رئيس الجمهورية يلتقي وزير الشؤون الخارجية والتجارة المجري    عاجل : تأجيل قضية رضا شرف الدين    مليار دينار من المبادلات سنويا ...تونس تدعم علاقاتها التجارية مع كندا    إنهيار سد يتسبب في موت 42 شخصا    بطولة الرابطة المحترفة الاولة (مرحلة تفادي النزول): برنامج مباريات الجولة التاسعة    الرابطة الأولى: تفاصيل بيع تذاكر مواجهة الترجي الرياضي والنادي الصفاقسي    الرابطة الأولى: تعيينات مواجهات الجولة الثانية إيابا لمرحلة تفادي النزول    كأس تونس لكرة اليد: برنامج مقابلات المؤجلة للدور ربع النهائي    الاعتداء على سائق 'تاكسي' وبتر أصابعه: معطيات جديدة تفنّد رواية 'البراكاج'    4 جرحى في اصطدام بين سيارتين بهذه المنطقة..    إطلاق النار على سكّان منزل في زرمدين: القبض على المتّهم الثاني    زيادة في أسعار هذه الادوية تصل إلى 2000 ملّيم..    "بير عوين".. رواية في أدب الصحراء    بعد النجاح الذي حققه في مطماطة: 3 دورات أخرى منتظرة لمهرجان الموسيقى الإلكترونية Fenix Sound سنة 2024    بنزرت: طلبة كلية العلوم ينفّذون وقفة مساندة للشعب الفلسطيني    الحماية المدنية: 17 قتيلا و295 مصابا في ال 24 ساعة الماضية    كأس الكونفدرالية الافريقية : نهضة بركان المغربي يستمر في استفزازاته واتحاد الجزائر ينسحب    الخارجية الإيرانية تعلّق على الاحتجاجات المناصرة لغزة في الجامعات الأمريكية    وزير الخارجية الأميركي يصل للسعودية اليوم    نقطة ساخنة لاستقبال المهاجرين في تونس ؟ : إيطاليا توضح    مدنين : مواطن يحاول الإستيلاء على مبلغ مالي و السبب ؟    نشرة متابعة: أمطار رعدية وغزيرة يوم الثلاثاء    17 قتيلا و295 مصابا في ال 24 ساعة الماضية    عاجل/ تعزيزات أمنية في حي النور بصفاقس بعد استيلاء مهاجرين أفارقة على أحد المباني..    %9 حصّة السياحة البديلة.. اختراق ناعم للسوق    قيس الشيخ نجيب ينعي والدته بكلمات مؤثرة    منوبة: تقدّم ّأشغال بناء المدرسة الإعدادية ببرج التومي بالبطان    ما حقيقة انتشار "الاسهال" في تونس..؟    تونس : ديون الصيدلية المركزية تبلغ 700 مليار    هام/ بشرى سارة للراغبين في السفر..    جائزة مهرجان ''مالمو'' للسينما العربية للفيلم المغربي كذب أبيض    بعد مظلمة فرنكفورت العنصرية: سمّامة يحتفي بالروائية الفسطينية عدنية شبلي    أخيرا: الطفل ''أحمد'' يعود إلى منزل والديه    زلزال بقوة 4.6 درجات يضرب هذه المنطقة..    التونسيون يتساءلون ...هل تصل أَضحية العيد ل'' زوز ملايين'' هذه السنة ؟    زيارة ماسك تُعزز آمال طرح سيارات تسلا ذاتية القيادة في الصين    يوميا : التونسيون يهدرون 100 مليار سنويا    دكتور مختصّ: ربع التونسيين يُعانون من ''السمنة''    بطولة ايطاليا : رأسية أبراهام تمنح روما التعادل 2-2 مع نابولي    تونس / السعودية: توقيع اتفاقية اطارية جديدة مع المؤسسة الدولية الإسلامية لتمويل التجارة    عاجل/ تفكيك شبكة مُختصة في الإتجار بالبشر واصدار 9 بطاقات إيداع بالسجن في حق أعضائها    خط جديد يربط تونس البحرية بمطار تونس قرطاج    معز السوسي: "تونس ضمن القائمة السوداء لصندوق النقد الدولي.."    ثمن نهائي بطولة مدريد : أنس جابر تلعب اليوم ...مع من و متى ؟    طقس الاثنين: تقلبات جوية خلال الساعات القادمة    حزب الله يرد على القصف الإسرائيلي ويطلق 35 صاروخا تجاه المستوطنات..#خبر_عاجل    عملية تجميل تنتهي بكارثة.. وتتسبب بإصابة 3 سيدات بالإيدز    كاتب فلسطيني أسير يفوز بجائزة 'بوكر'    البنك التونسي للتضامن يحدث خط تمويل بقيمة 10 مليون دينار لفائدة مربي الماشية [فيديو]    انطلاق فعاليات الدورة السادسة لمهرجان قابس سينما فن    وزير السياحة: عودة للسياحة البحرية وبرمجة 80 رحلة نحو تونس    في اليوم العالمي للفلسفة..مدينة الثقافة تحتضن ندوة بعنوان "نحو تفكرٍ فلسفي عربي جديد"    البطولة الوطنية: النقل التلفزي لمباريات الجولتين الخامسة و السادسة من مرحلة التتويج على قناة الكأس القطرية    القواعد الخمس التي اعتمدُها …فتحي الجموسي    خطبة الجمعة .. أخطار التحرش والاغتصاب على الفرد والمجتمع    منبر الجمعة .. التراحم أمر رباني... من أجل التضامن الإنساني    أولا وأخيرا...هم أزرق غامق    ألفة يوسف : إن غدا لناظره قريب...والعدل أساس العمران...وقد خاب من حمل ظلما    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كمال العبيدي:مورطون في تمجيد النظام السابق جاثمون على صدور الإعلاميين
نشر في الحوار نت يوم 13 - 08 - 2011

