بقيادة بوجلبان.. المصري البورسعيدي يتعادل مع الزمالك    قضية منتحل صفة مسؤول حكومي.. الاحتفاظ بمسؤول بمندوبية الفلاحة بالقصرين    مخاطر الاستخدام الخاطئ لسماعات الرأس والأذن    صفاقس تُكرّم إبنها الاعلامي المُتميّز إلياس الجراية    سوريا... وجهاء الطائفة الدرزية في السويداء يصدرون بيانا يرفضون فيه التقسيم أو الانفصال أو الانسلاخ    مدنين: انطلاق نشاط شركتين أهليتين في قطاع النسيج    في انتظار تقرير مصير بيتوني... الساحلي مديرا رياضيا ومستشارا فنيّا في الافريقي    عاجل/ "براكاج" لحافلة نقل مدرسي بهذه الولاية…ما القصة..؟    الاحتفاظ بمنتحل صفة مدير ديوان رئيس الحكومة في محاضر جديدة من أجل التحيل    الطبوبي في اليوم العالمي للشغالين : المفاوضات الاجتماعية حقّ ولا بدّ من الحوار    ملف الأسبوع.. تَجَنُّبوا الأسماءِ المَكروهةِ معانِيها .. اتّقوا الله في ذرّياتكم    خطبة الجمعة .. العمل عبادة في الإسلام    انهزم امام نيجيريا 0 1 : بداية متعثّرة لمنتخب الأواسط في ال«كان»    نبض الصحافة العربية والدولية... الطائفة الدرزية .. حصان طروادة الإسرائيلي لاحتلال سوريا    الوضع الثقافي بالحوض المنجمي يستحق الدعم السخي    أولا وأخيرا: أم القضايا    المسرحيون يودعون انور الشعافي    إدارة ترامب تبحث ترحيل مهاجرين إلى ليبيا ورواندا    المهدية: سجن شاب سكب البنزين على والدته وهدّد بحرقها    الجلسة العامة للبنك الوطني الفلاحي: القروض الفلاحية تمثل 2ر7 بالمائة من القروض الممنوحة للحرفاء    الكورتيزول: ماذا تعرف عن هرمون التوتر؟    انتخاب رئيس المجلس الوطني لهيئة الصيادلة رئيسا للاتحاد الافريقي للصيادلة    لماذا يصاب الشباب وغير المدخنين بسرطان الرئة؟    وزير الإقتصاد وكاتب الدولة البافاري للإقتصاد يستعرضان فرص تعزيز التعاون الثنائي    مصدر قضائي يكشف تفاصيل الإطاحة بمرتكب جريمة قتل الشاب عمر بمدينة أكودة    عاجل/ تفاصيل جديدة ومعطيات صادمة في قضية منتحل صفة مدير برئاسة الحكومة..هكذا تحيل على ضحاياه..    الطب الشرعي يكشف جريمة مروعة في مصر    تونس العاصمة وقفة لعدد من أنصار مسار 25 جويلية رفضا لأي تدخل أجنبي في تونس    ارتفاع طفيف في رقم معاملات الخطوط التونسية خلال الثلاثي الأول من 2025    بالأرقام/ ودائع حرفاء بنك تونس والامارات تسجل ارتفاعا ب33 بالمائة سنة 2024..(تقرير)    إقبال جماهيري كبير على معرض تونس الدولي للكتاب تزامنا مع عيد الشغل    وزير الصحة: لا يوجد نقص في الأدوية... بل هناك اضطراب في التوزيع    عاجل/ مجزرة جديدة للكيان الصهيوني في غزة..وهذه حصيلة الشهداء..    الطبوبي: انطلاق المفاوضات الاجتماعية في القطاع الخاص يوم 7 ماي    نحو توقيع اتفاقية شراكة بين تونس والصين في مجال الترجمة    يوم دراسي حول 'الموسيقى الاندلسية ... ذاكرة ثقافية وابداع' بمنتزه بئر بلحسن بأريانة    البطولة العربية لالعاب القوى للاكابر والكبريات : التونسية اسلام الكثيري تحرز برونزية مسابقة رمي الرمح    بطولة افريقيا للمصارعة بالمغرب: النخبة التونسية تختتم مسابقات صنفي الاصاغر والصغريات بحصيلة 15 ميدالية منها 3 ذهبيات    توقيع عدد من الإصدارات الشعرية الجديدة ضمن فعاليات معرض تونس الدولي للكتاب    عاجل/ المُقاومة اليمنية تستهدف مواقع إسرائيلية وحاملة طائرات أمريكية..    تونس العاصمة مسيرة للمطالبة بإطلاق سراح أحمد صواب    صادم: أسعار الأضاحي تلتهب..رئيس الغرفة الوطنية للقصابين يفجرها ويكشف..    التوقعات الجوية لهذا اليوم..طقس حار..    قيس سعيد: ''عدد من باعثي الشركات الأهلية يتمّ تعطيلهم عمدا''    محمد علي كمون ل"الشروق" : الجمهور على مع العرض الحدث في أواخر شهر جوان    توجيه تهمة 'إساءة استخدام السلطة' لرئيس كوريا الجنوبية السابق    منذ سنة 1950: شهر مارس 2025 يصنف ثاني شهر الأشد حرارة    كأس أمم إفريقيا لكرة القدم داخل القاعة للسيدات: المنتخب المغربي يحرز لقب النسخة الاولى بفوزه على نظيره التنزاني 3-2    وفاة أكبر معمرة في العالم عن عمر يناهز 116 عاما    منظمة الأغذية والزراعة تدعو دول شمال غرب إفريقيا إلى تعزيز المراقبة على الجراد الصحراوي    معز زغدان: أضاحي العيد متوفرة والأسعار ستكون مقبولة    زراعة الحبوب صابة قياسية منتظرة والفلاحون ينتظرون مزيدا من التشجيعات    مباراة برشلونة ضد الإنتر فى دورى أبطال أوروبا : التوقيت و القناة الناقلة    في تونس: بلاطو العظم ب 4 دينارات...شنوّا الحكاية؟    اتحاد الفلاحة: أضاحي العيد متوفرة ولن يتم اللجوء إلى التوريد    رابطة ابطال اوروبا : باريس سان جيرمان يتغلب على أرسنال بهدف دون رد في ذهاب نصف النهائي    سؤال إلى أصدقائي في هذا الفضاء : هل تعتقدون أني أحرث في البحر؟مصطفى عطيّة    أذكار المساء وفضائلها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عين على حقوق الإنسان بقلم : منيركوبي
نشر في الحوار نت يوم 18 - 07 - 2011


