تونس تحتفل بعيد الشغل العالمي وسط آمال عمالية بإصلاحات تشريعية جذرية    دوري ابطال اوروبا.. التعادل يحسم مباراة مجنونة بين البرسا وانتر    شهر مارس 2025 يُصنف ثاني الأشد حرارة منذ سنة 1950    يظلُّ «عليًّا» وإن لم ينجُ، فقد كان «حنظلة»...    الاتحاد يتلقى دعوة للمفاوضات    تُوّج بالبطولة عدد 37 في تاريخه: الترجي بطل تونس في كرة اليد    زراعة الحبوب صابة قياسية منتظرة والفلاحون ينتظرون مزيدا من التشجيعات    قضية مقتل منجية المناعي: إيداع ابن المحامية وطليقها والطرف الثالث السجن    رحل رائد المسرح التجريبي: وداعا أنور الشعافي    القيروان: مهرجان ربيع الفنون الدولي.. ندوة صحفية لتسليط الضوء على برنامج الدورة 27    الحرائق تزحف بسرعة على الكيان المحتل و تقترب من تل أبيب    منير بن صالحة حول جريمة قتل المحامية بمنوبة: الملف كبير ومعقد والمطلوب من عائلة الضحية يرزنو ويتجنبو التصريحات الجزافية    الليلة: سحب مع أمطار متفرقة والحرارة تتراوح بين 15 و28 درجة    عاجل/ الإفراج عن 714 سجينا    عاجل/ جريمة قتل المحامية منجية المناعي: تفاصيل جديدة وصادمة تُكشف لأول مرة    ترامب: نأمل أن نتوصل إلى اتفاق مع الصين    عاجل/ حرائق القدس: الاحتلال يعلن حالة الطوارئ    الدورة 39 من معرض الكتاب: تدعيم النقل في اتجاه قصر المعارض بالكرم    قريبا.. إطلاق البوابة الموحدة للخدمات الإدارية    وزير الإقتصاد يكشف عن عراقيل تُعيق الإستثمار في تونس.. #خبر_عاجل    المنستير: إجماع خلال ورشة تكوينية على أهمية دور الذكاء الاصطناعي في تطوير قطاع الصناعات التقليدية وديمومته    عاجل-الهند : حريق هائل في فندق يودي بحياة 14 شخصا    الكاف... اليوم افتتاح فعاليات الدورة العاشرة لمهرجان سيكا جاز    السبت القادم بقصر المعارض بالكرم: ندوة حوارية حول دور وكالة تونس إفريقيا للأنباء في نشر ثقافة الكتاب    عاجل/ سوريا: اشتباكات داخلية وغارات اسرائيلية وموجة نزوح..    وفاة فنانة سورية رغم انتصارها على مرض السرطان    بمناسبة عيد الإضحى: وصول شحنة أغنام من رومانيا إلى الجزائر    أبرز مباريات اليوم الإربعاء.    عملية تحيّل كبيرة في منوبة: سلب 500 ألف دينار عبر السحر والشعوذة    تفاديا لتسجيل حالات ضياع: وزير الشؤون الدينية يُطمئن الحجيج.. #خبر_عاجل    الجلسة العامة للشركة التونسية للبنك: المسيّرون يقترحون عدم توزيع حقوق المساهمين    قابس: انتعاشة ملحوظة للقطاع السياحي واستثمارات جديدة في القطاع    نقابة الفنانين تكرّم لطيفة العرفاوي تقديرًا لمسيرتها الفنية    زيارات وهمية وتعليمات زائفة: إيقاف شخص انتحل صفة مدير ديوان رئاسة الحكومة    إيكونوميست": زيلينسكي توسل إلى ترامب أن لا ينسحب من عملية التسوية الأوكرانية    رئيس الوزراء الباكستاني يحذر الهند ويحث الأمم المتحدة على التدخل    في تونس: بلاطو العظم ب 4 دينارات...شنوّا الحكاية؟    