هام/ هذا عدد مطالب القروض التي تلقاها صندوق الضمان الاجتماعي..    ما فحوى المراسلة التي وجهتها جمعية الأولياء و التلاميذ لرئيس الجمهورية ؟    وزارة الفلاحة: '' الحشرة القرمزية لا تُؤثّر على الزياتين.. ''    الرئاسة السورية: تشخيص إصابة أسماء الأسد بسرطان الدم    صلاح يُلمح إلى البقاء في ليفربول الموسم المقبل    ياسين القنيشي يحصد الذّهبية في بطولة العالم لألعاب القوى لذوي الاعاقة    الرابطة المحترفة الأولى (مرحلة تفادي النزول-الجولة 11) : مواجهات صعبة لفرق أسفل الترتيب    سليانة: معاينة ميدانية للمحاصيل الزراعية و الأشجار المثمرة المتضرّرة جراء تساقط حجر البرد    الحماية المدنية التونسية تشارك في عملية بيضاء لمجابهة حرائق الغابات مع نظيرتها الجزائرية بولايتي سوق أهراس وتبسة الجزائريتين    انطلاق مراسم تشييع جثامين الرئيس الإيراني ومرافقيه..    عاجل/ تركيا تكشف معطيات خطيرة تتعلق بمروحية "الرئيس الإيراني"..    وزير الأعمال الإيطالي يزور ليبيا لبحث التعاون في مجالات الصناعة والمواد الخام والطاقة المتجددة    سامية عبو: 'شو هاك البلاد' ليست جريمة ولا يوجد نص قانوني يجرّمها    عاجل : سعيد يأمر بإدراج حكم جديد ضد من يعرقل المرفق العمومي    البرلمان يعقد جلستين عامتين اليوم وغدا للنظر في عدد من مشاريع القوانين الاقتصادية    ميسي يقود تشكيلة الأرجنتين في مباراتين وديتين قبل كوبا أمريكا    ملتقى مراكش الدولي- العداء التونسي محمد امين الجهيناوي يتاهل الى الالعاب الاولمبية باريس 2024    كان يتنقل بهوية شقيقه التوأم : الاطاحة بأخطر متحيل عبر مواقع التواصل الاجتماعي ...    حادث مروع بهذه المنطقة..وهذه حصيلة الجرحى..    عمرو دياب يضرب مهندس صوت في حفل زفاف.. سلوك غاضب يثير الجدل    الدورة 24 للمهرجان العربي للإذاعة والتلفزيون تحت شعار "نصرة فلسطين" و289 عملا في المسابقة    قبلي: تخصيص 7 فرق بيطريّة لإتمام الحملة الجهوية لتلقيح قطعان الماشية    وزير الدفاع الأميركي: لا دور لواشنطن بحادثة تحطم طائرة رئيسي    49 هزة أرضية تثير ذعر السكان بجنوب إيطاليا    طقس الثلاثاء: الحرارة في انخفاض طفيف    منوبة.. إيقاف شخص أوهم طالبين أجنبيين بتمكينهما من تأشيرتي سفر    الدّورة الثّالثة لمؤتمر مستقبل الطّيران المدني: وزيرة التّجهيز تقدّم رؤية تونس في مجال الطّيران المدني في أفق 2040    سليانة: 10 إصابات في انقلاب شاحنة تقل عمالا في الفلاحة    دعما لأهالي غزة : مهرجان جربة تونس للسينما العربية يقدّم برمجة خاصة للجمهور    الجامعة تضبط مواعيد النهائيات وجدل حول «دربي» الكأس    رئيس الحكومة في زيارة ميدانية للشمال الغربي للبلاد التونسية    هل فينا من يجزم بكيف سيكون الغد ...؟؟... عبد الكريم قطاطة    تنبيه/ تحويل ظرفي لحركة المرور ليلا لمدة أسبوع بهذه الطريق..    التضامن.. الإحتفاظ ب3 اشخاص وحجز كمية من المواد المخدرة    أغنية لفريد الأطرش تضع نانسي عجرم في مأزق !    