اتابع قدر ما استطيع تداعيات الأزمة الأخيرة بين مصر والجزائر، والتي كما قال أحد المعلقين ان الكراهية بين الشعبين (لاحظ لفظ الشعبين هنا) أصبحت تشبه كرة الثلج والتي تجرف أمامها مزيدا من الثلوج كل ثانية، لكنها في الحقيقة ليست كرة ثلج - وإن كنت مقتنع بالتوظيف المجازي لتلك المفردة في هذا المقام – بل نار محرقة لا تبقي ولا تذر، بداية لأنها انتقلت من نطاق مأمون إلي نطاق حساس وأشد إثارة ، وسوف اعترف بأن شواظ من نار تقذف أعصابي وأنا أطالع بعض الأقوال الجزائرية وأحس بلهيب عاصف يحرق فؤادي حزنا علي هذا الهجوم الذي جاوز كل شيء واستباح كل شيء ونسي كل شيء، وهو الأمر نفسه الذي جعل الكاتبة الجزائرية احلام مستغانمي تكتب مقالا بدايته أكثر من رائعة وتتفق مع وجهة نظرى تماما ما عدا تحفظا واحدا، لكنها سرعان ما احترقت أعصابها واصاب تلك الأعصاب النيران اللاهبة لتدعم بالكامل مقولة الجزائر حول حافلة المنتخب في مصر، ثم عادت وأكدت أن الجزائري العنيف في ظاهره يحمل قلبا طيبا، ولعلها تحترز مما تعرفه عن مواطنيها ويعرفه الناس عن الطبيعة الجزائرية، وقد قمت بالرد عليها برأيى تحت عنوان " مقال غير منصف ويؤدى عكس مقصوده الظاهر" وتوجهت لها باللوم لأنها ككاتبة كبيرة ولها مكانة عامة ما كان يجب ان تستجيب لدواعي العصبية لقومها – وهو أمر في الطبيعة البشرية لم يفلت منه حتى الصحابة الكرام من الأوس والخزرج رضي الله عنهم في الحديث الشريف حول العصبية "دعوها فإنها منتنة" – وأن تحذر من كل كلمة تنطق بها لمسئوليتها كأديبة ومثقفة في هذا الشأن . ولنا ان نتصور فداحة الأمر إذا انتقلنا من هذا المستوى الثقافي ومن عقول مفكرة إلي مستوى المواطن البسيط في البلدين من عشاق كره القدم مع ما يمثله من حيوية وعاطفة هادرة لبلاده . يجب بداية أمر هام جدا وهو تحرير الوقائع وتخليصها أيضا من تلك التداعيات التي انتقلت من ميدان الرياضة ولعب الكرة إلي استباحة كل أمر حضارى وسياسى واقتصادى وثقافى ، فاشتعلت النيران تحرق الأخضر واليابس، وأصبح التنابذ والعراك لا حدود ولا منطقة معينة له، ومستباح استخدام كل انواع الأسلحة والطرق . هنا يجب ان نتوقف فورا في كلا البلدين عن مس المقدسات والرموز والتاريخ والمكانة والعطاء والشهداء من مصر والجزائر، هنا منطقه خطره ومدمرة انتقلت لها جماهير الشعبين ودعونا نناقش الأمر بعقلانية وإنصاف، وان نكون حضاريين في المطالبة بحقنا، لأن هذا سيكسب لك الأنصار في أسلوب راقي بعيدا عن المهاترات والطعن بلا حدود في الآخر . وكي أوضح رؤيتي أنقل هنا أني اتفق بالطبع مع رأي العلامة القرضاوي في بيانه الأول ثم في حديثه التلفزيوني حول خطورة العصبية بعد ذلك عندما قال لست مصراوى ولا جزراوى ، وبالطبع العالم الكبير يقول هذا ليست تنصلا من قوميته ولكن لدوره الهام ورؤيته الإسلامية في محاولة نزع فتيل الفتنة اللاهبة المدمرة، ولما سئل لماذا وجهت دعوتك للرئيس الجزائري دون الرئيس المصري ؟