حين استولى القذافي على السلطة في أول سبتمبر 1969 أدرك أن مكمن الخطر الحقيقي على سلطته هو وجود تنظيمات حزبية. فأطلق جملته الشهيرة "من تحزب خان" و أصدر قانونا ينص على إعدام كل من دعا إلى إقامة أي حزب من الأحزاب ... و نحن نختلف معه جذريا لأن العمل التنظيمى هو الوسيلة الوحيدة لإحداث التغيير ، أما العمل الفردي فقد ينتهي بإنتهاء الفرد أو عجزه أو يأسه من حدوث التغيير المطلوب، فيترك العمل ويبتعد عن ساحة الصراع. كما أن التنظيمات الحزبية هى الضمان الوحيد لإستمرارية أي نظام إذا كان هذا النظام يسمح بالرأي والرأي الأخر.
و لكني أستحضر اليوم هذه مقولة القذافي للتعبير عن إستيائي من موقف الأحزاب من الحكومة و من الانتخابات ... و تفرغها الكلي لمستقبلها السياسي ضاربة عرض الحائط بأحلام الشعب و حقه في التطلع إلى الكرامة و العدل و الديموقراطية دون تزييف أو تزوير... يريد الأحرار الإطاحة ببقايا النظام ... بينما ترتمي الأحزاب في أحضانه معبرة على إنتهازيتها ... و أنانيتها ... و نفاقها ... و خيانتها ... فصحت عليها مقولة القذافي "من تحزب خان"
لقد قام الشعب التونسي بثورته دون أحزاب ... و هو اليوم يتبرأ منها و يدعو منخرطيها إلى الإنسحاب منها و مواصلة الطريق بدونها ... إن تونس اليوم تنقسم إلى حزبين لا ثالث لهما... حزب أنصار الثورة ... و حزب أنصار الثورة المضادة ... و إن أعلنت حيادك ... فأنت مع المجموعة الثانية ... نحن اليوم لسنا إسلاميين أو يساريين أو قوميين ... نحن أنصار الثورة أو أعداؤها ... و لنترك كل تصنيف آخر إلى ما بعد الإطاحة بالنظام ... فاليوم ثورة ... و غدا تحزب ...