بعد أربعة أشهر من العمل "الماراطوني" لتحسس مشاكل الإعلام والإعلاميين والوقوف على سبب تردي الوضع وللعمل على الارتقاء به إلى مستوى طموح المهنيين والمواطن التونسي على حد سواء، وجدت الهيئة الوطنية المستقلة لإصلاح الإعلام والاتصال ملفات قديمة عالقة وارثا ثقيلا تركه النظام السابق ومشاكل مستحدثة طفت على سطح الأحداث بعد الثورة...



فمن ناحية هي مطالبة بضمان حق المواطن التونسي في إعلام حر ونزيه ومن ناحية أخرى تجد مؤسسات إعلامية بمشاكل مادية كبيرة وصحفيين يعملون في ظروف متردية جدا ومن ناحية ثالثة تجابه بعض مقترحاتها وتوصياتها في نفس الوقت باستجابة الحكومة وبنقد المهنيين الذين يشككون في عملية الاصلاح ويرون أنهم سيتضررون منها أكثر مما سينتفعون.


ولكن الهيئة تعمل وتحاول وتسعى لإنجاح عملية الإصلاح وتحويل تونس إلى أول دولة عربية في مجال احترام حرية التعبير وحرية الصحافة بعدما تحولت في العهد السابق إلى أول سجان للصحافيين في المنطقة العربية واكبر عدو للانترنات والمدونين وذلك بالحرص على ان يكون مشروع مجلة الصحافة مطابقا للمعايير الدولية لحرية التعبير وان لا يجر مستقبلا اي صحفي إلى السجن بسبب قيامه بعمله أو إبداء رأيه في أداء السلطة.
ذاك ما صرح به الصحفي كمال العبيدي رئيس الهيئة المستقلة لإصلاح الإعلام والاتصال خلال حديث أجرته معه «الصباح»:

ما هو تقييم الهيئة الوطنية المستقلة لإصلاح الإعلام والاتصال لوضع الإعلام في تونس ؟

