تعرض أمس السجن المدني بالقصرين للحرق للمرة الثالثة على التوالي بعد الثورة .ولم تكن الحصيلة هذه المرة هروب عدد من المساجين كالمعتاد بل كانت أثقل وأسفرت عن وفاة شخصين ووقوع حوالي 16 جريحا.
ويبدو السيناريو المتناقل بين الأهالي حول أسباب الحادث مشابها لعملية الحرق الأولى التي تعرض لها السجن خلال شهر أفريل الفارط. إذ تفيد المعطيات المتوفرة بأن حريقا قد نشب في أحدى الغرف داخل السجن سرعان ما تحول إلى حالة فزع بين المساجين تدخلت على اثرها قوات الجيش والأمن. ومع بداية تجمع الأهالي أمام السجن ومن بينهم أهالي السجناء اندلعت مواجهات بينهم وبين قوات الجيش والأمن أطلق خلالها الجيش الأعيرة النارية في الهواء وخلفت المواجهات اصابات في صفوف المواطنين والجيش وقوات الأمن مما أثار حالة من الهلع والفوضى في المدينة. التكتم عن الأسباب ويثير هذا الحادث نقاط استفهام عديدة أثيرت كذلك في المرات السابقة التي تعرض فيها السجن المدني بالقصرين وسجون أخرى في الجمهورية إلى الحرق وفتح الأبواب للسجناء، ولم تجد هذه الأسئلة للأسف إجابة شافية من الحكومة ومن الجهات الرسمية حول الأطراف التي تقف وراء تكرر مثل هذه الأحداث ومن هم المستفيدون من تواصل حالة الفوضى ومن بث الرعب والخوف في صفوف الأهالي. ولماذا أصبح حرق السجون في تونس عملا يسيرا الى هذه الدرجة ولماذا تعرض سجن كسجن القصرين إلى 3 أحداث متتالية؟ وهل أصبح حرق السجون عملا استفزازيا ينذر بتصعيد أكبر؟ ولعل السؤال الأهم لماذا لم نسمع إلى حد الآن عن نتائج التحقيقات التي تعلن وزارة العدل وإدارة السجون كل مرة عن فتحها للكشف عن الأسباب الحقيقية والأطراف المسؤولة عن أحداث حرق السجون؟ حالة احتقان في الجهة من جهة أخرى تجدر الإشارة أيضا إلى أن حادث السجن يحصل في الوقت الذي تعيش فيه ولاية القصرين حالة من الاحتقان المتصاعد على أكثر من صعيد. ويشير البعض إلى وجود إحساس سائد لدى المتساكنين بأن الثورة وسقوط أكثر من 60 شهيدا في القصرين لم يغيرا شيئا كبيرا إلى حد الآن في واقع الجهة ولا في طرق التعامل مع الجهة بمواصلة نهج الإقصاء والتهميش ذاته المتبع في العهد البائد. كما لم تشهد الجهة إلى حد الآن زيارة أي مسؤول رفيع المستوى بحجم الوزير الأول في الحكومة المؤقتة ،مثلا ،وتكون بمثابة رسالة للجهات التي اندلعت فيها الثورة فحواها أن أولوية عمل الحكومة المؤقتة وأولوية الحكومات المقبلة ستكون تلك الجهات المحرومة. يتحدث الأهالي أيضا عن تواصل عقلية التعامل الأمنى مع الجهة بالاقتصار على تكثيف التعزيزات الأمنية والتواجد العسكري دون ذلك من البرامج الاستعجالية للتشغيل والتنمية ودون ذلك من الشروع في إقامة مشاريع استثمارية ولو صغيرة الحجم تمتص جانبا من اليد العاملة والأهم ان تمتص جزءا كبيرا من الشعور بالنسيان والتهميش في صفوف شباب الجهة الذين يتهمون الحكومة الحالية وسلطة الاشراف الجهوية بالتركيز على تقديم مسكنات متمثلة في الزيادة في عدد الحضائر في أسلوب لم يختلف كثيرا عن ما كان يقدمه النظام البائد للجهات الداخلية. تحركات ضد الوالي في نفس الوقت تشهد الجهة أيضا تحركات ضد والي الجهة حيث خرجت مسيرات منددة بأسلوب عمله وطالب متظاهرون في أكثر من مناسبة بتنحيه ويتهمونه بتعطيل انجاز عدد من المشاريع الاستثمارية في الجهة والوقوف ضد عدد من المبادرات بتعلة الوضع الأمني على غرار عدم موافقته مؤخرا على أن تمتد الأيام السياحية والثقافية بالجهة على 