استغرب ناشط إسلامي معروف ما نشرته صحف مصرية يوم السبت (17/2) عن أن مجموعة من قادة الإخوان المسلمين في العالم العربي والإسلامي يعدون خطة متكاملة لإنقاذ قادة الإخوان المسلمين المصريين و"الانقضاض" على المناصب القيادية في الجماعة، التي تتعرض هذه الأيام إلى حملة أمنية شرسة طالت رجال أعمال معروفين وقياديين من الصف الأول بعد استعراض طلابي لأنصار الإخوان في جامعة الأزهر قال خصومهم إنه يدل على أنه استعراض للقوة. ونفى الدكتور كمال الهلباوي الناشط الإسلامي والقيادي السابق في جماعة الإخوان المسلمين أي صحة للمعلومات التي روجتها وسائل إعلام مصرية عن أنه والشيخ راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة التونسية والمحامي علي صدر الدين البيانوني المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين في سورية ومجموعة من الأسماء تضم 35 اسما من القيادات الإسلامية المعروفة في أوروبا والعالم الإسلامي يعملون على تشكيل جبهة للإطاحة بالمرشد العام للجماعة محمد مهدي عاكف وتشكيل قيادة بديلة، واعتبر ذلك مجرد عمل استخباري لا يمت للواقع والحقيقة بأي صلة. وقال الدكتور الهلباوي في تصريحات خاصة ل "قدس برس": "هذا الخبر يدلّ على جهل شديد وفبركة أكبر، ويا ليت الذين يضيعون الوقت في فبركة مثل هذه الأخبار الكاذبة جملة وتفصيلا يوجهون عبقرياتهم إلى اختراع ما يفيد الإنسانية لا ما يثير الفتن والمشكلات للمسلمين من المواطنين". ونفى وجود أي تنظيم للإخوان المسلمين في أوروبا، وقال: "ليس هناك أي تنظيم دولي للإخوان المسلمين في أوروبا، ولكن كما قلت مرارا وتكرارا هناك تنسيق بين الإسلاميين بعضهم بعضا، وهذا ما يحدث على غرار ما يقوم به كل أصحاب الأفكار والمشروعات، كانوا قوميين أو عروبيين أو يساريين أو غيرهم، فلماذا ينكر الناس على الإسلاميين أن يكون لهم لقاءات وتنسيق لصالح القضايا الإسلامية والعربية وقضايا الديمقراطيات والحريات وحقوق الإنسان عموما". واستهجن القيادي الإسلامي، وعضو مركز الحضارات العالمية للدراسات، إشارة البيان إلى أن هذه القيادات تريد استغلال مشكلات الإخوان المسلمين وانشغالاتهم بالمواجهة الأمنية مع الحكومة المصرية، واعتبر ذلك اتهامات خسيسة لا تليق بهذه الشخصيات الإسلامية وبتيار الإخوان المسلمين عامة، وقال: "هذا الخبر يشير إلى أن مجموعة من الإخوان شكلوا جبهة جديدة مستغلين الخلافات والنزاعات في الداخل، هذه ليست طريقة الإخوان ولا الإنسان السوي أن يستغل خلافات ووقت محنة لزيادة عنت إخوانه وقياداتهم، هذا لا يقوم به إلا خسيس، أما من تربى في دوائر الإخوان المسلمين ومدارسهم لا يمكن أن يفكر بطريقة الاستغلال المخزية هذه، إذ أن الجميع يقفون وراء القيادة ووراء المرشد العام الذي يمثل لهم الأب والمعلم سواء كان فيه خلافات أو لا يوجد فيه خلافات". وهاجم الهلباوي بشدة النظام المصري بشدة وأشار إلى أن مصر هي التي تحتاج إلى إنقاذ وليس جماعة الإخوان المسلمين، كما جاء في الخبر، وقال: "إن الجهة المزعومة المكذوب خبرها قالت إن هذه الخطة تستهدف إنقاذ جماعة الإخوان المسلمين: ما معنى ذلك وما هو الإنقاذ المطلوب؟