الإعلام في تونس في وضعية من ظل مكبلا لأكثر من عقدين أو قل قبل ذلك بكثير حيث لم تكن تونس تعيش في مناخ الحرية وكانت الصحافة تحت الرقابة وتخضع لقيود تمنع الصحفيين من القيام بعملهم حسب المقاييس المهنية وحسب ما نص عليه قانون الثمانينات، وذلك ارث ثقيل جدا لا يمكن معالجته بسهولة وفي أشهر معدودة ويخطئ من يتصور أن هناك إمكانية لإصلاح الإعلام في فترة وجيزة.
لقد كانت هناك عملية دمار شملت مختلف القطاعات ومن بينها قطاع التعليم حيث دمرت كل مؤسسات التعليم الثانوي والعديد من مؤسسات التعليم العالي إذ أسندت إدارتها إلى أشخاص دون كفاءة أو ليسوا أكفأ من زملائهم وأسندت لهم على خلفية ولائهم للنظام السياسي وهذا التدمير وهذه القيود لم تشهد تونس له مثيلا قبل 1987، وقد حدث نفس الشيء بالنسبة إلى الإعلام.
والصحفيون والمراقبون يعلمون أنه كان هناك هامش من الحرية لم يتوفر لأي بلد عربي غير تونس زمن الاستعمار وخاصة في الثلاثينات هذا الهامش تقلص في عهد بورقيبة واختفى تماما في فترة حكم بن علي الذي أصبح في نظر المنظمات الدولية من أشرس أعداء الصحافة والانترنيت حتى أصبحت تونس على رأس قائمات دول العالم الأكثر خنقا للحريات مثل بورما وكوبا وليبيا وسوريا والسعودية.

فكيف يمكن إصلاح الإعلام في ظل هذا الإرث الثقيل في أشهر قليلة؟

إن الأصوات التي تعلو اليوم على كل الأصوات وتشكو من غياب خطوات إصلاحية جريئة هي أصوات جل أصحابها كانوا من مناصري الحكم الاستبدادي وهذا يبعث على الاستغراب وأتساءل هل هذه الأصوات أصبحت فجأة من أنصار حرية التعبير والديمقراطية في تونس ولماذا كانت تقف متفرجة أثناء الاعتداء على الزملاء الصحفيين؟ لماذا كانوا يشاركون في حملات تشويه كل من ينتقد حكم الرئيس بن على وتزايد سيطرة عائلته على مؤسسات البلاد؟

مورطون في تمجيد النظام السابق يسعون إلى الخطوط الأمامية ولإدارات التحرير

تكونت لديكم فكرة عن وضع المؤسسات الإعلامية في البلاد إذن؟ وتبنيت لكم العوائق التي تحول دون النهوض بالإعلام حاليا فهل وجدتم طريقا سالكة للإصلاح؟

