ابراهيم بالكيلاني ( النرويج) بعد حمد الله و وصفه بجلال الكلم و التذكير بنعم العقل و العلم و مآلات البشر يوم الفزع الأكبر، والصلاة و السلام على خير البرية محمد بن عبدالله وآله وصحبه الطيبين . أما بعد : ما لم يُنقل عن حجة الاسلام في كتابه المنحول " تهافت الساسة"، و الذي هو من وهم خيال الكاتب ، بعد أن انجلت "غمّة الحمار" و أسفرت عن صياح و نواح و ثنّت بالوعد و الوعيد، فهل إلى "روح الحوار" من مُعيد؟. أطلّت روح حجة الاسلام على وطني ، فغاضها ما رأت ، و تمنّت لو تُرجع إلى الجسد الفاني أبا حامد الغزالي لتقول من جديد : فإني رأيت طائفة يعتقدون في أنفسهم التميّز عن الأتراب و النظراء، بمزيد من الفطنة و الذكاء، قد رفظوا وظائف الدولة من الخدمات، و استحقروا إرادة الشعب : من نتائج الانتخابات، و التوقّي منها في الأيام القادمات، و استهانوا بسلطة القانون و حدوده، و لم يقفوا عند توقيفاته و قيوده، بل خلعوا بالكليّة ربقة الوطن بفنون من الظنون. لا مستند لكفرهم بالثورة غير تقليد سماعي إلفيّ ، كتقليد "حماري" و "سيسي". و تسترسل الروح في القول: و إنما مصدر كفرهم بالثورة سماعهم أسماء هائلة السبسيقراط، ولطيفقراط و حماراتون و أمثالهم الذين كانوا بناة عهود الاستبداد و هم حماته إلى يوم الدين. و هم في ذلك معذورون في اعتقادهم ، لأن الطبع غلاّب، و العيب فيمن يسمع لهم، و يمنحهم حمار بعد حمار. فلما رأيت هذا العرق من الحماقة نابضا على هؤلاء الأغبياء، حدثت معجزة عودة الروح إلى الجسد الفاني و انتدبت لتحرير هذه الكتاب ردا على "ساسة تونس"، مبينا تهافت فكرهم وتناقض كلمتهم فيما يتعلق بالوطن، و كاشفا عن غوائل مذهبهم وعوراته التي هي على التحقيق مضاحك العقلاء، و عبرة عند الأذكياء. و سنصدّر الكتاب بمجموعة من المقدمات: أولها : أن الخوض في حكاية اختلاف الساسة تطويل، فإن خبطهم طويل، و نزاعهم كثير، و آراءهم منتشرة، و طرقهم متباعدة متدابرة... و قبل اكمال المقدمة الأولى أصاب الروح وجع عجيب، و لم يستطع الجسد الفاني دعوة الطبيب، فعادت الروح إلى موطنها البعيد، و فقد الجسد الفاني قدرة التفكير و الكتابة من جديد ، و عاد إلى موطن الوحشة و لسانه يردد: القول بأن المنطقيات لابد من إحكامها فهو صحيح، و لكن المنطق ليس مخصوصا بهم، و السياسة ليس حكرا عليهم..