، إن مصر هي التي في حاجة إلى إنقاذ من الإخوان المسلمين، ينقذونها من الفساد والرشوة والمحسوبية والظلم وانتهاك حقوق الإنسان والدكتاتورية وفبركة الدستور". وأشار الهلباوي في هذا السياق إلى منهج الإخوان في التغيير السياسي، وقال: "إن الإخوان لا يؤمنون بالثورات ولا استخدام العنف ولا الإطاحة بالقيادة، إنما يؤمنون بتربية الأفراد والإصلاح في النفس أولا ثم في الأسرة والمجتمع ثانيا، أما تفكير الإطاحة بالقيادة، فهذا التفكير المخابراتي والعسكري والأمني، فهو لا ينقذ حزبا ولا بلدا، وقد شهدنا ذلك في مصر وفي سورية وفي العراق وفي تونس وفي الجزائر وفي ليبيا وفي غيرها من البلدان". وقلل القيادي الإسلامي المصري من أهمية هذه الأخبار على وضع قادة التيارات الإسلامية الذين لجأوا إلى الغرب، حيث اعتبر أن الهدف منه بالأساس هو التشويش على هؤلاء في الخارج ولقت انتباه الأجهزة الأمنية الغربية لهؤلاء في وقت يتحد فيه العالم على محاربة الإرهاب، وقال: "إن الهدف من هذه الأخبار الكاذبة يتلخص في الآتي: أولا إثارة الفتنة بين الداخل والخارج في صفوف الإخوان المسلمين، وهذا لن يحدث بإذن الله. ثانيا إثارة الحكومة البريطانية والحكومات الأوروبية ضد بعض الرموز الإخوانية التي تعيش في هذه البلدان، وتركت بلادها بما فيها من فساد وبما فيها من انتهاكات، ولكن الفساد يريد أن يلحق بهم حيثما كانوا". وقلل الهلباوي من أهمية هذا الخبر الذي نفاه بشدة، من أن يؤدي إلى نتائج ملموسة على وضع هذه الشخصيات القيادية في الغرب، وأرجع ذلك إلى الوضوح الذي يطبع علاقة هؤلاء بواقعهم في البلدان التي لجأوا إليها، وقال: "نصيحتي لهؤلاء الذين فبركوا هذه الأخبار أن يقلعوا عنها في المستقبل، وعليهم أن يدركوا أن الحكومات الأوروبية وخصوصا البريطانية رغم تورطها في قضايا خارجية مثل العراق وفلسطين وغيرها إلا أنها حكومات لا توال تحترم القانون كلا أو جزءا، ولا تزال تحترم حقوق الإنسان، ولا أظنهم مع أجهزة الأمن لديهم والاستخبارات بحاجة إلى نصيحة أو توجيه من أهل الفساد والدكتاتوريات والقمع وانتهاك الحريات". وانتقد الهلباوي التبعية الإعلامية المفرطة لسياسات النظام في مصر، وقال: "ليت جهود الإعلام الذي أساء كثيرا إلى الإخوان المسلمين في الأسابيع القليلة الماضية، يخرج من مستنقع التبعية والتخلف والتطبيل للنظام، ويدعم الحريات وحقوق الإنسان كما اعتدنا من قبل، ولتعلم الصحافة التي يتربع عليها بعض المستفيدين من النظام أن هذا النظام لم يكن له شرف تأسيس الأهرام ولا الأخبار ولا الجمهورية ولا غيرها من المؤسسات الصحافية، إنما هذا النظام سيطر عليها واستولى عليها وسيرها في معظمها لصالحه وليس لصالح الأمة المصرية ولا لخدمة القضايا العربية وفي مقدمتها فلسطين". اتهامات الدكتور كمال الهلباوي لصحيفة "الأحرار" الصادرة عن حزب الأحرار المصري رفضها عصام كامل مدير التحرير في الصحيفة جملة وتفصيلا، ودعا نشطاء جماعة الإخوان وقياداتهم ممن يعتقدون أن ما ورد في عدد يوم السبت (17/2) عن مجلس الحكماء لجماعة الإخوان