ابراهيم النّفزاوي: 'الإستقرار الحالي في قطاع الدواجن تام لكنّه مبطّن'    القيّمون والقيّمون العامّون يحتجون لهذه الأسباب    بطولة إفريقيا للمصارعة – تونس تحصد 9 ميداليات في اليوم الأول منها ذهبيتان    تامر حسني يكشف الوجه الآخر ل ''التيك توك''    معرض تكريمي للرسام والنحات، جابر المحجوب، بدار الفنون بالبلفيدير    أمطار بكميات ضعيفة اليوم بهذه المناطق..    علم النفس: خلال المآزق.. 5 ردود فعل أساسية للسيطرة على زمام الأمور    بشراكة بين تونس و جمهورية كوريا: تدشين وحدة متخصصة للأطفال المصابين بالثلاسيميا في صفاقس    اغتال ضابطا بالحرس الثوري.. إيران تعدم جاسوسا كبيرا للموساد الإسرائيلي    نهائي البطولة الوطنية بين النجم و الترجي : التوقيت    اتحاد الفلاحة: أضاحي العيد متوفرة ولن يتم اللجوء إلى التوريد    في جلسة ماراتونية دامت أكثر من 15 ساعة... هذا ما تقرر في ملف التسفير    ديوكوفيتش ينسحب من بطولة إيطاليا المفتوحة للتنس    رابطة ابطال اوروبا : باريس سان جيرمان يتغلب على أرسنال بهدف دون رد في ذهاب نصف النهائي    سؤال إلى أصدقائي في هذا الفضاء : هل تعتقدون أني أحرث في البحر؟مصطفى عطيّة    أذكار المساء وفضائلها    شحنة الدواء العراقي لعلاج السرطان تواصل إثارة الجدل في ليبيا    الميكروبات في ''ديارنا''... أماكن غير متوقعة وخطر غير مرئي    غرة ذي القعدة تُطلق العد التنازلي لعيد الأضحى: 39 يومًا فقط    تونس والدنمارك تبحثان سبل تعزيز التعاون في الصحة والصناعات الدوائية    اليوم يبدأ: تعرف على فضائل شهر ذي القعدة لعام 1446ه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مهمة المحافظة على الجيل وأساليب التربية الايجابية ( الجزء الثاني)
نشر في الحوار نت يوم 17 - 12 - 2009

في نظري ليس المهم ان تلقي محاضرة متناسقة وملمة بجوانب الموضوع من الناحية النظرية , ودون تنزيل تلك الافكار في الواقع وجعلها او تصنيفها على شكل وصفات دواء لكل داء داخل المجتمع , دون ذلك نصبح كالباحثين او الاطباء الذين يتحدثون عن انواع الامراض ماهيتها واعراضها دون ان يبحثوا في الادوية الشافية لكل علة ثم تنزيلها الى الاسواق لتصبح في متناول الجميع ,بل المهم هو ايجاد نوع من التفاعل بين النظري والواقع او بمعنى آخر خلق تفاعل بين النص والواقع وتحويل الشعارات الى خطوات عملية وكل وثيقة او نظرية الى برامج تفصيلية . الذي يذهب الى محاضرات تحمل عنوانا يمس الحياة الاجتماعية عادة ينتظر من الخطيب ان يقدم له اجابات عن أسئلة جوهرية وعن مشاكل حقيقية يعيشها .
لا بل يشاركه في البحث عن حلول شافية لازمات وضياع وتذبذب, قد يكون يعيشه , ولا يقع اكتشافه الا باستفزاز صاحبه ليسترسل في الحديث , فاذا ما كسب الخطيب او المربي بصفة عامة ثقته تسهل عليه مهمة الاصلاح والتربية...فقد تكمن في داخل الفرد والشباب خاصة مشاكل لا يقع التفطن اليها الا بمساعدة مختص يجيد فن الاستفزاز (الايجابي طبعا ) عن طريق طرح الاسئلة المناسبة والتي عن طريقها يسترسل المعني بالامر في الحديث ليكتشف من خلاله مكمن الداء .