التوقعات الجوية لهذه الليلة    عروض ثريّة للإبداعات التلمذيّة.. وتكريم لنُجوم الدراما التلفزيّة    رفض الافراج عن سنية الدهماني    بودربالة يوجه إلى نظيره الإيراني برقية تعزية في وفاة إبراهيم رئيسي    أبطال إفريقيا: الكشف عن مدة غياب "علي معلول" عن الملاعب    تقرير يتّهم بريطانيا بالتستر عن فضيحة دم ملوّث أودت بنحو 3000 شخص    تزامنا مع عيد الاضحى : منظمة ارشاد المستهلك توجه دعوة لقيس سعيد    عاجل : المحكمة الجنائية الدولية تطلب اصدار مذكرة اعتقال لرئيس وزراء و رئيس حركة    سيدي بوزيد: تواصل فعاليات الدورة 15 لمعرض التسوق بمشاركة حوالي 50 عارضا    نحو الترفيع في حجم التمويلات الموجهة لإجراء البحوث السريرية    فظيع: غرق شخص ببحيرة جبلية بجهة حمام بورقيبة..    الشاعر مبروك السياري والكاتبة الشابة سناء عبد الله يتألقان في مسابقة الدكتور عبد الرحمان العبد الله المشيقح الأدبية    تونس : أنواع و أسعار تقويم الأسنان    الرابطة الثانية: تعيينات منافسات الجولة العاشرة إيابا    انطلقت أشغاله الميدانيّة: التعداد السكاني دعامة للتنمية الاقتصادية    تونس تتوج ب 26 ميداليّة في المسابقة العالميّة لجودة زيت الزيتون في نيويورك    تحذير من موجة كورونا صيفية...ما القصة ؟    4 تتويجات تونسية ضمن جوائز النقاد للأفلام العربية 2024    لتعديل الأخطاء الشائعة في اللغة العربية على لسان العامة    دار الثقافة بمعتمدية الرقاب تحتفي بشهرث الثراث    ملف الأسبوع...المثقفون في الإسلام.. عفوا يا حضرة المثقف... !    منبر الجمعة .. المفسدون في الانترنات؟    عاجل: سليم الرياحي على موعد مع التونسيين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مراهنات
نشر في الحوار نت يوم 26 - 04 - 2013

قالت لي خبيرة في العلوم البيولوجية حاصلة على جوائز عالمية ذات يوم إنك لا تتخيل الشعور الذي يعتري المسلم وهو يتابع نظام الجزيئات الميكروسكوبية في المخابر العلمية، والذي يختزل العديد من الأسرار. فلا تنتهي من معرفة قانون منها إلا وتجد نفسك أمام كم هائل من الأسرار الغامضة التي تضطرك للغوص مرة تلو الأخرى للتعرف عليها. إنك تعيش باختصار مع آيات الرحمن الكونية.
قلت : إنه لمسلك طويل حتى أنعم بالنظر إلى آيات الله في المخابر، ليلهج صدري بالتسبيح والتهليل والتكبير تعظيما وإجلالا لله سبحانه.
ولكني أرى رحمة الله تعالى قد تجلت في تمكين من قصرت معارفهم العلمية من أمثالي، من فضاء أوسع من المخابر وأقل تكلفة منها، وأيسر لرؤية آيات الله والوقوف على إعجاز قرآنه.
خذ مثلا: التلفزة التونسية، تصريحات بعض النواب المنشورة على الفايسبوك، المرور عبر شارع بورقيبة هَوْنا وتأمل ما يجري فيه وحوله، ركوب الحافلة أو القطار أو سيارات الأجرة...كلها فضاءات تجعلك في تواصل تام مع مشاهد قرآنية.
إذا آمنت أخي بأن الصراع بين الحق والباطل مستمر، ولاحظت أن طاغية مستبدا قد غاب عن المشهد السياسي، فاعلم أن بديلا عنه سيحل محله، سواء في صورة شخص أو مجموعة، وما عليك إلا أن تعود لمرجعك القرآن الذي ينطق بالحق، لتتزود بمعلومات رئيسية عن الأعداء الجدد، فتعيش مرحلة جديدة من الصراع فاهما لخصائصها من وجهة نظر قرآنية.
ففئة المجرمين الواردة في القرآن مثلا ، لا تعني الأشخاص الذين ينتهكون القانون الجنائي الذي تقرره السلطة التشريعية التي يعيشون فيها، وإنما تعني مرتكبي الاثم العظيم.
