي الفردي يجدّدون احتجاجاتهم للمطالبة بالترفيع في عدد الرخص    رسميا: نعيم السليتي جاهز للمشاركة في كأس أمم إفريقيا    تونس: كيفاش تستعدّ الديوانة التونسية لعطلة الشتاء ورأس العام    فيلم "هجرة" للمخرجة والكاتبة السعودية شهد أمين : طرح سينمائي لصورة المرأة وصراع الأجيال    حزب التيار الشعبي يلتقي قيادات من حركات المقاومة الفلسطينية    وفاة رضيع نتيجة البرد القارس في خان يونس..#خبر_عاجل    زيلينسكي: روسيا تتهيأ ل"سنة حرب" جديدة في أوكرانيا    الحماية المدنية: 117 تدخّلا للنجدة والإسعاف بالطرقات خلال ال 24 ساعة الماضية    نهائي السوبر: الترجي ضد النجم – وقتاش؟ وفين تشري التذاكر؟    عاجل: منع جماهير منتخبات عربية وإفريقية من دخول مونديال 2026... وهؤلاء المعنيون    تفاصيل ممكن تغيب عليك كيف تكري دار...أهمّها إجراءات المغادرة والزيادة    تظاهرة كروية جهوية من 23 الى 26 ديسمبر 2025 بالمركز الثقافي والرياضي للشباب بن عروس    بعد 13 عامًا..العثور على طائرة مفقودة في الهند    جمعية أجيال قصر هلال في جبل سمّامة: الجبل يحتفي بالدكتور فنطر    كوتش يفسّر للتوانسة كيفاش تختار شريك حياتك    تزايد حالات التهابات الأنف والأذن والحنجرة: تحذيرات من دكتورة تونسية    تأخير محاكمة الأزهر سطا    دار الصناعات التقليدية بالدندان تحتضن معرض "قرية وهدية" من 22 الى 30 ديسمبر الجاري    معهد الرصد الجوّي يكشف موعد وصول التقلّبات الجوّية    الملتقى الوطني للاتحاد التونسي لاعانة الاشخاص القاصرين ذهنيا من 19 الى 21 ديسمبر 2025 بمدينة سوسة    سيدي بوزيد: اضراب جهوي لأعوان الشركة الجهوية للنقل القوافل    لا تفوتوا نهائي كأس العرب لكرة القدم بين المغرب والأردن..موعد والنقل التلفزي..    فتح باب الترشح لجوائز الإبداع الأدبي والفكري والنشر لمعرض تونس الدولي للكتاب    المسرح الوطني التونسي يقدم سلسلة عروض لمسرحية "جرس" بداية من الجمعة 26 ديسمبر    ندوة حول اللغة العربية وتضافر الاختصاصات يوم 20 ديسمبر 2025 بالمكتبة الجهوية متعددة الوسائط بأريانة    خلال الملتقى الوطني للكورال بجندوبة.. مدرسة البراهمي تترشح للنهائيات الوطنية    الجامعة النيجيرية لكرة القدم توجه إتهامات خطيرة لمنتخب الكونغو الديمقراطية    الاولمبي الباجي يعزز صفوفه بمحرز بالراجح ومحمد علي الراقوبي    رحلات وهميّة نحو تونس: عمليّات تحيّل كبيرة تهزّ الجزائر    عاجل: الدولة تنظّم ''شدّان الصغار'' في الدار...وهذه أبرز الشروط    نائب بالبرلمان: تسعير زيت الزيتون عند 15 دينارا للتر لن يضرّ بالمستهلك..!    اختفى منذ أيام: العثور على جثة شاب متوفي وسط ظروف غامضة..    دراسة تحذر.. "أطعمة نباتية" تهدد صحة قلبك..تعرف عليها..    الستاغ: هاو كيفاش تتمتّع بإجراءات تسهيل الخلاص بداية من 22 ديسمبر    في المرتبة التاسعة: تونس تسجّل أضعف معدّلات الولادات عربياً    عاجل/ بداية من اليوم: تونس تدخل تحت تأثير منخفض جوّي قادم من الجزائر..    