كيف يقرأ الوضع السياسي الراهن؟ وما رؤية حركته لمسار تشكيل الحكومة الجديدة برئاسة الحبيب الصيد؟ وما هي الاوضاع داخل النهضة وأيّ موقع وحلفاء لها اليوم ؟...عن هذه الاسئلة وغيرها يُجيبنا لطفي زيتون القيادي في حركة النهضة والمستشار لدى رئيسها. النداء هو الشريك الجديد للنهضة في قيادة البلاد الحبيب الصيد من رجال الدولة القلائل الذين تفاعلوا ايجابيا مع الثورة تونس الشروق: يمتلك علاقات واسعة وكسب تجربة سياسيّة مهمّة عبر مشاركته في اول حكومة بعد انتخابات المجلس الوطني التاسيسي ، رفض مُبكّرا منطق الاقصاء والتشفي والانتقام وراهن على خيار التوافق والواقعيّة السياسية ، تقول كل المصادر انّه الشخصية الأقرب الى رئيس حركة النهضة الاستاذ راشد الغنوشي.. في ما يلي نص الحديث مع السيّد لطفي زيتون: كيف تقبلتم تكليف الحبيب الصيد بتشكيل الحكومة الجديد؟. تقبلت حركة النهضة هذا التكليف بارتياح لما نعلمه عن الرجل خاصة خلال الفترة التي اشتغلنا معه فيها من استقلالية وحب للوطن وبحث عن المصلحة العليا للدولة.. صحيح ان السيد الحبيب الصيد قد شغل مناصب متعددة في فترات مختلفة منها فترة النظام السابق ولكنه من رجال الدولة القلائل الذين تفاعلوا ايجابيا مع الثورة وفهموا كنه التغييرات التي تشهدها بلادنا منذ اربع سنوات وتطلعات الشباب وخاصة المعطل منه وقد لمست منه شخصيا اهتماما كبيرا بالجهات المحرومة والمنسية وخاصة جهة قفصة. هل تمّت استشارتكم بخصوص هذا التكليف؟. الاتصالات لم تنقطع بين رئيس الحركة الشيخ راشد الغنوشي ورئيس حركة النداء الاستاذ الباجي قائد السبسي منذ لقاء باريس الذي جنب البلاد انهيار التجربة الديمقراطية ووضعها على سكة الحوار الوطني الذي افضى الى توافق مكن من انجاز الاستحقاقات السياسية للثورة ممثلة في الدستور وانتخاب الهيئات المستقلة وتنظيم انتخابات حرة نزيهة اسفرت عن مؤسسات مستقرة وستنتهي قريبا بتشكيل المحكمة الدستورية.. هذه الاتصالات ساهمت في تقارب الاراء بين الرجلين ونظرتيهما للمصلحة العليا للبلاد وهذا الاختيار هو ثمرة من ثمار هذا التقارب. اخر هذه الاتصالات تم يوم الاحد حيث استدعى السيد رئيس الجمهورية الشيخ راشد الغنوشي لاعلامه بالشخصية التي توافق عليها الحزب المكلف بتشكيل الحكومة واخذ رأيه فيها. ما هي رؤيتكم لطبيعة التركيبة الحكومية القادمة؟ اختيار السيد الحبيب الصيد رئيسا للحكومة يفتح الامكانية امام شكلين لتركيبة الحكومة: حكومة كفاءات وطنية فنية مستقلة مدعومة من كل الاحزاب او حكومة كفاءات وطنية سياسية تمثل ائتلافا واسعا وتحظى بقاعدة سياسية صلبة.. والنهضة اميل للشكل الثاني باعتباره يعطي معنى اكثر للعملية الانتخابية التي تجري على اساس سياسي . هل رفعت النهضة فعلا «فيتو» في وجه بعض الأسماء التي تمّ اقتراحها لرئاسة الحكومة؟ لم يعرض اي اسم على النهضة سوى السيد الحبيب الصيد وقد وافقت عليه النهضة،،. البعض يتحدّث عن حقائب وزارية لاعضاء من النهضة في الحكومة القادمة ، ما هي هذه الحقائب ؟. لم يبدأ التشاور بعد على تشكيل الحكومة.. وموقف النهضة معروف وهو استعدادها للمشاركة في حكومة وحدة وطنية. تضم اوسع ما يمكن من الطيف السياسي.. وتحترم الوزن السياسي للحركة. يتم تداول اسم لطفي زيتون لحقيبة في حكومة الصيد ؟ اتشرف اليوم بالاشتغال الى جانب استاذي ومقام الوالد الشيخ راشد الغنوشي مستشارا سياسيا له، ومؤسسات الحركة ورئيسها لهم القول الفصل في من يمثل الحركة في مؤسسات الدولة ،، وانا واخواني على ذمة البلاد والدولة متى ما كلفنا.. ما هي نظرتكم لأولويات ومهمات الحكومة القادمة المستعجلة؟ الحكومة القادمة تقف امام مهمة عاجلة واكيدة هي معالجة الكسر الذي خلفته تجربة الدولة التونسية خلال عقود طويلة بين جهات نامية وجهات منسية او غير محظوظة ، هذا الكسر الذي كرسته الانتخابات الاخيرة من خلال ما شهدناه من استقطاب حاد احيانا بين جهات البلاد.. وترجمة هذه المعالجة تتمثل في وضع مخطط لتعديل ميزان التنمية ومعالجة مشكل الفقر والبطالة بشكل جدي في اطار منوال اقتصادي جديد.. والاستاذ الصيد مؤهل لقيادة هذه المعالجة اولا لخلفيته في الاقتصاد الفلاحي ولتجربته الطويلة في مسالك الدولة،، هل النهضة بصدد اعادة صياغة علاقاتها وتحالفاتها في المشهد السياسي؟ النهضة مازالت العمود الفقري للاجتماع السياسي التونسي الذي انتجته الثورة وهي عازمة على الارتفاع الى مستوى هذا الدور الذي وضعها فيها شعبها وهي في تفكير دؤوب وبحث عن اوفق السبل لتحقيق المصلحة العليا للبلاد ونرى في هذه المرحلة ان ذلك يكمن في تكتل جميع القوى من اجل تشكيل حكومة وحدة وطنية مؤهلة للتعامل مع الاستحقاقات الاقتصادية والاجتماعية للثورة والتي على اساسها سيحكم على نجاح او فشل الثورة التونسية ولتحقيق ذلك تمد النهضة ايديها لكل الفرقاء حتى اولئك الذين يعملون وينادون باقصائها من المشهد السياسي. هل انتهت العلاقة نهائيا مع حزبي المؤتمر والتكتّل؟ هذان الحزبان هما جزء من المشهد السياسي التونسي وعلاقة النهضة قائمة معهما ومع غيرهما. البعض يرى أنّ نداء تونس هو الحليف الجديد لحركة النهضة؟ النداء هو الشريك الجديد للنهضة في قيادة البلاد،، ذلك ما حكمت به صناديق الاقتراع ،، يبقى هل يرتقي الحزبان الى مستوى ثقة المواطن التونسي ويحسنان ادارة العلاقة بينهما بما يحفظ مصالح البلاد والعباد؟؟ في مستوى رئاسة الحزبين هذا متحقق ،، يبقى هناك جهد يجب ان يبذل على مستوى النخب السياسية لكليهما،، هل تجاوزت النهضة خلافاتها العميقة الناجمة عن الموقف من الانتخابات الرئاسيّة الاخيرة؟. كان هناك اختلاف حاد في تقدير الموقف داخل الحركة من الانتخابات الرئاسية.. نشعر انه بدأ يزول بمجرد الاعلان عن النتائج.. رغم المرارة لدى بعض الذين انخرطوا في العملية بحماس.. والمهام الجسيمة التي تواجهها الحركة في المرحلة القادمة سواء كانت في صلب الحكومة او في المعارضة كفيلة باعادة اللحمة والوحدة الى صفوفها. متى ستعقدون مؤتمركم القادم؟ المؤتمر القادم سيكون في الصائفة اذا استقرت الاوضاع السياسية. هل سيكون لاستقالة حمادي الجبالي تأثير على مستقبل الحركة وتماسكها التنظيمي؟ تاثير على مستقبل الحركة ،، لا اظن. ...ولكن الجبالي صرّح بأنّه سيشكّل حزبا جديدا؟ هناك اشارات متضاربة تصدر عن السيد حمادي الجبالي.. المؤكد انه رغم استقالته المعلنة مازال يتحرك في الفضاء النهضوي.. ويتوجه لما اصبح يعرف بشعب النهضة والذي يغري اتساعه وامتداده بعض الشخصيات بالتعامل معه على اساس انه شعب بلا قيادة.. وحتى اذا تشكل حزب جديد فهو مثل بعض التجارب السابقة لن يكون من السهل عليه الخروج من هذا الفضاء. من هو لطفي زيتون؟ ولد في 13 أوت 1964 بتونس وهو اعلامي وباحث متخصص في السياسة والتاريخ ومتزوج برئيسة منظمة «نساء ضد التعذيب» ولهما ثلاثة اولاد وبنتان. زاول تعليمه الابتدائي بمدرسة سيدي علي عزوز ثم بالمعهد الفني بتونس لكن الاعتقالات التي تعرض اليها حالت دون استكمال دراسته الجامعية في تونس، حيث اعتقل مرة اولى على اثر الاحداث التي تلت اغتيال الطالب عثمان بن محمود في افريل 1986 ثم سجن مرة ثانية من سنة 1987 إلى سنة 1989 ثم انقطع مرة اخرى اواخر سنة 1990 بسبب الحملة الاستئصالية التي شنها نظام المخلوع على ناشطي حركة «النهضة». بدأ رحلة المنفى في ديسمبر 1990 في الجزائر وقد عمل هناك مراسلا لبعض الصحف العربية لكن بعد تصاعد الضغوط التونسية على السلطات الجزائرية من اجل تسليمه هو ورفاقه غادر إلى بريطانيا في 20 مارس 1992 اين واصل عمله الصحفي وتحصل على ديبلوم اللغة الانقليزية والتحق بالجامعة من جديد فتحصل على بكالوريوس الحوكمة والتاريخ السياسي من جامعة شرق لندن ثم تحصل على الماجستير في نظريات العلاقات الدولية من جامعة كانتربري ببريطانيا. شغل موقع مدير مكتب رئيس حركة «النهضة» من سنة 1993 إلى غاية 2006 كما كان عضوا في المكتب الإعلامي والسياسي للحركة بالمهجر خلال التسعينات. في سنة 2000 التحق بالمكتب التنفيذي ومجلس الشورى لحركة «النهضة» في المهجر وشغل منصب رئيس تحرير مشارك لفصلية «مراصد» التاريخية. كما تقلد منذ سنة 2006 منصب نائب ورئيس تحرير قناة «الحوار» الفضائية اللندنية وعضو مؤسس في مركز تونس للدراسات الاستشرافية وعضو الاتحاد الوطني للصحفيين في بريطانيا. تقلّد مهام المستشار السياسي لرئيس الحكومة حمادي الجبالي في أعقاب انتخابات المجلس الوطني التأسيسي قبل أن يستقيل بصفة مبكّرة مُدافعا عن خيار التوافق ورفض الاقصاء السياسي او الحزبي دون اللجوء للقضاء. وهو حاليا عضو المكتب التنفيذي لحركة النهضة والمستشار السياسي لرئيسها. أجرى الحديث: أبو أمان الله