إن من بين الثوابت التي دأبت عليها المؤسسة الأمنية منذ ثورة 14 جانفي المجيدة هي السماح لأعوان قوات الأمن الداخلي ، بمقتضى القانون ، بممارسة حقهم في العمل النقابي ، وقد حرصت وزارة الداخلية على دعم هذا النشاط لقناعتها بما يحققه من مكاسب لفائدة المؤسسة والمواطن . وقد استجابت سلطة الإشراف لجل المطالب المشروعة التي تقدمت بها النقابات المتعلقة بالوضعية المهنية والمادية والاجتماعية لأعوان قوات الأمن الداخلي ، وهي حريصة على مواصلة الاهتمام بمزيد تحسينها لما فيه خير المؤسسة الأمنية . غير أنه لوحظ خلال الفترة الأخيرة تعمد البعض الحياد بهذه المطالب عن مسارها المهني المشروع لتشمل طلبات لا علاقة لها بالمؤسسة الأمنية ولا تمت بأي صلة بمصالح الأعوان ولا بالصالح العام على غرار ما تدعو إليه النقابة الجهوية لقوات الأمن الداخلي بقابس من أحقية الأعوان في "المصادقة على اتفاقيات وقرارات الدولة على الصعيد الداخلي والخارجي وتقرير حالة الحرب والسلم" وهو ما يتنافى مع مبدأ الحياد الذي يجب على المؤسسة الأمنية أن تتحلى به باعتباره الضامن لممارسة الحريات الفردية والعامة ولحقوق المواطن وواجباته المكفولة بالقانون على غرار الدول الديمقراطية المتقدمة . وإزاء عدم انصياع الوزارة لهذه المطالب، لجأت النقابة الجهوية لقوات الأمن الداخلي بقابس إلى الدخول في إضراب مفتوح بداية من يوم الأربعاء 22 جوان 2011 حيث تعمد بعض الأعوان من مختلف الأسلاك العاملين بمرجع النظر تهديد زملائهم ومنعهم من القيام بواجبهم وذلك بمنع جولان الدوريات الأمنية وحجز الوسائل المعدة وغلق المقرات الأمنية مما خلق حالة من الفراغ الأمني بكامل الولاية سواء على مستوى تقديم الخدمات الأمنية والإدارية لمتساكني الجهة أو على مستوى التدخل لإنجاد المواطنين وحمايتهم في أرواحهم وممتلكاتهم من ذلك انه تم بتاريخ 23 جوان 2011 حجز سيارة إسعاف تابعة للإدارة الجهوية للحماية المدنية ومنعها من التحول لإنجاد مواطن تعرض إلى حادث مرور ، كما تم يوم السبت 25 جوان الجاري منع سيارة إسعاف من التحول إلى ملعب قابس لتأمين مباراة كرة القدم . وامام ما تمثله هذه التصرفات غير المسؤولة من تهديد صريح لسلامة المواطنين في أرواحهم وممتلكاتهم وتعطيل مصالحهم بما يتنافى مع تعهدات المؤسسة الأمنية في إطار المصالحة مع المواطن بالتفاني في خدمته لأحقيته في الأمن وفي حسن المعاملة والسرعة في إنجاز الخدمات، وأمام إصرارهم على مواصلة الإضراب بالرغم من محاولات إثنائهم عن هذه التصرفات غير القانونية والخطيرة ، استوجب الأمر تطبيق القانون وإيقاف هذه العناصر وفتح بحث عدلي في الموضوع .