"هامست ريا البحر:
- الإنسان بحقوقه. إذا كان يملك حقوقه فهو إنسان. إذا فقد حقا منها، فقد من إنسانيته قدرا، وتحنون، إذا فقد حقوقه جميعا صار حيوانا.
ثم هامست شهد:
- أنا اليوم حيوانة يا شهد. أنت اليوم حيوانة. في نهاية القرن العشرين صرنا حيوانات يا شهد. نحن جميعا حيوانات تلاقي القرن الواحد والعشرين. ليتنا كنا حيوانات في زريبة من زرائب بريجيت باردو.
- قالت شهد متصنعة الإعجاب:
- يا عيني عليك. للحيوان حقوقه. أنت متحضرة وتعرفين.
- قالت ريا:
- إسخري كما يحلو لك ولكن لا تنسي أنك تعيشين في زرائب العرب." [1]
عندما نتأمل جيدا ما يحويه هذا المقطع الروائي من مفارقات، ينتفض فينا السؤال: إذا كان الإنسان يأكل ويشرب وينام مثل الحيوان، بمعنى إذا كانت هذه الحاجات التي يشبعها الإنسان هي نفسها لدى الحيوان، فكيف يكون الحق في الأكل وفي غيره حقا إنسانيا بإمتياز؟ كيف آلت حقوق الإنسان إلى ما آلت إليه الآن؟ بعبارة أخرى، كيف تبلورت حقوق الإنسان عبر التاريخ إلى أن صارت مقياسا لمدى تحضر الأمم الآدمية وتقدمها؟ ما الذي يفتقده الإنسان في الواقع، التمتع بالحقوق أو القيام بالواجبات؟ وهل يستقيم الحديث عن الحق ما لم يكن مقترنا بمفهوم الواجب؟
تقتضي الإجابة على هذه الأسئلة، الإنطلاق أولا من تحديد دلالي لمفهوم الحق. فما الذي نعينه بالحق؟

