تقف الكلمات عاجزة عن وصف هذه المأساة الإنسانية ، ولعلها من الأقدار الربانية أن يكون لنا فى شهر رمضان هذا العام عطايا تدفع المسلم للبذل والتضحيه فى سبيل الله ، ربانيه خالصه تأتينا فى هذا الشهر ترصد لنا واقعاً مريراً لبلد مسلم فى القرن الإفريقى يكاد يموت من قلة الإحتياجات البسيطة التى يتزود بها الإنسان كى يعيش ، فما بالك بأمة ليس بها زاد يوم ، وإن وجد! إن مأساة شعب الصومال ليست بجديدة علينا ، فنحن منذ التسعينات نرى هذا الشبح المسمى بدولة الصومال تترنح بين مجاعة وفقر وتخلف وموت عمداً وأقتتال .فالصومال أحد دول القرن الإفريقى كانت من عجيب القدر انها كانت أحد أهم مراكز التجارة العالمية بين دول العالم القديم. حيث كان البحارة والتجار الصوماليين الموردين الأساسيين لكل من اللبان (المستكة) ونبات المر والتوابل والتي كانت تعتبر من أقيم المنتجات بالنسبة للمصريين القدماء والفينقيين والمايسونيين والبابليين، الذين ارتبطت بهم جميعا القوافل التجارية الصومالية وأقام الصوماليون معهم العلاقات التجارية. مع ميلاد الإسلام على الجهة المقابلة لسواحل الصومال المطلة على البحر الأحمر تحول تلقائيا التجار والبحارة والمغتربين الصوماليين القاطنين في شبه الجزيرة العربية إلى الإسلام وذلك من خلال تعاملهم مع أقرانهم من التجار العرب المسلمين. ومع فرار العديد من الأسر المسلمة من شتى بقاع العالم الإسلامي خلال القرون الأولى من انتشار الإسلام بالإضافة إلى دخول أغلبية الشعب الصومالي إلى الإسلام سلميا عن طريق المعلمين الصوماليين المسلمين الذين عملوا على نشر تعاليم الإسلام في القرون التالية، تحولت الدويلات القائمة على أرض الصومال إلى دويلات ومدن إسلامية مثل مدن مقديشيو وبربرة وزيلع وباراوا ومركا والذين كونوا سويا جزءا من الحضارة البربرية. وقد عُرفت مقديشيو بعد انتشار الإسلام في الصومال باسم "مدينة الإسلام" كما تحكمت في تجارة الذهب في منطقة شرق إفريقيا لقرون طويلة. وإذا كانت الصومال والتى يبلغ سكانها 9 مليون نسمه على مساحة ارض تبلغ 637 كم ،فإنها مازلت برغم هذا التاريخ أفقر دول العالم تخطت بنجلاديش من حيث الفقر والجهل والمجاعة! إن قصص كثيرة تروى عن أباء فضلوا الانتحار على مشاهدة ابنائهم يموتون ونساء يصلن الى مخيمات اللاجئين حاملين اطفالهن الرضع الذين لاقوا حتفهم ورجل شق معدته. إن مشكلة الصومال كانت ومازالت بين ويلات الحروب المتتالية والقرصنة والتفكك إذا أعدنا تركيب أجزاء الصورة الممزقة للصومال، سنفاجأ بأنه من أغنى المناطق الزراعية التي وهبها الله أنهارا وساحلا طويلا وموقعا جغرافيا مميزا، ولكن ماذا تفعل هذه المقومات أمام نزعات عشائرية وثارات قبلية وإرث استعماري، كلها قسمته إلى ثلاثة أقاليم بين بريطاني وإيطالي وفرنسي، ووضعته في قلب حروب طويلة، أهلية داخلية أو مع الجيران، لعل أبرزها حربه ضد إثيوبيا 1977-1978، والقتال بين الحكومة والحركة الوطنية الصومالية في شمال غرب البلاد، والنزاع بين الحكومة وقوات التحرير العشائرية 1989-1990. إن ما شاهدته من صور، وما تابعته من خلال القنوات، وما اطلعت عليه يفوق كل التصورات، ويعد نذير بؤس يفجر مولد أعظم كارثة على مر التاريخ!! وفي بلد مسلم!! في وقت انشغلت فيه كثير من البلدان العربية والإسلامية بالظروف الراهنة التي تمر بها، وغفلت عن هذه الكارثة!! لتنطمس معالم بلد بأكمله تهاوى مستسلماً للموت جوعاً! الصومال يستصرخك أن تقوم بدورك الإنسانى والأدمى والأخلاقى فى تلك المأساة وأن تقوم بالتبرع ولو بملاليم صغيرة ،فسوف تجد مردودها عليك كثيراً ، انفق و شارك وأجعل من جيبك بوابة إنطلاق للدفاع عن هذا الشعب المسلم قبل أن يتحول إلى أطلال وذكريات تُتلى فى كتب التاريخ. مراجع: - ويكيبديا - عبد الله الأشعل - هيومن رايتس ووتش - الدكتور ناصر عبد الله