مدنين: انطلاق نشاط شركتين أهليتين في قطاع النسيج    سوريا... وجهاء الطائفة الدرزية في السويداء يصدرون بيانا يرفضون فيه التقسيم أو الانفصال أو الانسلاخ    الطبوبي في اليوم العالمي للشغالين : المفاوضات الاجتماعية حقّ ولا بدّ من الحوار    انهزم امام نيجيريا 0 1 : بداية متعثّرة لمنتخب الأواسط في ال«كان»    في انتظار تقرير مصير بيتوني... الساحلي مديرا رياضيا ومستشارا فنيّا في الافريقي    رابطة الهواة لكرة القدم (المستوى 1) (الجولة 7 إيابا) قصور الساف وبوشمة يواصلان الهروب    عاجل/ "براكاج" لحافلة نقل مدرسي بهذه الولاية…ما القصة..؟    الاحتفاظ بمنتحل صفة مدير ديوان رئيس الحكومة في محاضر جديدة من أجل التحيل    ملف الأسبوع.. تَجَنُّبوا الأسماءِ المَكروهةِ معانِيها .. اتّقوا الله في ذرّياتكم    خطبة الجمعة .. العمل عبادة في الإسلام    المسرحيون يودعون انور الشعافي    نبض الصحافة العربية والدولية... الطائفة الدرزية .. حصان طروادة الإسرائيلي لاحتلال سوريا    الوضع الثقافي بالحوض المنجمي يستحق الدعم السخي    أولا وأخيرا: أم القضايا    إدارة ترامب تبحث ترحيل مهاجرين إلى ليبيا ورواندا    المهدية: سجن شاب سكب البنزين على والدته وهدّد بحرقها    الجلسة العامة للبنك الوطني الفلاحي: القروض الفلاحية تمثل 2ر7 بالمائة من القروض الممنوحة للحرفاء    الكورتيزول: ماذا تعرف عن هرمون التوتر؟    انتخاب رئيس المجلس الوطني لهيئة الصيادلة رئيسا للاتحاد الافريقي للصيادلة    لماذا يصاب الشباب وغير المدخنين بسرطان الرئة؟    وزير الإقتصاد وكاتب الدولة البافاري للإقتصاد يستعرضان فرص تعزيز التعاون الثنائي    ارتفاع طفيف في رقم معاملات الخطوط التونسية خلال الثلاثي الأول من 2025    إقبال جماهيري كبير على معرض تونس الدولي للكتاب تزامنا مع عيد الشغل    بالأرقام/ ودائع حرفاء بنك تونس والامارات تسجل ارتفاعا ب33 بالمائة سنة 2024..(تقرير)    الطبوبي: المفاوضات الاجتماعية حقّ وليست منّة ويجب فتحها في أقرب الآجال    مصدر قضائي يكشف تفاصيل الإطاحة بمرتكب جريمة قتل الشاب عمر بمدينة أكودة    عاجل/ تفاصيل جديدة ومعطيات صادمة في قضية منتحل صفة مدير برئاسة الحكومة..هكذا تحيل على ضحاياه..    الطب الشرعي يكشف جريمة مروعة في مصر    تونس العاصمة وقفة لعدد من أنصار مسار 25 جويلية رفضا لأي تدخل أجنبي في تونس    وزير الصحة: لا يوجد نقص في الأدوية... بل هناك اضطراب في التوزيع    البطولة العربية لالعاب القوى للاكابر والكبريات : التونسية اسلام الكثيري تحرز برونزية مسابقة رمي الرمح    بطولة افريقيا للمصارعة بالمغرب: النخبة التونسية تختتم مسابقات صنفي الاصاغر والصغريات بحصيلة 15 ميدالية منها 3 ذهبيات    عاجل/ مجزرة جديدة للكيان الصهيوني في غزة..وهذه حصيلة الشهداء..    نحو توقيع اتفاقية شراكة بين تونس والصين في مجال الترجمة    يوم دراسي حول 'الموسيقى الاندلسية ... ذاكرة ثقافية وابداع' بمنتزه بئر بلحسن بأريانة    الطبوبي: انطلاق المفاوضات الاجتماعية في القطاع الخاص يوم 7 ماي    عاجل/ المُقاومة اليمنية تستهدف مواقع إسرائيلية وحاملة طائرات أمريكية..    توقيع عدد من الإصدارات الشعرية الجديدة ضمن فعاليات معرض تونس الدولي للكتاب    تونس العاصمة مسيرة للمطالبة بإطلاق سراح أحمد صواب    محمد علي كمون ل"الشروق" : الجمهور على مع العرض الحدث في أواخر شهر جوان    قيس سعيد: ''عدد من باعثي الشركات الأهلية يتمّ تعطيلهم عمدا''    صادم: أسعار الأضاحي تلتهب..