، فأجاب لأن الرئيس الجزائري تربطه به علاقة طيبة منذ كان في الجزائر وأصابته وعكه صحية فاعتني به وسير له فريقه الطبي يعالجه، وقد استمعت للحديث كاملا ، ثم وجدت في اليوم التالي ما نقلته الجزائر نيوز علي الإنترنت لكن بصورة مجتزأه وغير منصفه وغير عادلة إذ قالت أن العلامة قال : لست مصراوى ولا جزراوي وأثق بحكمة بوتفليقه، لكن ناقل الخبر لم يكن أمينا في عرضه لأن العلامة القرضاوي قال أنه أرسل بيانه للصحف الجزائرية والتي طالما نشرت له كل ما يرسله إليها فأبت نشره وعلل الشيخ ذلك بأن هناك اتجاها عاما لتكريس الأوضاع والمضى بها قدما ضد ما يدعو إليه الشيخ، ثم لو عدنا إلي نص البيان سوف نجد مناشدة الشيخ لأهل الجزائر وقال عنهم أنهم ابناء الشهداء والشيخ باديس أن يقوموا بإيذاء مسلمين أخوانا لهم وبعضهم لا يهتم بالكرة أصلا، والشيخ كان من الذكاء والتلطف في المدخل ليبين موقف الإسلام من الإعتداء السافر علي مواطنين واستثمارات مصرية بالجزائر . هذا نموذج يوضح كيف تعمل الآلة الإعلامية والتي هي مخلب ذراع لمخطط معين يهدف لإفساد ما بين الشعبين والوقيعة الهائلة بينهما، وهبنا نفترض أن أي منتخب عربي حصد بطولة العالم فهل هذا يبرر حجم الكراهية والجروح المميتة التي تطول الجميع، ولا تصب سوى في مصلحة عدور موتور حاقد يضحك الآن منا ملء شدقيه ؟!، والخاسر سوف نكون جميعا في الخاتمة ! لذلك أطالب أن يرد من يشاء بما يشاء لكن بأسلوب بعيدا عن التحقير لإصالة شعب من الشعبين، وبعيدا عن صب الزيت علي النيران اللاهبة كما ذكرت . ويكفي للتدليل علي مدي ما يمكن ان تصل إليه العصبية من أمور قاسية صورتين واحدة من الجزائر لبعض المواطنين الجزائريين يضعون العلم الجزائري علي الأرض ويقبلونه في وضع السجود، وشاهدت نفس الصورة لمواطنين مصريين بنفس الكيفية، قد آذتني الصوتين بعنف، بداية أنا كمصرى احب علم بلادي حبا جما وأضعه علي عيني ورأسي – وشعور الجزائرى لعلمه مثل شعورى لعلمى - بل عادة ما استخدمة مرفرفا عاليا منذ سنوات في الشات أو ما أقوم باعداده في عروض تقديمية في مناسبات ثقافية أو مناسبات أخرى، أفهم أن اقبله واقفا كما يفعل رجال الجيش – دون ركوع – لدي تسليم القيادات في الكليات والوحدات العسكرية لكن اقبله ساجدا – وخفض الرأس هكذا والسجود هكذا لا يمكن ان يكون لأحد سوى لله العلي العظيم - فهذا أمر يعبر عن مدى ما يمكن أن تقدمه العصبية من ثمار مرة . ويجب أن أشير أني لا اؤمن بنظرية المؤامرة سوى في نطاق أننا أنفسنا الأساس في نجاح المؤامرة بنا، بمعني أننا الذين نمدها بأسباب الحياة، وعصير الوجود، وأننا لسنا أبرياء فنحن نقع في نطاق الإدانة علي نحو من الأنحاء، لكن كيف هذا ؟!