اذا مسألة التربية تعد من الفنون ااو العلوم الاجتماعية على حد تعبير الدكتور مصطفى ابو سعد (دكتور في علم النفس التربوي وهو مدرب معتمد عالميا في البرمجة العصبية اللغوية وهو ايضا استشاري تربوي ومشرف على اعداد ملفات تربوية في العديد من المجلات ) كما اعتبر الدكتور ان استقالة الاباء والامهات عن واجبهم والذي يتمثل بالاساس في الالمام بعلوم وفن التربية كان له الاثر السلبي على مردود ابنائنا وعلى مستقبل الامة عموما .
كما اعتبر ان الكهربائي ليتقن التعامل مع الاسلاك ,يحتاج للإلمام بالعلوم المتصلة بمهنته والميكانيكي ليفهم خبايا السيارات عليه بمعرفة كيفية اشتغال المحرك وكل ما يتصل به ...هذا بالنسبة للتعامل مع كائنات جامدة فما بالك بالانسان الذي زوده الله سبحانه بالعقل وحرية الاختيارالتي تعد أقوى ما منح الخالق للانسان اذ بها يتخذ قراراته بكل أقتناع انطلاقا من ملكاته الفطرية التي زوده الله سبحانه بها ثم ما اكتسبه من بيئته , انطلاقا من ذلك يكاد يكون كل انسان عالما بذاته .
الانسان كائن معقد والتعامل معه يحتاج الى الالمام بعلوم او قوعد التربية وهي حسب مصطفى ابو سعد هي جملة من المهارات والفنون تمنح الاولياء جملة من الحلول لفهم العملية التربوية والتدخل بشكل ايجابي وهادئ لحل المشاكل وتقوية الجوانب الايجابية في شخصية الطفل واكتشاف ماهبه لتوجيهها الوجهة الصحيحة بدل تدميرها واللجوء احيانا للضرب والشتم ورفع الصوت .يقول الدكتور مصطفى ابو سعد طاعة الابناء للآباء مثلا ليست صفة ايجابية اذا لم ترتكز على قاعدة او قانون متفق عليه اما ان تطلب الطاعة لمجرد كون الاب صاحب سلطة دون ان ترتكز على معايير وقيم تربوية ودينية فأن الطاعة ستنتقل دوما بالنسبة للطفل لمن يفوقه قوة حتى ولو كان مروج مخدرات ,
كما اعتبر هذه الحلول بمثابة الآليات او الادوات التي تؤهل الآباء والامهات لربط علاقات سليمة ومتوازنة مع الابناء وهي في حد ذاتها معايير ومقاييس للتمييز بين الحق والباطل والصواب والخطأ والحلال والحرام .
اما طريق النجاح فيها هو الاقناع والحوار وغير ذلك حسب قوله تكون مدمرة واذا فرضت بالعنف والقوة والاوامر الكيفية والنواهي غير المبررة ...حيث ترغم الطفل أحيانا على الكذب والادعاء ...وتجعل دوافع السلوك لديه خوفا من عقاب او طمعا في ثواب ليس الا
كم اعتبر ان اساس النجاح في ذلك هو الطموح ورسم الهدف بوضوح لا يسعى للنجاح من لا يملك طموحا ...ولا يصل للهدف من لا يسعى الى تغيير رأيه في نفسه بأن يزيل عنها غبار التقصير والكسل وأن يشطب كل الكلملت السلبية عن نفسه من مثل لا أستطيع وترديد انا مبدع أنا قادر ...
كما حذر الدكتور من الفشل والكسل واليأس أمام الحالات المستعصية ورأى بضرورة أستغلال الفشل ليكون معبرا نحو النجاح الوحيد الذي لا يفشل هو من لا يعمل ..الفشل هزيمة مؤقتة تخلق لك فرص النجاح .
