بسم الله الرحمن الرحيم قال تعالى,, وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا..
فِي مثل هذا اليوم من العام الماضي الموافق ل 2008.11.22 التحق الى الرفيق الأعلى الأخ العزيز محمد بومعيزة فرحمة الله عليه. مَا أسرع الأيّام والأشهر في المضي ...وينتهي العمر...وها هي الآن سنة على رحيل رفيق دربنا الأخ محسن بومعيزة رحمه الله... من 22 نوفمبر 2008 الى اليوم ، هي سنة كاملةٌ ...مضت وكأنها طرفة عين ، فيها أحداث وتقلبات، فيها آلام وأحزان، وأفراح...انكشفت فيها مواقف شاهدة لأصحابها وأخرى على آخرين،، وهذا هو حال الدنيا بتقلّباتها في زمننا هذا.. حين رحل محسن بكاه كثيرون، وتذكره خلال هذه السنة وهذه الأيام كثيرون ونسيه آخرون... صحيح أننا لم نقم لمحسن رحمه الله حفل وفاء، وهو الذي قضى معنا عمرا ، بحلوه ومرّه، عاش معنا المحن والمنح، عاش معنا صابرا ، لم يبدّل ولم يغيّر...لم نقم بذلك ولا أظنه كان يرجُو تكريماً من أحد ...بل أجرًا من الله..ولكن الوفاء طيّب في الحياة وبعد الممات...فمعذرة ... اليوم، تذكرك شوارع مدينة ميونخ ويفتقدك مسجدها، الذي طالما عمّرته واخوانك ...وكان ملجأك الأول والأخير منذ حطّت رحالك المدينة...كانت علاقة أبديّة نسجتها بما تمثلّه من حب لمسجدك في البلد الأم فكان بمثابة الحنين الى الوطن،...والى ذكريات حمام الأنف وحلق الوادي والبلاد العربي في تونسالمدينة ، فهي التي كانت هاجسك في رحلتك ورحلتنا الطويلة مع النضال..وحيث كنت رجلا في طفولتك وشبابك وفي صحتك ومرضك وأثناء موتك...حينما هُجّرت وأنت في عنفوان شبابك..هكذا بدأت حياة الكفاح... في ذكرى وفاتك تزدحم الذاكرة بصفاتك، وتأخذ الذكريات طريقها الى الوطن والسجن والمنفى...هذه المحطات الثلاث هي التي جسّدت تفاصيل حياتك قبل أن ترحل عنّا باكرًا... نودّعك ونتذكّرك اليوم وكأنك بيننا ، مبتسما...ولكنك غادرتنا وكأني بك وأنت على عجلة من أمرك، تحمل تونس بين كفّيك وعلى كتفيك...كانت بوصلتك بعد فلسطين..منها بدأت البدايات دفاعا عن الحريّة وداعيا الى الله، ...واليها عدت لتوارى التراب مع الكثيرين ممن سبقك... هل يموت المناضلون عندما توارى أجسادهم التراب؟ أم يولدون من جديد عندما يموتون؟ غريبة هي جدلية الموت والحياة..وعظيمة هي موتة الأحرار..فأن تهب روحك ونفسك وكل ما تملك لدينك وللمستضعفين ، وأن تجود بالغالي والنفيس من أجل قضيّة عادلة، تلك هي معاني الإيثار والرجولة ، وحب الوطن...وتلك هي سمات أصحاب الرسالات.. يا محسن ، يا حبيب ، يا من أنت هناك، هل نقول في ذكرى رحيلك ، أننا ما زلنا نحث الخطى نحو التحرر؟ وهل اقتربت لحظات الوصول اليها بعد كل هذه السنين من الكدح و من المحن ؟ ...أم أن المسافة مازالت بعيدة نحو العزة ، نحو الوطن..وأن العقبات والعراقيل التي تعترضنا هي كثيرة كما تركتها...ومازالت.. نفتقد الكثير في هذه الأيام، القادة والخيل والفرسان،...فالناس تبحث في العيون الحائرة عن منقذ من هذا التسلط وهذا الظلم وهذا الإنفلات وهذا السقوط والدمار والضياع الذي يلفنا ويلف الوطن ...ولكن الأمل في الله....ما اخلصنا النيّة قبل بعد العزم والتوكّل...
في ذكرى رحيلك يا محسن نعلن أننا نتوحّد مع روحك الطاهرة، ونحاول الخروج من حالة الصمت والبهتة الى حالة التوهّج والفعل والإستعداد للمرحلة القادمة ... أيها الأ خ الفقيد محسن بومعيزة، رحمك الله وجعل ما أنت فيه خيرًا مما تركت وراءك ..نحن في سجن الدنيا وأنت خرجت وتسرّحت منه.. في أمان الله
أخوك موسى بن أحمد كارلسروه ألمانيا في 05 ذي الحجة1430 الموافق ل 2009.11.22