وحينما جاء القرآن ليفصّل لنا جانبا من جرائمهم، ذهب بعيدا عن مسألة القتل والسرقة وارتكاب الفواحش...التي تتبادر لأذهاننا عن الجرائم في العادة، ليخبرنا عن سلوك ملازم للمجرمين المحاربين للمشروع الاسلامي عبر التاريخ، ويتمثل في استخدام السخرية والاستهزاء بالمؤمنين، والغمز الذي من معانيه إظهار عيوب الآخرين، والشعور بالنشوة في صفوفهم بما فعلوه بالمؤمنين، واتهام المؤمنين بالخروج عن المألوف الاجتماعي.
ولك أخي الكريم أن تربط بين إدارة الأطراف الحاقدة على المشروع الاسلامي، للصراع السياسي في البلاد إعلاميا، وقول المولى عز وجل في سورة المطففين: "إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ (29)" وتَرْكِيبُ «كَانُوا... يَضْحَكُونَ» تعني أنها صِفَةٌ مُلَازِمَةٌ لَهُمْ فِي الْمَاضِي، وَصَوْغُ يَضْحَكُونَ بِصِيغَةِ الْمُضَارِعِ لِلدَّلَالَةِ عَلَى تَكَرُّرِ ذَلِكَ مِنْهُمْ وَأَنَّهُ دَيْدَنٌ لَهُمْ. والشاهد في حالنا أن سفهاء بلادنا لمّا فشلوا في جعل الاخوة الأفاضل مادة للسخرية والتفكّه بسبب نضجهم، وقوة أدلتهم، وهدوء أعصابهم، تحوّلوا إلى أسلوب الدمى المجسمة لبعض الشخصيات مصحوبة بموسيقى وكلمات تافهة، ليفتكّوا الضحكة من المتفرجين، ويجروهم لدائرة مشاعرهم ونظرتهم الخاصة للأشخاص، والمراهنة في ذلك تتجه نحو هدم الهيبة والمقام اللائق الذي تحتله قيادة الحركة في نفوس الناس، فيصبح الوزير مثلا، أقل هيبة في نظر العامة من موظف في مؤسسة عمومية أو حكومية.
هذه الأداة في الحرب النفسية لا تمثل عبقرية في فكر النخبة المتخلفة في بلادنا، لأننا نجد أسلافهم من المجرمين قد عمدوا إليها، قبل آلاف السنين أي من عهد نوح عليه السلام.
"وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ (30)" والغمز طريقة تواصل وضيعة، يقصد من خلالها الغامز جر الحاضرين معه لتأمل حالة لخصمه، لا أثر لها في الأصل، إلا أن تلك الاشارة الخبيثة، تخرجها عن إطارها الطبيعي إلى صورة الأمر المشين والمعيب.
وكما تلاحظون فإن هذا الأسلوب من التواصل مع الجمهور وما سبقه، نجد لهما نماذج تطبيقية لا حصر لها في إعلامنا التونسي، والقصد منهما "وقاية" المجتمع التونسي، وخاصة فئة الشباب منه، من الإنفلات ومن ثم الانقلاب على الأجواء التي فرضت عليه لعشرات السنين، (موسيقى، مسلسلات، سهرات، شواطئ، زينة وتأثيث، تكاثر في الاستهلاك، لهو ولعب، كرة، سينما، مهرجانات....) ليتحول إلى مساهم في صناعة عالم السياسة بطريقة ناضجة واعية راقية، تتناسب مع مرحلة التطور التي يعيشها الشباب التونسي، تمهيدا لمستقبل تقترب فيه تونس من النضج والوعي الذي تنعم به كثيرا من البلدان الراقية.
ولم يكن أمام قيادة المنظومة السابقة، من وسائل "مدنية" عاجلة لفصل المواطن عن السياسية، ورده للأجواء الهابطة والمنحلة، التي لم يَطعم غيرها، سوى وضع رموز الحكم، والسياسيين الحاليين، موضع السخرية والتهكم، لتمييع الشأن السياسي، الذي أصبح محط اهتمام الجميع بعد الثورة، في انتظار أن يأتي زعيمهم ليقول "كفى عبثا،لا بد من إعادة هيبة الدولة" والمقصود الرهبة من أي موظف في الدولة فضلا عن الساسة الكبار، ليعود الأمر كما كان، السياسة للسياسيين وللعامة ما يشتهون، إلا السياسة.
