فتح الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز الاثنين أكبر ملف فساد مالي تعود بداياته لعهد الرئيس الموريتاني الأسبق معاوية ولد الطايع. وتعود القضية إلى سنة 2003 فيما يعرف بالأزمة بين موريتانيا والمؤسسات المالية الدولية التي اكتشفت تزويرا في الأرقام التي تقدمها لها الحكومة الموريتانية آنذاك، كما اكتشفت أن حساب الخزانة العامة الموريتانية في البنك المركزي مدين بمبلغ 60 مليار أوقية وحينها قام الرئيس الأسبق ولد الطايع بعزل المسؤولين الرئيسيين في البنك المركزي وفي الخزانة العامة وأصدر أوامره بتصحيح الأرقام التي أعلنت المؤسسات المالية الدولية (البنك الدولي وصندوق النقد الدولي) أنها مزورة. وبالطبع كان على الدولة الموريتانية ممثلة في الخزانة العامة تحمل هذه الديون فتمت جدولتها على سنين عديدة تسدد بواقع ثلاث مليارات أوقية سنويا. واعتقلت الشرطة الاقتصادية الاثنين رجل الأعمال ومساعد محافظ البنك المركزي السابق محمد ولد عمارو لينضاف لمحفظ البنك المركزي الأسبق سيدي المختار ولد الناجي الموجود رهن التحقيق منذ أسبوع. واستمعت الشرطة الاقتصادية الموريتانية الاثنين لجميع رؤساء البنوك الخاصة الذين عبرت الأموال المنهوبة من خلال مصارفهم إلى الجهات المستفيدة منها. وتقول بعض المصادر إن السلطات الأمنية المكلفة بمتابعة الملف تستعد للاستماع لبعض رجال الأعمال الآخرين وسط حديث واسع عن استهداف الرجال المقربين من الرئيس الأسبق معاوية ولد الطايع المتهمين بالضلوع في عمليات نهب واسعة كما تقول السلطات الموريتانية الحالية. هذا وما زالت فرقة الشرطة الاقتصادية والمالية تحتجز في مقرها الوزير المحافظ السابق للبنك المركزي الموريتاني المختار ولد الناجي الذي اعتقلته في الأسبوع المنصرم. وكان الرئيس محمد ولد عبد العزيز قد قدم على مجلس الوزراء خلال اجتماعه الخميس الماضي، شرحا وافيا عن قضية ولد الناجي واتهمه باختلاس أكثر من 200 مليار أوقية، وقال إن هذا المبلغ قد بدد وأن بعضه قدم لبنوك محلية وبعضها لأشخاص والبعض لم يعرف مصيره، وعندما سئل ولد الناجي عن الأموال قال إنه نفذ أوامر وأنه غير نادم على ذلك. وذكرت يومية "بلادي" المستقلة أن الرئيس الموريتاني ولد عبد العزيز قال إنه اكتشف هذا الاختلاس الكبير عندما لاحظ أن الخزانة العامة تسدد مبلغ ثلاثة مليارات سنويا للبنك المركز الموريتاني. وتشغل قضية ولد الناجي الرأي العام الموريتاني هذه الأيام وتتباين الآراء حولها ففي حين يصورها البعض في إطار حملة مكافحة الفساد و"المفسدين" التي تشكل أساس خطاب الرئيس ولد عبد العزيز، يتساءل آخرون عن مغزى النبش في ملفات الماضي وعهد نظام ولد الطايع الذي كانت سلطات المرحلة الانتقالية سنة قد تجاوزتها ودفنتها عام 2005. وحسب صحيفة "بلادي" ذات الاطلاع الواسع فإن الوزير ولد الناجي حسب رأي حقوقيين، لا يمكن مساءلته قانونيا، لأن القانون الذي كان يحكم البنك المركزي الموريتاني، ينص على أن محافظ هذا البنك لا تمكن مساءلته عن تسييره. وأكدت "بلادي" أن قضية ولد الناجي إما أن تكون قنبلة مدمرة ستصيب شظاها الكثيرين وستهز كيان الدولة في العمق، وإما أن تكون سحابة صيف تظهر في الأفق ثم تتلاشى، كما حدث لسحب صيفية كثيرة في الماضي.