رئيس الغرفة الوطنية للقصابين يفجرها ويكشف..    التوقعات الجوية لهذا اليوم..طقس حار..    منذ سنة 1950: شهر مارس 2025 يصنف ثاني شهر الأشد حرارة    كأس أمم إفريقيا لكرة القدم داخل القاعة للسيدات: المنتخب المغربي يحرز لقب النسخة الاولى بفوزه على نظيره التنزاني 3-2    توجيه تهمة 'إساءة استخدام السلطة' لرئيس كوريا الجنوبية السابق    وفاة أكبر معمرة في العالم عن عمر يناهز 116 عاما    منظمة الأغذية والزراعة تدعو دول شمال غرب إفريقيا إلى تعزيز المراقبة على الجراد الصحراوي    معز زغدان: أضاحي العيد متوفرة والأسعار ستكون مقبولة    زراعة الحبوب صابة قياسية منتظرة والفلاحون ينتظرون مزيدا من التشجيعات    Bâtisseurs – دولة و بناوها: فيلم وثائقي يخلّد رموزًا وطنية    مباراة برشلونة ضد الإنتر فى دورى أبطال أوروبا : التوقيت و القناة الناقلة    في تونس: بلاطو العظم ب 4 دينارات...شنوّا الحكاية؟    اتحاد الفلاحة: أضاحي العيد متوفرة ولن يتم اللجوء إلى التوريد    رابطة ابطال اوروبا : باريس سان جيرمان يتغلب على أرسنال بهدف دون رد في ذهاب نصف النهائي    سؤال إلى أصدقائي في هذا الفضاء : هل تعتقدون أني أحرث في البحر؟مصطفى عطيّة    أذكار المساء وفضائلها    تعرف على المشروب الأول للقضاء على الكرش..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تفاعلا مع بعض مشكلات مسلمي أروبا
نشر في الحوار نت يوم 25 - 07 - 2011

Scheik, avec votre permission, j ́ai deux questions
il y ́a ceux qui "préconisent" une autre approche en disant que ce n ́est pas de l ́usure. Par exemple, X a besoin d ́une maison et se dirige vers Y (un corps de financement se disant islamique), lequel achète cette maison à un prix donné mais la revend à X à un autre prix sous forme de payements mensuels. Est ce que cette méthode va de pair avec notre religion
j ́ai eu un travail dans un un magasin de REWE (frisch Abteilung) comme Kommissionier ou je dois mettre des emballages de porc (Wurst/Salami/Schinken) qui sont inclus dans les commandes des clients, de plus je ne pourrais plus assister à la prière du vendredi. Que dois je faire
Est ce possible d ́inclure un numéro de téléphone sur votre page pour la Fatwa car expliquer en parlant est plus clair qu ́en écrivant
Jazakom Allah kolla kheyr

ترجمة السؤال إلى اللغة العربية.
هذان سؤالان تقدم بهما أحد القراء الكرام ( إسمه : منير ) في ذيل الموعظة الأخيرة المنشورة على الحوار.نت والمتعلقة بالتعامل بالربا. يقول السؤال الأول : ما هو حكم من يشتري مسكنا عن طريق ما يسمى بهيئة تمويل إسلامية ( مصرف إسلامي مثلا ) ومعلوم أن تلك الهيئة تشتري ذلك المنزل بثمن محدد ثم تبيعه إلى عميلها بثمن آخر على أن يكون الدفع بإستقطاعات شهرية محددة. أما السؤال الثاني فهو يقول : أشتغل في مغازة ( ريفا. مغازة معروفة في ألمانيا مثلا ) حيث أضطر إلى وضع بعض لحوم الخنزير التي يطلبها بعض الزبائن ومع ذلك فإني لا أستطيع أداء صلاة الجمعة بسبب العمل. فما هو الحكم أو ما هو العمل في مثل هذه الحالات. كما طلب الأخ منير إمكانية تسجيل رقم الهاتف لأن شرح المسألة بالحديث أوضح منه بالكتابة كما يقول.