1- الحمولة الدلالية للمفهوم

يجمع معجم لالاند الفرنسي دلالات الحق في معنيين هما: نعني بحق ما أو ما يكون حقا ما يكون متطابقا مع قاعدة محددة وما يكون من ثم واجبا شرعا وقانونا. والثاني يعني ما يكون مسموحا[2]. في المعنيين معا هناك إحالة إلى العقل والإرادة كميزة ينفرد بها الإنسان عن موجودات الطبيعة من خلال منتجاته وهي القانون والدولة، وفيه إحالة كذالك إلى المجتمع الذي يطالب بتقنين حرية الإنسان وغرائزه الفطرية في إطار علاقته مع الغير. وإلى جانب ذلك، نستشف حضورا للواجب كأمر أخلاقي كوني ومقنن بشرائع كل مجتمع. فكيف تبلور مفهوم الحق على شكل حقوق خاصة بالإنسان عبر التاريخ؟ وما هي الأسس الفلسفية والأطر الإبستيمية التي حكمت سيرورة تطورها؟

2- المخاض الفلسفي لظهور المفهوم

2-1 إرهاصات الظهور
تبلور المفهوم بشكل واضح خلال عصر الأنوار، ولم يكن هذا الأمر ممكنا لولا جملة الإرهاصات الأولية والتحولات البنيوية التي بدأت تعرفها أوروبا منذ عصر النهضة، بظهور طبقة جديدة أخذت في سحب بساط السلطة والنفوذ من رموز الإقطاع والفكر الكنسي وهي البورجوازية. يقول إنجلز:"كانت البورجوازية هي الطبقة المعنية أكثر من أي طبقة أخرى بالنضال ضد مزاعم الكنيسة الكاثوليكية الغربية. ولم يكن لها مهرب عن الدخول في صراع مع الدين السائد في عدد من القضايا وذلك قبل كل شيء، لأنها كانت في صراع مع الإقطاع"[3] .

وبالموازاة مع ذلك، سيتجرأ مجموعة من الفلاسفة والعلماء على تسفيه أسس الفكر الكنسي في المعرفة والعلم، وسيعيد النظر في قيمة الإنسان وفي علاقته بذاته وبالحاكم، وبالمجتمع والعالم كذلك[4]. وهكذا ستخرج إلى الوجود نظريات "العقد الإجتماعي" ومن رحمها ستولد الثورة الأمريكية سنة 1776، والثورة الفرنسية التي صيغ باسمها إعلان حقوق الإنسان والمواطن سنة 1789.

2-2 الفلاسفة المنظرون
في هذا المخاض السوسيو- تاريخي، كانت لآراء فلاسفة أمثال لوك وفولتير وروسو دور فاعل في التغيير الذي عرفته المجتمعات الأوروبية، وفي تأطير الشعوب فكريا وإيديولوجيا للوعي بشروط الوضع الذي ترزح تحته، والنضال لتغييره.