بطولة الكويت: طه ياسين الخنيسي ينقذ الكويت من الخسارة امام السالمية    عاجل/ رصدت في 30 دولة: الصحة العالمية تحذر من انتشار سريع لسلالة جديدة من الإنفلونزا    ولاية ثالثة لترامب.. "حديث" يثير عاصفة دستورية    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    ترامب في خطابه إلى الأمة: الجيش الأمريكي هو الأقوى في العالم    عامر بحبة... منخفضًا جويًا قادمًا من الصحراء الجزائرية سيبدأ تأثيره على البلاد تدريجيًا    هدية أسطورية لميسي من ملياردير خلال زيارته الأخيرة إلى الهند    الاتحاد الأوروبي يوافق على قواعد أكثر صرامة بشأن ترحيل طالبي اللجوء    ديوان الزيت يدعو المتدخلين في القطاع لطلب تخزين زيت الزيتون لدى الخواص    ليلة الأربعاء: سماء مغيمة وأمطار متفرقة في هذه المناطق    عاجل: دولة عربية تعلن عن احتمالية اضطرابات في الرحلات الجوية...والسبب الطقس    عاجل/ عامين سجن في حق هذا الفنان..    هام: منظمة الصحة العالمية تحذّر من الانتشار السريع لل Grippe    مستشفى شارل نيكول: نجاح أول جراحة الكلى الروبوتية في تونس    عاجل/ "الستاغ" توجه بلاغ هام للمواطنين..    صندوق النقد العربي: بورصة تونس تتصدّر البورصات العربيّة في ارتفاع القيمة السوقية    شيرين تردّ على ''الكلام الكاذب'' عن صحتها وحياتها    الدكتور محسن حمزة/طبيب ... شباب القرن الحادي والعشرين يريد خطابًا يُحاوره لا يُلقّنه    ندوة «الشروق الفكرية» .. الشّباب والدّين    د. الصحبي بن منصور أستاذ الحضارة الإسلامية/جامعة الزيتونة.. السّؤال خارج الخطاب التقليدي خطوة لفهم الدّين لا ابتعادا عنه    8 أبراج تحصل على فرصة العمر في عام 2026    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اشجار الزيتون : قصة أحمد غماري
نشر في الحوار نت يوم 29 - 05 - 2011

افتراضي اشجار الزيتون ...مهدى لابناء الثورة الجزائرية
إنتظر الشيخ محجوب حتى ولجت قدماه الحذاء الجلدي المطرزبأشكال تقليدية جميلة بعدما ساعده على لبسه حفيده محمد قبل أن يتهادى بخطاه نحو الباب مرتكزا بيده على عصاه العتيقة و مسحة ألاشمئزاز تكتسي وجهه الناظر و لحيته الموقرة بظفائر شائبة يتوسم فيه الناظر ملامح رجل مخضرم عاش عنفوان الثورة المجيدة وشاهد صرح الاستقلال الخالد سبقه نحو الباب حفيده محمد يحمل كرسيا مركزا ببطائن ألاغطية تقي ضعف الشيخ ووهن جسده
كانت اشجار الزيتون العتيقة تقع بمحاذاة البيت الواقع اسفل هضبة تمتد بعدها أراضي مترامية ألأطراف فما من سائل على أل الشيخ إلا وإستدل بها على معرفة البيت المطلوب زيتونات باسقات أغصانها كبيرة جذوعها ملاذ للشيخ من ضجيج البيت و مرتعه لذكريات خالدات
علت الحيرة وجه محمد حفيد الشيخ عندما أسند كرسي جده على جذع إحدى الزيتونات حيث لمح ثلاثة ثقوب صغيرة لم يسبق له مشاهدتها من قبل رغم طول عهده بالأشجار فسأل جده المسن دون إثارة فزعه
السوس بدأ ينخر الاشجار و سوف تموت عاجلا؟ ساعتها سرح الشيخ بخاطره من أين يبدأ؟من النهاية أو البداية؟فتحت عيناه على الدنيا و الزيتونات باسقات فخبايا الطبيعة تحمل ذكريات الانسان كم يؤلمه أن يرى نهايتها مساء اليوم الجرفات سوف تأتي عليها لتشق الطريق العمومي الذي قدر له ان يمر بمحاذاة البيت