شروط ثلاثة ضرورية لمشهد الإفتاء.
الفرق بين الحكم والفتوى : التمييز بينهما مهم جدا لطلبة العلم. الحكم هو الوضع الشرعي النهائي الذي صرح به الوحي الكريم إلى الناس قاطبة محرضا إياهم على فعله إن كان واجبا أو فريضة وحاثا إياهم على إجتنابه إن كان حراما. حكم الصلاة مثلا الوجوب وحكم شرب الخمر مثلا الحرمة. ذانك يسميان حكمين شرعيين في الدين الإسلامي لأنهما وردا في الوحي الكريم : إما في القرآن الكريم أو في السنة الصحيحة أو في كليهما. لذلك لا تتعرض الأحكام الشرعية إلى التبديل ولكن قد تتعرض الأحكام الشرعية إلى تأجيل التطبيق في بعض الأمكنة أو بعض الأزمنة أو على بعض الناس بمثل ما فعل الفاروق إجماعا من الصحابة الكرام في أحداث تاريخية مهمة معروفة من مثل : عدم قطع يد السارق عام المجاعة في العراق أو عدم إعطاء المؤلفة قلوبهم من الزكاة أو عدم تخميس الغنائم. ذلك التأجيل الإستثنائي للتطبيق لا يسمى تعطيلا ولا إلغاء ولكن يسمى على وجه الدقة الفقهية : مراعاة غياب محل التطبيق. إذ أن لكل حكم شرعي محله الذي يتنزل عليه من زمان ومكان وحال وعرف وشخص أو جماعة. كلما حضر ذلك المشهد العام من محلات التطبيق طبق الحكم وكلما تأخر أو تخلف لأي ظرف كان وقع تأجيل التطبيق. التمييز هنا بين الإلغاء أو التبديل أو التعطيل من جهة وبين التأجيل بسبب غياب المحل التطبيقي من جهة أخرى هو تمييز مهم جدا لطلبة العلم. أما الفتوى فهي تنزيل ذلك الحكم على محله وهو تنزيل يراعي المشهد العام الجامع لذلك المحل كما رأينا آنفا. تكون الفتوى بذلك المعنى وبذلك أفتى الفاروق والصحابة عليهم الرضوان جميعا تواضعا وإجماعا بينهم جميعا بتأجيل التطبيق في النوازل آنفة الذكر. كما تأخذ الفتوى صورة أخرى وهي صورة إستثناء حالة بعينها حالة فرد أو حالة مجموعة أفراد أو حالة مجتمع أو شعب أو حالة زمان أو حالة مكان أو حالة عرف من أن يشملها الحكم الشرعي الثابت القطعي بنصوص الوحي الكريم من القرآن والسنة. مثل ذلك : فتواه عليه الصلاة والسلام لخاله سعد إبن أبي وقاص بأن يلبس الحرير بسبب حكة في بدنه ومعلوم أن الحرير المقصود منه الحرير الصافي محرم على رجال الأمة وحلال على نسائها. فتواه بلبس الحرير هي إستثناء من حكم عام ثابت قطعي. مثل ذلك في عصرنا : إفتاء الإمام القرضاوي بالعمليات الإستشهادية داخل فلسطين المحتلة وليس خارجها مقاومة لتحرير الأرض بأسلوب يردع المحتل بالرغم من أنه يخالف أمر الإسلام بالحفاظ على الحياة وعدم تعريضها إلى الموت بتلك الطريقة الإرادية. تلك فتوى مستثناة من جريمة الإنتحار بسبب ظروف لا تأتي الآن تحت أنظار هذا المقال التفاعلي المحدد.
المطلوب هو إذن : التمييز بين الحكم الإسلامي الثابت القطعي وبين الفتوى التي تأخذ بعض الصور : منها صورة الإستثناء المؤقت من حكم شرعي بات أو صورة التنزيل لذلك الحكم مع مراعاة المآل والنتيجة.