2-2-1 لوك والتسامح الديني
يعد لوك J.Locke الأب الروحي للبيرالية، صاحب القول الشهير:"الحياة.. الحرية.. الملكية". ولد سنة 1632 في عائلة بروتستانتية، من أب كان يعمل رجل قانون. عمل أستاذا بجامعة أكسفورد وطبيبا خاصا للكونت دي شافستسبوري، وأمين سر العديد من رجال الدولة. نفي من بلاده ولم يعد إليها إلا بعد ثورة 1688، وعين بعدها مفوضا ملكيا على التجارة والمستعمرات[5].
ألف لوك"رسالة في التسامح" سنة 1689، وهو كتاب دعا فيه لوك إلى التسامح الديني ولتسوية تجمع بين الدين الطبيعي والمسيحية:"إن التسامح بين أولئك الذين يعتقدون عقائد مختلفة في أمور الدين هو أمر يرضي الإنجيل والعقل"[6] ؛"لا يحق لشخص خاص بأي حال من الأحوال أن يضر بممتلكات الغير المدنية أو أن يدمرها بدعوى أن هذا الغير يؤمن بدين آخر أو يمارس شعائر أخرى"؛"لا الحاكم المدني، ولا أي إنسان آخر، مكلف رعاية النفوس، فالله لم يكلفه بذلك، لأنه لا يتضح أبدا أن الله قد منح مثل هذه السلطة لأحد على آخر بحيث يرغم الآخرين على إعتناق دينه“[7].
لقد نَظّر لوك للتسامح بين الناس وفق مبدأ ما يجب أن يكون، لكن فولتير سينتقل بهذا الحق من مجال التنظير إلى مجال النضال والممارسة، وسيضع الحق في الإختلاف على محك التطبيق، وسيدفع هو نفسه ثمنا للدفاع عن هذا الحق.

2-2-2 فولتير، المحامي الكوني عن الإنسان
ماتت أمه أثناء ولادته في باريس سنة 1694، وكانت الممرضة تعتقد أنه لن يعيش أكثر من يوم، لكنه عاش 84 عاما ليموت سنة 1778. وقد كان أبوه كاتب عدل ناجح، وكانت أمه ذات نزعة أرستقراطية. ألف في الشعر والمسرح والرواية والعلم والفلسفة، وعانى بسب سخريته اللاذعة من النظام ورجال الدين من النفي والسجن [8]، وهذا ما عكسته قولته المشهورة:“قد أختلف معك في الرأي، ولكني على إستعداد لأن أدفع حياتي ثمناً لحقك في الدفاع عن رأيك”.
ومثلما ندد لوك وديدرو بالتعصب الديني بين الكاثوليك والبروتستانت[9] ، حارب فولتير هو الآخر التعصب وهاجمه. فقد كان رجال الدين الكاثوليك يتمتعون بسلطة مطلقة في تولوز، إذ لم يكن يسمح لأي بروتستانتي بأن يكون محاميا أو طيبا أو بقالا. وفي ظل هذه الظروف حكم على إمرأة ولدتها قابلة بروتستانتية بأداء غرامة تناهز ثلاثة آلاف فرنك. وإتهم الكاثوليك للتاجر البروتستانتي جان كالاس بقتل إبنه الذي مات منتحرا، فمات كالاس بسرعة من شدة التعذيب وطوردت أسرته. نفس المصير لقيه شاب أتهم هو الآخر بنفس تهمة التاجر وهي منع تحويل إليزابيت سيرفينس من البروتستانتية إلى الكاثوليكية [10]. وأمام هذه الأحداث، لم يأل فولتير جهدا في مواجهة والظلم والتعصب باسم الدين، الأمر الذي سيعرضه للسجن والنفي لمرات عديدة.
هكذا عاش فولتير مناضلا من أجل الحق في الإختلاف وحرية التدين والإعتقاد، كما إحتج على الإستبداد والحرب، لكنه بقي مؤمنا بأن خير المجتمع يكمن في الإنصياع لمستبد متنور يحرص على تمتع أفراده بالحريات الضرورية، عن طريق إصلاح القضاء ونظام العقوبات. غير أن الإستبداد حتى ولو كان مستنيرا لا يفيدان كثيرا - حسب ما سيذهب إليه روسو- في إستتباب الأمن بقدر ما يحرضان على الثورة ضد النظام والإنتفاض عليه.