، يجب بداية أن نعترف أن هناك آخريين في البلدين حاولوا ركوب الموجة والاستفادة علي نحو من الأنحاء من تعطش الجماهير لأي إنجاز علي أي مستوى من المستويات، خاصة وانها تعاني الهزائم – مصر والجزائر- في شتي مجالات الحياة، إضافة لما تقدمه الساحرة المستديرة من أحلام حلوة ومتعة مبدعه وقف أمامها علماء النفس يحاولون اكتشاف سر هذا السحر العجيب، لكن خروج الأمر من نطاقه إلي آماد مفزعة فهذا أمر مرفوض علي كافة المستويات، خاصة وأن كرامة المواطن تنبع أصلا من كرامته داخل أوطانه، والمواطن المضروب داخليا ليس عجيبا ان يتم ضربه خارجيا، وليس غريبا أن يجد في نفسه فراغا هائلا يجعل كل آماله في النصر متعلقه بمبارة كرة قدم ، ويقع فريسه لآخريين يتربحون علي حسابه كل ما في الحياة، بينما هو يقبع تحت أطباق الثري لا يجد وظيفة أو عيشا كريما، هذا الكلام ينطبق علي المصري كما ينطبق علي الجزائري، وقد ذكرت صحيفة أجنبية – وهي محقة - ان احتفالات المصريين التي أعقبت مباراة القاهرة الأولي كانت مثيلة لتلك التي تحدث في بلد فاز بكأس العالم، وذكر الكاتب يوسف معاطي تعبيرا قويا عندما قال أن تلك الهزيمة في مباراة الكرة كانت خيرا لأنها اخرجت الجماهير من حالة الشعوذة التي كانت تحياها، وبالطبع فهذه الأفراح الطاغية بالكرة يجب أن تخضع لمنظار الدراسة الاجتماعية والنفسية لشعوبنا، هذا طبعا أوافق عليه الكاتب تماما، كما أصف به أيضا حالة الفرح الهستيرية في الجزائر – لدرجة عطلت فيها الدولة الأعمال في يوم استقبال المنتخب الجزائري - والتي أدت لوجود جرحى وقتلي، والحال أنها مسابقة عالمية تضم 32 منتخبا وأن الأمر لا يمكن ان يستحق أن نصفه بالحلم ومنتهي الآمال، وأن يكون به قتلي وجرحي، بل وحروبا دامية، فالرياضة مجال واحد من مجالات الحياة لشعوب غير شعوبنا العربية تعرف كيف تحيا الحياة وتتفوق في شتي مناحيها فتحصد المجد ليس فقط في الكرة . وأنا مصري اعشق إسلامي وبلادي وبلاد الإسلام، لذلك دعونى انتهج ما دعوت له بالسؤال : كان المنتخب المصرى يحاول الحفاظ علي فرصته في التأهل وهذا حقا مشروعا له – فالأمر في غايته من المفترض (لولا شياطين الأنس) تنافسا مشروعا ورياضة ممتعة – لكني شاهدت فيديو لمشجعين جزائريين يحرقون العلم المصري ويصفون المصريين بأولاد الحرامية لماذا ؟، وكان هذا قبل حادثة الحافلة الجزائرية في مصر، لماذا يحرقون علم مصر؟!، لأي سبب ؟!، ولماذا تنشر إحدى الصحف الجزائرية عبارة مثل "سنتزوج مصر في اليوم المشهود"؟، ولماذا لم يتم الإعلام الفوري عن عدم صدق أخبار القتلي عقب مباراة القاهرة؟، لماذا سحق بعض الاستثمارات المصرية علي أرض الجزائر؟