هناك تكتلات في جل المؤسسات الإعلامية سواء كانت عمومية أو خاصة رغم بعض الإصلاحات والتغيير الذي طرأ على أدوات بعض المؤسسات العمومية فان هذه التكتلات غير مستعدة للانخراط بنزاهة في عملية الإصلاح وتعرقل جهود الصحفيين المتعطشين لممارسة مهنتهم حسب المعايير المهنية والأخلاقية وهذه التكتلات تمنع كذلك عملية الإصلاح رغم علم الجميع بتورطها في تمجيد الرئيس السابق ونظامه وعائلته وهي تريد اليوم أن تكون في الخط الأمامي في كل المؤسسات وتريد أن تحتفظ بمسؤوليات على مستوى إدارات التحرير وتمنع الزملاء والزميلات ممن لم يتورطوا في اتخاذ القرار وتحول دون اجتماع هيئات تحرير لتقييم العمل الصحفي والتخطيط حتى تنهض هذه المؤسسات وتستجيب لتطلعات الشعب التونسي.
ونحن نعلم انه لا توجد مؤسسة إعلامية ناجحة يمنع فيها الصحافيون والصحفيات من المساهمة في إبداء الرأي وتقييم عملهم لذا لا بد من التفكير في إقناع هذه التكتلات بضرورة ترك المجال لزملائهم، يجب على البعض أن يتقاعدوا ليفسحوا المجال لزملائهم الذين ظلوا لسنوات وعقود طويلة ملتزمين بقواعد المهنة وبميثاق شرفها رغم التسلط والقمع والعزل والحرمان من ابسط الحقوق ورغم الإغراءات أيضا.
يجب كذلك فسح المجال لخريجي معهد الصحافة وبقية المؤسسات الجامعية للمساهمة في تحسين أداء المؤسسات الإعلامية.
ومن العوائق التي واجهتنا كذلك كهيئة هذا الإرث الثقيل والمقصود به هؤلاء الأقلية من الصحفيين الذين اشتهروا بالود المطلق للسلطة والهجوم على كل من يختلف معهم في الرأي. هذه الأقلية تعسّر عملية الإصلاح التي لا بد أن تمر من المؤسسات الخاصة كذلك لأنها مطالبة بان تلعب دورا ايجابيا وتنخرط في عملية إصلاح القطاع الإعلامي ويبدأ هذا الدور حسب رأيي باستخلاص الدروس من الأخطاء التي ارتكبها القطاع الخاص والعمل على أن لا يدير ظهره من جديد لأخلاقيات المهنة الصحفية.

"حنبعل" وقعت على اتفاقية عدم بث رسائل إعلامية ودعائية سنة 2004

وما هي نسبة استجابة المؤسسات الإعلامية الخاصة لمثل ما تطرحون؟

ومن العوائق التي اعترضتنا خلال مدة عملنا كهيئة أن يضرب أصحاب بعض المحطات الإذاعية والتلفزية بالقيم المهنية والأخلاقية عرض الحائط هؤلاء مطالبون بالتخلص من عقلية "البلطجة" وانتهاك القانون التي غذاها فيهم النظام السابق فكيف نفسر وقوف صاحب قناة "حنبعل" وقوف المتحدي للرأي العام التونسي والادعاء بأنه يستطيع أن يفعل ما يشاء في قناته " أحب من أحب وكره من كره" متناسيا انه وقّع على اتفاقية عام 2004 مع الحكومة التونسية، ومن بين فصولها الالتزام بعدم بث رسائل إعلامية اشهارية دعائية لفائدة حزب سياسي أو بلد أجنبي.
علما بان هذا الترخيص الذي تحصل عليه باعث قناة "حنبعل "هو في الحقيقة امتياز تحصل عليه من نظام استبدادي لبعث قناة استعملها لأغراض دعائية وسياسية ومثل هذا السلوك والتحدي لا مكان له في الأنظمة الديمقراطية وكم من عقوبات مالية سلطت وكم من تراخيص سحبت في الأنظمة الديمقراطية من باعثي قنوات إذاعية وتلفزية بسبب انتهاكها لاتفاقيات وكراسات الشروط.
والحق في حرية التعبير لا بد من حمايته لكن هناك ثمنا يدفعه أي مواطن في ظل نظام ديمقراطي إذا ما انتهك القانون وامسك عن تسديد الآداءات المتخلدة بذمته لفائدة الدولة ويتساءل المرء هنا: لماذا لم يسدد باعث قناة "حنبعل" إلى حد الأسبوع الماضي( بداية أوت) ديون شركة "توني ميديا" صاحبة هذه القناة التلفزية الخاصة وقد تخلدت في ذمتها لفائدة الديوان الوطني للإرسال الإذاعي والتلفزي ديون بلغت أكثر من 658 مليون دينار حسب ما أفادنا به الديوان.

