بقيادة بوجلبان.. المصري البورسعيدي يتعادل مع الزمالك    قضية منتحل صفة مسؤول حكومي.. الاحتفاظ بمسؤول بمندوبية الفلاحة بالقصرين    مخاطر الاستخدام الخاطئ لسماعات الرأس والأذن    صفاقس تُكرّم إبنها الاعلامي المُتميّز إلياس الجراية    سوريا... وجهاء الطائفة الدرزية في السويداء يصدرون بيانا يرفضون فيه التقسيم أو الانفصال أو الانسلاخ    مدنين: انطلاق نشاط شركتين أهليتين في قطاع النسيج    في انتظار تقرير مصير بيتوني... الساحلي مديرا رياضيا ومستشارا فنيّا في الافريقي    عاجل/ "براكاج" لحافلة نقل مدرسي بهذه الولاية…ما القصة..؟    الاحتفاظ بمنتحل صفة مدير ديوان رئيس الحكومة في محاضر جديدة من أجل التحيل    الطبوبي في اليوم العالمي للشغالين : المفاوضات الاجتماعية حقّ ولا بدّ من الحوار    ملف الأسبوع.. تَجَنُّبوا الأسماءِ المَكروهةِ معانِيها .. اتّقوا الله في ذرّياتكم    خطبة الجمعة .. العمل عبادة في الإسلام    انهزم امام نيجيريا 0 1 : بداية متعثّرة لمنتخب الأواسط في ال«كان»    نبض الصحافة العربية والدولية... الطائفة الدرزية .. حصان طروادة الإسرائيلي لاحتلال سوريا    الوضع الثقافي بالحوض المنجمي يستحق الدعم السخي    أولا وأخيرا: أم القضايا    المسرحيون يودعون انور الشعافي    إدارة ترامب تبحث ترحيل مهاجرين إلى ليبيا ورواندا    المهدية: سجن شاب سكب البنزين على والدته وهدّد بحرقها    الجلسة العامة للبنك الوطني الفلاحي: القروض الفلاحية تمثل 2ر7 بالمائة من القروض الممنوحة للحرفاء    الكورتيزول: ماذا تعرف عن هرمون التوتر؟    انتخاب رئيس المجلس الوطني لهيئة الصيادلة رئيسا للاتحاد الافريقي للصيادلة    لماذا يصاب الشباب وغير المدخنين بسرطان الرئة؟    وزير الإقتصاد وكاتب الدولة البافاري للإقتصاد يستعرضان فرص تعزيز التعاون الثنائي    مصدر قضائي يكشف تفاصيل الإطاحة بمرتكب جريمة قتل الشاب عمر بمدينة أكودة    عاجل/ تفاصيل جديدة ومعطيات صادمة في قضية منتحل صفة مدير برئاسة الحكومة..هكذا تحيل على ضحاياه..    الطب الشرعي يكشف جريمة مروعة في مصر    تونس العاصمة وقفة لعدد من أنصار مسار 25 جويلية رفضا لأي تدخل أجنبي في تونس    ارتفاع طفيف في رقم معاملات الخطوط التونسية خلال الثلاثي الأول من 2025    بالأرقام/ ودائع حرفاء بنك تونس والامارات تسجل ارتفاعا ب33 بالمائة سنة 2024..(تقرير)    إقبال جماهيري كبير على معرض تونس الدولي للكتاب تزامنا مع عيد الشغل    وزير الصحة: لا يوجد نقص في الأدوية... بل هناك اضطراب في التوزيع    عاجل/ مجزرة جديدة للكيان الصهيوني في غزة..وهذه حصيلة الشهداء..    الطبوبي: انطلاق المفاوضات الاجتماعية في القطاع الخاص يوم 7 ماي    نحو توقيع اتفاقية شراكة بين تونس والصين في مجال الترجمة    يوم دراسي حول 'الموسيقى الاندلسية ... ذاكرة ثقافية وابداع' بمنتزه بئر بلحسن بأريانة    البطولة العربية لالعاب القوى للاكابر والكبريات : التونسية اسلام الكثيري تحرز برونزية مسابقة رمي الرمح    بطولة افريقيا للمصارعة بالمغرب: النخبة التونسية تختتم مسابقات صنفي الاصاغر والصغريات بحصيلة 15 ميدالية منها 3 ذهبيات    توقيع عدد من الإصدارات الشعرية الجديدة ضمن فعاليات معرض تونس الدولي للكتاب    عاجل/ المُقاومة اليمنية تستهدف مواقع إسرائيلية وحاملة طائرات أمريكية..    