4 أيام واصراره على اقتصارها على يوم واحد رغم أنها كانت بادرة من شباب الجهة الذين كانوا يأملون أن تشهد حضور الوزيرين المعنيين مباشرة بالموضوع إلى جانب عدد من المستثمرين في القطاع السياحي والثقافي. وتمثلت آخر التحركات ضد والي الجهة في تعليق أعوان وعمال مركز ولاية القصرين العمل منذ أول أمس «احتجاجا على ممارسات الوالي» وساند التحرك عدد من الجمعيات المدنية والأحزاب بالجهة. وحمل البيان الصادر عن الأعوان المعتصمين، الوالي المسؤولية الكاملة عن الوضع الحالي المتردي بمركز الولاية بسبب فتح المجال لعناصر غريبة عن الولاية للقيام بأعمال إدارية دون وجه قانوني والتعدي على الموظفين ... كما حمل البيان الوالي تعطيل مسيرة التنمية التي يتطلع لها أهالي القصرين. وفي ظل كل هذه الحيثيات والأحداث التي تمر بها ولاية القصرين يبدو الوضع بحاجة إلى التفاتة جدية من الحكومة المؤقتة الحالية درءا لتطورات أخطر لا تتحملها الجهة التي لم تندمل بعد جراحها بسبب عدم عودة أكثر من 90 مؤسسة بين عامة وخاصة للعمل كانت قد تعرضت للحرق والتخريب ابان الثورة. في نفس الوقت نسجل أن الوضع العام للبلاد لا يحتمل أيضا أي انفلاتات أو تحركات من أي نوع في وقت يتطلع فيه التونسيون إلى عودة الاستقرار استعدادا للاستحقاق الانتخابي المقبل. منى اليحياوي
توضيحات من وزارة العدل حول الحريق تونس (وات) أفاد مصدر مسؤول بالادارة العامة للسجون والاصلاح بوزارة العدل ان اسباب الحريق الذي شب صباح أمس الثلاثاء بالسجن المدني بالقصرين تعود الى محاولة عدد من المساجين الفرار حيث تعمدوا حرق بعض الحشايا مما تسبب في وفاة سجينين اختناقا. وقد تمكّن أعوان السجون بالتعاون مع الجيش الوطني والحرس الوطني وكذلك الحماية المدنية من السيطرة على الوضع.
الحريق الثالث به بعد الثورة.. شريط الأحداث 5 مساجين في قسم الانعاش..9 في قسم الجراحة و3 يغادرون المستشفى اليوم استفاقت مدينة القصرين امس كعادتها في يوم سوقها الاسبوعية بصفة مبكرة وكانت الحركة فيها عادية الى غاية الساعة التاسعة والنصف عندما شوهدت اعمدة الدخان تتصاعد من قلب السجن المدني الذي يوجد في وسط المدينة تلته بعد دقائق اصوات شاحنات الحماية المدنية وسيارات الاسعاف وهي تسرع في اتجاه بوابته الخارجية وقدوم قوات مكثفة من الامن والجيش.. وبسرعة اتضح الموقف وهو حصول حريق في السجن سرعان ما جلب انتباه مئات الاهالي الذين تجمعوا قرب السجن وعلى طول الطريق الرئيسية المحاذية له .. «الصباح» كانت على عين المكان لتنقل بالقلم والصورة كامل تفاصيل ما حدث.. حريق في احد العنابر حسب المصادر الامنية التي تحدثنا اليها فان مجموعة من المساجين اغلبهم من الشبان تتراوح اعمارهم بين 20 و27 سنة اقدموا صباح امس على اشعال النار في بعض الحشايا من اجل استغلال الموقف للهرب في سيناريو مشابه لما حصل في اواخر شهر افريل الفارط لما فر اكثر من 500 سجين بعد احتراق احدى العنابر .. لكن كثافة الدخان المنبعث من الحشايا المحترقة تسبب في اختناق 19 سجينا واصابة البعض منهم بحروق وهو ما سهل مهمة اعوان السجون في احباط عملية الفرار خاصة وان الامن والجيش تدخلا بسرعة وحاصرت قواتهما الكبيرة كل محيط السجن فلم يتمكن اي سجين من الهرب وفاة سجينين وثلاثة في حالة خطيرة تولت سيارات الاسعاف العديدة التي تم استدعاؤها بعد الحريق نقل المساجين المصابين الى المستشفى الجهوي بالقصرين .. واثر تحولنا هناك علمنا من مصادر طبية ان سجينين توفيا بعد قبولهما بوقت قصير نتيجة الاختناق .. في حين تمت احالة 6 اخرين الى قسم الانعاش تقلص عددهم بعد حوالي اربع ساعات الى 5 فقط بعد تحسن حالة احدهم ونقله الى قسم الجراحة لينضم الى بقية المصابين الاخرين .. والى حد ما بعد ظهر الامس فان ثلاثة من الموجودين في قسم الانعاش حالتهم حرجة وهم تحت الة التنفس الاصطناعي وفي غيبوبة تامة ..