،إن مصر دولة مسلمة عربية مثلما الجزائر دولة مسلمة عربية، ومصر ليست نظاما حاكما أو طائفة من الطوائف بل هي ركن من تاريخ العروبة الإسلام مثلما الجزائر كذلك، كان من المفترض من العقلاء ان يعلنوا عن عدم قبول هذا مهما حدث، ووضع الأمر انه مجرد تنافس شريف بين أشقاء !!! وأيا كان الرد علي ما ذكرت فهو مجرد نموذج أسوقه، لاكشف عن كيفية تطور الأمور؟، بمعني أن كل طرف له رواية مختلفة، وفي حالة حذف التشنجات والعصبية الحارقة، فما المانع أن يحدث حوارا منصفا بحيث من كان مخطئا ثاب إلي رشده وقدم مصلحة أوطانه عن عصبيته، وليس عيبا أو انتقاصا من قدره او إهدارا لكرامته أن يعتذر، بل وأؤكد أنه يهدر كرامته حقيقة إذا فعل عكس ذلك . بمعني انه يجب ان نحرر الوقائع بهدوء وبلا تجاوز أو سب للآخر، واسمحوا لي أن اتحدث طبقا لما قدمته من مفهوم أن مباريات مصر والجزائر تاريخيا محتقنة جدا، ولعل ما حدث هو حصاد لهذا التاريخ المحتقن، وننتظر من يفسر لنا بأسلوب علمي أسباب ذلك . ومعروف أن اللاعب الجزائري الأخضر بالومي فقأ عين طبيب مصري ومر سالما من مصر ! ، وابن شقيقتي – وكان حاضرا للمبارة - ذكر لي أن المشجعين الجزائرين احرقوا العلم المصري في أستاد القاهرة نفسه وهم عدة مئات بين عدة ألوف من المصريين قبل مبارة 14-11، كما شاهدت علي شاشة التلفاز فتاة جزائرية تؤدي تصرفا غير اخلاقي علي مرأي من العالم، إضافة لما هو معلوم من طبيعة المشجع الجزائري والتي دفعت بأداء 120 مبارة بغير جمهور، إضافة لمبارة الجزائروفرنسا والتي انتهت بفوز فرنسا بأربعة أهداف، ثم أحداث الشغب التي أعقبتها وعزم فرنسا بعدم لعب فريق جزائري علي أرضها بعد ذلك، إضافة إلي خلط السياسي بالرياضي، ويبدو ان مقولة بعض العرب ثابتة وهي دعنا نحرر فلسطين بدماء المصريين، وسنقاتل حتي آخر جندي مصري، رغم ان هناك حدودا مفتوحة مع دول عربية اخري يمكن ان ينتقل إليها المجاهدين ويحرروا من خلالها فلسطين دون إلزام مصر بسداد كامل الفاتورة دائما، رغم اني مقر وأريد لمصر دائما أن تقوم بدور أساسي في تحرير فلسطين، لكن من منظور إسلامي لا من منظور عربي يحمل مصر دائما كل التبعات، ولا يريد هو كما لم نرى انه تحمل من قبل تبعة او جهدا اللهم إلا جهد تحميل مصر كل التبعات خاصة وأن مصر قدمت الكثير من التضحيات التي لا ينكرها أحد، وبذلت آلاف الشهداء في سبيل قضية العروبة والدين، ويكفي للتدليل علي ذلك أنه في حرب رمضان / أكتوبر اقترح القذافي نقل القوات المصرية إلي سوريا لتؤدي واجب الجهاد وحدها لأنهم قالوا استحالة عبور قناة السويس وإزالة خط بارليف، ولو عرفنا أن هناك قرابة 21 لواء اسرائيلي كانت في مواجهة مصر وحدها بينما كانت القوات الإسرائيلية لا تتجاوز لواء واحد او أكثر بقليل أمام الحدود الأخرى، ولو علمنا أن مصر هو بوابة الإسلام والعصف بها هدف إساسي للعدو، خاصة مع تكريس مسيرة الإستسلام التي لم تؤتي خيرا لمصر أو العروبة الذين رفعوا لواء الجهاد عبر الحط من مصر ومكانتها واتهامها علي طول