تونس العاصمة مسيرة للمطالبة بإطلاق سراح أحمد صواب    صادم: أسعار الأضاحي تلتهب..رئيس الغرفة الوطنية للقصابين يفجرها ويكشف..    التوقعات الجوية لهذا اليوم..طقس حار..    قيس سعيد: ''عدد من باعثي الشركات الأهلية يتمّ تعطيلهم عمدا''    محمد علي كمون ل"الشروق" : الجمهور على مع العرض الحدث في أواخر شهر جوان    توجيه تهمة 'إساءة استخدام السلطة' لرئيس كوريا الجنوبية السابق    منذ سنة 1950: شهر مارس 2025 يصنف ثاني شهر الأشد حرارة    كأس أمم إفريقيا لكرة القدم داخل القاعة للسيدات: المنتخب المغربي يحرز لقب النسخة الاولى بفوزه على نظيره التنزاني 3-2    وفاة أكبر معمرة في العالم عن عمر يناهز 116 عاما    منظمة الأغذية والزراعة تدعو دول شمال غرب إفريقيا إلى تعزيز المراقبة على الجراد الصحراوي    معز زغدان: أضاحي العيد متوفرة والأسعار ستكون مقبولة    زراعة الحبوب صابة قياسية منتظرة والفلاحون ينتظرون مزيدا من التشجيعات    مباراة برشلونة ضد الإنتر فى دورى أبطال أوروبا : التوقيت و القناة الناقلة    في تونس: بلاطو العظم ب 4 دينارات...شنوّا الحكاية؟    اتحاد الفلاحة: أضاحي العيد متوفرة ولن يتم اللجوء إلى التوريد    رابطة ابطال اوروبا : باريس سان جيرمان يتغلب على أرسنال بهدف دون رد في ذهاب نصف النهائي    سؤال إلى أصدقائي في هذا الفضاء : هل تعتقدون أني أحرث في البحر؟مصطفى عطيّة    أذكار المساء وفضائلها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأخ عبد الحميد الحمدي في حوار شامل صريح مع الحوار نت

الحوار.نت: الأخ عبد الحميد مرحبا بك ضيفا مبجلا موقرا كريما على موقعنا الحوار.نت
أشكر الإخوة القائمين على هذا المنبر الإعلامي المميز و أخص منهم فضيلة شيخنا الفاضل الهادي بريك حفظه الله على إتاحة هذه الفرصة لأنقل للقارئ الكريم من خلال هذه المساحة الحرة أخبار وأحوال ووضع الجالية المسلمة في الدنمارك سائلا الله تعالى أن يجزيكم عنا وعن المسلمين خير الجزاء على ما تقدموه من خدمة لهذا الدين وللكلمة الصادقة والهادفة، لا شك أن موقع الحوار نت يزداد كل يوم تألقا ونجاحا في عالم النت فإلى الأمام وكان الله في عونكم و أجزل لكم المثوبة.
تعريف بالمجلس وبضيف الحوار.نت :
( رجائي منك أخي الكريم عبد الحميد كتابة أسطر قليلة تعرف بها القراء الكرام لموقعنا عن المجلس الإسلامي الدنماركي ثم بمثلها عنك : أحوالك الشخصية والعائلية والمهنية والعلمية ).
بطاقة شخصية:
عبد الحميد الميزوني الحمدي، والحمدي نسبة إلى رجال الحمادة بالشمال الغربي. ولدت عام 1966 بمدينة مكثر من ولاية سليانة. حفظت القرآن على والدي مبكرا وعمري لم يتجاوز الثانية عشرة سنة، لكن مع الأسف تفلت الجزء الأكبر منه بسبب البعد عن الوالد، و أيضا بسب رحلة الغربة والترحال المستمر وما تمليه من تحديات ضخمة، خصوصا مع تعقيدات الأوضاع في العالم أسأل الله السلامة والعافية. وقد ظل والدي حفظه الله يدرس القرآن باللوح طيلة أربعين عاما وتخرج على يديه الكثير من الحفاظ قبل أن يمنع من هذا الخير.
التحقت بالمرحلة الابتدائية بعد أن تجاوز سني الثانية عشرة، وذلك لأمرين أولهما بعد المدرسة عن قريتنا، و ثانيهما اعتقاد والدي أن حفظ القرآن يغني عن المدرسة.