تسعون لحفظ حق المواطن في المعلومة وفي إعلام حر تعددي ونزيه وإذا تعارض هذا مع المصلحة التجارية لوسيلة الإعلام ؟

لو تم احترام حق المواطن في المعلومة من كل الجهات وخاصة مؤسسات الدولة لما وصلت تونس إلى حافة الانهيار قبل 14 جانفي، ولو كان للمواطن الحق في معرفة كيفية تصريف شؤون الدولة والمؤسسات والبنوك لما تغوّلت بعض الأسر وفي مقدمتها أسرة الرئيس السابق وزوجته التي أصبحت متغوّلة متنفذة على مؤسسات الدولة ولما عاثت في الأرض فسادا دون ان يسمح للصحفيين بالقيام بعملهم ولفت النظر لهذا السرطان الذي تفشى في مؤسسات الدولة.
لقد كانت تونس في نهاية القرن العشرين أول دولة عربية في مجال الشفافية (كانت اقل الدول العربية فسادا) حسب منظمة الشفافية الدولية لكن على امتداد العشرية الماضية التي سبقت هروب بن علي من تونس انتشر الفساد بشكل مذهل وأصبح ترتيبها بعد العديد من الدول العربية من بينها الإمارات وقطر والبحرين والأردن.
بين صعوبة الوصول إلى المعلومة والخوف على العقود الاشهارية
ومازال الصحفي يصطدم بعراقيل تحول دون الوصول إلى الوثائق التي تملكها الدولة والمؤسسات الخاصة والتي من حق المواطن التونسي أن يعلم بها مثلما هو الشأن في الأنظمة الديمقراطية وقد صدر في نهاية شهر ماي الماضي مرسوم يتعلق بالنفاذ إلى الوثائق الإدارية للهياكل العمومية ساهمت الهيئة الوطنية لإصلاح الإعلام في العمل على إصداره وشكل هذا المرسوم خطوة هامة على طريق مسار الانتقال الديمقراطي غير أنه تضمن بعض الاستثناءات جاءت في عبارات فضفاضة يستوجب توضيحها في اقرب وقت ممكن بما يضمن الحق في الوصول إلى المعلومات.
أما إذا وجد الصحفي نفسه في وضعية حرجة بسبب رغبته في إلقاء الضوء على ملف ما أو نشر وثائق هامة عن مؤسسات تربطها بصحيفته مثلا عقود اشهارية قد يؤدي مقاله إلى إلغائها مما ينعكس سلبا على المداخيل المالية للمؤسسة، فان الصحفي مطالب بالالتزام بميثاق أخلاق المهنة الصحفية باحترام عقده مع الرأى العام والقراء والمستمعين وبالتعامل بصدق وإخلاص ومهنية واحترام لحق المواطن في الإعلام.

لا إصلاح للإعلام دون احترام بنود الاتفاقية المشتركة

حسب ما هو معلن فان دور الهيئة استشاري ولكن الحكومة تنفذ اقتراحاتكم بنسبة كبيرة فمن أين تستمدون هذه القوة ؟

تستمد الهيئة قوتها المعنوية من الشعب التونسي المتعطش لإعلام حر ونزيه فالشعب لا يريد أن يعود إلى الوراء حيث كان يستقي المعلومات حول ما يجري في بلاده من وسائل إعلام عربية وأجنبية ومن الإشاعات، كما تستمد الهيئة هذه القوة المعنوية من الصحفيين والصحفيات التونسيين الذين قاوموا الاستبداد بأقلامهم وألسنتهم وقلوبهم ولم يتواطؤوا مثل ما كان الشأن بالنسبة لبضعهم. أما عن استجابة الحكومة لتوصيات الهيئة فالواجب يقتضي الشكر مع المطالبة بالمزيد من تلبية المقترحات وبمزيد الاستجابة للمقترحات اللازمة لدفع مسيرة إصلاح الإعلام نحوالأفضل.

