بقلم مشرف صفحة لم تسقط دولة الفساد ترددت كثيرا قبل الإجابة عن هذا السؤال .. ربّما خوفا من التصريح بعديد الأسرار حول خفايا الصفحات في القايسبوك التي لا نستطيع التطرق للموضوع دون الحديث عنها .. و لكنني سأبيّن وجهة نظري و سأتحاشى الحديث في ذلك الموضوع .. من قام بالثورة في تونس ؟ لطالما سمعت هذا السؤال في قنوات التلفاز و في محطات الراديو و في صفحات الفايسبوك .. من أكثر الأسئلة الغبية الي تثير غضبي .. الثورة في تونس إنطلقت من أقليّة "عشرات المدونين" الذي إستغلوا الوضع المنفجر في سيدي بوزيد و الغضب الشعبي من تصرفات عون تراتيب التي قامت بصفع البوعزيزي .. و قاموا بصنع الكذبة التي سبب ما نحن فيه الأن .. ماهي الكذبة ؟ إنطلت الكذبة بسهولة على الألاف من التونسيين الذي خرجوا للشارع مطالبة بالكرامة و التشغيل و تتمثل في "أننا" صنعنا من محمد البوعزيزي شهيدا .. متحصل على شهادة في التعليم العالي .. و ان عون التراتيب هي التي ظلمته .. في حين ان محمد البوعزيزي مات مخمورا منتحرا لم يأخذ شهادة الباكالوريا حتى أنه هو الذي إفترى على عون التراتيب .. في وضع مماثل حينها كان إنتشار المعلومة أكثر من ما "توقعناه"و سارت سريان النار في الهشيم إلى أن أصبحت حقيقة يدافع عنها القاصي و الداني .. كان الهدف نبيلا .. و هو تأجيج الغضب الشعبي للإطاحة ببن علي .. كان هدفنا أن لا تعود إلينا الدكتاتورية .. و أن نحظى بالحرية .. و هكاذا سار الأمر.. و خرج الألاف للشارع .. ثم مئات الألاف .. سارت الأمور كما أردنا إلى حين ظهور معلومات جديدة تفيد بأن الجيش يساند ثورتنا .. كنّا متفائلين ننتظر 14 جانفي على أحر من الجمر .. و كان هذا الخبر سارا في البداية و ساهم في تأجيج الغضب الشعبي .. و لكنه أصبح ضد مصلحتنا في وقت لاحق .. كانت الحشود تملأ الشوارع في تونس العاصمة .. و كانو بصدد إقتحام وزارة الداخلية .. و وزارة السيادة .. و إذاعة التلفزيون .. ولكن وجود الجيش أمام هذه المقرات طمّن الجماهير .. لأن الجيش في إعتقادنا وقف إلى جانب الثورة ( و الله لا تباركلك يا ياسين العياري "صانع الكذبة الثانية" ) فتراجعنا .. و كلنا أمل في أن يقوم الجيش بتطهير الوزارات .. و لكن لم يحدث شيء من ذالك القبيل .. كان ذلك السبب الأول لفشل الثورة في تونس .. أما عن السبب الثاني .. فهو ظهور التيارات النضالية المعارضة لبن علي .. أطلوا علينا من المطارات والباخرات .. و هنا إنقسم الشباب الثائر إلى قسمين .. قسم ثوري .. و قسم يدعم الأحزاب .. كان و لازال القسم الثوري لا يعترف بأي من الأحزاب .. إلى حين أن تم ترويضه .. كان شباب الفايسبوك ينظم إعتصامات القصبة و المسيرات السلمية للمطالبة بتحقيق أهداف الثورة .. و لكنه بلغ مرحلة يصعب تجاوزها لأنه جاهل سياسيا و كان ينقصه التحليل السياسي السليم و الحنكة في إدارة الأمور .. و كان يحتاج إلى المشورة و هنا إلتجأ إلى سياسيين محنكين .. يقومون بإجتماعات ليلية على جهاز السكايب ليخططوا و يرسموا أهداف كل مسيرة و كل إعتصام .. كان إندفاعهم و حماستهم مدخلا لإستغلالهم من تلك الأطراف .. سيروهم .. و إستغلوهم لخدمة مصالح حزبية ضيقة دون علم المشرفين بذلك ... مسكت الأحزاب زمام الأمور و إنتقلت ساحة المعركة من ساحة المطالبة بتحقيق أهداف الثورة إلى ساحة المعارك الحزبية .. و ساحة إنتماءات فكرية .. و إيديولوجية .. كان شهر فيفري شهر الحسم .. و هنالك ماتت الثورة و تم دفنها في مقبرة التاريخ .. كانت كل هذه الأمور تمر أمام عيني و كنت شاهدا عليها لكنني لم أستطع الحراك .. لأن الأحزاب عرفت من أين تأكل الكتف .. ان هذا الجزء الأول من مقالي "لماذا فشلت الثورة ؟" و لنا لقاء آخر في وقت لاحق و السلام