فتأود في نفسه لكم هي قاسية يد الأنسان بعكس حنان الطبيعة و ألارض لا يتوانى ألادمي عن فعل شيء ليصل لمأربه حتى تدمير ذكرياته بيده ماذا سيفعل هذا المساء تدمر ألاشجار و معها جزء من نفسه و تاريخه سوف يقبع لمشاهدتها دون حول و لا قوة ؟
إستدرك الشيخ قول حفيده قائلا عجيب ألم تدرك الثقوب الثلاثة من قبل؟إنها تمتد على أضعاف عمرك مزجت روحها تعلق الانسان بألارض فوراء الهضبة تمتد أراضى أممها الكولون لثورات أجدادك المختلفة عليهم لم يبق منها إلا اشجار الزيتون أوصى والدي بتعهدها و رعايتها قد يمس بسوء من يضرها حلت بها بركة الاجداد لفظ أنفاسه أمامها شهيد من جيش التحرير فالثقوب الثلاثة من وقع الرصاص الذي أطاح به
إنقلب جواب الشيخ لكلام جارف كأنه إنتظر طويلا من يثير فيه أشجانه و ماضيه و ربما يعزيه عن مصير اشجاره المنتظر مساءا فنقل أسماع حفيده لكلام ذي شجون قائلا و متحدثا
عن بساطة مولده مع بداية القرن و رفض والده المشاركة في الحرب العالمية ألاولى لجانب الفرنسي الكافر و عهد ألاحزاب السياسية و المدارس التعليمية التي ميز فيها العرب الجزائرين بلباس لايتعدى قندورة مخاطة بأكياس السميد ألامريكي أثناء المجاعة الكبرى و طربوش أحمروقصةعبور الجيش ألامريكي لشمال إفريقيا سنة 1942 والثورة المجيدة
و أدرك الشيخ فيما وراء العقل والكلمات أنها أعظم شيء في حياته من أيامها يتأسى على ليلة خروج والده الجريح بصحبة مسبلين أثنين من جنود جيش التحرير لمدواة جراحه الثخينة وهو يقول لست أدري من يقرأ الفاتحة على قبري ؟ولم يتذكر منه سوى طاقم أسنانه الفضي و حذاءه اللامع أعياه البحث عنه فلم يجد سوى إجابة واحدة لقد أستشهد؟ اين دفن ؟ليس هناك من يدري
تأصلت في الشيخ عادات حميدة يتعهد زيتوناته صباحا ويذهب لقيلولته ظهرا و يجالس أقرانه محدثا إياهم عن حاضره ألاغبر مساءا لكن أمسية اليوم كغير سائر ألامسيات فالجرافات تقلب الارض و معها أشجار الزيتون وهو ينظر إليها وعلى حين غرة.....
لاحت لأنظار الشيخ رفات بشرية أدرك لتوه أنها لشهداء من بقايا مستشفى لجنود جيش التحرير و من بين الهياكل ظهرت جمجمة ذات طاقم أسنان فضية و حذاء لامع لم يأت عليه الزمن فأيقن أن والده قد دفن تحت أشجار الزيتون التي كانت مخبأ لجنود التحرير ومستشفى فإنكشف السر الدفين
سارع لجمع رفاته في برنوسه الناصع البياض غير مصدق لمايرى قائلا لحفيده لقد حلت بركة الزيتون وكان الولد في ذلك الحين يرفع يديه ليقرأ الفاتحة على روح جده الأكبر الذىتساءل يوما من يقراء الفاتحة على قبره؟
و أخيرا....... عادل الشيخ محجوب ماضيه بحاضره ولابد له أن يكون سعيدا فالارض هي ألانسان فمن ضياع أشجار الزيتون إنبعثت رفات أبيه الذي يبقى شهيدا للخلود...حملت أنباء ازالة الزيتون عودة الشهداء فهب قرويو الضاحية لمعانقة حلمهم الجديد و مشاركة الشيخ محجوب أفراحه فتحولت أمسياتة الخزينة لفرح بهيج وهو يزف مع أبناء وطنه رفات الشهداء نحو مثواها الأخير نحو مقبرة شهاء القرية
....................رحم الله كل شهداء الامة الاسلامية
الأستاذ أحمد غماري
أستاذ جامعي بالجزائر


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.