لذلك أنهيت المرحلة الابتدائية في ثلاث سنوات وبعدها التحقت بالمعهد المهني.
هاجرت إلى المملكة العربية السعودية، وفيها أنهيت المرحلة الثانوية والجامعية، وتخرجت من جامعة الإمام محمد بن سعود الاسلامية / قسم الشريعة.
عملت بعد التخرج بالتدريس بالإمارات العربية المتحدة ثم ساقتني الأقدار إلى الدنمارك حيث أقيم الآن، وأنا متزوج ولي ثلاث بنات وولد.
أنشط في الدنمارك ضمن المجلس الإسلامي الدنماركي في إطار العمل الإسلامي العام.
المجلس الإسلامي الدنماركي: بطاقة تعريف:
تأسس المجلس الإسلامي الدنماركي بمجهود مجموعة من العاملين للإسلام بمنهج الوسطية والاعتدال، باعتباره مؤسسة دانماركية إسلامية وقفية عامة النفع، وهو عضو مؤسس لاتحاد المنظمات الإسلامية في أروبا.
ويسعى المجلس الإسلامي الدنماركي بعون الله وتوفيقه وضمن امكانياته لتحقيق الأهداف التالية:
1 التعريف بالإسلام وقيمه وبلورة الثقافة الإسلامية وفقا لمقتضيات العصر، وخصوصيات الواقع الدنماركي.
2 مساعدة المسلمين الدنماركيين على ممارسة شعائرهم الدينية والحفاظ على هويتهم الثقافية ورعاية شؤونهم الاجتماعية والدينية.
3 تشجيع وإقامة المؤسسات المختلفة من مساجد ومدارس ومعاهد وأندية ثقافية واجتماعية ورياضية ومهنية وغيرها.
4 الاهتمام بأبناء المسلمين وتهيئة الفرص لتعلمهم الدين الإسلامي واللغة العربية ومساعدتهم على التفوق الأكاديمي والمهني وتجنيبهم الإنزلاق الاجتماعي.
5 السعي للاعتراف بالدين الإسلامي في الدنمارك بما يعزز الهوية الدنماركية للمسلمين.
6 توسيع الحوار الثقافي والحضاري بين المسلمين وأصحاب الأديان والعقائد والأفكار الأخرى للتفاعل الإيجابي وتوطيد السلم الاجتماعي.
7 التواصل مع المسلمين في العالم وتعزيز التعاون والصداقة بين الدنمارك والعالم الإسلامي بما يحقق المصالح المشتركة.
8 مد جسور التعارف والتعاون مع المؤسسات والهيئات الإسلامية والشعبية على الصعيد الدنماركي.
الحوار.نت: الأخ عبد الحميد هل يمكن أن يتعرف قراؤنا الكرام منك على الوجود الإسلامي في الدانمارك بصفة خاصة ( وعلى الوجود الإسلامي ولو بصفة عامة في البلدان الإسكندنافية لطبيعة إشتراكها في أمور جغرافية وسياسية وتاريخية كثيرة ). تاريخ ذلك الوجود ونموه العددي وحاضره ومؤسساته وأصوله اللغوية والمذهبية وغير ذلك مما ينير الناس ويبصرهم بواقعهم بما يرشد مسيرتهم.
الإسلام اليوم ظاهرة حياتية يومية تعيشها الدنمارك بمنظورين، أولهما أن الوجود الإسلامي يمثل ثقلا بشريا كبيرا، حيث يصل تعداد المسلمين في الدنمارك إلى 200 ألف نسمة، ينحدرون من عدة عرقيات ومن دول إسلامية متنوعة، منها المغاربي والتركي والباكستاني والشرق أوسطي والآسيوي والإفريقي وما إلى ذلك. وقد اعكس ذلك على المؤسسات الإسلامية من مساجد ومراكز وجمعيات ومدارس التي انتشرت بشكل كبير، وما رافق ذلك من شيوع المظاهر الإسلامية كالحجاب والمحال التجارية الإسلامية وغيرها.
وأكثر مسلمي الدنمارك من المهاجرين الذين قدموا بهدف الإقامة المؤقتة إلا أن تعاقب السنين حولهم إلى جالية مستقرة، وأعتقد أن ما ينطبق على الدانمارك في هذه الحال ينطبق على بقية الدول الأسكندنافية.