و في المقابل هناك 3 مساجين من الموجودين في قسم الجراحة عادوا الى وضعيتهم الطبيعية ومن المنتظر ان يغادروا اليوم المستشفى .. كما تعرض احد اعوان الحماية المدنية الى اصابة ونقل الى المستشفى اشاعات وهيجان في صفوف الاهالي عند مشاهدتهم لسيارات الاسعاف العديدة وهي تغادر السجن عمت حالة من الهيجان المواطنين الذين كانوا يراقبون الوضع في الطريق المقابل للسجن وحاول بعض الشبان اقتحام بوابته الرئيسية والقفز الى داخله من سوره الخارجي للاطمئنان على حياة اقاربهم المساجين خاصة بعد ان انتشرت اشاعة تؤكد احتراق العشرات منهم .. ولما تصدى لهم الامن والجيش ومنعوهم من الاقتراب من محيط السجن هاجمهم بعض الشبان بوابل من الحجارة مما ادى الى اصابة عدد من الجنود والاعوان والضباط حيث بلغ عدد العسكريين الذين تضرروا من الحجارة حسب ما ذكره احد الضباط « للصباح « 9 فيهم ضباط من رتب مختلفة .. كما تضرر حوالي 10 من اعوان الامن اصابة قائد دبابة ونقله للمستشفى بهدف السيطرة على الوضع في محيط السجن قدمت حوالي الساعة الحادية عشرة صباحا مجموعة من الدبابات قامت باغلاق الطريق ومحاصرة بوابة السجن وقد اصيب قائد احدى الدبابات بحجارة في راسه سببت له جرحا كبيرا نقل اثره الى المستشفى لتلقي الاسعافات وعلمنا في وقت لاحق انه غادره بعد ان تمت معالجته .. وقد تركت اصابته استياء كبيرا في صفوف اغلب الاهالي الحاضرين الذين تدخل المئات منهم للوم الشبان الهائجين ودعوتهم الى الكف عن التعرض للجيش والامن وقد ساهم ذلك في انفراج الوضع اشعال الاطارات المطاطية وغلق الطريق تواصلت اعمال الفوضى والشغب في محيط السجن وعلى الطريق الرئيسية للمدينة المحاذية له الى حدود الساعة الثانية بعد الظهر وقام البعض باحراق بعض الاطارات المطاطية على بعد امتار من سور السجن حيث المفترق المؤدي الى حي السلام وتم اغلاق الطريق واجبرت كل وسائل النقل على تحويل مسارها نحو الطرقات الفرعية خلف السكك الحديدية .. لكن بفضل تفهم عدد كبير من الاهالي وجهود الجيش والامن وحسن تعامل قياداتهما مع الموقف عن طريق اعتماد الحوار مع الشبان الغاضبين وتهدئتهم والسماح لبعض عائلات المساجين بالدخول للاطمئنان عن اقاربهم بدل المواجهة والاستفزاز .. من ذلك اننا سمعنا عميدا في الجيش يؤكد على رجال الامن بعدم استعمال القنابل المسيلة للدموع ولجنوده بعدم اطلاق الرصاص حتى في الهواء لتجنب اثارة المواطنين .. امكن للمدينة ان تستعيد هدوءها دون اي اضرار تذكر .. مع الاشارة الى انه رغم كل ما حصل لم يقع ايقاف اي احد .. *- هل يغلق السجن ؟ علمت "الصباح" من مصادر خاصة بها ان ضباطا من الجيش المتمركز في القصرين اتصلوا بعد ظهر الامس بالمدير العام للسجون وطلبوا منه نقل بعض المساجين الخطيرين حالا من سجن القصرين .. وارسالهم الى سجون اخرى خوفا من تكرر محاولات الفرار .. كما اكدوا على ضرورة التفكير في اغلاق سجن القصرين في اسرع وقت لان موقعه وسط احياء سكنية وفي قلب المدينة يجعل من حمايته عند وقوع حوادث مماثلة امرا صعبا ..