2-2-3 روسو والعقد الإجتماعي
ولد روسو J.J.Rousseau في جنيف سنة 1712، من أسرة كالفينية، عرف اليتم في سن مبكرة فتولت إحدى عماته تربيته. تنقل وهو صغير بين عدة مهن.عاش في كنف سيدات وفرن له الحماية والعمل[11]. وفي سنة1750 نال جائزة جامعة ديجون حول مقال قال فيه إن الحضارة جعلت الإنسان حيوانا فاسدا. رزق من خادمة ب 5 أطفال رماهم في ملجأ. وتوفي روسو سنة 1778 [12].
في مؤلفه ”العقد الإجتماعي“ الذي غير مجرى تاريخ فرنسا والعالم، يرى روسو أن القوي لا يكون قويا دائما إلا إذا حول قوته إلى حق وطاعته إلى واجب. فالقوة لا تخلق الحق ولا وجوب للخضوع إلا للسلطات المشروعة [13]. وقد كانت هذه حالة الإجتماع الأولى والتي ساد فيها الإستغلال بإسم الحق والقانون، ما سيحتم صياغة عقد جديد يفوض فيه الناس جزء من حرياتهم الطبيعية من أجل أن تحفظ الدولة حقوقهم الباقية.
لقد عكس هذا الموقف نقد نظرية التفويض الإلهي التي بإسمها وتحت ظلها يحلو للحاكم أن يفعل ما يشاء دون أن يكون بمقدور أحد أن يحاسبه أو يزيحه من سدة الحكم، فكان يرى، إلى جانب لوك، أن على الدولة واجب صيانة الحرية، والعدالة، والمساواة كحقوق طبيعية للإنسان، فإن أخلت بهذا الواجب يصبح من حق الشعب تقويض أركانها، وهو ما جرى بالفعل حين قامت الثورة الفرنسية عام 1789.

3- حقوق الإنسان بين الإنسان والمرأة والطفل

1-3 حقوق الإنسان
لقد شكلت الديمقراطية، كما نظر لها روسو على وجه الخصوص، ضامن إستقرار الدول ورفاهية شعوبها، وهذا ما نص عليه إعلان حقوق الإنسان والمواطن لسنة 1789، حيث تم التأكيد على أن الجهل أو الإهمال والإستخفاف بحقوق الإنسان هي وحدها أسباب مآسي الشعوب وفساد الحكومات [14].
وقد جاء الإعلان العالمي لحقوق الإنسان كنتاج عمل نقدي إبتدأ خلال القرن 19. إذ إنبثق الوعي من الحاجة إلى إضافة الحقوق الإقتصادية والإجتماعية [15].
جاء في بعض مواد الإعلان:
• المادة 1: يولد جميع الناس أحراراً متساوين في الكرامة والحقوق، وقد وهبوا عقلاً وضميراً وعليهم أن يعامل بعضهم بعضاً بروح الإخاء.
• المادة 2 : لكل إنسان حق التمتع بكافة الحقوق والحريات الواردة في هذا الإعلان دون أي تمييز كالتمييز بسبب العنصر أو اللون أو الجنس أو اللغة... دون أية تفرقة بين الرجال والنساء.
• المادة 16 :( 1 ) للرجل والمرأة متى بلغا سن الزواج حق التزوج وتأسيس أسرة دون أي قيد بسبب الجنس أو الدين...
• المادة 17 :( 1 ) لكل شخص حق التملك بمفرده أو بالإشتراك مع غيره.
• المادة 19 : لكل شخص الحق في حرية الرأي والتعبير...
• المادة 23 : ( 1 ) لكل شخص الحق في العمل، وله حرية إختياره بشروط عادلة مرضية كما أن له حق الحماية من البطالة.
• المادة 24 : لكل شخص الحق في الراحة، وفي أوقات الفراغ، ولاسيما في تحديد معقول لساعات العمل وفي عطلات دورية بأجر.
• المادة 25 : ( 1 ) لكل شخص الحق في مستوى من المعيشة كاف للمحافظة على الصحة والرفاهية له ولأسرته، ويتضمن ذلك التغذية والملبس والمسكن والعناية الطبية [16].