ولأن متطلبات الإستقرار غير متطلبات الإقامة المؤقتة، فإن المسلمين ومع ظهور جيلين، الثاني والثالث من أبنائهم لم يكتفوا بالمصليات والمساجد بل بادروا إلى إقامة المدارس والمعاهد والمؤسسات التربوية والثقافية والاقتصادية حفاظا على وجودهم وحماية لأبنائهم من خطر الذوبان والإنسلاخ عن دينهم.
أما المنظور الثاني فيتمثل في حجم تناول واهتمام الإعلام ومراكز البحث والدراسة وكذلك الحكومة الدنماركية، بالإسلام سواء من خلال الطرح السلبي لما يسمى بالتطرف والإرهاب، أو بالطرح الإيجابي المتمثل في فتح أبواب الحوار مع الإسلام والمسلمين.
ويعود تاريخ وجود المسلمين في الدنمارك خاصة والدول الاسكندنافية عامة إلى بداية السبعينات حين وفد المهاجرون من تركيا وآسيا والمغرب من أجل لقمة العيش. وفي العشرية الأخيرة تكاثر الوجود الإسلامي بسبب الحروب والإضطهاد السياسي في بعض الدول العربية والإسلامية كالعراق وبعض الدول الإفريقية.
الحوار.نت: الأخ عبد الحميد ما هي مشاكل الوجود الإسلامي في الدانمارك وهل هي مشاكل ذاتية من خلال تنوع أصول ذلك الوجود وغير ذلك أم هي مشاكل موضوعية تتصل بالتاريخ الأروبي عامة والإسكندنافي خاصة؟
المشاكل التي تواجه الوجود الإسلامي في الدنمارك حسب رأيي ذاتية، لأن الجالية المسلمة فيها العرب بكافة انتماءاتهم الدينية والمذهبية والحزبية والوطنية، وكذلك الأتراك والباكستانيون وبقية الأقليات المسلمة، وهذا عامل فرقة وإضعاف لم نستطع السيطرة عليه حتى الآن، فمثلا تجد الجالية العربية تتنازعها التيارات الإسلامية والعلمانية واليسارية والوطنية، وتجد فيها السنة بكافة مذاهب أهل السنة والشيعة، كما أن النعرات القومية تحتل مكانة مهمة في صفوف الجالية المسلمة، وعلى هذا نجد المسجد التركي والعربي والباكستاني والألباني والبوسني والمغربي وغيره، لكن لا يعني هذا التشخيص أنه لا يوجد خير في هذا الوجود، لا بل هنالك من أهل الخير من يسعى صباحا مساء لخدمة الجالية المسلمة بكل تناقضاتها ويعمل على توحيد الجهود والمجلس الإسلامي من هذه الجهات المجتهدة على الساحة.
الحوار.نت: وماذا عن قضايا الجيل الثاني والثالث من حيث التكامل بين المحافظة على الهوية الإسلامية وبين الإندماج الإيجابي المسؤول المشارك في المجتمع الدنماركي من مثل قضية المراهقة والعنف والزواج من الدانماركيات والتفوق الدارسي والإختلاط الفاضح وغير ذلك؟
المطلوب من المسلمين أينما وجدوا في الغرب، أن يكون اندماجهم في المجتمع الذي يعيشون فيه ان كانت الدنمارك أو غيرها، اندماجا ايجابيا و ذلك بالحفاظ على هويتهم الدينية من جهة و احترام قوانين البلد من جهة أخرى، لأن الدين الاسلامي يدع أتباعه الى الوفاء بالعهود و المواثيق.
ولأن جيل الشباب يعيش في مجتمع غير المجتمع الذي نشأ و تربى عليه والديه، فهو يمثل ثقافة مهاجرة ينبغي تحصينها من الذوبان حتى لا تندثر و تزول و تنصهر سلبيا داخل المجتمع الدنماركي، فبالحفاظ على هويته الاسلامية، يصبح أحسن رسول و سفير لهذا الدين، فهو يحمل بين جنبيه ثقافتين، فليكن صاحب قيم متعددة يضيف ما هو صالح من هذه الثقافة، فيتولد عن ذلك مزيجا من الخير يستفيد منه الجميع.
