إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم و أيديكم إلى المرافق بقلم : مروة برهان سنتحدث إن شاء الله عن الفرق بين الوُضُوء و الوَضُوء و عن حكمه و فضائله و أركانه و سننه و مندوباته و مستحباته و مكروهاته و نواقضه و ما لا ينقض الوضوء و أمور يجب الوضوء عند فعلها و أمور يستحب الوضوء عندها .. فأما كلمة الوُضُوء مأخوذة من الوضَاءة بمعنى النظافة و أما الوَضُوء فهو اسم للماء الذى يتوضأ به المسلم و المسلمة .. و أما عن حكم الوضوء فهو طهارة واجبة للصلاة سواء أكانت فرضا أم نفلا و للطواف بالكعبة المشرفة و الذى يدل على ذلك قوله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وُجُوهَكُمْ و أَيْدِيكُمْ إلى المرافق و امسحوا بِرُءُوسِكُمْ و أرْجُلِكُمْ إلى الكعبين ) سورة المائدة / 6 .. أما عن فضائل الوضوء فوردت فيه أحاديث نبوية كثيرة منها ما جاء فى الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " إن أمتى يأتون يوم القيامة غُرَّا مُحَجَّلين من آثار الوضوء فمن استطاع منكم أن يُطيِل غُرَّته فليفعل " أى أن هناك من أمة الرسول صلى الله عليه و سلم من يأتِ يوم القيامة و وجهه و جوارحه عليها نضرة النعيم .. للوضوء فرائض و أركان و قد حددت شريعة الإسلام أركان الوضوء و فرائضه و منها النية و هى فعل قلبى / غسل الوجه لقوله تعالى : (فاغسلوا وُجُوهَكُمْ ) و حد الوجه طولاً يكون من منبت شعر الرأس المعتاد إلى أسفل الذقن و حده عرضاً ما بين الأذنين / تخليل اللحية لمن كان له لحية / غسل اليدين مع المرفقين لقوله تعالى : (فاغسلوا وُجُوهَكُمْ و أَيْدِيكُمْ إلى المرافق ) و المرفق هو المفصل الذى بين العضد / مسح الرأس لقوله تعالى : (و امسحوا بِرُءُوسِكُمْ ) و مسح الرأس يكون من منبت الشعر المعتاد إلى القفا / غسل الرجلين مع الكعبين فعن ابن عمر رضى الله عنهما أنه قال : تخلف عنا رسول الله صلى الله عليه و سلم فى سَفْرة فأدركنا و قد أرهقنا العصر فجعلنا نتوضأ و نمسح على أرجُلِنا فنادى بأعلى صوته : " ويلٌ للأعقاب من النار " أرهقنا العصر : أى أخرنا صلاة العصر - الأعقاب : جمع عقب و هو العَظم النّاتئ عند مِفْصَل السّاق و القدم / الترتيب بين الأعضاء الأربعة المذكورة فى القرآن الكريم / و الموالاة و معناها أن المتوضى يُفْترض عليه أن يغسل العضو قبل أن يجف العضو الذى قبله .. أما عن سنن الوضوء و مندوباته و مستحباته فالمقصود بها هى الأقوال و الأفعال التى كان النبى صلى الله عليه و سلم يواظب عليها و منها التسمية فقد جاء فى سنن أبى داود عن أبى هريرة رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " لا صلاة لمن لا وُضُوءَ له و لا وُضُوءَ لمن لم يذكر اسم الله عليه " / غسل اليدين إلى الرُّسغَين / السِّواك و يطلق على عود الأراك الذى يُستَعمل لتنظيف الفم و الأسنان و جاء فى صحيح البخارى عن عائشة رضى الله عنها عن النبى صلى الله عليه و سلم قال : " السِّواك مَطهرةٌ للفم مَرضَاةٌ للرب " / المضمضة و الاستنشاق لأنه من الثابت عن النبى صلى الله عليه و سلم أنه كان يواظب عليهما و من السنة أن يكون الاستنشاق باليد اليمنى و الاستنثار باليد اليسرى / تخليل اللحية و فى سنن ابن ماجة و الترمذى عن عثمان بن عفان رضى الله عنه قال : " كان النبى صلى الله عليه و سلم يخلل لحيته " و تخليل اللحية معناه إسالة الماء على شعر اللحية كله حتى يصل إلى الجلد الذى من تحت الشعر / تخليل أصابع اليدين و الرجلين فعن عبد الله بن عباس رضى الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال لرجل من أصحابه : " إذا تَوضَّأت فخلِّل بين أصابع يديك و رجليك " و التخلل معناه إدخال الماء بين أصابع اليدين و الرجلين / تكرار الغسل ثلاثاً / التيامن و معناه أن يبدأ المتوضئ بغسل اليد اليمنى / مسح الأذنين / الترتيب و هو أن يبدأ المتوضئ الفرائض بغسل الوجه ثم يغسل اليدين مع المرفقين ثم يمسح رأسه ثم يغسل الرجلين مع الكعبين لأن الرسول صلى الله عليه و سلم لم يفعل سواه بل و قال : " ابدءوا بما بدأ الله تعالى به (يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وُجُوهَكُمْ و أَيْدِيكُمْ إلى المرافق و امسحوا بِرُءُوسِكُمْ و أرْجُلِكُمْ إلى الكعبين ) / الموالاة بمعنى أن يتابع المتوضئ وضوءه / الدلك بمعنى إمرار اليد على العضو مع الماء أو بعده / إطالة الغُرَّة و التحجيل فأما إطالة الغُرَّة فمعناها أن يغسل المتوضئ جزءاً من مقدمة الرأس فى غسل الوجه و أصل الغُرَّة هو بياض