حالة من التناقض والارتباك تسود الخريطة السياسية في مصر 25 يناير ، مشاهد متناقضة وقيم ثابتة و متغيرة ، التحالف والوفاق ثم الانسحاب والشقاق ، مزاج عام عاصف ومتقلب ، لكنها طبيعة الأشياء في مصر الوليدة الجديدة بعد ثورتها الفتية الرائعة ، تساؤلات بريئة ومشروعة : هل فشل التحالف الديمقراطي من أجل مصر الذي قاده أحزاب الحرية والعدالة والوفد وغيرهم"قرابة 40 حزباً"أم هي حالة تعثر طبيعية وواردة؟ هل حقاً حاول الإخوان السيطرة على القوائم صداماً مع شعارهم مشاركة لا مغالبة أم هي إثارة إعلامية ؟ هل يسعى الإخوان السيطرة على البرلمان القادم أم هي فزاعات جديدة وبديلة وميراث لنظام بائد وثقافة سائدة ؟ لماذا تحالف الإخوان مع بعض الأحزاب المحسوبة على النظام السابق أليس من الأولى تركها وحيدة بعيدة تتآكل ثم تسقط سقوط النظام باعتبارها جزء عضوي ووظيفي منه ؟ أم أن الجماعة تسعى لوفاق وطني رغم كم الصعوبات ؟ الأسئلة عديدة وحائرة ، حيرة المواطن المصري في أحوال مصر الثورة! قواعد ودلالات ** التحالفات والتنسيق ممارسات سياسية ديمقراطية مشروعة طالما توافقت على المبادئ والمصالح الوطنية ** معاناة تحالفات مصر ما بعد الثورة من عدة معوقات ديمقراطية منها : غياب ثقافة العمل المشترك وغلبة فكر الصراع وفقدان الثقة المتبادل كموروث من الحكم البائد ** عدم وجود مقياس دقيق لثقل الأحزاب المكونة للتحالف بسبب غياب تجارب ديمقراطية حقيقية ويعتمد القياس أحياناً على القدرة على الحشد والتعبئة الجماهيرية ** الصعوبة البالغة في التنسيق الانتخابي بين القوى السياسية بسبب حرص الجميع على تحقيق أكبر قدر من المكاسب السياسية متمثلاً في أكبر عدد من المقاعد البرلماني ** ارتفاع سقف المطالب والطموحات الشعبية التي لا يقدر عليها المرشحين أفراداً وجماعات وأحزاب في هذه المرحلة الانتقالية من عمر الثورة ** صعوبة النظام الانتخابي ، من سعة الدوائر لدرجة مرهقة ومكلفة فضلاً عن كبر حجم الكتلة التصويتية التي تمثل أكثر من 50% من عدد المصريين"حوالي 50 مليون" ** الصعوبات البالغة التي تواجهها قواعد الإخوان في الشارع المصري بسبب ترشح أسماء سياسية من التحالف ذات رصيد سلبي على قوائم الجماعة ** حرص جماعة الإخوان على تحويل منظومة القيم السياسية إلى إجراءات عملية في المشاركة لا المغالبة والتوافق الوطني حتى بقدر ما من التنازلات والاستحقاقات طالما كانت بعيدة عن الثوابت والمبادئ ** إيمان جماعة الإخوان في أحقية أحزاب ما قبل الثورة في توفيق الأوضاع وتصحيح المسار على غير ما يرى البعض بضرورة سقوط هذه الأحزاب لكونها جزء عضوي ووظيفي من النظام السابق ** أحقية أحزاب التحالف في تقدير مواقفها وفقاً لمؤسساتها الشورية والتنفيذية بالاستمرار في التحالف أو الانفصال عنه ، مع ضرورة الحفاظ على الحقوق الواجبات الوطنية والأخوية المتبادلة ** ضرورة التعاون في بناء مناخ ديمقراطي تنمو فيه القيم الإيجابية ، قيم التعاون والشراكة والقبول وهذا يتطلب وقت وجهد ونضج ** يقظة الشعب المصري بكل فئاته في رقابة ومتابعة النواب لدرجة تمثل عبئاً شعبياً وإعلامياً غير مسبوق عبئاً يفوق السلطات الرقابية الرسمية والقضائية خلاصة الطرح .... التحول الديمقراطي لبناء مصر ما بعد 25 يناير مشوار شاق ومرهق بل وأصعب مما يتصوره البعض ، وهي مسئولية كل المصريين ، وعلى المتصدرين لها أن يتسموا بوضوح الرؤية وواقعية التصور ومرونة الحركة وطول النفس وقوة الإرادة ومتانة البنيان وتحمل التبعات وأخيراً الحوار المثمر في الغرف والقاعات لا الصحف والفضائيات وهذه إشكالية مضافة .