فان أردنا أن نوطن الاسلام و نجعله مألوفا في الغرب، فالواجب علينا الاعتناء بالجيل الثاني و الثالث لانهما العمود الفقري لهذا التوطين. ومن هذا المنطلق جاء اعتناء المجلس الاسلامي الدنماركي بالشباب و جعل ذلك من سلم أولوياته، حيث تقام في مقر المجلس الندوات الشهرية و المخيمات الشبابية و الدورات التعليمية من أجل تنشئة جيل ناجح مثقف و منفتح على الآخرين و هذا التوجه بدأ يعطي نتيجة جيدة و الحمد لله.
الحوار.نت : كيف تنظر لمشكلة التمثيل المؤسسي للمسلمين في الدانمارك لدى السلطات الدنماركية؟ هل هناك تنازع على ذلك التمثيل من جانب المسلمين وهل هناك شروط من جانب الإدارة الحكومية؟
الجالية المسلمة في الدنمارك شريحة من الأمة الإسلامية بكافة تناقضاتها وأمراضها، كما أسلفت، فعلى الرغم من أن عدد المسلمين يجعلهم يشكلون الدين الثاني بعد المسيحية في الدنمارك إلا أن الاعتراف بالإسلام ما يزال بعيد المنال لأسباب عديدة من أهمها الأوضاع العالمية والإعلام غير المحايد، إضافة إلى تقصيرنا في توضيح الحقائق والدفاع عنها، لكن الحمد لله منذ أزمة الرسوم شعر المسلمون بضعف التنسيق فبرزت بدايات متواضعة للملمة الوضع، وانصب أول جهد للتوحيد في تأسيس وقف لأكثر من عشرين مؤسسة إسلامية من أجل مقبرة لكل المسلمين، وقد قام هذا الإنجاز والحمد لله واشترينا قطعة أرض كبيرة، وأنشأنا عليها مقبرة للمسلمين.
ومن ناحية أخرى هناك جهود حثيثة لتوحيد المراكز الإسلامية تحت لافتة موحدة، ليكون للمسلمين جهة واحدة تمثلهم فتأسس بفضل الله تجمع أسميناه الإتحاد الإسلامي الدنماركي، وسيعلن عنه في شهر يوليو (تموز / جويلية) المقبل بإذن الله.
ولا شك أن من بين الدوافع لهذا التجمع إيجاد صوت موحد للمسلمين حتى يسهل على الحكومة الدنماركية التعامل معها، وبإذن الله بعد بروز هذا الوليد إلى العلن سيكون مقدمة للإعتراف بالدين الإسلامي.
الحوار.نت: هل يمكن أن يتعرف القراء الكرام لموقعنا على الأسباب المباشرة وغير المباشرة التي تدفع الدانماركي ( سيما إذا كانت إمرأة في مقتبل العمر مثقفة ) إلى إعتناق دين يوصف بالإرهاب والتطرف ومعاداة حقوق الإنسان عامة والمرأة خاصة أينما إرتحلت وحللت إفتراضيا بين الفضائيات والقنوات والمواقع وعمليا في مناكب الأرض وخاصة في إتجاه الشمال والغرب؟
يتعدى عدد المسلمين من أصل دنماركي الآن الستة آلاف وأكثرهم من الشباب والنساء. وقد بدأت حركة تحول الدنماركيين إلى الإسلام منذ نهاية التسعينات وازداد الإقبال منذ أزمة الرسوم المسيئة للرسول صلى الله عليه وسلم سيئة الذكر. فالأزمة دفعت الدنماركيين إلى طرح سؤال كبير: رجل مات منذ آلاف السنين وبمجرد أن يساء له تهب أمة بأكملها لمناصرته، فمن يكون هذا الرجل العظيم؟ وما هو دينه؟ وحين يصل البعض للإجابة الصحيحة يدخل في الإسلام مباشرة. ومن فضل الله لا يمر يوم إلا وتجد دنماركيا يدخل في هذا الدين العظيم، وهؤلاء المسلمون الجدد في حاجة ماسة إلى دعاة يفهمونهم وضعيتهم وحالهم، إذا فالمهمة كبيرة تقع على عاتق المراكز والجمعيات الإسلامية للحفاظ على إخوانهم الذين ينضمون إليهم، والتواصل معهم باستمرار ضرورة ملحة حتى لا يضيعوا لأن العائلات الدنماركية ترفض دخول أبنائها في الإسلام، والأصدقاء يقاطعونهم ويصفونهم بالمرضى النفسيين، لذلك المجلس الإسلامي الدنماركي يوجه المسلمين الجدد إلى الاحتفاظ بأسمائهم الغربية إن لم تكن على شاكلة (كريستيان) حسب رؤيتنا سيفتح أمامهم الطريق للتعريف بالإسلام وقيمه السامية.