"وَإِذَا انْقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ (31)" والأهل قد يكونوا خاصة أهل بيت الانسان، وقد يكونوا أهل ملته ومذهبه. وحالة النشوة الداخلية التي يعيشونها داخل جماعتهم، تزودهم بطاقة جديدة لمواصلة مسارهم، فتصرفهم عن إمكانية التفكير في مضمون المشروع الذي يهاجمونه.
" وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ هَؤُلَاءِ لَضَالُّونَ (32)" وهذه أحكام عامة يتهم من خلالها المجرمون جماعة المسلمين بفساد رأيهم، لخروجهم عن المألوف.
ومن العجب أن نرى مجرمي بلادنا يصورون أنفسهم أمام العامة على أنهم أصحاب الحق المبين وأنهم حماة القانون الاجتماعي، وأن رأيهم هو الرأي السديد، بل يسمحون لأنفسهم بإشاعة أحكام عامة على الإسلاميين بدون أدلة موضوعية من مثل: الحكومة ( أو الحركة) فاشلة، أو أنها لم تحقق شيئا...
كل ذلك صادر عن فئة سماها القرآن الكريم بالمجرمين، ووصفهم بذلك لأنهم سرقو ا من شعوبهم أدوات التحليل والنظر والتفكير، وقتلوا فيهم إنسانيتهم، فحوّلوهم إلى أتباع أذلاء للمجرمين يجرّونهم لمرادهم بأسلوب تغيب فيه حتى الكلمة، كما لاحظتم سابقا، وغاية ما أنفقوا عليهم، إشارة وحكم عام لا دليل عليه.
إن القرآن يتحدى في زماننا أن تأتي الفئة المعادية للمشروع الاسلامي بأسلوب مغاير تماما لأسلافهم. يتحداهم في أن لا يعمدوا في تفاعلهم مع التيار الاسلامي إلى السخرية، والاستهزاء، والغمز، والتشكيك، والتهديد، والتأليب، والكذب، والتحالف مع الآخرين، وتكوين منافقين، والإخراج من البلاد، والقتل ....
إننا نتحداهم بأن يثبتوا، أن القرآن فات زمانه ولم يعد معبرا عن الحياة الاجتماعية والسياسية المعاصرة، ولو بدليل واحد، وهو أنهم على الرغم من وقوفهم المعادي للاسلاميين، فإن سلوكهم وردود أفعالهم ومواقفهم مغاير تماما لما ورد في كتاب الله .
إن لديهم فرصة بأن يدللوا على مبادئهم القائلة، بأن لا مطلق في الحياة ولا ثوابت، وأن قانون الحياة هو التطور الدائم. فها نحن قد عرضنا عليهم سلوكا كان يقوم به أبو جهل والوليد بن المغيرة والعاصي بن وائل السهمي... (كانوا يركبون الجمال ويلبسون لباسا عربيا...) قبل أكثر من 1400 سنة، وننتظر منهم أن يعاملونا وفق نظرية التطور بالموضوعية والاحسان والتواضع ومواجهة الرأي بالرأي في إطار الاحترام المتبادل بحثا عن الحقيقة.
إننا نقول لهم: نكتفي في هذه المرحلة بأن نحكم فيكم مبادءكم، فأقيموها إن كنتم صادقين. فإن وجدتم فجوة كبيرة بين ما تنظّرون له، وما تريدون فرضه في الواقع، ووجدتم أنفسكم مدفوعين بطريقة غير عقلانية لصرف جهودكم في ممارسة أفعال، نجد في كتابنا أنها مشابهة لأسلافكم من الأمم السابقة، فاعلموا أننا أعرف بحالكم منكم لأنفسكم. وأننا أعلم بما علمنا ال له في كتابه بأبسط الأشياء الصادرة عنكم مثل إرخاء الجفن وهو الغمز إلى أشدها تعقيدا. فهل لازلتم مصرين على أننا رجعيون متخلفون وأنكم تقدميون حداثيون؟
لقد سألت نفسي وأنا أكتب هذا المقال، عن السر في هذا التشابه العجيب بين الأجيال المتعاقبة في الملة المعادية لدين الله الحق عبر آلاف السنين؟ بالرغم من عدم وجود كتب لها قداسة متوارثة بينهم.
