بِسْم الله الرحمن الرحيم أسبوع الوئام في الدنمارك عبد الحميد الحمدي رئيس المجلس الاسلامي الدنماركي تمكن الانسان خلال مشواره الطويل منذ خلقه الله تعالى واستخلفه في ارضه، ان يترجم ابداعات الخالق من خلال إنجازاته على الارض، وتمكن خلال العصور المختلفة من تحويل العالم الى قرية صغيرة، واستطاع ان يحكم السيطرة على ادق تفاصيل الطبيعة حتى ان الانسان استطاع ان يصنع شبيها صناعيا له من دون ان يبعث فيه روحا. لكن هذه الكشوفات العلمية لم تصل الى تلبية حاجات الانسان الروحية وظل الغيب والمجهول علامة استفهام كبرى لم يستطع احد تقديم الإجابة عنها مثلما فعل رب العزة في قرآنه الكريم الذي ظل ملجا الانسان كلما ضاقت به الدروب. ومع ان تيارات سياسية مدعومة بقوات أمنية وعسكرية ومالية وتكنولوجية عمدت الى محاربة التدين فإنها فشلت في ملء الفراغ الروحي الذي ملاه الدين بجدارة. ولقد زاد من أهمية الدين في حياة الناس ليس هذه الحاجة الروحية فقط وإنما ما استجد من محدثات استوجبت اللجوء الى الدين لفك لغزها، وهذا ما فعلته الاممالمتحدة عندما اقرت أسبوعا عالميا للوئام بين الأديان ، حيث ادركت ان الأمن لا يتحقق بالحلول الأمنية الصرفة وإنما من خلال رؤية شاملة ومتكاملة يتداخل فيها الأمن المادي بالامن الروحي.. وقد مررنا نحن مسلمي الدنمارك بتجربة فريدة من نوعها عندما بادرت صحيفة محلية الى نشر رسوم كارتونية مسيئة للرسول محمد صلى الله عليه وسلم اثارت ردات فعل متعددة ومتباينة، انتهت الى تأسيس مركز إسلامي حضاري أطلقنا عليه اسم مركز حمد بن خليفة الحضاري يحتوي على مسجد خير البرية بسمعته التي ترفع لأول مرة في بلاد إسكندنافية تحول في وقت وجيز الى منارة علمية وجسرا للحوار بين الثقافات والحضارات بل والأديان. هذا العام وبعد الهجوم الذي شهدته العاصمة الفرنسية باريس وما صاحبه من جدل حول علاقة الاٍرهاب بالاديان والفرق بين حرية التعبير واحترام الأديان وتصاعد مظاهر التخويف من الاسلام في ألمانيا وعدد من الدول الغربية، اخترنا أسبوع الوئام بين الأديان الاممي لنكون من اول المراكز الاسلامية في أوروبا مساهمة في هذه الفعاليات. وقد رتبنا فعالياتنا وفقا لمنهج خاص انطلق بأنشطة اجتماعية من خلال زيارات مباشرة قمنا بها الى المؤسسات الدينية المسيحية واليهودية وايضاً وزارة الكنائس والعدل والخارجية وعدد من المؤسسات الإعلامية وقدمنا لهم باقات ورود مصحوبة بأية قرآنية، وما ارسلناك الا رحمة للعالمين، واختتمنا الأسبوع بندوة دولية شارك فيها من تونس زعيم حركة النهضة الشيخ راشد الغنوشي لما يرمز له من دور في التوافق السياسي في تونس، قبل ان نقيم مهرجانا شعبيا حاشدا منح فيه المجلس الاسلامي الدنماركي درعا تكريميا للشيخ راشد عن دوره في الوفاق الوطني ومن ثم ألقى كلمة مطولة تحدث فيها عن التعايش والمواطنة في الغرب واشاد فيها بقيم الحرية الموجودة في الدول الغربية التي قال بأنها ديار اسلام... ولقد راعنا في المجلس الاسلامي الدنماركي حجم التفاعل الشعبي والرسمي في الدنمارك مع نشاطنا، فعلاوة على ما لمسناه من تفاعل شعبي على الارض من خلال تواصلنا المباشر مع الناس، فقد كان لافتا للانتباه الارتياح الذي وجدناه في المؤسسات الرسمية والدينية والإعلامية، حيث حظيت أنشطتنا بتغطية إعلامية بارزة وكان الشيخ راشد الغنوشي ضيف شرف ليس على المجلس وحده وإنما على الدنمارك كلها، فقد استقبله وفد من الخارجية الدنماركية واستضافه التلفزيون الرسمي الدنماركي في حوار عن الاسلام والديمقراطية والتجربة التونسية الرائدة. تلك هي ايام الوئام التي نعتزم تحويلها الى مناسبة سنوية في الدنمارك.