يعمل الثوار في ليبيا على مواصلة تقدمهم نحو معقل العقيد، معمر القذافي، في طرابلس، بعدما سيطروا على بلدة "القواليش" بالجبل الغربي، ما يمهد لقطع الطريق الرئيسي للعاصمة، حيث يعتمد العقيد الليبي على مقاتلين من الأطفال والمرتزقة الأفارقة وحتى النساء للدفاع عن حكمه الممتد طيلة 42 عامًا. ونقلت شبكة "سي إن إن"، عن أحد المقاتلين قوله: إنَّ الثوار نفذوا عمليات دهم وكمائن داخل مدينة الزاوية، وهي منطقة ساحليَّة تخضع لسيطرة كتائب القذافي وتبعد قرابة 50 كيلومترًا من طرابلس، وأضاف قائلاً: "لكن القذافي مازال قويًا في المناطق الساحلية، فكتائبه تنتشر في كل مكان".
ويواصل الثوار التقدم تحت غطاء القصف الجوي لمقاتلات الناتو، الذي أعلن السبت قصف موقعًا لإطلاق الصواريخ جنوب مصراتة، تستخدمه كتائب القذافي لمهاجمة المدنيين في المدينة، وكنقطة انطلاق لشنّ هجمات على المنطقة.
ومع سيطرة الثوار على نصف ليبيا، يجد القذافي صعوبة في إيجاد جنود لخوض حربه، مما زاد اعتماده على الجنود المراهقين، والمرتزقة الأفارقة وحتى النساء للدفاع عن حكمه. وقال مراهق (16 عامًا)، عرف نفسه باسم "مراد": إنّ القوات المواليَّة للقذافي انتزعته من مقاعد الدراسة، وزجت به في الخطوط الأماميَّة للتصدي "لمؤامرة أجنبية تهدف لاحتلال البلد": "قالوا لنا بأن مقاتلي القاعدة تسللوا إلى البلاد". وتحدث باقتضاب عن تدريبات قصيرة لمدة ثلاثة أسابيع تلقاها في مخيم عسكري في طرابلس، مضيفًا: "لم أتصور يومًا بأنَّني سأذهب للجبهة، قدموا لي "كلاشينكوف" واقتادوني إلى مصراتة، حيث طالبوني بالقتال". ونقلت مجلة "التايم" عن قيادات عسكرية من المعارضة، بأنَّ القذافي يستعين بمرتزقة من مالي والنيجر وتشاد، ومنح هويات ليبية لبعض منهم. وكان نظام القذافي قد نفى مرارًا في السابق الاستعانة بمقاتلين مأجورين، وقال الناطق باسم الحكومة، موسى إبراهيم، الشهر الماضي: "لم يقدم أي كان دليلاً دامغًا بأنَّنا نستورد مرتزقة من أفريقيا للقتال"، بحسب المصدر. ويجد القذافي نفسه مضطرًا للاستعانة بمرتزقة نظرًا لتهالك المؤسسة العسكرية الليبية؛ جراء الإهمال والتهميش خشية انقلاب عسكري، وهي مخاوف أججها عدة محاولات للإطاحة به خلال فترة حكمه الممتدة 42 عامًا. وحال تشديد الناتو للحظر الجوي المفروض على ليبيا دون استقدام المرتزقة ما دفع النظام للجوء إلى تجنيد مراهقين لانخراط في الجيش لمقاتلة الثوار المطالبين برحيل القذافي. وقال خالد أبو خلقة، طبيب في مستشفى "الحكمة" بمصراتة، إنّه قدم العلاج إلى عشرات المراهقين من زج بهم للقتال في الخطوط الأمامية، مضيفًا: كان أحدهم مرعوبًا للغاية، وانخرط في البكاء مناديًا والدته". ومؤخرًا، تلقت 500 ليبية تدريبات على استخدام السلاح، بعدما تعهدن بالدفاع عن العقيد القذافي. وقالت سيدة عائدة لتوها من الجبهة: "لا يجب التقليل من أهمية أي امرأة في ليبيا، سواء أكانت صغيرة أم كبيرة في السن.. ما زال بوسع النساء تقديم الكثير". ولا يعتبر منظر البندقية في يد المرأة غريبًا أو مستهجنًا في ليبيا، إذ أنَّ النظام يقوم منذ عقود بتأمين التدريب العسكري في المدارس للطلاب من الجنسين، كما أنَّ العقيد القذافي نفسه يمتاز بين الرؤساء بمجموعة من الحارسات ترافقه في كافة تنقلاته.