وهل وقفت الهيئة على مدى تردي الأوضاع المادية والمعنوية للصحفيين الذين ستستمدون منهم قوتكم ؟

الهيئة مطلعة على الظروف المعنوية والمادية السيئة للغاية التي يمارس فيها الصحفيون عملهم لذا اجتمعت مؤخرا بالجمعية التونسية لمديري الصحف وأكدنا لأعضائها انه لا يمكن الحديث عن إصلاح الإعلام دون احترام بنود الاتفاقية المشتركة ورفع الأجور وتسوية وضعية العديد من الصحفيين الذين يتقاضون أجورا متدنية جدا ويمكن ان يكونوا عرضة للتأثير وشراء الذمة.

استقبل مشروع المرسوم المتعلق بإحداث هيئة عليا مستقلة للاتصال السمعي البصري بنقد شديد من قبل الصحفيين والحقوقيين واعتبر انه قابل للتعديل والإضافة؟

أنا في الحقيقة لم اسمع حقوقيا انتقد هذا المشروع، أما الذين انتقدوه بشدة فبعضهم لم يقرأه ولا يملك فكرة واضحة عن القوانين التي تنظم القطاع السمعي البصري في الأنظمة الديمقراطية والبعض الآخر ممن انتقدوا المشروع وتهجموا على الهيئة هم من أنصار وأصدقاء باعثي القنوات التلفزية والإذاعية التي لا تريد اطارا قانونيا يطبق على جميع الإذاعات والتلفزات الموجودة حاليا والتي ستبدأ في البث قريبا.
هذا المشروع المعروض للنقاش والموجود على موقع الهيئة الالكتروني www.inric يتضمن بعض النقاط التي يجب إلغاؤها أو تحسينها.
لكنه مثلما أشار خبراء تونسيون وأجانب راسخون في العلم بالمعايير الدولية لحرية التعبير والشروط التي يلتزم بها في الأنظمة الديمقراطية باعثو الإذاعات والتلفزات هو في مجمله مشروع قانون جيد.

وما هي المقاييس التي ستعتمد لمنح تراخيص بعث قنوات تلفزية وإذاعات ؟

من بين المقاييس التي تم اعتمادها لتحليل ملفات طلبات إحداث إذاعات وتلفزات هو أن لا يكون صاحب المشروع خاضعا لجهاز حكومي أو حزب سياسي أو تنظيم ديني لان جل الأنظمة الديمقراطية لا تسمح بإنشاء مؤسسات إذاعية وتلفزية ناطقة بأسماء أحزاب أو حركات حزبية سياسية، والفرق بين الجرائد والإذاعات والتلفزات هنا هو ضمان نوع من التنظيم في المجتمع لان كثرة القنوات التابعة للأحزاب والحركات ستخلق بالضرورة خلطا لدى المواطن وتشويشا على الإعلام الموضوعي الحيادي والمستقل والمرحلة التاريخية التي تمر بها تونس في مجال الانتقال الديمقراطي تستوجب الكثير من الإعلام النزيه والمنصف وغير الناطق باسم حركات حزبية أو دينية.
ومن الشروط أيضا ألا يساهم هذا المشروع الإذاعي أو التلفزي في توسيع دائرة ملكية مؤسسات إعلامية (أي الملكية المبالغ فيها).
كما يجب أن يساهم المشروع الإذاعي والتلفزة في إثراء وتنويع وتحسين جودة الخدمة الإذاعية أو التلفزية في مختلف أماكن البث.
إضافة إلى ضرورة معرفة مدى التأثير المنتظر لهذا المشروع على المشهد الإعلامي الوطني ومن بين الشروط هو الا يجمع صاحب المشروع بين هذا المشروع وإدارة مؤسسة إشهار أو اتصال.

