الله يمهل و لا يهمل .... من كان يتوقع أن موت القذافي بهذا الشكل، و بهذه الطريقة البشعة التي شاهدها العالم عبر شاشات التلفزيون و وسائل الإعلام المختلفة منذ أيام مضت تكون بهذه السرعة ، فموته عبرة لمن يعتبر ، موت القذافي رسالة لكل طاغية متعجرف ما يزال يحكم شعبه بالحديد و النار و الرصاص و ينسون أنفسهم و يقتلون شعوبهم بلا رأفة و لا رحمة ثم يموتون موته الكلاب و يدخلون مزبلة التاريخ . اليوم و بعد أن تأكد مقتل رأس الحربة العقيد القذافي ، تدخل ليبيا منعرجا جديدا، و الشعب الليبي الذي قام بثورته منذ 17 فبراير 2011 بمساعدة حلف الناتو كان هدفه التخلص نهائيا من نظام القذافي الذي استباح ليبيا وثروتها . و لكن هذا الشعب كان يتمنى لو ألقي القبض على العقيد حيا حتى يحاكمونه و بسبب إصابته الحرجة نزف كثيرا فمات و انتهى و تهاوى و أصبح جثة هامدة ... تابعنا منذ أسابيع فرحة الشعب الليبي بموت " ملك ملوك افريقيا " كما سمى نفسه و خرجوا للشوارع يرددون شعار: " دم الشهداء ما يمشي هباء " نهاية القذافي لم يتوقعها حتى الشعب الليبي نفسه وهي النهاية المحتمة لكل الطغاة الذين يواجهون إرادة الحرية والديمقراطية لدى شعوبهم بالإرهاب و القتل والقمع و الاعتقال و التعذيب و النهب . فبالأمس انتهى الطاغية " بن علي" فارا إلى السعودية، ثم من بعده الطاغية المصري" مبارك" وهو ملقى على سرير متحرك مريض منهك، يحاكم و أخيرا معمر القذافي و هو أسير ثم مقتول، و يدفن في صحراء قاحلة . و إن مات القذافي فان الشعب الليبي لم يمت ، رغم انه دفع الثمن باهظا و قدم العديد من الشهداء أثناء الثورة ، كغيره من الشعوب التي قامت بثورات مثل تونس و مصر . إن التضحيات التي قدمها الشعب الليبي طوال الأشهر الماضية لتخليص ليبيا من تسلط نظام القذافي ضد الليبيين على مدى العقود الأربعة الماضية، تكللت أخيرا بانتصار الحق على الباطل. و هكذا سقط الكتاب الأخضر و الجماهيرية ، مثلما سقط في تونس بيان السابع من نوفمبر و صندوق 26_ 26 المزعوم .... أما الشعب السوري و اليمني شأنهما شأن أي شعب عربي آخر يستحق الحرية والديمقراطية بعد حكم استبدادي ظالم للسوري بشار الأسد و لليمني علي عبد الله صالح. و لكن الشعوب لا و لن تموت، مهما طغوا الحكام و عاثوا فسادا و قتلوا و سرقوا و نهبوا فان مصيرهم المنفى أو السجن أو الهلاك لأن " الله يمهل و لا يهمل " ... و مثلما قال شاعر تونس الخالد " إذا الشعب يوما أراد الحياة ، فلابد أن يستجيب القدر . رضا سالم الصامت كاتب صحفي و مستشار إعلامي