في ذكرى العبور الأول - اكتوبر 1973 – نستدعي بكل الفخر والإكبار مشاعر العزة والكرامة ، مشاعر تجاوز الأزمة النفسية والعسكرية والاجتماعية التي خلفتها هزيمة 1967م ، مشاعر الفخار بشهداء مصر الأبرار من مسلمين وأقباط روت دماؤهم الزكية أرض سيناء الحبيبة ، مشاعر إرادة التغيير والإصلاح والنهضة لتتبؤ مصر مكانها الطبيعي ومكانتها العالية ، مشاعر الإنجاز الجماعي الذي لن يسرقه الأفراد مهما كانت مراكزهم ووظائفهم فمن المستحيل اختزال جهاد شعب ونضال امة في شخص ما مهما كانت مكانته وإمكاناته ، في هذه الأجواء والذكريات تعيش مصر حالة لا تقل إنجازاً بل قد تزيد ، أجواء ملحمة مصر الثورة التي حملت هي الآخرى كل مقومات الحضارة المصرية بتاريخها العريق "الفرعوني والقبطي والإسلامي"؛ حين حقق المصريون الشرفاء ثورتهم البيضاء التي انطلقت في 25 يناير، وانتهى مشهدها الأول في 11 فبراير، بإسقاط نظام حكم المخلوع مبارك، ثورة كانت بمثابة العبور الثاني بعد العبور الأول ،حين عبر المصريون خط برليف وأزالوا حاجز القوة المزعومة التي لا تُقهر، فاستعادوا الأرض والكرامة والمكانة، بالمثل كان العبور الثاني حين أزلوا حاجز الخوف من النظام البوليسي البائد فوجدوه أوهن من بيت العنكبوت عبر المصريون ليحرروا إرادتهم ويستعيدوا مكانتهم وكرامتهم، ويحرروا مصر الكبيرة القديرة من احتلال الاستبداد والفساد والقمع، ويستردوا وطنهم المخطوف منذ عقود على يد عصابات رجالات المال وجنرالات الإعلام والأمن، انتهى المشهد الأول للثورة المصرية المباركة، وانتقلنا تالية ، إلى عنق الزجاجة، المرحلة الانتقالية وما يحيطها من طموحات ومخاطر وتهديدات، مرحلة تفرض حزمة من القواعد والمطالب والواجبات منها : ** اليقظة والتواجد والمشاركة والإصرار على إنجاح الثورة وحمايتها من الإجهاض "67 دولة انتقلت من الحكم الاستبدادي على مدى الجيل السابق أصبحت 35 دولة "حرة" و23 "حرة جزئيًّا" وتسعة "غير حرة". ** ترسيخ منظومة القيم الإنسانية الحضارية- لا نهضة دون منظومة قيم- "العلم، العمل، الحرية، العدل، قبول الآخر، الرقابة، تكافؤ الفرص.."، والتي ظهرت بوضوح خلال أيام الثورة المباركة بين المصريين في ميادين وشوارع مصر ** تقوية مؤسسات المجتمع المدني لتقوم بدورها الرائد في البناء والتطوير "الأحزاب السياسية، النقابات المهنية، الجمعيات الأهلية، المنظمات الحقوقية". ** التوظيف الأمثل لمقدرات الوطن"الفكرية.. البشرية.. العلمية.. المادية.. المعنوية.. الجغرافية.. السياحية.. الزراعية.. الصناعية..". ** استرداد الموارد الضائعة والمهدرة والمنهوبة "العلمية.. المالية.. الآثار..". ** نشر ثقافة الثورة "العزة.. عدم قبول الدنية.. الرقابة والمساءلة.. المشاركة والإيجابية.. الحرص على انتزاع الحقوق.. تقديم الخدمات..". ** الحذر من ثورة المطالب والتوقعات والاحتياجات الفئوية فمع كونها عادلة ومشروعة إلا أن عدم مناسبة التوقيت تهدد الثورة نفسها ** الإصرار السلمي على دفع عجلة الثورة إلى الأمام للتحول الديمقراطي والانتقال السلمي للسلطة المدنية المنتخبة في أقرب وقت ممكن خلاصة المسألة: مصر بحاجة ملحة للعبور الثاني على المستوى النفسي والفكري والعملي ، لتكون وحدة الصف ولم الشمل ومساحات التوافق الواسعة والمتاحة وبحجم يناسب ضخامة ومكانة ثورة 25 يناير الرائعة ، .... حفظك الله يا مصر الثورة والأمل .....