فى جبهة الفرس و أما التحجيل فالمقصود به هو أن يغسل المتوضئ جزءاً مما فوق المرفقين و الكعبين و أصل التحجيل هو بياض فى رِجل الفرس ففى الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " إن أمتى يأتون يوم القيامة غُرَّا مُحَجَّلين من آثار الوضوء فمن استطاع منكم أن يُطيِل غُرَّته فليفعل " / الاقتصاد فى الماء لأن الماء نعمة / الدعاء أثناء الوضوء و بعده ففى صحيح مسلم عن عمر بن الخطاب رضى الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " ما منكم من أحد يتوضأ فيُسبِغُ الوضوء ثم يقول : أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له و أشهد أن محمداً عبده و رسوله إلا فُتحت له أبواب الجنة يدخل من أيها شاء " / و صلاة ركعتين بعد الوضوء ففى صحيح مسلم عن عقبة بن عامر رضى الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " ما من أحد يتوضأ فيحسن الوضوء و يصلى ركعتين يُقبِلُ بقلبه و وجهه عليهما إلا وجبت له الجنة " .. و أما عن مكروهات الوضوء فيكره الزيادة على الثلاث فى غسل الأعضاء كغسل الوجه و تكره الزيادة على المرة الواحدة فى العضو الممسوح كمسح الرأس .. و أما عن الأمور التى تنقض الوضوء فمنها كل ما خرج من أحد السبيلين القُبُل أو الدُبُر مثل الريح و هو ما يخرج من الإنسان من إفرازات كريهة و المذى هو ماء ثخين يخرج عند التفكر فى الجماع أو أثناء الملاعبة و الودِىِّ هو ماء أبيض رقيق يخرج بعد التبول و هو يكون عند السيدة فقط و هذه الأشياء الثلاثة يكفى فيها الوضوء / المنى هو ماء غليظ يخرج عند الجماع بين الرجل و المرأة و يجب فيه الاغتسال / النوم الثقيل ينقض الوضوء و من علاماته أن النائم لا يشعر بما حوله من الأصوات / و زوال العقل سواء أكان بالجنون أم بالإغماء أم بالسُّكْر ينقض الوضوء .. أما ما لا ينقض الوضوء فجمهور الفقهاء يرون أن الوضوء لا ينتقض إذا أكل المسلم أو المسلمة شيئاً مما مسته النار أو أكل شيئاً من لحوم الإبل و من أدلتهم ما جاء فى الصحيحين و فى سنن أبى داود عن ابن عباس رضى الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه و سلم أكل كَتِفَ شاة ثم صلى و لم يتوضأ .. أما عن الأمور التى يجب الوضوء عند فعلها منها الصلاة سواء أكانت فرضا أم نفلا لقوله تعالى : (يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وُجُوهَكُمْ و أَيْدِيكُمْ إلى المرافق و امسحوا بِرُءُوسِكُمْ و أرْجُلِكُمْ إلى الكعبين ) سورة المائدة / 6 و الطواف بالكعبة المشرفة ففى سنن الإمام الترمذى عن ابن عباس رضى الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " الطواف بمنزلة الصلاة إلا أن الله تعالى قد أحل فيه الكلام فلا يتكلم إلا بخير " و مس المصحف لقوله صلى الله عليه و سلم : " لا يمسُّ القرآن إلا طاهر " و أجاز الأحناف و الحنابلة حمل غير المتوضئ للمصحف و قالوا : إن الضمير فى قوله تعالى : ( لا يَمَسُّهُ ) يعود إلى اللوح المحفوظ لأن سياق الآيات يدل على ذلك فالله تعالى يقول : ( إنه لقرآنٌ كريم ٭ فى كتابٍ مكنون ) سورة الواقعة / 77 و 78 و 79 .. أما عن الأمور التى يستحب الوضوء عندها منها ذكر الله عز و جل / يستحب الرضوء عندما يريد الإنسان أن ينام ففى صحيح البخارى عن البراء بن عازب رضى الله عنه قال : قال لى النبى صلى الله عليه و سلم : " إذا أتيت مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة ثم اضطجع على شقك الأيمن ثم قل : اللهم إنى أسلمتُ نفسى إليك و وجهتُ وجهى إليك و فوضتُ أمرى إليك و ألجأتُ ظهرى إليك رغبة و رهبة إليك لا ملجأ و لا مَنجَى منك إلا إليك , اللهم آمنت بكتابك الذى أنزلت و نبيك الذى أرسلت " / يستحب تجديد الوضوء لكل صلاة ففى الحديث الشريف " لولا أن أشق على أمتى لأمرتهُم عند كل صلاة بوضوء و مع كل وضوء بسواك " / يستحب الوضوء عند المشاركة فى السير فى الجنازة و فى حمل الميت فقد جاء فى الحديث الشريف : " من غسَّل ميِّتاً فليغتسل و من حمله فليتوضأ " / و يستحب الوضوء عند شدة الغضب ففى الحديث الشريف أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " إن الغضب من الشيطان و إن الشيطان قد خُلِق من النار و إنما تطفأ النار بالماء فاذا غضب أحدكُم فليتوضأ " .
مروة أحمد برهان الدين زكى ؛ خرّيجة كلية الآداب قسم اللغة الفرنسية معهد اعداد الدعاة التابع لوزارة الأوقاف المصرية بتقدير جيد جدا ؛ مديرة جودة فى شركة ؛تكتب مقالات فى شبكة اخبارية عن العقيدة ؛ و أخرى فقهية فى صحيفة ورقية بكاليفورنيا