2- 3 حقوق المرأة
لقد كرس الإعلان كذلك، لاسيما في المادة 2، مبدأ المساواة في الحقوق لجميع الناس دون أي تمييز، وفي المادة 16حدد مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة في مسائل الزواج والطلاق والأسرة، وضمن للأسرة حق حماية المجتمع والدولة لها.
وإلى جانب الإعلان الأممي صدرت مجموعة من الإعلانات والإتفاقيات الدولية الخاصة بالمرأة، منها :
• ميثاق العهد الدولي الخاص بالحقوق الإقتصادية والإجتماعية والثقافية لعام 1966 ICECCR، والذي دخل حيز التنفيذ سنة 1976، حيث نصت المادة 3 منه على أن الدول الأطراف في العهد الحالي تتعهد بتأمين الحقوق المتساوية للرجال والنساء في التمتع بجميع الحقوق الإقتصادية والإجتماعية والثقافية المدونة في هذا العهد.
• ميثاق العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية لعام 1966 ICCPR:جاءت المادة 3 منه لتنص على أن الدول الأطراف في العهد الحالي تتعهد بضمان مساواة الرجال والنساء بجميع الحقوق المدنية والسياسية المدونة في هذه الاتفاقية.
• وفي عام 1979تبنت الجمعية العامة لهيئة الأمم المتحدة اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو).
• تبنت هيئة الأمم المتحدة عام 1993 الإعلان العالمي بشأن القضاء على العنف ضد المرأة وذلك لسد الثغرة الكبيرة في اتفاقية (سيداو).
• بعد مؤتمر فيينا، جاء المؤتمر العالمي الرابع للمرأة عام 1995 بيجين/الصين، حدد منهاج العمل الأهداف والإجراءات الإستراتيجية الواجب إتخاذها في 12 محورا هي: المرأة والفقر / المرأةو الصحة / العنف ضد المرأة / المرأة والنزاع المسلح / المرأة والاقتصاد / المرأة ومواقع السلطة وصنع القرار /حقوق الإنسان للمرأة / المرأة ووسائط الإعلام / المرأة والبيئة /الطفلة [17].

3-3 حقوق الطفل
ومن أجل ضمان إعتراف العالم كذلك بحقوق الطفل دون سن 18 إلى جانب الحقوق التي أقرها للمرأة، ونظرا لحاجة هذا الأخير رعاية خاصة وحماية لا يحتاجها الكبار، اصدر زعماء العالم عام 1989 إتفاقية تتضمن 54 مادة وبروتوكولان إختياريان.
وتوضّح الإتفاقية حقوق الإنسان الأساسية التي يجب أن يتمتع بها الأطفال في أي مكان ودون تمييز، وهذه الحقوق هي: حق الطفل في البقاء، والتطور والنمو إلى أقصى حد، والحماية من التأثيرات المضرة، وسوء المعاملة والإستغلال، والمشاركة الكاملة في الأسرة، وفي الحياة الثقافية والإجتماعية. وتتلخص مبادئ الإتفاقية الأساسية الأربعة في: عدم التمييز؛ تضافر الجهود من أجل المصلحة الفضلى للطفل؛ والحق في الحياة، والحق في البقاء، والحق في النماء؛ وحق إحترام رأي الطفل. وكل حق من الحقوق التي تنص عليه الإتفاقية بوضوح، يتلازم بطبيعته مع الكرامة الإنسانية للطفل وتطويره وتنميته المنسجمة معها. وتحمي الإتفاقية حقوق الأطفال عن طريق وضع المعايير الخاصة بالرعاية الصحية والتعليم والخدمات الإجتماعية والمدنية والقانونية المتعلقة بالطفل [18].
تأتي إذن هذه الحقوق لتواكب سيرورة التطور الذي عرفه العالم، بالنظر إلى حجم الانتهاكات التي حصلت على أرض الواقع في كثير من بقاع العالم، الأمر الذي إقتضى سد الثغرات التشريعية التي تخللت الميثاق الأممي لحقوق الإنسان، فيما يتعلق بالمرأة، أو فيما يتعلق بالطفل.

