قصة فيها أكثر من حكمة ، سيدنا إبراهيم الخليل و ابنه إسماعيل بقلم الكاتب الصحفي رضا سالم الصامت هذا يوم عيد أضحى مبارك، يوم تهليل وتكبير وتحميد، هذا يوم إظهار الشعائر، هذا يوم فيه توصل الأرحام، ويتبدل الخصام إخاء بين المسلمين، هذا يوم خصه الله بشعائره، وشرفه بمآثره، يوم.. ابتلى الله فيه خليله عليه السلام، وفدى من الذبح ولده إسماعيل عليه السلام، وذلك أنه لما رأى في منامه قائلاً يقول له: إن الله يأمرك بذبح ولدك (و رؤيا الأنبياء حق كما أخبر المصطفى صلى الله عليه وسلم بذلك... تحتفل إذن ، امتنا العربية و الإسلامية و منها تونس بحلول عيد الاضحى المبارك فلقد اتسع قلب سيدنا ابراهيم لحب الله وحب من خلق. جاءه ابن على كبر.. وقد طعن هو في السن ولا أمل في أن ينجب. ثم ها هو ذا يستسلم للنوم فيرى في المنام أنه يذبح ابنه وبكره ووحيده الذي ليس له غيره. أي نوع من الصراع نشب في نفسه. يخطئ من يظن أن صراعا لم ينشأ قط. لا يكون بلاء مبينا هذا الموقف الذي يخلو من الصراع. نشب الصراع في نفس إبراهيم.. صراع أثارته عاطفة الأبوة الحانية. لكن إبراهيم لم يسأل عن السبب وراء ذبح ابنه. فليس إبراهيم من يسأل ربه عن أوامره. فكر إبراهيم في ولده.. ماذا يقول عنه إذا أرقده على الأرض ليذبحه.. الأفضل أن يقول لولده ليكون ذلك أطيب لقلبه وأهون عليه من أن يأخذه قهرا ويذبحه قهرا. هذا أفضل.. انتهى الأمر وذهب إلى ولده ( قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى). انظر إلى تلطفه في إبلاغ ولده، وترك الأمر لينظر فيه الابن بالطاعة.. إن الأمر مقضي في نظر إبراهيم لأنه وحي من ربه.. فماذا يرى الابن الكريم في ذلك؟ أجاب إسماعيل: هذا أمر يا أبي فبادر بتنفيذه (يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ). تأمل رد الابن.. إنسان يعرف أنه سيذبح فيمتثل للأمر الإلهي ويقدم المشيئة ويطمئن والده أنه سيجده (إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ). هو الصبر على أي حال وعلى كل حال.. وربما استعذب الابن أن يموت ذبحا بأمر من الله.. ها هو ذا إبراهيم يكتشف أن ابنه ينافسه في حب الله. لا نعرف أي مشاعر جاشت في نفس إبراهيم بعد استسلام ابنه الصابر. ينقلنا الحق نقلة خاطفة فإذا إسماعيل راقد على الأرض، وجهه في الأرض رحمة به كي لا يرى نفسه وهو يذبح. وإذا بإبراهيم يرفع يده بالسكين.. وإن أمر الله مطاع. ( فَلَمَّا أَسْلَمَا ) استخدم القرآن هذا التعبير.. ( فَلَمَّا أَسْلَمَا ) هذا هو الإسلام الحقيقي.. تعطي كل شيء، فلا يتبقى منك شيء. عندئذ فقط ، وفي اللحظة التي كان السكين فيها يتهيأ لإمضاء أمره.. نادى جبريل إبراهيم.. " أن يَا إِبْرَاهِيمُ قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ " وفدى الله إسماعيل بذبح عظيم - وصار اليوم عيدا لقوم لم يولدوا بعد، هم المسلمون. صارت هذه اللحظات عيدا للمسلمين. عيد يذكرهم بمعنى الإسلام الحقيقي، الذي كان عليه إبراهيم وابنه إسماعيل. أليست هذه القصة قصة فيها أكثر من حكمة . كل عام و انتم بخير . رضا سالم الصامت كاتب صحفي و مستشار إعلامي