الخط، ثم لم يثبتوا عند رؤيتهم بوجوب نفي العدو وعدم الإعتراف به بل انتظموا في مسيرة الإستسلام، مصر دولة عظيمة لن يلغيها من التاريخ تصريحات متعصبة أو تشنجات كارهة وهي عندما تكون قوية تضم تحت قيادتها العروبة لتحرير المقدسات والديار والكرامة، كما ان الجزائر دولة إسلامية عاني شعبها من أقسي ويلات المستعمر الغاصب ومن يطالع صفحات البغي عليها وقدر الكراهية والمقت بلا حدود لها، وإسالة الدماء وصور الوحشية التي مارسها المستخرب الفرنسي البغيض، يدرك عمق ما قدمه الشعب الجزائري من تضحيات وإرادة الحياة ضد من يسلبون الحياة والثقافة والحضارة وكل شيء، كما أني مع معلق مصري انتقد وصف الجزائريين بالبربر، لأنها قومية لها شأنها ولا يصح السب بها، ثم هم كما أعلم قوم فاتح الأندلس، لكن لابد أن أقر واعترف بما لمسته من خلال متابعتي للموضوع أن هناك قدر هائل من مخزون الكراهية لدي بعض العرب ضد مصر – وهي لا تستحق منهم ذلك – وأن هناك خلطا بين الشعب المصري الطيب الكريم وبين إرادة سياسية، فأنا مصري أؤمن بإسلامي ولا أب لي سواه، لكن جرحني بعنف ان يتم العدوان علي مصريتي علي هذا الشأن، بأني لا أقبل كغيري من المصريين إهانة بلدهم علي هذا النحو، واٌقول لست منحازا لكن ما حدث في مصر هو رد فعل لقدر هائل من الكراهية صب في نفوس بعض أبناء العروبة، وأعتقد أن هناك حملة خبيثة تقودها أصابع مريبة للإساءة إلي مصر في الإعلام العالمي، وكذا عبر الفيفا الذي فصل قانونا مخصوصا بعدم إحتساب الهدف في أرض الخصم بهدفين رغم صعود منتخبات أخري عبر هذه القاعدة في ذات التصفيات، وان هذا القانون تم إعداده بعد فوز مصر علي زامبيا وتجدد آمالها في التأهل مرة اخري، مما يصب في صالح الهدف الرئيس لتلك الأيدي الخفية وهو الإساءة لمصر والحط من مكانتها تمهيدا للقضاء علي معقل العروبة والإسلام، خاصة وانه هناك حديثا للصادق المصدوق افتخر به كل الفخر وأحبه كل الحب وأؤمن به كل الإيمان كما اثبتته حوادث التاريخ في كل زمان وكان – واذكر حطين وعين جالوت ورمضان - ما معناه أن المصريين هم خير أجناد الأرض في كل زمان ومكان وأنهم في رباط إلي يوم القيامة، اما القول بإصابة الحافلة الجزائرية في القاهرة، فأنا أدرك تماما أن الشعب المصري ليس من طبيعته عدم ضيافة الضيف، إنما كما قلت كان هناك إساءات شديدة لمصر جعلت جمهور الكرة في غاية الاحتقان، ثم هناك رواية مصرية للأحداث، وأري أن الجانب الجزائري قد ضخم جدا من الحدث – وهو الوحيد في دعوى الجزائريين- ثم قدم مسئول الرياضة في مصر اعتذارا حينها كما قرأت، لكن هناك امر بيت بليل وهو إفتراء أخبار حول قتلي جزائريين عقب مبارة القاهرة ثم لم يتحرك أحد لتكذيب ذلك، مما يدفعني للقول أنه - وطبقا لقول العلامة القرضاوي من حيث عدم نشر بيانه بالتهدئه في الجزائر- مخطط بإتقان سيقت