وماذا عن مجلس الصحافة كيف سيعمل ؟

مجلس الصحافة هو مؤسسة موجودة وهيئة موجودة في جل الأنظمة الديمقراطية وتضم ممثلين عن الصحافيين ومديري الصحف وأحيانا وفي بعض البلدان يضم بعض الوجوه المرموقة من المجتمع المدني. هذه الهيئة او المجلس ينظر في المشاكل التي تنتج عن ممارسة الصحافة المكتوبة مما يوفر الفرص لمعالجتها قبل ان تستفحل. وستعمل الهيئة الوطنية المستقلة لإصلاح الإعلام والاتصال بالتنسيق مع النقابة الوطنية للصحفيين والنقابة العامة للثقافة والإعلام على إحداث هيئة مماثلة لأنه لا يمكن أن يتم النهوض بالقطاع في غياب مؤسسات وهيئات للتشاور لإيجاد الحلول للمشاكل.
ومن بين مهام هذا المجلس انه سيتكفل بتلقي تشكيات المواطنين او المؤسسات ويقوم بدور الوساطة بينهم وبين الصحف ويحاول التوصل إلى حلول عوض أن يلجأ الأفراد أو المؤسسات إلى القضاء.
وينظر هذا المجلس في سبيل تطوير المؤسسات الصحفية في وقت تنتشر فيه التحديات الاقتصادية والاجتماعية والتكنولوجية.

قد تزول الهيئة من الخارطة الإعلامية وربما قبل الانتخابات

هل ستواصل هيئتكم عملها بعد الانتخابات؟

هيئة إصلاح الاعلام والاتصال وقتية واستشارية تم إحداثها لتقديم المقترحات والتوصيات لتمكين تونس من مؤسسات صحفية تليق بطموح الشعب التونسي المتعطش للحرية والديمقراطية.
واستبعد ان تبقى هذه الهيئة بعد الانتخابات وإذا أتمت عملها واعدت كل المقترحات الواجب تقديمها للسلطة التنفيذية والتشريعية القادمة وللرأي العام فقد تزول من الخارطة الإعلامية ربما قبل الانتخابات.
نحن بصدد التشريعات التي ساهمت الهيئة في إعدادها وهي تشريعات لائقة بأي نظام ديمقراطي وقد حرصنا بالتعاون مع نقابة الصحافيين على ان يكون مشروع مجلة الصحافة مطابقا للمعايير الدولية لحرية التعبير وان لا يجر مستقبلا اي صحفي إلى السجن بسبب قيامه بعمله أو إبداء أراء في السلطة أو غيرها.
ومشروع الهيئة العليا المستقلة السمعي البصري هو مشروع نأمل أن يتحول إلى قانون إذ تم إعداده بعد الاستفادة من تجارب العديد من الأنظمة الديمقراطية (سواء في جنوب إفريقيا أو بريطانيا أو فرنسا أو بلجيكيا أو اندونيسيا ونأمل أن يتم إثراء هذا المشروع قبل أن يتحول إلى قانون.
و يمكن أن أضيف أن عملية الإصلاح تستوجب مزيد التضامن بين الصحفيين لإنجاح هذه العملية خاصة وقد بدا جليا أن بعض الجهات ترى أنها ستتضرر من عملية الإصلاح وبدأت في التشكيك والمبالغة في تضخيم المشاكل التي تعترض سبيل المنخرطين في عملية الإصلاح وبدأت تبث العديد من الادعاءات المضللة محاولة نشر اليأس في نفوس الصحافيين الذين عانوا طويلا من هيمنة وحكم بن علي والذين سيكونون بالضرورة المستفيدين الاول من نجاح عملية إصلاح الإعلام والاتصال.
والهيئة تحث كل الزميلات والزملاء على المساهمة بالمقترحات والملاحظات والتوصيات اللازمة التي من شأنها إنجاح عملية الإصلاح وتحويل تونس إلى أول دولة عربية في مجال احترام حرية التعبير وحرية الصحافة بعدما تحولت في العهد لسابق إلى أول سجان للصحافيين في المنطقة العربية واكبر عدو للانترانت والمدونين.


أجرت الحوار: علياء بن نحيلة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.