هل أنّ ادّعاء "أنصار الشريعة" ونعتهم الحزب الحاكم في تونس بالطاغوت شرعيّ وصحيح؟ أم أنهم يدّعون في العلم فلسفة فقد حفظوا شيئا وغابت عنهم أشياء؟ هل أنّ ادّعاء "أنصار الشريعة" ونعتهم الحزب الحاكم في تونس بالطاغوت شرعيّ وصحيح؟ أم أنهم يدّعون في العلم فلسفة فقد حفظوا شيئا وغابت عنهم أشياء؟ لا يختلف اثنان في أن الحكم بغير ما أنزل الله من أعمال أهل الكفر. وقد يكون كفرا ينقل عن الملة وذلك إذا اعتقد حلّه وجوازه. وقد يكون كبيرة من كبائر الذنوب ومن أعمال الكفر. قد استحق من فعله العذاب الشديد. فالله سبحانه وتعالى حذّرنا أن نتّبع الهوى في الحكم. وأن لا نجعل اتّباع أهواء فاسدة معارضة للحق. بدلا عمّا جاءنا من الحق فنكون قد استبدلنا الذي هو أدنى بالذي هو خير. فجميع الأمم جعل الله لها شرعة ومنهاجا يعني سبيلا وسنّة. وهذه الشرائع التي تختلف باختلاف الأمم هي التي تتغيّر بحسب تغيّر الأزمنة والأحوال. وكلها ترجع إلى العدل في وقت شرعتها. وأما الأصول الكبار التي هي مصلحة في كل زمان فإنها لا تختلف فتشرّع في جميع الشرائع. وكل حكم مخالف لما أنزل الله على رسوله صلى الله عليه وسلم فهو يعتبر حكم جاهلية. والذي يخالف حكم الله المبني على العلم والعدل والقسط والنور والهدى يبتلى بحكم الجاهلية المبني على الجهل والظلم والغ يّ. لكن بعد أن أحصينا هذه المعطيات هل بإمكاننا أن نكفّر الحزب الحاكم في تونس وهو الذي ينتمي إلى تيار إسلامي وقد سبق له أن أعرب عن حسن نواياه في تحكيم الشريعة. فالفرق بين حركة النهضة والأحزاب العلمانية هو أن الاحزاب اليسارية تنكر العمل بأحكام الشريعة جملة وتفصيلا غير أن حركة النهضة لا تمانع في تطبيق شرع الله لكن الظروف ليست مواتية لعدّة اعتبارات. فغالبية المجتمع لا تفقه فقد مارس عليهم الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي سياسة تجفيف المنابع. لذا تراهم لا يميّزون بين الحلال والحرام. فعلى سبيل المثال أليس سارقا الذي يمتطي حافلة دون أن يدفع ثمن التذكرة؟ أليس كل من يتعدى على أملاك الغير قد ارتكب محرما. بأمّ يعيني رأيت كثيرا من الناس لا يجدون حرجا في أكل ثمار ليست على ملكهم. ولنفترض أننا نريد تحكيم الشريعة ألا تستحق قضاة يفقهون الأحكام الشرعية مثل القاضي شريح في عهد الرعيل الأول. وكم يلزمنا من سنة حتى نقوم بتكوين مثل هؤلاء القضاة؟ زد على ذلك هل نستطيع تحكيم شرع الله في وقت عرف فيه المسلمون بالضعف على جميع المستويات؟ فكيف لنا أن نتصدى للهجمات الغربية التي سبقتنا أشواطا طويلة في ا لعتاد والعدة. وربنا الجبار قال في كتابه العزيز في سورة الأنفال "وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم وما تنفقوا من شيء في سبيل الله يوف إليكم وأنتم لا تظلمون". وقد قيل لنا أن كلّ الفرائض والسنن تقام بالذكر والقدرة وتسقط بالعجز والنسيان. فالصلاة هي عماد الدين ولكنها تسقط على المكلف بالعجز والنسيان. فلو أن امرأ افتتن في دينه وأجبر على الكفر بالله بعد إسلامه فهذا لا نستطيع أن ننعته بالكافر لأنه أكره وقلبه مطمئن بالإيمان. عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استُكرهوا عليه" حديث حسن رواه ابن ماجة والبيهقي وغيرهما. هل بإمكان حكومتنا اليوم أن تقيم شريعة الاسلام في عالم تقصى فيه كل الدول التي تستند إلى مرجعية دينية وتحاصر اقتصاديا والأمثلة في ذلك كثيرة ومعلومة. أذكر من بينها حركة حماس التي ضيّق عليها مع أنها انتخبت انتخابا شرعيا. والسودان قسّمت إلى نصفين. ومالي والصومال التي أنهكتهما الحروب الأهلية وأفغانستان وغيرها. قد تقولون إنّ المملك ة العربية السعودية هي أيضا تتبنى تطبيق الشريعة الى الآن. أقول لكم أن المملكة لا تحتاج إلى الدعم الأجنبي مثل بقية الدول بل العكس هو الحاصل فالدول الغربية هي ممنونة للمملكة في بناء اقتصادها. فعندما تتغيّر عقلية شعوبنا العربية وتحقق اكتفاؤها الذاتي في المأكل والملبس. وتستطيع أن تزاحم وتتحدى الدول الغربية في المجال العلمي والتكنولوجي. وتعمل على تشجيع البحث العلمي في جميع المجالات وخصوصا في الميدان العسكري. بالإضافة الى نشر الوعي الإسلامي في المجتمع وفهم الأفراد ما لهم وما عليهم من الأمور الدينية مع التخلّق بقيم الاسلام السمحاء ومبادئه. عند ذلك فقط نستطيع أن نقول لحكومتنا وجب عليك أن تحكمي فينا شرع الله تعالى. ونستطيع أن ننعتها بأبشع النعوت لأنها استوفت كل شروط الاستكراه وما عليها الا أن تحكّم الشريعة أو أن تتنحى وتستقيل. الفاروق عمر بن الخطاب عندما أصاب الجزيرة العربية مجاعة. وجيء برجل متلبّس بالسرقة الموصوفة لم يحكّم فيه شرع الله ولم تقطع يده لأنه كان مضطرا للسرقة. كما أن نبي الله يوسف بن يعقوب عليهما السلام عندما كان عزيز مصر هل برأيكم قام بتحكيم شريعة أبيه في دولة الفراعنة؟ أبدا ما فعل ذلك بل حكم بالقسط والمساواة والعدل أما بقية الحدود فمحال أن يحكم بها هذا النبي المرسل في دولة كانوا يعبدون الأوثان. وهناك ملك من الملوك في الأزمنة الغابرة التي ذكرها التاريخ من كان يدفع الجزية إلى طواغيت زمانهم وحين أحسّ بأنه قادر على دحر هذا الطاغية امتنع عن دفع الأموال التي كان يدفعها في ما مضى. فكانت النتيجة الحرب التي أسفرت عن الظفر بالنصر المؤزّر للملك المسلم. فيصل بوكاري - تونس