الشرط الأول لمشهد الإفتاء هو : حسن فقه طبيعة التشريع الإسلامي.
حسن الفقه هنا ينصب على أمر مهم كبير وهو : توفير التشريع الإسلامي لبوابات إستثنائية ومراصد جانبية تستخدم في حالات الضرورات والحاجات والطوارئ وحالات الضعف والوحدة والقلة ومختلف التبدلات التي تسير إليها بعض الأمكنة أو الأزمنة أو الأعراف. لم يعرض التشريع الإسلامي نفسه عرضا دائريا مغلقا أصم أبكم أكمه لا يقبل الحوار مع مختلف الظروف الطارئة التي قد تعرض للعبد المكلف. بل جاءت بالرخص بمثل مجيئها بالعزائم لتلبية حاجات وضرورات كل عبد مكلف أينما كان وحيثما كان وكيفما كان وذلك هو مناط صلاحيتها لكل زمان ولكل مكان ولكل حال ولكل عرف ولكل إنسان. هو تشريع واقعي يراعي المتغيرات ولكنها واقعية تستند إلى بعد ثابت قطعي محكم هو جذر التشريع وأسه الذي يآل إليه في الحالات العادية. تلك البوابات هي مظنات النجاة وأسبابها في الحياة بمثل ما تحتفظ الطائرة ببوابات جانبية معدة للإستخدام في حالات الضرورة. وكل تشريع يحترم نفسه ويراعي مصالح الناس الذين يتوجه إليهم لا بد له أن يجهز نفسه بتلك البوابات الإضطرارية.
الشرط الثاني لمشهد الإفتاء هو : حسن فقه حال المستفتي.
رخص عليه الصلاة والسلام في القبلة في نهار رمضان للشيخ ومنع الشاب من ذلك وعلل ذلك بملك الإرب والسيطرة على الشهوة. وعلى الدرب الفقهي ذاته سار حبر الأمة إبن عباس فأفتى المقبل على قتل نفس بشرية بغير حق بعدم التوبة والمآل إلى النار ثم أفتى القاتل التائب المنكسر بالتوبة وعلل ذلك بإختلاف الميولات النفسية في تلك الحال لكل منهما. فقه حال المستفتي إذن مطلوب ضروري حتى تكون الفتوى مستقيمة على منهاج التشريع الإسلامي.

الشرط الثالث لمشهد الإفتاء هو : تصور المفتي لمآل حال مستفتيه.
الإسلام يقدم حلولا مهما كانت الظروف طارئة وشديدة وقاسية ولم يكن الإسلام يوما نقمة على الناس يرقب أخطاءهم ليعاجلهم بالعقوبة. هذه أروع مثال على رعاية الإسلام لمآل المستفتي مهما كان مخطئا هي هذه الحادثة الواردة في المتفق عليه بين البخاري ومسلم: وقع رجل على إمرأته في نهار رمضان فلما أخبر النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم قال له : هل تعتق رقبة؟ قال الرجل : لا أملك ذلك. قال النبي الأكرم عليه الصلاة والسلام : هل تصوم شهرين متتابعين؟ قال الرجل : لا أستطيع ذلك. قال النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم: هل تطعم ستين مسكينا؟ قال الرجل : لا أستطيع ذلك. عندها قام عليه الصلاة والسلام بنفسه وبحث عن مأكول فأتاه بعذق فيه تمر وقال له : تصدق بهذا. فقال الرجل : ما بين لابتيها ( أي ما في المدينة ) رجل أفقر مني. فضحك عليه الصلاة والسلام حتى بدث ثناياه وأعطاه التمر وقال له : أطعمه أهلك.