الحوار.نت: هل يمكن أن نتعرف على بعض مجهودات المجلس الإسلامي في حسن معاملة أولئك المعتنقين الجدد أو حسن دعوتهم إلى الإسلام عبر الحوار الأخوي المباشر الصريح والمعاملة الحسنة لعل تجاربكم الناجحة في ذلك ينتفع بها إخوانكم في أقطار أوروبية أخرى؟
كما أسلفت سابقا، الإعلام الغربي في معاداته للإسلام وتصويره بأنه دين إرهاب فقد مصداقيته عند متابعيه، وتبين للعام والخاص أنه إعلام يكيل بمكيالين ومنحاز وليس عن جهل وإنما بتوجيه من دوائر معروفة، وهذا ما يدفع الصادقين وأصحاب الضمائر الحية إلى البحث والتدقيق، حتى يصلون في نهاية المطاف إلى أن هذا الدين دين رحمة وعدل وإنسانية فيعتنقونه عن طواعية.
ويحرص المجلس كل الحرص على هؤلاء الإخوة ويفتح مقره لهم باستمرار، والخطبة تؤدى باللغتين العربية والدنماركية. وأما أقسام الشباب والتربية والدعوة والتعريف بالإسلام في المجلس فيقومون بجهد مضاعف من أجل الحفاظ على المسلمين الجدد.
ونحاول أيضا من خلال الحوار المتواصل مع بقية شرائح المجتمع الدنماركي الوصول إلى القواسم المشتركة، وخصوصا في مجال محاربة القيم الهابطة، التي تنخر أوصال المجتمع كالتفكك العائلي والإنحلال الجنسي والمخدرات، حتى نساهم قدر الإمكان بهذه المحاولات والحوارات لايجاد مجتمعا متجانسا بعيدا عن العنصرية والتطرف يسوده الأمن والسلام والتواصل وتبادل المنافع.
الحوار.نت: ما هو تقييمك لمدى تسامح أو تشدد المجتمع الدانماركي وسلطاته المحلية والمركزية وكذا أحزابه بيمينها ويسارها مع الوجود الإسلامي هناك؟ هل من أمثلة حية؟
تغص الساحة الدنماركية بأنواع الطيف السياسي والحزبي من جميع الاتجاهات ولكن في الفترة الأخيرة أخذت تتقدم أحزاب متطرفة تجاهر بعدائها للأجانب، وعندما نقول الأجانب، فالمقصود بذلك الجالية المسلمة، حيث إن تصريحات رؤساء العديد من الأحزاب المتطرفة تتوجه بشكل مباشر في عدائها للإسلام والمسلمين، ولكن ما تزال أجواء الحرية والديمقراطية مكفولة للجميع بدون استثناء، لكن الشعب الدنماركي في مجمله متسامح ومسالم، فمثلا من حين لآخر تثار قضية الحجاب من بعض العنصريين فتجد في المجتمع من يقف رافضا لهذه الدعوات، وفي الشهر الماضي عندما صرحت الأخت أسماء عبد الحميد الدنماركية من أصل فلسطيني والإعلامية المعروفة عن الجالية بأنها سترشح نفسها إلى الإنتخابات البرلمانية المقبلة، فكانت الردود متباينة بعضها لا يرى مانعا وكان رئيس الوزراء من هذا الفريق، حتى وصل الأمر بسياسية دنماركية أن تنزل إلى الشارع متحجبة مساندة بذلك للأخت لكن البعض الآخر عارض وبقوة هذا التوجه.
الحوار.نت: هل هناك أعمال تنسيق بين مجلسكم وبين مجالس إسلامية أخرى في المجال الأروبي سواء الإسكندنافي أو الأروبي العام بغرض تبادل التجارب والتعاون على حل المعضلات وهل في الأفق إحداث مثل ذلك التنسيق والتشاور؟
يرتبط المجلس الإسلامي الدنماركي بعلاقات أخوية متينة مع مختلف العاملين في الحقل الإسلامي على الساحة الدنماركية، قائمة على التعاون والتكامل في كل ما من شأنه رفع شأن المسلمين والدفاع عن مصالحهم وتأمين احتياجاتهم، ومن هذا المنطلق فالمجلس ينسق مع المراكز والهيئات الإسلامية في كل ما يخدم الجالية ويحقق لها مطالبها.
