بين يدي الحكومة المرتقبة وما سبقها من مبادرة رئيس الحكومة المنتهية صلاحيتها السيد حمادي الجبالي، وما اصطحبها من موجات المدح والتطبيل من اعداء الثورة، ودعم خافت لقليل من ابناء الحركة وتهجم غير مسبوق لكثيير منهم علي شخصه، وصلت حد الاتهام بالخيانة وقيادة الثورة المضادة. بين هذا وذاك بين المبادرة والاعلان عن فشلها هناك كلام كثير ووقفات عدة يصعب حصرها فى هذا المقال لكن يمكن المرور على اهمها. لقد انقذت مبادرة السيد حمادي الجبالي البلاد من كارثة كانت وشيكة الوقوع، مبادرة لا اظن ان ايادي ساسة كثر بعيدة عنها،تاكدت منافعها بعد حين، وبقطع النظر عن فلشلها من عدمه قدمت هذه المبادرة مناخا عاما جديدا لتشكيل حكومة مرتقبة وتوافقات سياسية كانت عسيرة من قبل. لكن الغير مفهموم والغريب فى الامر ان الرجل قد تعرض لهجمة شرسة اكلت من حوله الاخضر واليابس من طرف الكثير من ابناء النهضة وهذا ما يثيير الشبهة ويبعث برسائل عديدة منها الخطير ومنها القابل للنقاش. الخطير في الامر ان يتعرض احد رموز هذه حركة النهضة لمثل هذا التهجم والتخوين والاتهام بقيادة الثورة المضادة. مما يؤكد ان هناك ظواهر جديدة داخل البيت النهضوي وجب التنبه لها ومحاصرتها من الان. ان هؤلاء الساسة الذين يقودون المرحلة في هذه الظروف الحساسة وما عرف عنهم من صبر وثبات وجب ان يكونوا محصنين فى اعراضهم واشخاصهم على الاقل داخل البيت النهضوي وهو ادني حقوقهم. الخطير كذلك ان حركة النهضة لا تتحكم فى اجهزتها الميدانية بالشكل الكافى المطمئن. خاصة مكاتبها المحلية وماتقوم بنشره على شبكات التواصل الاجتماعي وهو ما يمكن ان يتسبب لاقدر الله فى مشاكل قانونية وقضائية لهذه الحركة. ان خطابا غير مألوف لدي الحركة ومواقف غير مصادق عليها وتعرض للتيارات السياسية والفكرية واحكام عقائدية وتوجهات فكرية لاتتماشي مع الرؤية الفكرية والسياسية والاصولية للحركة تنشر على صفحات المحليات وتصدر على انها مواقف وتوجهات،وهو ماوجب ان يتوقف ويصحح. على الحركة قيادة ومؤسسات ان تقوم هذا التوجه، وان تكبح جماح ظواهر جديدة غريبة على جسم النهضة من المتملقين الذين يحترفون السب والشتم وترويج الاخبار الغير دقيقة والولوج في اعراض الناس حتي ولوكانوا مخالفين. كما على انصار النهضة وابنائها ان يعلموا ان حركة النهضة اصلها دعوة ونصح وتوجيه، لذا وجب عليهم ان يكونوا قدوة لمخالفين والمؤيدين قبل ان يكونوا متحزبين منبتين على فكر الحركة ومخزونها التربوي الثقافي الاسلامي.
علي حركة النهضة والحكمومة واجب التنبه ونحن بين يدي التشكيل الجديد للحكومة والاعتبار بمن سبق. فالحكومة المقبلة ليس لها الوقت ولا الطاقة لتضيعها بين بلاتوهات الصحافة وشاشات التلفزيون.على وزرائنا الجدد ان يقتصدوا فى الجدال والنقاش وان يقاطعوا اسواق الاعلام والنقاش العقيم. ليكن هناك تواصل اعلامي وتخاطب من خلاله مع الشعب التونسي لكن ليس بالطريقة الموجودة الان على شاشات التلفاز ولكن بطريقة اللقاءات الاعلامية المباشرة مع صحفيين للرد على اسئلة او برامج حوار مع صحفيين فقط وليس طريقة البلاتوهات. ان مكرة الاعلام اتخذوا هذا الطريق لتشليك وامتهان الوزراء وحكام الدولة فلنتوقف عند هذا الحد.
اخيرا وجب على الحكومة القادمة ان تكون ثورية بامتياز ولو على حساب الانجاز التنموي. لن تكون هناك تنمية في فترة النصف سنة القادمة فلتكن محاسبة للفساد والقضاء والمجرمين وتحصين الثورة وانجاز الدستور والانتخابات. وحتي لا اطيل فان هذه الحكومة سوف يلحقها العار التاريخي ان لم تفعل قانون العفو التشريعي العام وتقتص للسجناء الراي والتحرير والثورة وشهدائها ولو بمراسيم. عار علي حكومة ثورة ان تخشي الاعداء مهما كبر حجمهم. والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل