أعلن الأمين العام السابق لحركة النهضة، حمادي الجبالي أمس الخميس انسحابه من الحركة. وبرر رئيس الحكومة الأسبق انسحابه من الحركة بأنه لم يعد يتحمل تبعات قرارات وخيارات تنظيمية تسييرية وأخرى سياسية إستراتيجية لتموقع الحركة في المجتمع، وقال انه لم يعد يجد نفسه في هذه الخيارات ومآلاتها. وقد تكون إشارات الجبالي لقرارت الحركة السياسية على وجه الخصوص ما يتعلق ربما بالموقف من المشهد السياسي الجديد الذي أفرزته انتخابات أكتوبر 2014، في علاقة بحزب نداء تونس المتحصل على أغلبية المقاعد بمجلس النواب، اذ يعتبر الجبالي من بين الشخصيات في حركة النهضة التي دعمت ضمنيا الانتصار للمنصف المرزوقي المترشح للانتخابات الرئاسية على حساب قائد السبسي، فضلا عن اختلافه مع الحركة بخصوص خيار المشاركة في الحكومة المقبلة والتفاوض مع نداء تونس لاقتسام المناصب.. وراجت مؤخرا أخبار عن خلافات عميقة داخل مجلس شورى حركة النهضة بسبب الموقف السياسي من الانتخابات الرئاسية، وصلت إلى حد تلويح رئيس الحركة بالاستقالة.. وكان القيادي في الحركة قد أعلن يوم 5 مارس 2014 استقالته من الأمانة العامة لحركة النهضة الإسلامية والتي يتولاها منذ 2012. ولم يوضح أسباب الاستقالة إلا أنه أكد أن قراره نهائي وأرجعه إلى أسباب «ذاتية وموضوعية». وفي تعليق على انسحاب الجبالي حركة النهضة، عبر مصدر من داخل الحركة عن اسفه لانسحاب القيادي حمادي الجبالي واحد المؤسسين البارزين للحركة، وقال ان الأخير لم يعد ينشط صلب هياكل الحركة منذ طويلة، خاصة منذ تقديم استقالته من الأمانة العامة للحركة..
رفيق
بيان انسحاب الجبالي من الحركة على صفحته الرسمية بالفايسبوك: «تمر بلادنا شعبا وأحزابا وفاعلين اجتماعيين بمرحلة انتقال صعبة وحاسمة: من منظومة الاستبداد والفساد إلى بناء الدولة المدنية الديمقراطية، يكرم فيها الإنسان ويزدهر فيها العمران وننعم فيها بالسلم المجتمعي في كل أبعاده، تلك هي أهداف ثورتنا المباركة، ثورة الكرامة. وفي سبيل انتصار هذه القيم وانجاز الأهداف، ضحت عبر عقود أجيال من أبناء شعبنا، فمنهم من قضى نحبه شهيدا ومنهم من ابتلي بشتى أنواع البلاء ومنهم من ينتظر صابرا منتصرا لهذه القيم. وعلى هذا الأساس ومن أجل انجاز هذا المشروع الحضاري، كان انضمامي المبكر إلى الحركة مطلع السبعينات ومساهمتي المتواضعة في نضالها طيلة عقود وتطورها وانتصارها بالثورة لتصبح فاعلا أساسيا في المجتمع. ان كل اطار تنظيمي هو الوعاء المؤطر للفكرة المنجزة للمشروع الذي تعاهدنا عليه من أجل تونس الحرية والعدالة نشترك فيه مع كل شعوب العالم التائقة للتحرر وبناء السلم العادل. اليوم يواجه هذا المشروع تحديات جسام ومخاطر ردة داخلية وخارجية وضعت شعبنا وقياداته على المحك مجددا وأمام امتحان: اما مواصلة النضال لانجاز حلقات هذه الثورة السلمية على طريق صعب وطويل. واما تخاذل واستسلام يفضي لا قدر الله إلى انتكاسة، والعودة بشعبنا إلى منظومة الاستبداد والفساد، ونتيجتها حتما ضياع الأمل عند شبابنا خاصة. والالتجاء إلى حلول اليأس والعنف والتطرف والإرهاب. وقد آليت على نفسي أن أكون ضمن المناضلين المنتصرين لمنهج الثورة السلمي المتدرج درءا لمفسدة ستكون كارثية على شعبنا ومنطقتنا وأمتنا بل عالمنا كله. هذا الموقف والموقع والذي لا أكلف به إلا نفسي، أجد صعوبة بالغة في الوفاء به ضمن اطار تنظيم حركة النهضة اليوم.... وحتى لا أحمل غيري مسؤولية مواقفي، وفي المقابل حتى لا أتحمل تبعات قرارات وخيارات: تنظيمية تسييرية وأخرى سياسية إستراتيجية لتموقع الحركة في المجتمع، حيث لم أعد أجد نفسي في هذه الخيارات و مآلاتها. وتجنبا لكل خصومات ومشاحنات تضعف صف المناضلين وتذهب بالود والعلاقات الطيبة مع كل اخواني قيادة وصفا. وبعد فترة تأمل، قررت الانسحاب من تنظيم الحركة لأتفرغ إلى مهمة أعتبرها مركزية، وهي الدفاع على الحريات على طريق مواصلة الانتصار إلى القيم التي قامت من أجلها الثورة وعلى رأسها احترام وانفاذ دستور تونس الجديدة.»