صحافة الإثارة والأعراض تجتاح الإعلام التونسي تونس- الحوارنت - كثيرة هي الأحداث التي تتابعت على الثورة التونسية والتي عكست العقليات المصابة بالانتهازية والاستغلال المرضي للأوضاع، لا بل وكشفت عن وقاحة مستفحلة لدى بعض الأجرام الإعلامية التي كانت بالأمس القريب تؤلّه أفراد العائلة الطرابلسية وتنصّب الجنرال قديسا على تونس وشعبها، بعض وسائل الإعلام التي كانت تعتبر ليلى بن علي نموذجا للمرأة التونسية وسيدة البلاد الأولى بمرتبة الاستحقاق وتكيل المديح لطهر الرئيس وحنانه الفيّاض وأخلاقه المتميزة ورمزيته التي لا تضاهيها رمزية هذه المنابر التي دأبت على هتك أعراض العديد من المعارضين والمعارضات للنظام البائد ورمتهم بالفجور والفسق وفبركت لهم الأشرطة واختلقت حولهم أساطير من العلاقات المحرّمة والشاذة وادّعت أنّهم روّاد الحانات والملاهي والليالي الحمراء.. انقلبت فجأة تعليقاتها وجميع مواقفها حول ليلى وبن علي وسيرين وصخر وشكري وبالحسن وغيرهم من الذين كانوا ملائكة في صبيحة 14 جانفي ولم يكد المساء يحلّ حتى تحوّلوا إلى شياطين، والأمر هنا لا يتعلق بتقلب المواقف فحسب لأنّ ذلك ليس حكرا على تجار الصحافة بل هو منهج وأسلوب العديد من المنظمات والشخصيات.. إنّما الأمر يتعلق باصطحاب وقاحة وتلفيق الأمس وكأنّهم لم يتعلّموا من الثورة إلا تغييرالاسماء و فطرة الحرباء. الشيء المستفز هو هذا الأسلوب الذي كانوا ينتهجونه مع سهام بن سردرين ونزيهة رجيبة وغيرهن.. أسلوب الأخبار الملفقة والقذف وهتك الأعراض، واليوم عادوا يستعملونه مع ليلى وبناتها، والشيء ذاته الذي انتهجوه مع علي العريض وعبد الفتاح مورو يُنتهج اليوم مع بن علي وبالحسن.. ففي الوقت الذي تجتهد فيه الصحافة الحرّة والواعية من أجل حماية الثورة وكشف المؤامرات التي تحاك حولها وتجتهد في كشف ثروات الشعب المنهوبة والمساعدة في استردادها تترك صحافة التزلف كل هذا وتهرع إلى الإثارة فتنقل أو تفبرك قصص الغرام والعلاقات المحرّمة والليالي الحمراء لأحباب الأمس أعداء اليوم وذلك من أجل إغراق السوق الإعلامية بالمادة المثيرة على حساب المادة المنيرة . الإعلام الذي يتحدث اليوم عن غراميات قصر المرسى والخيانات المتبادلة والفيلات المجهزة لليالي الحمراء لم ينهك نفسه كثيرا وأبقى على القوالب الجاهزة ثم غيّر الأسماء وطرحها إلى السوق، وتجاهل هؤلاء المطلب الحقيقي وهو أنّ الشعب ليس في حاجة للحديث عن غراميات ليلى وبن علي والتجارة بالمثير إنّما في حاجة إلى إعلام يُرسي فنّ المصداقية الممهور بالمسؤولية، ركيزتان أساسيتان لا يكتمل الإعلام الحرّ والمستقل إلا بهما.