ربما لم "تتسيس" سابقا السياحة التونسية وتدخل مربع التجاذبات السياسية والحزبية كما يحدث اليوم، ومنذ تولي وزيرة السياحة آمال كربول مقاليد الوزارة. وبعد ما أثارته زيارة آمال كربول إلى إسرائيل من جدل وانتقادات داخل المجلس التأسيسي وخارجه إبان منح الثقة لحكومة مهدي جمعة، تعود الأحداث وبتشابه كبير لتثير مرة أخرى موجة من الجدل والانتقادات داخل المجلس التأسيسي وخارجه..
وهذه المرة حول منح ترخيص لسياح إسرائيليين بالدخول إلى تونس، ما إعتبره قسم كبير من نواب التأسيسي تطبيعا مع الكيان الصهوني وعلى اثره تم جمع توقيعات لعريضة مساءلة لوزيرة السياحة ومعها الوزير المعتمد لدى وزير الداخلية المكلف بالأمن رضا صفر سرعان ما تطورت بعد حصولها على أكثر من 80 إمضاء لتصبح لائحة سحب ثقة.
ردود أفعال وامتد الجدل حول موضوع زيارة السياح الإسرائلين خارج أسوار التأسيسي وتتالت ردود الأفعال طيلة اليومين الماضيين بدءا برئيس الحكومة الذي دعا إلى إخراج الموضوع من طور التجاذبات معتبرا ذلك ضربا لموعد زيارة الغريبة وبالتالى للموسم السياحي برمته، الأمر الذي رفضته عديد الأطراف من داخل التأسيسي وخارجه معتبرة تصريحات رئيس الحكومة مقايضة غير مقبولة بين نجاح الموسم السياحي و"التطبيع". وتطورت ردود الأفعال أمس لتشمل الهيئة الوطنية للمحامين التي استنكرت في بيان لها الإجراء الوزاري الذي بموجبه سمح لسياح اسرائليين بدخول تونس واعتبرت ذلك اعترافا وتطبيعا مع الكيان الصهوني. وعبرت هيئة المحامين عن رفضها للتصريحات المبررة لهذا الإجراء كما طالبت الحكومة بالتراجع عن قرارها والتماهي مع إرادة الشعب التونسي في دعم القضية الفلسطينية، استنادا إلى ما جاء في نص البيان. بدورها شهدت شبكات التواصل الإجتماعي جدلا حدا حول موضوع زيارة الإسرائليين إلى تونس، تطور إلى حد تبادل صور على أساس أنهن فتيات يهوديات في جربة يرقصن ويحملن الأعلام الإسرائلية.
ما وراء الحدث ولعل تزامن هذه الأحداث مع الموعد السنوي لزيارة الغريبة في الشهر المقبل، حول الجدل أيضا إلى مربع زيارة الإسرائليين سابقا إلى جربة بمناسبة موسم حج اليهود إلى الغريبة سواء بجنسيتهم الإسرائيلية أو بجنسيات غربية أخرى، بين من إعتبر الموضوع مسألة معتادة معلومة للجميع ولها انعكاسات سياحية هامة على تونس ولا تحتمل التوظيف والمزايدات وبين من يرفض التعاطي مع زيارة الإسرائليين من منظور الأمر الواقع والحاجة الإقتصادية بل من منطلق سيادة وانتماء شعب. ما دفع بيريز الطرابلسي رئيس كنيس الغريبة للتصريح ل"الصباح نيوز" عن استغرابه من الإحتجاج اليوم على زيارة الإسرائليين للغريبة رغم أنهم دأبوا على ذلك حتى في عهد حكم النهضة. على حد تعبيره. وفي حقيقة الأمر فالتساؤل حول أبعاد وخفايا إثارة كل هذا الجدل حول موضوع زيارة الإسرائليين للغريبة يراود الكثيرين لا سيما وأنه يأتى قبل أيام قليلة من هذا الموعد السياحي الهام وفي وقت تتطلع فيه حكومة جمعة لإنجاح الموسم السياحي لتجاوز مشكل السيولة في الميزانية. فهل للأمر علاقة بحساسيات سابقة حول زيارة آمال كربول إلى اسرائيل التى لم يستطع البعض تجاوزها؟ أم هناك أمر دبر بليل لعرقلة حكومة جمعة ومعاقبة افرازات الحوار الوطني؟ أم لا يتعدى الأمر مجرد "عنتريات" وزوبعة في فنجان؟