لو لم ينظر عليه الصلاة والسلام إلى مآل هذا الرجل لكانت الإحتمالات التالية هي مصير ذلك الرجل الذي إقترف خطيئة وهو لا يملك تكفيرها فهو فقير وهو ضعيف. إما أن يظل ذلك الرجل تحت رحمة العقوبة التي تنتظره حتى يوم القيامة ليقتص منه هناك بأغلى مما يكون أي من حسناته التي ستنفد بسرعة مهما كانت كثيرة أو كبيرة وإما أن يظل الرجل مرتابا في إيمانه وتدينه طول حياته مترددا لا يقر له قرار بسبب أنه أخطأ ولم يكفر وإما أن يكره الرجل الإسلام وربما يرتد عنه. كلها مآلات كريهة لا يرضاها الإسلام لبشر.بل هناك مآل آخر قد يقع فيه الرجل وغيره ممن شهد الواقعة وهو أن يصغر أمر الإسلام في النفوس بسبب أن الرجل إقترف خطيئة ثم خرج منها بثواب : وقع على إمرأته في نهار رمضان ثم عاد إليها من عنده عليه الصلاة والسلام بعذق تمر!!!
لذلك راعى عليه الصلاة والسلام الحال التي يمكن أن يرتد إليها ذلك الرجل وعالج المشكلة برحمة متناهية وحلم كبير وعملية إيجابية باهرة.
خلاصة أولى مهمة:
لذلك لا يجرؤ مسلم على الفتيا إلا إذا كان ملما بالأركان الثلاثة المذكورة آنفا أي : العلم الراسخ بطبيعة التشريع الإسلامي وتوفره على بوابات للضرورة والحاجة والطوارئ والعلم الكامل بحال المستفتي من أكثر ما يمكن من الزوايا والعلم بحال المستفتي تصورا وتخيلا من بعد تطبيق الفتيا فإن كانت النتيجة ( المآل ) إيجابية لدينه ودنياه فبها ونعمت وإن كانت غير كذلك فعليه البحث عن حل آخر لأنه أمام مشكلة لا بد لها من حل وليس أمام قاتل عمدا لنفس بشرية بسابقية إضمار وترصد وبغير حق في حال لم يعف فيه ولي القتيل حتى قبولا لدية وليس أمام المفتي هنا إلا الإحالة على القتل قصاصا. دون حالة القتل العمد هناك ألف ألف حل وحل آخر إضافي لمن يريد حفظ تدين الناس وكراماتهم.
المسلمون في أروبا.
المسلمون في أروبا أقلية عددية ويعيشون في بلاد مسيحية بالكامل بحسب طابعها العام ولا يعنينا هنا درجات الإلتزام من لدن المسيحيين الأروبيين بالمسيحية إذ بمثل إعتبار المسلم مسلما بل مؤمنا حتى مع تركه للصلاة عمدا كسلا وتهاونا وتقاعسا دون إنكار لوجوبها فضلا عن إعتباره مسلما ومؤمنا إذا أتى كبائر فاحشة لا تعد ولا تحصى إستصحابا لحاله الأول الذي عرفناه عليه أي مؤمنا مسلما بقرائن معلومة.. بمثل ذلك فإن المسيحي يظل مسيحيا بمثل تلك القرائن دون أن نكلف أنفسنا التثبت في مدى إلتزامه بدينه أو عدم إلتزامه به. المسلمون إذن في أروبا أقلية عددية ويعيشون في بلاد مسيحية بالكامل تقريبا والأهم من ذلك كله أنهم مواطنون في دول أروبية تقوم دساتيرها وقوانينها على مزيج من مراعاة المسيحية والإرث اليوناني وإستحقاقات الصراع الكنسي الصناعي الأوربي التاريخي المعروف الذي أثمر العالمانية وفي كل الأحوال فإن تلك الدساتير والقوانين لا تستمد أي شيء من الشريعة الإسلامية ولا تعترف بها. المسلمون مواطنون هنا بحكم الواقع وذلك هو المحكم عند ملامسة مشهد الإفتاء لحل مشاكلهم ولا يهمنا في هذا الصدد وليس في غيره إن كانت مواطنتهم محل إعتراف منهم أو من غيرهم. المقصود هنا لمشهد الإفتاء : المواطنة الواقعية العملية. أي : مواطنة الجغرافيا لأنها مناط من مناطات الفتوى. ومن بعد ذلك فإن المسلمين في أوربا لم يأتوا إلى هذه البلاد للعبث أو لإضاعة الوقت أو لمجرد السياحة بل إن وجودهم هنا سواء كان وجودا مؤقتا أو وجودا دائما هو وجود يستند إلى علة وسبب ومقصد وهدف وغاية. غايات كان الإسلام هو الدافع إليها من مثل : غاية طلب العيش الكريم أو طلب الأمن أو طلب النكاح أو طلب العلم أو غير ذلك. أي أن إفتاءهم بالعودة السريعة فضلا عن الفورية إلى بلادهم هي فتوى عابثة حتى في حق الفرد فضلا عن حق المجموعة التي أصحبت في أروبا رقما ثقافيا وحضاريا وإقتصاديا وسياسيا وإجتماعيا لا بد منه للنسيج الأوربي. بل إنه وجود تقتضيه وتفرضه الدعوة إلى الإسلام وفق منهاج الإسلام وأكرم بالدعوة إلى الإسلام حالا من الحالات الثقافية والحضارية التي يعدل لأجلها المشهد الإفتائي تعديلا يحفظ أصول الإسلام من جهة ويغذي أجنحة الأسلام من جهة أخرى بدماء جديدة وإعتناقات جديدة إذ لا حياة للإسلام إلا بحياة الدعوة إلى الإسلام من جهة أخرى.