4- الحق والواجب صنوان
إن حرص المنتظم الدولي على التنصيص على الحقوق الأساسية للإنسان في مواثيق وتشريعات، جعل الناس يتغافلون عن التلازم الموجود بين الحق والواجب، فتوهموا أن الحق ما وجد إلا لكي يتمتع به الأنا ويطالب به الآخر، وأن الواجب لم يوجد إلا لكي يقوم به الآخر ويُلزَم به في علاقته مع الأنا. يقول كوزان V.Cousin بهذا الصدد:“ليس لي إزاء الأشياء إلا حقوق، وليس لي إزاء نفسي إلا واجبات؛ أما إزاءك أنت، فلي حقوق وعلي واجبات تتمخض عن المبدأ ذاته. فواجبي أن أحترمك هو حقي في إحترامك“[19]. إذن الواجب والحق صنوان. يتولدان عن أم واحدة هي الحرية. وهما يولدان في اللحظة نفسها ويتطوران ويزولان معا [20].
ونظرا لغياب هذه العلاقة الجدلية بين الحق والواجب نجد مظاهر يختل فيها الإحترام المتبادل بين الأشخاص منها:
* سائق الحافلة، الذي يقف في منطقة خلاء ويهدد بإنزال الركاب الذين يحتجون على سرعته المفرطة، ليس أقل سوءا من مسؤول يمسك في يده كل الصلاحيات.
* بائع الخبز الذي يبيع الخبز ”البايت“ للزبناء لأنهم في حاجة إليه ليس سوى دكتاتور صغير يمارس سلطته الحمقاء ضد أناس لا يملكون قوة الردع.
* الممرض الذي يطلب 20 أو 50 درهما من مريض لا حول له ولا قوة لكي يؤدي له خدمة هي من واجباته، ليس سوى مريض بالسلطة
* التاجر الذي يحتكر مواده الغذائية ويبيعها بالسعر الذي يريد متسلط، وحارس السجن، الذي يأكل نصف مؤونة السجين قبل أن يسلمها له[21].
فهؤلاء وغيرهم ليسوا سوى نماذج لأناس يتباكون عندما تُهضم حقوقهم ويُذَكّرون الآخرين بواجباتهم اتجاههم، لكن بمجرد ما يكن في وضعية سلطة يصير هو الهاضم لحقوق غيره. وغياب تربية حقوقية في هذا المضمار، يسهم بقسط وافر في حجم العنف واللاحوار الذي تشهده مؤسساتنا التعليمية والشارع العام[22].

خاتمة
لا مندوحة لنا إذن من الإقرار بأن حقوق الإنسان شرط أساسي لأية ديمقراطية ولأية تنمية مجتمعية، وهي لذلك تعد مقياسا يقاس به مدى إحترام الدول لآدمية أفرادها، كما يقاس بها مدى تقدم الشعوب ورفاهيتها. والمخاض العسير الذي مرت منه هذه الحقوق لتجد أخيرا نفسها مترجمة في تشريعات دولية دليل على أن أمر تطبيقها على أرض الواقع منوط بالدول والمجتمعات في نفس الآن. غير أن التجزئة الحاصلة على مستوى التمييز بين حقوق الإنسان، وحقوق المرأة، وحقوق الطفل، لا يجب أن تنسينا بأن الإنسان كل لا يتجزأ، وحقوقه هي كذلك كل لا يتجزأ.
وعليه، فالتربية على حقوق الإنسان والمواطنة تعرف بالشكل الصحيح الإنسان على حقوقه في تلازم ضروري ومستمر مع الواجبات التي عليه إحترامها، لتكون بذلك الحقوق والواجبات بحق وجهان لعملة واحدة.

