ان تتحدث بعض قيادات النهضة عن انجازات السيد نجيب الشابي القديمة وتقديمها على انها لبنة في بناء تونس ما بعد الثورة فهذه خلطة هجينة غير متجانسة مع الواقع شاردة عن الوقائع ، يمكن للنهضة ان تختار المرشح الرئاسي الذي ستدعمه وفق اجندتها ووفق ما يليق بمنهجها ويتجانس مع رؤيتها لمستقبل عملية الانتقال الديمقراطي ، وليست النهضة مجبرة على دعم شخصية بعينها واعتباره سفينة النجاة لان ذلك من شأنه اختزال مشروع الثورة والمشاريع المنبثقة عنها وتلك التي ستنبثق ، في شخص المنقذ الاوحد ، وتونس قطعت مع حامي حماها والمجاهد الاكبر وصانع التغيير ، واحدثت ثورة تلقائية جماهيرية ، نقلت الوصاية من الاشخاص الى الشعوب والمؤسسات والقانون . اذا لسنا في تونس ما بعد الثورة بصدد البحث عن الرجل السوبرمان ليحكمنا ولا نحن بصدد البحث عن الشخصية الخارقة ، وللنهضة ان تتروى في بناء فكرة الدعم ، وذلك من صلب حقوقها ، لكن الخارج عن السياق ان يقدم بعض قياداتها وصفة مركبة ناشزة للمقارنة بين الشخصيات السياسية ، لانه ومهما تكن اخطاء من ساروا في ركب الثورة ومهما تكن درجة التباين معهم فلا يمكن مقارنتهم بمن وضع الثورة على حافة الانهيار ، ودفع شرعية الصناديق للتضحية بنفسها مقابل انقاذ امانة الشهداء وحلم الاجيال. للنهضة ان تقول لانصارها ولابناء الثورة وللتونسيين حميعا ان مرحلة الخوف على الثورة انتهى ، وان طرحاتها تميل الى اشراك بعض من اشتركوا في جريمة بادوا 2013 لقدرتهم على مد الجسور مع الجميع ، او لعلاقاتهم الواسعة بمختلف الشركاء او لاي سبب آخر ، اما ان تشرع بعض رموز النهضة في تنظيف شخصيات كانت هناك في ساحة المؤامرة حين كانت اموال نهيان وخلفان تتدفق تباعا ، وحين كان ارباب الانقلاب يرفعون في ليالي رمضان 2013 صور السيسي ويبشرون بعودة الاسلاميين من حيث اتو ويعدون لوائح في الغرض ، فذلك لا يتجانس مع دعوة الزرن والجوهري والخماسي وقافلة الشهداء الطويلة التي دفعتها حركة الاتجاه الاسلامي ومن ثم حركة النهضة. الطريق لاختيار احد المتورطين في محاولات اسقاط الشرعية والاجهاز على الثورة ، يتم عبر حشد الاسباب والدوافع لذلك ، وعبر استنطاق قدرة هؤلاء على لجم العنف والفوضى او اي مميزات اخرى قد يراها البعض متوفرة لديهم ، لكن ابدا لن تكون بتهديم خصومهم وتحول اخطائهم الى كوارث وامزجتهم الحادة الى مصائب ، ثم اخراج الانقلابيين من مؤمراتهم كالشعرة من العجين ..حذار فالفرق بين التعقل والمناورة والذكاء وبين قلب الحقائق راسا على عقب شاسعة و كبيرة اكبر مما نتصور جميعا . ليست النهضة مجبورة على تأييد شخص بعينه ، ولا يمكن لمكينة قوية يراهن عليها الشعب أن تتخلى عن نسيجها الدقيق الذي استعانت به لاخراج الثورة من مأزقها ، ان تستجيب لكوكبة من العواطف على حساب الحقائق والتفاصيل ومصالح تونس العليا ، لكن وفي المقابل لا يمكن لنا كإعلاميين تخندقنا في صف الثورة ، كما لا يمكن لابناء الثورة واحرار هذا الوطن ، ان نقبل وان يقبلوا بوصف الابيض بالاسود ولا يمكن القبول بعملية تاهيل من شارك في مؤامرة باردو على حساب من شارك في احباط مؤامرة باردو. نصرالدين السويلمي