في أول حوار تلفزيّ له منذ إنتخابات 26 أكتوبر 2014 التي فاز فيها حزبه بالأكثريّة داخل مجلس نواب الشعب المقبل متجاوزا كتلة حركة النهضة البرلمانية التي وردت ثانية في الترتيب الأولي و على عكس الخطاب الذي أبداه عدد من قيادات حزبه طيلة الأيّام الفارطة خرج زعيم نداء تونس و مرشحه للرئاسيات المقبلة الباجي قائد السبسي في حوار مطول على إحدى القنوات التلفزية الخاصة ليلة إنطلاق الحملات الإنتخابية للدور الأول من الرئاسيّة بخطاب مغاير تماما لخطابه قبل أسبوعين تحديدا. إنطلق الباجي قائد السبسي بالتنويه بالتجربة التونسيّة و نجاحها الباهر على حد تعبيره و خاصة ركّز على الرسائل الإيجابيّة و هذا فيه إحالة واضحة على التموقع و الحجم السياسي لنداء تونس الذي يستمده من حلفاءه إقليميا و دوليّا و إستعمال الباجي لهذا النوع من الإشادة بالتجربة التونسيّة هو الأول من نوعه منذ تأسيسه لحزب نداء تونس حيث ركز دائما على الإشكاليات بما يحيل على تغيّر جذري في التعاطي مع المعطى السياسي الداخلي فرضته أكثرية النداء في نتائج الإنتخابات. السبسي ردّ في حواره التلفزي بطريقة غير مباشرة على نقطة خلافيّة طرحت بقوة خلال الأيام القليلة الماضية متعلّقة بمسك طرف واحد بكل السلط في البلاد في صورة إنتخابه رئيسا للجمهوريّة مؤكّدا أن العلاقة يجب ضرورة أن تكون طيبة بين رئيس الحكومة و رئيس الجمهورية ما يعني أنّه تهرّب بدهاء من الوقوع في السؤال و تحوّل من الحديث عن عن الرئاسات إلى توجيه النصائح لرئيس الحكومة بطريقة تحيل على بداية التأسيس للعب دور "الأب الروحي" أو ممارسة نوع من السلطة الرمزية و الأدبية عليه و هو ما كان سابقا تهمة يوجهها النداء لزعيم حركة النهضة راشد الغنوشي. الملفت في حوار الباجي قائد السبسي أنّه لم يستعمل اللغة الصداميّة و لا الإستئصالية التي تعود التونسيون سماعها مع قيادات النداء خاصة تجاه الإسلاميين فقد خرج السبسي في صورة الباحث عن التوافق و الحوار و القبول بالتنازل لتشريك أطراف أخرى في السلطة مهما كان الإختلاف معها و الباحث عن الحلول الإقتصادية و الإجتماعيّة و هو نفس خطاب زعيم حركة النهضة راشد الغنوشي منذ نحو سنة تقريبا بل الغريب أن السبسي إستعمل نفس المفردات تقريبا على غرار "هناك مكان للجميع"، "التونسيون هم من قرّروا" ، "لا بدّ من الإلتفات للفئات الضعيفة في السنوات المقبلة"، "رئيس الجمهورية رئيس لكل التونسيين".... تغيّر مفاجئ في خطاب زعيم نداء تونس الباجي قائد السبسي حضرت فيه شخصيّة زعيم حركة النهضة راشد الغنوشي ممارسة و خطابا يحيل على متغيّر جديد في معطيات التحليل و القراءة للمشهد القادم ينطلق من صورتين للزعيم واحدة أصل و الأخرى مقلّد أو تحاول أن تكون كذلك. -