قبل الدخول في ما أريد أن أقوله أود أن أترحم على روحَيْ الزعيم الراحل "الحبيب بورقيبة " الذي أعتبره من أبرز رجالات القرن العشرين في العالم لا في تونس و العالم العربي فقط و إن كان في أدائه السياسي ما يناقش مثله مثل سائر الناس لكنني أعتبر خصاله أكثر من مثالبه و كذلك أترحم على روح الشهيد "شكري بلعيد" و لا داعي لأن أعيد ما كتبته في شأنه في عدد سابق. تجار بورقيبة: بعد الثورة تبادل كل السياسيين تقريبا الشتائم فهذا يتاجر بالدين و ذاك بالديمقراطية و آخر يتاجر بالحداثة و رابع بالعروبة و لعل هذه الشتائم شائعة و منتشرة في كل البلدان العربية تقريبا و قبل الثورات و بعدها لكن ما لاحظته و لاحظه الكثيرون في بلادنا الكسيرة بنخبتها نفوق تجارة الأموات الذين عاشوا منفردين و ماتوا كذلك و بعد موتهم تدثر تجارهم بعباءاتهم و شنوا بأسمائهم حروبهم مع خصومهم الذين لم يجدوا سلاحا آخر يصارعونهم به إلا اللجوء إلى سلطة القبور و لعل من أبرزهم و أشهرهم منذ فجر الثورة "تجار بورقيبة" الذين خرسوا و صمتوا صمت الأموات طيلة الفترة الفاصلة بين الانقلاب عليه و سجنه في "مرناق" أولا و في "دار الوالي بالمنستير " ثانيا و حتى وفاته و لم يحركوا ساكنا و لم يطلقوا و لو صرخة خافتة لوضعه في ذاك الموضع و لم يساندوه حتى في رغبته الخروج للترحم على أمه بل لم يحركوا ساكنا عندما استعمله المخلوع في مسرحياته الانتخابية و إهانته بمثل تلك الإهانة إذ بعد وسمه بفقدان الأهلية للحكم و إدارة الدولة يجعله بقدرة قادرٍ قادرًا على انتخاب "بن علي" للرئاسة و كان الزعيم الراحل حينها حصيفا و ذكيا إذ توجه له بالقول "صحيت يا زين إنت عملت ألا أني ما نجمتش نعملوا " و كلام الزعيم من الكثافة ما يمكن تفسيره على وجوه شتى لا يعلمها و لا يعقلها إلا الراسخون في علم السياسة بل و توجه للمصفقين على خروجه و اللاهجين باسمه حينها بحركة من إصبعه في فمه المنفوخ قَلَّ من يدرك مغزاها ثم أين كان هؤلاء عندما شيعه بن علي في مثل تلك الجنازة المهينة المرتبكة التي كاد أن يغلق كل الطرق المؤدية للمنستير حتى يمنع الناس من تشييعه ظف إلى ذلك تلك التغطية الإعلامية المهزلة التي باتت وقتها موضوعا مهما للتندر عند أغلب المشاهدين، و لكننا بعد الثورة و بصفاقة غير معهودة نجد من يريد أن يقنعنا أنهم من البرقيبيين المقهورين الذين عانوا الأمرين من المخلوع بل أن من أبرزهم من رأس أول برلمان للمخلوع مدلَّسٍ على نطاق واسع و بشكل مفضوح قل مثيله و لزم الصمت طيلة الفترة الفاصلة بين مغادرته البرلمان المدلَّسَ و حتى الثورة و جاهر ببورقيبيته ناسيا أو متناسيا ما فعله ببورقيبة و ما فعله هو معه و غير دار تقريبا بما كتبه في شهادته عن عصر بورقيبة و ما كتب عنه و فيه بل و يواصل ترويجه لبضاعته المغشوشة على الشعب التونسي في مشهد استعراضي يحمل شعار البرقيبية و تلحف بعباءته و يلهج بحزب المخلوع ويستدعي أزلامه. تجار الشهيد شكري بلعيد: و تجار "بورقيبة" بتجار" شكري بلعيد" تذَكِّرْ فبعد صفاقتهم في المتاجرة بذكرى الزعيم الراحل و تاريخه و نضاله نجدهم في مقدمة المتاجرين بدم الشهيد "شكري بلعيد" بل و في مقدمة المعزين و المتباكين و المهددين و المطالبين ناسين أو متناسين ما كانوا يمارسونه مع المناضلين السياسيين و مع "شكري بلعيد " نفسه و كل أتباعه حزبه من مضايفة و متابعة و هرسلة في الجامعة و في قطاع المحاماة و الاتحاد العام التونسي للشغل، مَنْ يمكن أن يصدق أن من كان يكمم الأفواه في وزارة الداخلية و يدلِّسُ الانتخابات و قد اعترف بذلك ضاحكا يمكن أن يرق قلبه لاغتيال ناشط سياسي كان من أبرز من هاجمهم و هاجموه سرا و علانية . كما نجد في الصف الثاني من المتاجرين بدم "الشهيد شكري بلعيد" جوقة الإعلاميين و السياسيين الموسومون عند عديد الأطراف بجرحى الانتخابات يجمعهم جميعا كره الطرف المنتصر فيها و المتصدر للمشهد السياسي بعد 23 أكتوبر ناسين أو متناسين ما يمكن أن يحدثه صخبهم ذاك من تأثير عل مسار القضية و نتائجها و كأنهم يشيرون بكل تصريحاتهم أنهم لن يرضوا بأي نتيجة للتحقيق لا تدين الطرف الحاكم و الطرف الحاكم دون سواه متغاضين عن كل المتهمين المحتملين في القضية. ختاما أقول أن المتاجرين بأرواح الزعماء و دماؤهم لم نكن سابقين فيه و لا خاتمي لقائمته بداية من طلب "معاوية" بدم "عثمان " وصولا إلى الجوقة المتاجرة إلى اليوم بدماء "الشهيد رفيق الحريري " في لبنان و في انتظار تجار آخرين بدماء الأموات أقول "حمى الله تونس من الدماء و تجارها و جعل دماء "الشهيد شكري بلعيد" خاتمتها ومنتهاها". مراد بوبكر
مصدر الخبر : الحو ا ر نت a href="http://www.facebook.com/sharer.php?u=http://alhiwar.net/ShowNews.php?Tnd=24043&t=ثنائيات:تجار " بورقيبة" و تجار "شكري بلعيد"&src=sp" onclick="NewWindow(this.href,'name','600','400','no');return false"