المسلمين غير صحيح أن يرسلوا بردهم، وهو ما لم يتم حتى الآن. ونفى عصام كامل مدير تحرير صحيفة الأحرار في تصريحات خاصة ل "قدس برس" أن يكون للصحيفة أي موقف أيديولوجي أو سياسي من جماعة الإخوان المسلمين، وقال: "جريدة الأحرار تنتمي إلى حزب الأحرار الليبرالي، وهو حزب دافع ويدافع عن جماعة الإخوان المسلمين وعن حقهم في التعبير عن رأيهم منذ نشأتهم، بمعنى أننا قد نختلف معهم فكريا وسياسيا ولكننا بالتأكيد ضد اعتقالهم والتعامل مع الخلاف الفكري بالسلاح وأجهزة الدولة وجبروتها". وأكد مدير تحرير صحيفة الأحرار أن خبرهم عن مجلس حكماء جماعة الإخوان المسلمين مبني على معلومات موثوقة من مصادر مطلعة داخل الجماعة أنفسهم، وأنه لا يوجد لديهم ما يدعوهم إلى الشك في مثل هذه المعطيات، وقال: "لدينا مصادر مطلعة هي التي أدلت بهذه المعلومات إلى جريدة الأحرار، وتنظيم الإخوان دأب على التخبط في المسائل التنظيمية. فعلى سبيل المثال هنالك إجراءات اتخذت داخل مكتب الإرشاد في مصر حول مسائل تنظيمية وقد نشرت هذه المعلومات في صحيفة الأحرار فسارعت بعض القيادات إلى النفي بينما أكدت مصادر داخل مكتب الإرشاد نفسه أن ما حدث مجرد إعادة ترتيب أوراق داخلية وليست إعادة هيكلة، فالمسألة فيها أصل من حيث الواقعة. أما ما حدث في أوروبا فإن لدينا معلومات من مصادر من تنظيم الإخوان نفسه داخل أوروبا وهنالك عناصر هي التي أدلت بهذه التصريحات إلى صحيفة الأحرار، وهنالك ما هو أكثر من ذلك ويرتبط بمعركة دولية تدور بين كافة القيادات والأقطاب المؤثرة داخل تنظيم الإخوان لمحاولة اختيار مرشد عام للجماعة من غير المصريين ونقل مكتب الإرشاد الرئيس إلى ميونيخ أو لندن، وذلك تلافيا للضربات الأمنية التي توجه للجماعة داخل مصر". وأرجع عصام كامل تضارب هذه التصريحات إلى ما قال إنه ضربات أمنية موجعة وجهتها أجهزة الأمن المصرية إلى تنظيم الإخوان. ودافع بشدة عن صحة المعلومات التي تتحدث عن مجلس الحكماء على الرغم من التباعد الموجود بين الأسماء الواردة ضمن خبر الصحيفة، وقال: "أعتقد أن ارتباط هذه الأسماء رغم تباعدها من خلال أماكن تواجدها يرتبط بما تتعرض له الجماعة في مصر. وقد كان ظهور جماعة الإخوان المسلمين في الأصل من الجماعة نفسها، فالفكر هو نفسه وإن اختلف في بعض الأشياء التفصيلية، لذلك أقول: إن مسألة جمع هذا الشتات هي مسألة لإعادة التصور الدولي للجماعة، وهي محاولة لإحياء هذا التصور لدى العامة". وأشار الإعلامي المصري إلى أن تطورات إقليمية ودولية هي التي دفعت بالإخوان إلى مثل هذه النقلة النوعية، وقال: "الظرف الدولي يفرض على قيادات الجماعة أن تظهر بشكل عملاق، بمعنى أن تستعرض كل قواها الدولية حتى إذا ما حدث حوار بينها وبين أوروبا وأمريكا، وهو ما حدث من حوار بين قيادات الجماعة وقيادات إنجليزية فهم أرادوا أن يقولوا: نحن هنا". وفي هجوم كاسح على تصريحات الدكتور كمال الهلباوي التي أدلى بها ل "قدس برس" اعتبر عصام كامل أنها تستبطن في ثناياها العودة إلى الأجنحة السرية في العمل السياسي، وقال: "إن الممارسة السرية داخل جماعة الإخوان المسلمين هي التي تجعلهم يتهمون أي طرف يخافهم الرأي بأنه استخبارات. ويكفي للدلالة على صحة عملهم بالأجنحة السرية تلك الوثيقة التي أعلنت قبل فترة عن الكيفية التي سيحكمون بها مصر، فهذه وثيقة سرية على الرغم من أن الظرف المحلي والدولي يسمح للجميع بالتعبير عن أطروحاتهم من غير الحاجة إلى السرية. وأقول بكل وضوح: إن أحدا من قيادات الإخوان لم يرسل لنا ردا على ما نشرناه، ولو أرسلوا لفعلنا ذلك وفاء لتقاليد المهنة الإعلامية وقوانينها". قيادة متماسكة وبين هذين الرأيين المتناقضين رأى عادل الجوجري رئيس تحرير مجلة "الغد العربي" المصرية، أن المعلومات التي أوردتها صحيفة الأحرار فيها كثير من المبالغة وعدم الدقة، وقال في تصريحات خاصة ل "قدس برس": "أولا هنالك معلومات متضاربة في حق التنظيم الدولي للإخوان: هل هو موجود أم لا، ومن هم قياداته وأين هي فروعه وخلاياه؟ وما أستطيع أن أقطع به هو أن للإخوان قيادة مركزية في مصر، وأن لهم قيادات أخرى ليس بالضرورة أنها مرتبطة بالمركز، لكنها تسير على هدي وخطى القيادات الرئيسة في مصر، وهذا ما أكده المرشد العام للجماعة عندما تحدث عن ترك الخيارات لكل مجموعة لأخذ ما تراه مناسبا مع خصوصياتها المحلية، ومثال ذلك الحزب الإسلامي في العراق الذي اتخذ موقف المشاركة السياسية في العملية السياسية العراقية بناء على معطيات داخلية". وقلل الكاتب والإعلامي الذي ينتمي سياسيا إلى التيار الناصري في مصر من أهمية المعلومات التي أثارتها جريدة الأحرار عن وجود خلافات تنظيمية داخل قيادات الإخوان، وقال: "هذه معلومات تثير كثيرا من علامات الاستفهام: أولها أن ما يتردد عن خلافات بين قيادات الإخوان هو غير دقيق، فالقيادة متماسكة، والذين خرجوا منها مثل أبو العلا ماضي ومختار نوح وغيرهما خرجوا وأعلنوا ذلك، لكن الجديد هو أن الإخوان يريدون تأسيس حزب وهذا يدور حوله نقاش وجدل بين مؤيد ورافض، وحول جدوى التحالف مع تيارات سياسية أخرى، وهو جدل سياسي طبيعي لا يشير إلى خلافات تنظيمية". ولفت الجوجري الانتباه إلى أن الاتجاه الغالب لدى جماعة الإخوان المسلمين هو التقارب الواضح بينهم وبين الناصريين، وقال: "هناك جدل سياسي داخل الإخوان الآن حول طبيعة التحالفات السياسية الممكنة مع باقي مكونات الساحة السياسية، وأعتقد أن الناصريين هم الأقرب إليهم بعدما خذلهم الوفديون الذين أعلنوا تأييدهم للتعديلات الدستورية المقترحة". وكانت صحيفة الأحرار اليومية التابعة لحزب الأحرار قد نشرت خبرا أشارت فيه إلى أن جبهة لحكماء المسلمين تضم 35 اسما يقودها الدكتور كمال الهلباوي القيادي الإسلامي الذي استقال من قيادة جماعة الإخوان المسلمين المصرية عام 1997 والشيخ راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة الإسلامية في تونس، والمحامي علي صدر الدين البيانوني المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين في سورية، وفيصل المولوي أمين عام الجماعة الإسلامية في لبنان، بالإضافة إلى شخصيات إسلامية أخرى بينها قاضي حسين زعيم الجماعة الإسلامية في باكستان ويوسف ندا وحسن هويدي.