مرّت شهور على استشهاد اكثر من 300 من التونسيين في أول انتفاضة عربية ضد الاستبداد و القمع, خرجوا من بيوتهم لا يحملون من السلاح إلاّ الهتاف " حرّيات حريّات ..لا رئاسة مدى الحياة " و لكن الاعمار بيد الله, فانطلقت رصاصات كم فوق المباني لتستقر في الرأس و العنق و الصدر و القلب فتُسكت صوتا حرّا و تُحرق قلب أمّا غيضا و غِلاّ و أسى و لوعة. أم تفقد فلذة كبدها برصاص الغادرين و تزداد حرقة و حُزنا حين تسمع كلام المتشدّقين بالعدالة الثّوريون الجدد مُطَبِّلوا الأمس القريب لابسي جلباب الثورة اليوم, خطابهم يُذكّر بقول الشاعراحمد شوقي : برز الثعلب يوما ... في شعار الواعظينا فمشى في الأرض يهذي ... ويسب الماكرينا ويقول : الحمد لله ... إله العالمينا يا عباد الله توبوا ... فهو كهف التائبينا وازهدوا في الطير ... إن العيش عيش الزاهدينا واطلبوا الديك يؤذن ... لصلاة الصبح فينا فاتى الديك رسول ... من إمام الناسكينا عرض الأمر عليه ... وهو يرجو أن يلينا فأجاب الديك عذراً ... يا أضل المهتدينا بلّغ الثعلب عنّي ... عن جدودي الصالحينا عن ذوي التيجان ممن ... دخل البطن اللعينا إنهم قالوا وخير ال ... قول قول العارفينا " مخطئ من ظن يوماً ... أن للثعلب دينا " و أمام تلكؤ هذه الحكومة الاّشرعية في محاسبة المجرمين و على رأسهم الذين قتلوا شهداء الثورة, فإننا ندعو إلى أن يتحرّك اهالي الشهداء تحرّكا منظما سلميا للضغط على الحكومة كما ندعو المحامين الشرفاء أن يساندوهم و يدعموهم, و إنه لمن المخزي أن يبقى القتلة بلا محاسبة إلى حد الآن فيما جفّت أعين الامّهات من البكاء و الغيض. فكيف لأمٍ فقدت فلذة كبدها و قرّة عينها برصاص المجرمين أن تهدأ و هي ترى من أطلق الرّصاصة في عنق و رأس ابنها لا يزال حرّا طليقا؟ بل بالعكس يقف الاعلام و الساسة و الحكومة تدافع عليهم و تنفي وجود القناص الذي اطلق رصاصة في صدر شاب اعزل هتف بالحرية لا شئ يطفئ نار هذه الأم إلاّ محاكمة علنية و عادلة تُنصفها و ترد لها الاعتبار. و مطلب المحاكمة و الاسراع بمحاكمة هؤلاء القتلة ليس مطلبا خاصّا بعائلات الشهداء فقط و إنّما هو مطلب كلّ التونسيين فالقصاص من هؤلاء يرد الاعتبار لكل التونسيين فدمهم دم واحد و السكوت عن هذا الدم يُعتبر خيانة وطنية.