له مصر علي نحو شبيه بما حدث عام 1967م، لكن عما قليل يقول التاريخ كلمته، وتظل مصر هي مصر بقامتها العالية ودورها التاريخي وادائها الحضاري ، وتظل بلد خير الأجناد وحصن الإسلام ولو كره الكارهون وما أبرئ نفسي فقد بادل المصريين الجزائريين عصبية بعصبية كرد فعل، لكن دعونا ننظر – وحتي لا ادخل في منطقه خطره وحساسة – أيا كان هو الطرف البادئ بالخطأ، فالكل خاض في تلك الأوحال، لذا يجب كما ذكرت للكاتبة الجزائرية أن نتجاوز عن هنات هنا وهناك، وان نغفر لهذا القريب من قدمه لنا من سيئه – انظر الكلام الجميل التمس سبعين عذرا – وان نعتذر عما بدر منا في جنب الآخر، وأن يقوم الآخر بالاعتذار عما بدر منه، مع حرصي علي مصري وحبي العميق لها، وإنكاري لمن يحاول ترويع أبنائها أو النيل من كرامتها، كما هو حرص الجزائري علي وطنه ورفضه النيل من كرامتها . وأيا كانت راوية كل فريق فيجب ان نوقف حملات الكراهية فورا، وأن نغلق هذا الملف وان يبتعد كل فريق عن الآخر يلعق جراحه في تلك المجزرة والتي طالت كل شيء، وحسنا عدم اللقاء لعقود طويلة رياضيا – وقد سعدت غاية السعادة برفض مصر تنظيم بطولة اليد الإفريقية خلال الساعات الماضية حيث لم يتقدم المنتخب الجزائري باعتذار مع رفض الاتحاد الإفريقي التأجيل، فهذا أفضل فالرياضة للتقريب بين الشعوب فإذا انتفي هذا الهدف فلا بأس من ترك اللعب مع الجزائر إلي حين مع حالة الإحتقان، وحتي لا تساق مصر مرة اخرى لموقف عدائي من وسائط إعلامية غير منصفة، وفي الأساس احتراما لمشاعر المواطن المصري، ومن الجدير بالذكر أن الاتحاد الإفريقي رفض طلبا تقدمت به الجزائر لاستضافة ذات البطولة بعد اعتذار مصر، ومن الجدير بالذكر أيضا أن بطولة الشباب لكرة القدم التي نظمتها مصر مؤخرا كانت بالتكليف من قبل الفيفا رغم ان مصر لم تتقدم رسميا لاستضافتها، لكن ثقة من الفيفا بمكانة مصر كدولة قادرة علي تنظيم هذه البطولة، فألف تحية لمن قام بإلغاء بطولة اليد من مصر، فالابتعاد أسلم وأفضل وان تبدا بعد فترة بناء جسور جديدة بيننا وبين الجزائر لن تكون قوية كما كانت في فترات تاريخية سابقة، ولن تعود أبدا صافية او بذات النقاء كما كانت، لكن بالرغم من ذلك أقول للجزائريين الغض من مصر والحط من مكانتها وأصالتها خطرا عليكم لأن مصر جزء منكم لو علمتم وهي بوابة لكم من الشرق، وأن الإساءة لها تاريخا وشعبا يهدمكم قبلها، وأقول للمصريين الجزائر وطن إسلامي وعربي وجزء منا مهما حدث، وبوابة لكم من جهة الغرب، والإساءة إليها يجرح قلبها ويهدمكم معها، ولله در العلامة الفقية القرضاوي عندما فطن لحجم الكارثة عندما قال ما معناه عهدنا وعلمنا أن المشكلات بين الأنظمة الحاكمة، وان الشعوب تظل متآخية، لكن أن تتصارع الشعوب فهذا هو الجديد والخطير، صدقت ياشيخنا لأنها نار لاهبة لاتبقينا ولن تبقيهم .