ونظرا لأن المجلس عضو مؤسس لاتحاد المنظمات الإسلامية في أروبا فهو على تواصل مع المراكز الإسلامية في كامل أوروبا، وخصوصا المتواجدة على الساحة الأسكندافية يحضر أنشطتها وتحضر أنشطته، ويتبادل معها المعلومات والخبرات التي تخدم الجالية المسلمة.
الحوار.نت : هل تواجهون مشاكل فكرية من بعض المسلمين ( سيما من الشباب ) بما يشوش أو يشغب على عملكم الدعوي في صفوف المسلمين تجديدا للإلتزام وفي صفوف الدانماركيين حوارا من أجل إعتناق الإسلام؟ ما هي طبيعة تلك المشاكل وهل من تجارب ناجحة في التعامل معها؟
نعم نواجه مشاكل فكرية من بعض الشباب المسلم وهذا نواجهه بالصبر أولا ثم بالتوعية والتوجيه ثانيا، وبإقامة الدروس الدينية واستدعاء ذوي الخبرة في هذا المجال حتى نصل بهذا الشباب إلى المنهج السليم الذي كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته. ثم إن العمل الدؤوب والمتواصل يخفف من الغلو الفكري ويوضح طريق الدعوة الصحيح "قل هذه سبيلي أدعو إلى بصيرة أنا ومن اتبعني".
الحوار.نت: هل هناك لوبيات معينة تعوق مسيرتكم وما هي طبيعتها وكيف تتعاملون مع ذلك وما هو حضوركم الإعلامي بصفة عامة في المجتمع وفي الدوائر الإعلامية الأهلية والرسمية؟
اللوبيات موجودة إن كانت يهودية أو غيرها، الذي يجمعنا مع هذه الأقليات هي المواطنة وما يتبعها من حقوق وما يستلزم ذلك من واجبات، إذا استوعبنا هذه الحقوق والواجبات نستطيع أن نحافظ على حقوقنا ولن تستطيع أي قوة أن تمنعنا من تحقيق ما نريده من خير، فالتحديات أمام الوجود الإسلامي كبيرة ولن نتغلب على هذه الصعوبات الإقتصادية والسياسية والاجتماعية والإعلامية الا بمزيد من الوحدة و العمل المتواصل الدؤوب.
أما حضورنا الاعلامي في هذا المجتمع موجود لكنه متواضعا، لكن لعل أزمة الرسومات هي التي سلطت الضوء على واقعنا وحملتنا مسؤولية أكبر.
الحوار.نت: هل من تقييم لما عرف بقضية الرسوم الساخرة النابتة عندكم منذ عامين تقريبا؟ هل كان كما يقول بعض الناس من الأولى عدم تدويل قضيتها وإختيار سياسة التجاهل حيالها أم تدولت ووقع الإهتمام بها دون تخطيط منكم أو تشجيع؟ هل ترى أنها كانت ضارة نافعة أو محنة أعقبتها منحة؟
أنا أقيم أزمة الرسوم من زاوية رب ضارة نافعة أرادوها إساءة فتحولت بفضل الله إلى مكاسب للإسلام والمسلمين ورسول الإسلام صلى الله عليه وسلم، فقد نتج عنها الكثير من الإيجابيات أذكر منها:
1 لفتت الأزمة انتباه الغربيين عامة والدنماركيين والاسكندنافيين على وجه الخصوص إلى الإسلام.
2 قدمت الدعوة سنوات للأمام، فلو ظل 100 داعية يتحدثون عن الإسلام في الدنمارك 10 أعوام ما تركت هذا الأثر.
3 أثارت شجون الباحثين الغربيين لدراسة ظاهرة حب المسلمين لرسولهم صلى الله عليه وسلم، فقد استرعاهم كيف وقف المسلمون على اختلاف لغاتهم وجنسياتهم وألوانهم لم تمنعهم حدود ولا جسور وقفة واحدة نصرة لنبيهم ودفاعا عنه.
4 زادت الإقبال على الإسلام سواء بالتعرف عليه أو لدراسته أو للتعرف عليه أو للدخول فيه.
5 كثفت الأزمة من إقبال الدنماركيين والأسكندنافيين على المراكز الإسلامية رغبة في القراءة والسؤال عن الإسلام وعن الرسول صلى الله عليه وسلم.
