[داعيا منظّمات المجتمع المدني إلى ردع هذا النوع من المنتوجات الثقافية ومقاطعتها]!... إنّه رأي السيّد رشيد النجّار، ممثّل المجتمع المدني وأمين عام الجمعيّة الدوليّة للمساجين السّياسيين، حول البرمجة الرّمضانيّة التونسيّة التي أجمع العديد من الملاحظين والتونسيين على أنّها جاءت محاوَلةً لنسف آثار الحياء والتديّن والرّوابط الأسريّة التي استطاعت الثبات أمام معاول فترة "فرحة الحياة" التي بشّر بها ابن علي وملإه!!!.... ما استوقفني هو ديمقراطيّة هذا الرّجل، فهو وإن كان ممثّلا للمجتمع المدني، لم يزد على دعوة المجتمع المدني إلى الفعل. والفعل عنده هو ردع المنتوج (لعلّه قصد منتج المنتوج) ومقاطعة هذه الأعمال، ربّما بغلق التلفاز من طرف المشاهد وعدم المتابعة (فقد بات دارجا على ألسنة النّاس: بيني وبينك تليكموند)!...
عدم معرفة الشيء لا تعني بالمرّة عدم وجوده!... وعليه فالاكتفاء بغلق التلفاز هو بمثابة وضع الرّأس تحت الرّمال، وظنّي أنّ ذلك لا يحلّ المشكلة أبدا. بل الذي يحلّها هو غلق محطّة الإرسال (القناة الفضائيّة) وعدم السماح لها بالإرسال مجدّدا إلّا بعد جبر أضرار المشاهد (ولن يكون ذلك بأقلّ من الاعتذار عمّا حدث وعن بيان مواطن الانحراف فيه ثمّ العزم على عدم العود) ثمّ الإمضاء على كرّاس شروط تؤكّد بنودها على عدم الإساءة إلى الأخلاق وعدم خدش مكارمها وذلك بالتنصيص على عدم التطاول باسم حريّة التعبير على الأفراد أو المجموعات أو القيم التونسيّة الإسلاميّة الضاربة في القدم، وبالالتزام بعدم بيع اللحم الحرام النّتن على الهواء مباشرة وعدم التطاول على الوالدين والأسرة بما يُرتكب على الهواء أو في الكواليس من جرائم أخلاقيّة طاعنة في ظهر العرض والحياء ناهيك عن الدّين!...
وأمّا الأولياء، فهم - لو كانوا مؤمنين - المعنيون بالآية الكريمة [يا أيّها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها النّاس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يُؤمرون]، فلعلّهم يكونون من النّاس الذين هم وقود النّار عياذا بالله تعالى!... وعجبي كيف يمكن لمن رأى ابنته أو أخته أو زوجته تُحتضن وتُقبّل من طرف منتج برنامج تلفزي أو مقدّم له أو من الحضور، كيف يُؤمَن على أن يأتينا من صلبه بمن يُدافع عن حرمة البلاد وعن الأعراض. أو كيف يقوى على نقد الفاسد فيبعده أو رفض الفساد فيزيله أو مقاومة الصائل فيصدّه ويدحره!...
الدعوة ملحّة إلى مراجعة النّفس وإعزازها، وإنّها لن تعزّ بملّيم حرام مُغرٍ يعرضه هذا أو ذاك في برامج ساقطة باع فيها منتجوها للمجتمع سفاسف الأمور مقابل ذهاب الأخلاق وزوال المروءة والرّجولة وقتل الغيرة وإتلاف خصوصيات الأفراد والعائلات والمجتمع!... الدعوة ملحّة إلى الوقوف ضدّ تتفيه المجتمع وإلهائه بالهوامش الصارفة عن الجدّ والاجتهاد من أجل إعلاء قيمة البلاد!... على النّخبة الصالحة أن تفتكّ بجرأة قيادة المجتمع متّجهة به وجهة الصعود بدل الانحدار ووجهة العزّة وغنى النّفس بدل الذلّ والفقر المُحنِي للرّقاب ووجهة العمل والإنتاج والطهارة الحسّيّة والمعنويّة بدل العطالة والبطالة والقاذورات المربكة للإنتاج الدّافعة إلى الزهد في تونس الكريمة!... ولن تكون النّخبة قادرة على ذلك إلّا بنصوص تشريعيّة تجرّم الانحطاط وتحارب التبعيّة وتُؤصّل لضرورة وحتميّة الرّجوع إلى الأصل!...
ولْنَخْشَ جميعا جيلا أنتجته فترة "فرحة حياة" كانت قد جرّأت "العازبات" على أن يكنّ أمّهات، وأطلقت أبناء "العازبات" يجوسون خلال الدّيار دون رفق بالثيّبات والعازبات ودون احترام لهنّ أو تثمين لدورهنّ!...