لمّا سئل الشيخ القرضاوي عن الجاهليّة ومعناها في البرنامج الأسبوعي لقناة الجزيرة "الشريعة والحياة"، الذي بثّ مساء يوم الأحد 22 نوفمبر 2009 أجاب بالقول: الجاهلية أربعة أنواع:
1 – جاهليّة العقيدة: التي يشير إليها قول الله سبحانه وتعالى: "ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعَاسًا يَغْشَى طَائِفَةً مِنْكُمْ وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ هَلْ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ مَا لَا يُبْدُونَ لَكَ يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ".. فالذي يظنّ بالله غير الظنِّ الحقِّ الذي يجب أن يُظنّ به، فإنّما هو من أهل الشرك الجاهلين بالله سبحانه وتعالى...
2 – جاهلية الحكم: والإشارة إليها في قوله سبحانه وتعالى: "أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ"، يُنكر الله سبحانه وتعالى على مَن خرج عن حكم الله المُحْكَم المشتمل على كل خير، الناهي عن كل شرّ وعدل إلى ما سواه من الآراء والأهواء والاصطلاحات، التي وضعها النّاس بلا مستند من شريعة الله، كما كان أهل الجاهلية يحكمون به من الضلالات والجهالات، مما يضعونها بآرائهم وأهوائهم...
3 – جاهليّة السلوك كما في حال تبرّج النّساء الذي نهى عنه الله سبحانه وتعالى بقوله: "... وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى"، ولعلّه إذا استندنا إلى تفاسير العلماء لمعنى تبرّج الجاهلية بدت لنا خفيفة أمام تبرّج اليوم حيث صار في المجتمع الإسلامي دور خناء ودور رقص ودور عراء... وحسبنا الله ونعم الوكيل ولله المشتكى...
4 – جاهلية المجتمع: يبيّنها قولُه تعالى: "إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ..."...فأبوا حتّى ذكر اسم الله وصفة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم...
وقد جاء الإسلام ناسفا لكلّ هذه الأنواع من الجهالات والجاهليات مرسّخا للعقيدة السمحة وللأخوّة في الدين التي لا تقف أمامها العشيرة أو القبيلة أو البلدة أو البلاد، فالمؤمنون إخوة "إنّما المومنون إخوة"... وعليهم أن يتخلّصوا من كلّ ما يسيء لهذه الأخوّة امتثالا لقول الرّسول الكريم صلّى الله عليه وسلّم "مَا لَكُمْ وَلِدعْوةِ الجَاهِلِيَّةِ؟ ...دَعُوهَا فِإنَّهَا مُنْتِنَةٌ"...
وقد جاء البرنامج توقّفا عند ما صاحب مباراة كرة القدم، المؤهّلة لنهائيات كأس العالم 2010 بجنوب إفريقيا، بين منتخبي مصر والجزائر...
ملاحظة: باستثناء الأنواع الأربعة والآيات المستشهد بها، التي هي من كلام الشيخ دون زيادة أو نقصان، فقد وقع التصرّف فيما ألحق بها...