بناء على تلك المقدمات يكون رأيي كما يلي :

التعامل مع المصارف الإسلامية.
إذا كان المقصود من سؤال الأخ منير هو لجوء المسلم إلى مصرف إسلامي معترف بإسلاميته من المجامع الفقهية والعلمية المعلومة في أرضنا اليوم بغرض التعاون على إقتناء محل للسكنى فإن الأمر جلي لا جدال فيه وهو : الجواز والحلية والإباحة بسبب أن المصرف إسلامي مشهود له بالإسلامية ( ولا يقدر مصرف في الأرض اليوم أن يدعي الإسلامية دون أن يكون مسنودا بشهادات وتزكيات كافية من بعض المجامع العلمية والفقهية المعتبرة ) وهو بذلك يتعامل مع عملائه وفق الشريعة الإسلامية. أما إذا كانت صيغة السؤال عند الأخ منير مقصودة للتمريض كما ورد في الصياغة الفرنسية فالجواب هو : إستفت قلبك ولو أفتاك المفتون. أي إذا كنت لا تثق في إسلامية ذلك المصرف أو تلك الهيئة فالأمر يخصك ويخص من يشاكلك في ذلك ولا يخص عموم المسلمين الذين لم يتناه إلى علمي حتى اليوم أنهم لا يثقون في المصارف أو الهيئات الإسلامية سيما في مسألة معلومة معروفة أي : التعامل الربوي أو غير الربوي. إذا كان المصرف ربويا فابتعد ما إستطعت إلى ذلك سبيلا إلا لحاجة قاهرة ملجئة مكرهة لا يقدرها سواك. أما إذا كان المصرف إسلاميا يتوفر على مستندات إسلامية وتزكيات وشهادات فضلا عن الخبرات العلمية والتجارب في الحقل النقدي والإقتصادي والإستثماري فالأصل أن معاملاته جائزة والسؤال عن ذلك هي البدعة في الدين التي أمرنا بعدم السؤال عنها. مر الفاروق يوما مع رفيق له فأصابهما من ميزاب صاحب الدار ماء فبادر رفيق الفاروق بسؤال صاحب الدار عن مائه إن كان طاهرا أو نجسا فبادر الفاروق قائلا : لا تخبرنا يا صاحب الميزاب. يحمل كل ذلك على مصدر تشريعي معروف إسمه الإستصحاب. قاعدة الإستصحاب هنا نلتزم بها لمن أراد ذلك عند التعامل مع المصارف أو الهيئات الإسلامية ومن لم يلتزم بذلك فهو حر بشرط ألا يفسق عميل تلك المصارف أو الهيئات.
التعامل مع لحم الخنزير.
