في هذه الدنيا نصادف أصنافا كثيرة من الناس نتفق مع البعض و نختلف مع البعض و نعجز عن فهم البعض الآخر ،وهذا من طبائع الناس تحدده تربيتهم و ظروف حياتهم . و سأعتني في هذا المقال بصنف من الناس اطلق عليهم مجازا صنف "لا" اذ تسبق لديهم دائما كلمة"لا" أي كلمة اخرى, و يسبق لديهم القرار السبب الذي يأتي عادة للتبرير لا غير . ومهما تغرهم يجيبوا دائما ب"لا" مصدقين بذلك المثل التونسي "العجب ما يعجبهمش"؛ يطلب منه ابن طلبا :"لا". تطلب زوجة طلبا: "لا".فقير يطلب مساعدة: "لا" .سياسي يدعوه الى حزب:"لا" . مواطن يدعوه الى التسجيل في الانتخابات: "لا". تسأله : هل ستصوت؟ "لا". هل أنت مع الاستبداد؟ "لا". هل أنت مع الديمقراطية؟ "لا". شعارهم في ذلك المثل التونسي القائل " كلمة لا ما تجيب بلاء". حاولت ان افهم هؤلاء فوقفت على عدة احتمالات: -اما انهم مصابون بمرض نفسي يجعلهم يعجزون عن المجازفة باتخاذ أي قرار خوفا من تبعاته الوهمية غالبا، أو أنهم لا يثقون في المجتمع و بالتالي يناوا بأنفسهم عن التعامل معه. أو هم مصابون بداء البخل الذي يسري عادة على المال و الجهد و حتى العواطف والكلام. وفي كل الاحوال هؤلاء يريدون أن يكونوا في حل من أي التزام تجاه الافراد او تجاه المجتمع. السؤال الذي أود ان اطرحه و احاول الاجابة عليه: كيف اتعامل مع هؤلاء؟ و كيف أجعل كلمة "لا " تحمل معنى "نعم "؟ وببساطة كيف أجعله يقول "نعم " دون أن يشعر بذلك؟ -أولا علي أن أحترمه ،و أثبت له انه سيد موقفه في كل مناسبة اتحاور فيها معه. -ثانيا أغير صياغة الجمل التي استعملها في التحاور معه كالآتي: -هل ستصوت في الانتخابات؟ -لا. هل تذهب معي؟-لا لاحظوا جيدا الآن كيف ساجعله يقول نعم. -هل لديك مانع من التصويت في الانتخابات؟-"لا" (حصل المراد فلا هنا بمعنى "نعم"). -هل لديك مانع من الذهاب معي؟ "لا". -مادام لا مانع لديك فلنذهب الى صناديق الاقتراع. في هذا المستوى قد يظن البعض ان محاوري سيتراجع بعد أن أدرك أنه وقع في فخ. هذا صحيح و لكنه ليس في كل الاحوال، فردود الأفعال ستكون على الارجح ثلاثة:-يقبل بالأمر الواقع و يستجيب للطلب.-يرفض في الحين و لكن التزامه النفسي و الادبي يجعله يذهب و ان متخفيا للايفاء بالتزامه- أخيرا هناك من يصر على موقفه رغم كل ذلك.و الحاصل اني بهذا اتمكن من اقناع ما لا يقل عن 66 بالمائة من هؤلاء اي الثلثين. هذا الأسلوب يمكن اعتماده أيضا في التجارة و حتى في الحب اذا ابتليت بمحبوب من صنف "لا". دون ان نسيء احترام هؤلاء و كما قال الرسول صلى الله عليه و سلم :"الناس معادن"بدءا بالصفيح و صولا الى الذهب .و في كل الاحوال لابد من التنقيب و الجهد حتى نكتشف هذه المعادن و ننقيها من الشوائب التي علقت بها