قلت لعل وجود دائرة واسعة من الممكن السلبي من منظور إسلامي في المجتمع، هي التي أغرت رواد الفكر المعادي لدين الله من التفنن في استخدامه لمصلحتهم. من ذلك مثلا: إلباس الحق بالباطل، تحريك الشهوات، صناعة الانشقاقات، اللعب على مشاعر الخوف، تغيير معادلة الرشد بأن يصبح الفرد سريع الاستجابة للباطل والفساد بطيئا في إقامة الحق والعدل (سماها القرآن استخفافا)، تقوية الأنانية، بناء عالم من الأحلام والأوهام، صناعة مبدأ الشك، تطوير وتوجيه الحالة الغضبية لبعض الناس، اخضاع الإرادة الحرة تحت التهديد، تصدّر الشريحة غير القادرة على اتخاذ القرار الفردي المسؤول، صناعة الأحداث المربكة، محاربة الثوابت، ارهاق التفكير بكثرة التفاصيل، صناعة التفكير الجزئي المحدود.....الخ.
هي دائرة من الممكنات، يشتغل على تفعيلها عبر التاريخ فئة من الطواغيت والمجرمين والظلمة، وكل جيل أو فصيل منهم يراهن على أن يأتي بأفضل النتائج باستخدام تركيبة معينة من الممكنات، والغاية واحدة وهي امتلاك السيطرة على أكبر عدد من البشر، والعلو في الأرض إلى أقصى الدرجات.
تساؤلات: هل محت الثورة نتائج مراهنات بن علي وسلفه بورقيبة ومن قبلهما فرنسا في الشعب التونسي؟ هل أن أعداء الثورة بصدد إيجاد أرضية يقفون عليها لتنفيذ مشاريعهم؟ أم أن مساحتهم الموروثة كبيرة وحصائد مراهنات العهد السابق أكبر؟ هل نكتفي بقراءة واحدة لنتائج الانتخابات؟ أم أننا نحتاج لقراءتها أكثر من مرة حسب حركة الواقع؟ كيف نفسر أن تحكم أحزاب الأغلبية البلاد، ومع ذلك تعرقل الأسفار أداءها؟ هل ساهم الائتلاف الحاكم في صياغة شخصية المواطن الذي سيتحمل مسؤولية بناء الدولة الحديثة؟ أم أن برناجنا في الحكم ينتظر همة المواطن الذي كان عرضة لمراهنات في إطار الممكن السلبي، لمدة عشرات السنين، والذي اشتغلت على صياغة شخصيته مؤسسات رهيبة في الداخل والخارج في المجالات التعليمية والثقافية والمهنية والاجتماعية...؟ هل أن كل الذين يمارسون السياسة في بلادنا يعتمدون على مشاريع بناء وتطوير؟ أم أن منهم المصلحون وأكثرهم مراهنون على نقاط الضعف في المجتمع؟ هل نراهن كما يراهنون؟ أم أن مشروعنا هو مشروع بناء العقل وصيانة الضمير وإعمار الأرض، وصناعة المواطن الصالح المصلح؟ هل هذه تساؤلات خيالية أم تشاؤمية أم واقعية؟
لقد خططنا كثيرا في مجال السياسة لما يخدم مصلحة البلاد، وكنا نظن أن غيرنا يفكر في مصلحة البلاد مثلنا، والحال أنهم يتفنون في استخدام الممكن السلبي في الشعب، وما أوسع دائرته. فهل آن لنا أن نقرأ عالم الحراك السياسي قراءة أخرى، ونتهيأ لواجهة عالم المراهنات تهيؤا آخر في تخطيطنا المقبل؟
حينما كنا نقرأ ونحن شباب عن الصحابة الكرام، كنا نصنّفهم في مرتبة فوق البشر العاديين، وحينما قرأنا عن الفتنة الكبرى وما حصل فيها صُعقنا، فشطبنا على ما توهمنا أنه مستحيل في حقهم وأقررنا بالممكن، وعلمنا أن الممكن لم يتحول إلى حقيقة مؤلمة في ذلك الوقت، إلا بعد مراهنات لعبد الله بن سبأ اس تمر سنوات، فعّل فيها الممكن السلبي في كل الاتجاهات، فبقيت ثمرة مراهنانه اللعينة مئات السنين إلى أن بلغتنا.
إن القرآن يرشدنا والتاريخ يعلمنا والواقع "يوكزنا" ليوجهنا، ولا أدري ماذا بعد
تحية طيبة والسلام عليكم ورحمة ال له وبركاته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.