حدث "الأغلبيّ" و"الأقليّ" عن صاحب "المجلس" عمن اختاره، أن "الشرعية" في بلادنا محترمة موقّرة، وأن الشعب هو مصدر السلطات وأن حرية التظاهر والمطالبة "بالكبس" أو اسقاط "الشرعية" باب مُشرَع لمن أراد الدخول وكذلك من أبى. و"الشرعية" شرعيات واحدة يختارها "الشعب الجاهل" عبر صناديق الإقتراع، وأخرى يفرضها "الشعب الثوري" عبر الشوارع وكثرة الصراخ! الإعلام والأزلام تحرروا من أصفادهم وقرروا في زعمهم كسر قيود المذلة بعد انتهاء المباراة الحقيقية، فكانت مراوغاتهم خارج الوقت القانوني تصب في خانة الحنين إلى عهد الاسترقاق وإن بدت في ظاهرها قطعا مع الماضي وخوفا من تكرر مشهده.
جلبة وصراخ، ودم هنا، واعتصام ودخان هناك شوش المشهد وأربك عمليات الإنقاذ المرتبكة أصلا. أيها "الشرعيون" المنتخبون خيبتم آمال شعبكم وشعوب العالم التي تعاطفت معكم وأملت أن ترى منكم تعاليا عن خلافاتكم وأحقادكم وإيديولوجياتكم الضيقة ضيق سمّ الخياط! بالغتم في النطاح والصياح ونسيتم المفترس المتربص بكم جميعا وهو يوشك أن ينقض دون أن يحتاج لبذل كثير جهد في المطاردة!
ما بال "الشرعيين" في "ماراطون" مستمر لسبعة أشهر من أجل تشكيل حكومة "وفاقية" تأبى ملامحها أن تظهر، وكلما اعتقد الشعب أنه سيراها أمام عينيه وتقدم نحوها وجدها كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماءا حتى إذا جاءه لم يجده شيئا، ووجد"الأنا والآخر" عنده يصولان ويجولان ويتهددان ويتوعدان!! ... كلما أزيحت عقبة برزت أخرى! أيعقل يا أصحاب "الشرعية" أن تمضي سبعة أشهر من مرحلة مؤقتة في تفاوض وتشاور وتوافق غير منشود؟
هو مسلسل ممل يصيب بالصداع، وهو هدف من أهدافه، كما أعتقد أن مخرجي هذا المسلسل الممل استفادوا من قصة رجل ذاع صيته بالحلم والسيطرة على أعصابه في المواقف الحرجة، حتى قيل أنه لا يغضب أبدا، وراهن الناس بعضهم بعضا على إغضابه، فقال أحدهم "أنا" من سيخرجه عن طوره ويُذهب حِلمه وطبعه "المتكلف"!
ذهب إليه يستفسره عن رؤيا "غريبة" رآها في منامه، أقضت مضجعه! ... ثم بدأ بسرد الحكاية قال: "رأيت فيما يرى النائم أنني جالس على حافة بئر عميق وإذا بمائدة تصعد من قعر البئر وتقترب مني ... مددت يدي لآخذها وما كدت أقدر عليها حتى عاودت النزول وأنا أنظر إليها متحسرا على ما فاتني من خير! ... ظللت أرقبها وهي تنزل! واستمرت تنزل ... واستمرت تنزل ... (برّا هابطة) ...!
أعاد هذا المقطع على الرجل الحكيم عشرات المرات، والرّجل ينظر إليه بانتباه ويلقي له السمع في أدب وحلم، حتى قال صاحب الرؤيا في خبث: " وما كادت المائدة تصل قعر البئر حتى عاودت الصعود وعاودني أمل الحصول عليها، واستمرت في صعودها ... صاعدة ... صاعدة! ... (برّا طالعة) ...! وكالعادة عشرات المرات كرر تلك الجملة وهو يحدق في عيني الرجل الصبور ليرى ما طرأ عليه من تغير! ... ثم قال : " فلما اقتربت المائدة مني فرحت بها أيما فرح ومددت يدي لآخذها! .... لكنها عاودت النزول إلى قعر البئر! ... ثم عاود "الراوي" (برّا هابطة) كالعادة عشرات المرات قبل أن تصل إلى قعر البئر ثم تعاود الصعود ويعاود صاحبنا (برّا طالعة) عشرات المرات.... ! ولما هم بأخذها عاودت النزول .... ثم الصعود! ... ثم النزول ... ... ...!!! وقبل أن يضيق صبركم علي من هذه "الرؤيا" التي لا نهاية لها، فتنفجروا فيّ! ... ضاق صدر صاحبنا الحكيم من صاحب الرؤيا وانفجر فيه: "فدّدتنا وطلّعتلنا أرواحنا! ... هات من الآخر مسكت المائدة أم بقيت في قاع البئر"؟؟
وشيء من الحنة وشيء من رطابة اليدين!!
كان هذا تعليقا على ما كان قبل استقالة الحكومة الحالية، والإعلان على بدئ المشاورات في تشكيل حكومة جديدة، على أمل أن لا تكون الحلقة الأولى من الجزء الثاني من المسلسل الطويل والممل قد بدأت! وهاتوا من الآخر وأرونا وفاقكم الذي كنتم ستعلنونه يوم 6 فيفري لو لا الارباك الذي حصل! جزء من هذا النص والمتعلق بالرؤيا المملة كتبته في نص سابق في موضوع آخر.