حرمة لحم الخنزير حرمة ثابتة قطعية محكمة في الكتاب والسنة فهي معلوم من الدين بالضرورة. ولدقة اللفظ القرآني دقة عجيبة لا تأسر غير اللسان العربي المبين فإن الحرمة في الكتاب العزيز إنصبت بمثل إنصبابها في حرمة الربا بالتمام والكمال على الأكل. فإذا كان المسؤول عنه من لدن الأخ منير مقيما في بلاد يتعاطى أهلها لحوم الخنزير بمثل ما نتعاطى نحن لحوم الأنعام من جهة ومضطرا إلى العمل لإعالة نفسه أو عائلته أو بناء مستقبله كما يقال من جهة أخرى ولم يجد عملا آخر يضمن له ذلك سوى هذا العمل أو مثله بما يختلط فيه الحرام مع الحلال وهو شأن كثير من المؤسسات والشركات في البلاد المسيحية سيما التي تشتغل في قطاع المواد الغذائية والأكلات والمشارب وغيرها من جهة ثالثة .. إذا كان ذلك كذلك فإنه يجوز له الإشتغال في هذه المؤسسة سيما أنها تتوفر على شرط آخر مهم وهو أن نسبة الحرام فيها أدنى بكثير من نسبة الحلال وهذا شأن أكثر المؤسسات والشركات في البلاد المسيحية في الحقيقة إذ العبرة بالأغلب الأعم كما قال المحققون من الأصوليين والفقهاء إضطرارا وحاجة طبعا وليس إختيارا. ومع كل ذلك فإن المسؤول عنه من لدن الأخ منير عليه أن يواصل البحث عن عمل آخر إما أقل حراما أو مباحا بالكلية ولكن ليس عليه أن يدع العمل لأجل الحرام الذي لا يأكله في بطنه من مثل الربا ولحم الخنزير وشرب الخمور وغير ذلك مما هو معلوم من الدين بالضرورة. هي مراجحات وموافقات وموازنات يتسع لها التشريع الإسلامي في بلاد غير إسلامية. ومع ذلك كذلك أنصح المسؤول عنه من لدن الأخ منير بالتصدق من حين لآخر من ماله عسى أن يغفر له سبحانه هذا بذاك فالحسنات يذهبن السيئات كما ورد في الذكر الحكيم كما أنصحه بالتعويل على الدعاء سيما في ساعات السحر الغالية ونحن مقبلون إن شاء الله على شهر رمضان المعظم لعام 1432 إذ الدعاء سلاح ماض جدا كفيل بإنفتاح أبواب الرحمة : الدعاء والعمل لا ينفصلان فلا يعمل دون دعاء ولا يدعو دون عمل.

التخلف عن صلاة الجمعة.
صلاة الجمعة فريضة شأنها شأن الصلوات الخمس المعروفة بل هي إحدى تلك الصلوات فهي في الحقيقة صلاة الظهر من يوم الجمعة غير أنها صلاة لا تقبل إلا في جماعة وبإمام وخطبة وغير ذلك والمقصد الأسنى منها ليس المقصد التعبدي الذي تضمنه الصلاة العادية ولكن المقصد الأسنى الأول من صلاة الجمعة هو : لقاء المسلمين لإفشاء السلام والسؤال عن الحال وإتاحة فرص للتعارف والتعارف هو بوابة التعاون بين المسلمين ومن ذا يكون التآخي والتحابب والتزاور والتكافل والتواصي بالحق والصبر والمرحمة بل من ذا تكون المصاهرة وبناء الأسر والتشاور في شأن الأمة بما يجب أن تلفت الإنتباه إليه خطبة الجمعة. لصلاة الجمعة مقاصد أخرى كثيرة منها التعبدي وغير التعبدي ولكن مقصدها الأسنى هو مقصد جماعي تتكافل عليه الأمة إسمه : تمتين عرى الإجتماع والتحابب والتآلف والتأخي والتضامن والتعاون لأن رص الصف الداخلي مقدم على مزاولة التحديات الأخرى. منها مقاصد علمية ومقاصد عمرانية وبكلمة واحدة : منهاج وصورة صلاتك هو منهاج وصورة حياتك. صلاتك هي حياتك. هي كذلك صورة وجوهرا وحقيقة. ولكن لا يتسع المقام هنا للتفصيل.
تسقط صلاة الجمعة بسبب شرط الجماعة فيها من جهة وبسبب إحتلالها لوقت أكبر من الصلاة العادية من جهة أخرى .. تسقط على ذوي الحاجات والضرورات من مثل المسافر والمريض والخائف وكل من له عذر قاهر ملجئ مكره ومن تلك الأعذار : العمل الذي بسببه يأكل الإنسان ويشرب ويسكن ويأمن ويؤمن كرامته.
لذلك يكون يوم الجمعة في البلاد الإسلامية يوم عطلة رسمية بالضرورة ولم تخالف في ذلك سوى تونس وكذلك المغرب الأقصى حسب ما أظن وربما أكون مخطئا بغير قصد وهي مخالفة صريحة لهوية المجتمع وإكراه له على ترك صلاة الجمعة.

أما في البلاد المسيحية فإن صلاة الجمعة لا تتيسر لكل مسلم وبسبب عيشي هنا ألمانيا عشرين عاما تقريبا فقد رأيت أن دون صلاة الجمعة مجاهدات ومغالبات ومكافحات لا يعرفها سوى من يكابدها.

فمن إستطاع أداء صلاة الجمعة في هذه البلاد فبها ونعمت ومن لم يستطع فإن الله تعالى لا يكلف نفسا إلا وسعها. الله يعلم ما تنبض به الأفئدة كما يعلم إخلاصها وهو الذي كلفنا بالسير في الأرض ومناكبها لنأكل من رزقه سبحانه والعمل في سبيل ذلك عبادة قال فيها عليه الصلاة والسلام : „ من بات كالا من عمل يده بات مغفورا له".

من إستطاع ذلك أو جزء منه أي ولو الركعتين دون الخطبة دون أن يؤذي عمله أو زملاءه أو يسرق وقتا من رب العمل وصاحبه دون إذن منه أو يدوس حقا من حقوق الناس ولو كانوا مسيحيين أو يهودا أو غير متدينين أصلا.. من إستطاع ذلك أو بعضا منه فبها ونعمت ومن لم يستطع فعليه أداء صلاة الظهر من يوم الجمعة بل إن الإسلام يرخص لنا في الجمع بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء في حالات منها إكراهات العمل سيما في بلاد مسيحية والمؤمن يأخذ من كل تلك العزائم والرخص ما يحفظ به دينه بمثل ما أمر به في الوحي الكريم من جهة وما يحفظ به دنياه من جهة أخرى ولصلاة الظهر متسع من الوقت تشترك فيه مع صلاة العصر ولكن المحذور الأكبر الذي لا يغفر مهما كانت الظروف هو أن تغرب الشمس والمؤمن لم يصل ظهرا أو عصرا إذ للرخص حدود لا بد من إلتزامها سيما أن الصلاة لا تستغرق أكثر من خمس دقائق بوضوئها وهي فرصة ينالها العامل في ألمانيا مثلا حقا محقوقا من رب العمل الذي يسميها راحة سيجارة.

على أن الحل الأمثل لعدم إدراك صلاة الجمعة في البلاد المسيحية هو حل جماعي يتمثل في التعاون مع المسلمين لبناء المساجد وشرائها أو إكترائها لأداء الصلوات وخاصة صلاة الجمعة والأعياد وغير ذلك مما هو معروف. أثمر ذلك التعاون ثمرات طيبة جدا وهو جهد متواصل على كل مسلم ومسلمة أن يساهم فيه قدر الإمكان.

كما تجدر الإشارة إلى أن أكثر المؤجرين الألمان لا يبخلون على العامل المسلم المستقيم خلقا وعملا بإستقطاع أوقات محددة سواء لأداء الصلوات الخمس المعروفة أو حتى لأداء صلاة الجمعة التي قد يستغرق أمرها نصف ساعة أو أزيد بقليل ذهابا و أداء وإيابا. بل إن منهم من يسمح بتخصيص بعض القاعات لصلاة الجمعة.

أما الحالات الخاصة سواء تأتت من المؤجر الألماني أو من ظروف العمل أو من الإبتعاد عن المسجد.. تلك حالات خاصة لا يحاسبنا عنها سبحانه ولكن يحاسبنا عن نوايانا من جهة كما يحاسبنا عما فعلنا ليكون الإسلام والمسلمون في البلاد المسيحية أقوى وأكثر ولهم من المرافق التي تؤدى بها حقوقهم وواجباتهم من مثل المساجد وغيرها من جهة أخرى.

وهذه تلبية لطلب الأخ منير.
طلب الأخ منير مني رقم هاتفي وهذه كل سبل الإتصال لمن أراد.
الهادي بريك المانيا
01775605628
00491775605628
[email protected]

والله تعالى أعلم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.