المراجع:
[1] نبيل سليمان، سمر الليالي، رواية، روايات الزمن، الرباط، 2005، ص51- 52.
[2] لالاند، موسوعة لالاند الفلسفية، المجلد الأول، ترجمة خليل أحمد خليل، منشورات عويدات، بيروت – باريس،2001، ص303.
[3]جورج بوليتزر، عصر الأنوار، ترجمة إسماعيل المهدوي، طبع ونشر اتصالات سبو،2006، ص35.
[4]محمد سبيلا، العدالة والحرية: تعارض أم تكامل؟، مجلة التسامح، السنة السادسة، العدد24، خريف1429ه- 2008م، ص93- 94.
[5] روني إيلي ألفا، موسوعة أعلام الفلسفة العرب والأجانب، الجزء الثاني، دار الكتب العلمية، بيروت،1992، ص379.
[6] جون لوك، التسامح الديني، إعداد وترجمة محمد سبيلا وعبد السلام بنعبد العالي، سلسلة دفاتر فلسفية، العدد7(حقوق الإنسان)، دار توبقال للنشر، الدار البيضاء،2005، ص29.
[7] المرجع نفسه، ص31.
[8] روني إيلي ألفا، مرجع سابق، ص379.
[9] فقد ندد ديدرو بمذبحة سان بارتيليمي الفرنسية والتي قتل فيها سنة 1572 ما يقارب 3000 بروتيستانتي على يد الكاثوليك بأمر من الملك شارل الرابع. انظر: جورج بوليتزر، مرجع سابق، ص 32.
[10] ول ديورانت، قصة الفلسفة، ترجمة فتح الله محمد المشعشع، منشورات مكتبة المعارف، بيروت، 2004، ص183- 184.
[11] عمل روسو لدى السيدة دي وارن، ولدى السيدة دوبين كامين سر، ثم لدى السيدة ديبيني، كما عمل كذلك لدى السيدة دي فاران والتي صارت أما وعشيقة له في نفس الآن. أنظر: روني إيلي ألفا، مرجع سابق، ص489- 499. وأنظر أيضا: برتراند رسل، حكمة الغرب، ترجمة فؤاد زكريا، ج2، سلسلة عالم المعرفة، العدد 365، الكويت،2009، ص133- 134.
[12] برتراند رسل، حكمة الغرب، ترجمة فؤاد زكريا، ج 2، سلسلة عالم المعرفة، العدد 365، الكويت، 2009، ص 133- 134.
[13] روسو، في حق الأقوى، سلسلة دفاتر فلسفية، مرجع سابق، ص 41 - 42.
[14] أنظر جريدة الأحداث المغربية، العدد 3911، السبت/ الأحد 12- 13 دجنبر 2009.
[15] المرجع نفسه.

[16] أنظر موقع: http://www.un.org/arabic/aboutun/humanr.htm

[17] موقع: niqash.rrizk.com/studies/Human_rights_for_women.doc

[18] موقع يونيسف: http://www.unicef.org/arabic/crc/34726_50765.html
[19] كوزان، الحق والواجب صنوان، سلسلة دفاتر فلسفية، مرجع سابق، ص66.
[20] المرجع نفسه، ص67.
[21] عبد الله الدامون، المساء، العدد 481، الأحد 6 أبريل 2008.
[22] مونير كوبي، العنف المدرسي: بواعثه وتداعياته، مجلة علوم التربية، العدد42، الرباط، يناير2010، ص93 وما بعدها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.