6 دفعت الحكومة الدنماركية لأن تطلب من جامعة كوبنهاجن عمل دراسات عن الإسلام والمسلمين، وقالت في خطابها للجامعة "لقد اكتشفنا أننا لا نعرف شيئا عن هذا الدين أو هذا الرجل يعني الرسول صلى الله عليه وسلم .
7 زادت في إصرار الشعوب العربية والإسلامية على تفعيل حملة المقاطعة ردا للكرامة العربية والإسلامية، فعندما استدعت المملكة العربية السعودية سفيرها في الدنمارك قالت رئيسة الإئتلاف في الحزب الحاكم "اتركوه فإنه سيعود بعد أسبوع، هكذا شأن العرب وهو ما جعل رد الفعل العربي وخصوصا السعودي والكويتي و الخليجي على درجة مشرفة، وجاء توقعها خائبا مردودا عليها وعلى تعصبها.
8 جعلت الأزمة كل من تسول له نفسه التطاول على الإسلام ومقدساته يقف ويراجع نفسه قبل الدخول في هذا المربع، وليس أدل على ذلك من أن هناك دولتان هما بلجيكا وهولندا ترتبان لإنتاج فيلم تهجم على الإسلام ومقدساته وفيه تطاول على الرسول صلى الله عليه وسلم، لكنهم خافوا من امتداد حملة المقاطعة إلى منتجاتهم فتراجعوا عن ذلك.
9 استفاد مسلمو الدنمارك من هذه الأزمة، إذ لأول مرة تعطى للمسلمين مقبرة خاصة بهم، وأيضا من ثلاثين سنة يطالب المسلمون الحكومة الدنماركية الإذن لهم ببناء مسجد جامع بمنارة وقبة لكن الرفض دائما هو الجواب، وبعد هذه الأزمة رخص للمسلمين ببناء جامع بمنارة وقبة عبارة عن مركز إسلامي حضاري كبير.
إذا الأخ عبد الحميد إلى أين وصلت الجهود في تنفيذ هذا المشروع الإسلامي الكبير؟
الحمد لله ما إن تحصلنا على الترخيص حتى أعددنا ملفا متكاملا عن هذا المشروع العملاق وزرنا بعض البلدان الإسلامية من أجل التعريف والتبشير بهذا المكتسب، وبصفتي رئيس لجنة إنشاء المركز الحضاري بكوبنهاجن زرت بعض الدول الإسلامية والحمد لله وجدت استجابة كبيرة لمساعدتنا على تنفيذ هذا الحلم الذي ترقبناه طويلا.
الحوار.نت: هل من كلمة أخيرة لمسلمي الدانمارك أو مسلمي أوربا أو غيرهم ممن تريد توجيه رسالة إليه في هذا الحوار؟
في عصرنا الحالي نتعرض لكثير من الأزمات الشديدة والهجوم الذي يهدد هويتنا الإسلامية ووجودنا. وأخطر ما يمكن إثارته النعرات الحزبية والطائفية والقومية والعرقية التي تفرق الأمة وتشتت جهودها، ولهذا فنحن كجالية مهاجرة في أمس الحاجة إلى توحيد جهودنا جميعا والابتعاد عن كل ما هو مفرق لأننا محتاجون إلى التلاحم حتى نستطيع أن نقابل هذا التهديد الشديد بالوحدة والجهود المشتركة. ومما أوصي به الجالية المسلمة في الدنمارك أن تفهم دينها وإسلامها فهما صحيحا بعيدا عن التطرف والعنف والإرهاب، كما لا بد أن نحترم ونراعي القوانين المعمول بها في هذه الدول، فلا نكون متمردين عليها بالإضافة إلى أن دعوتنا في هذه المجتمعات دعوة إلى الله عز وجل بالحكمة والموعظة الحسنة والجدال بالتي هي أحسن، وعلينا أن لا نعتبرهذه البلدان وسيلة لجني المنافع الدنيوية فقط بل الواجب علينا أن نقدم رسالتنا للناس برأفة ورحمة لأن البشرية في حاجة ملحة لهذا الدين العظيم ووسيلة تقديمه هي الأخلاق الفاضلة، وأيضا مما يجب علينا أن نكون مواطنين صالحين نتعلم العلوم النافعة حتى لا نبقى عالة ينظر إلينا كمتسولين.
الحوار.نت : شكرا جزيلا للأخ عبد الحميد على ما أولانا به من حوار شامل صريح.
والسلام.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.