اختار الدكتور شعارا لهذه القواعد وهو قوعد المحبة أو قواعد التربية الايجابية . اذا سعيا مني وحرصا على ان أكون مفيدة فيما أكتب أضع بين يدي القارئ هذه النصائح التي أراها ثمينة ومجدية لكل ولي او أب أو أم وصالحة كأساليب في منهج التربية بوبها الدكتور على شكل نصائح عملية وسهلة التنفيذ
اليكم هذه النصلئح التي سأنقلها كما هي دون تصرف :


القاعدة الأولى: لا تنه عن أمر إلا عند الضرورة !
القواعد التربوية تعني أسسا وضوابط ينبغي الالتزام بها؛ لكن يخطئ الكثير من المربين حين يتصورون أن الطريق لتحقيق هذه الأسس يتم بكثرة إصدار الأوامر والنواهي.. العمل التربوي يبني على الحوار والإقناع والإشارة المباشرة وغير المباشرة، وكلها وسائل اتصال فعالة ومقبولة لدى المستقبل الطفل إذ تدخل في صفة " التي هي أحسن ".
أما كثرة النواهي والمحظورات في حياة الطفل فإن وقعها السلبي أكثر من الإيجابي، وهي عموما تشل الإبداع وروح المبادرة والجرأة لدى الطفل، لا نشجع أبدا أن يترك الأبناء دون أن نمنعهم من بعض التصرفات فهذا الأسلوب ترك الطفل يفعل ما يريد دون ضوابط يربى أجيالا مدللة لا تتقيد بقواعد الحياة الاجتماعية، وفي نفس الوقت لا نؤيد المبالغة في إصدار الأوامر والنواهي. والمنهج الوسط هو الاعتدال في ذلك أي: " لا ننه عن أمر إلا للضرورة " هذا المنهج هو الذي يراعي شروط الصحة النفسية والنمو النفسي لدى الطفل.
سبيل ذلك هو وضع القواعد والضوابط والحدود بشكل معقول، وبسطها على الحياة الأسرية بأسلوب الحوار والإقناع، والتذكير بها بين الفينة والأخرى بشكل عام وليس مرتبطا دوما بحادث أو شخص معين..
ثلاث عشر قاعدة لممارسة سليمة لعملية النهي:
قواعد في النهي:
إذا أردت أن تنهي عن أمر فاحرص على القواعد التالية:
1- لا تنه إلا لضرورات موضوعية يقول د. هادفيلد " عندما يكون للولد الحق بأن يقوم بتسعة أشياء من أصل عشرة، فهو يقبل عادة دون احتجاج التحريم الوحيد ".
2- ولا تجعل العوامل الذاتية المرتبطة بمزاج الشخصي دافعا للنهي. كأن تنهي الطفل عن ممارسة حقه في اللعب لمجرد أنك متوتر الأعصاب أو بحاجة إلى المطالعة..
3- لا تجعل ابنك مجالا لإفراز توترك. والتنفيس عن معاناتك بكثرة النواهي.
4- لا تنطلق من دوافع انتقامية.
5- لا تنقل إحباطات طفولتك لأبنائك.
6-لا تجعل علاقتك بابنك علاقة الأعلى بالأدنى، والأقوى بالأضعف.
7- إذا نهيت عن أمر فتمسك به حتى تعلم ابنك حس الانضباط والاهتمام.
8-حاول كلما نهيت عن أمر أن تضعه في قالب الحرص على سلامه الطفل؛ لتمنحه شعورا بالأمن والأمان، وتبدد هواجس الطفل.
9- اشرح سبب النهي: لا تلعب بعود الكبريت حتى لا تحترق..
10- حول ما تراه سلبيا إلى إيجابيا: تخريب أثاث البيت يحول إلى ألعاب الفك والتركيب، وكثرة الحركة إلى الرياضة المنتظمة...
11- لا تصرخ وترفع صوتك وأنت تنهي وتصدر الأوامر له، فالطفل سيتعلم الابتعاد عن الأشياء التي لا ينبغي له الاقتراب منها بالتعليم والتدرج وليس بالصراخ في وجهه.
" إن الكبار عندما يصرخون في وجوه الأطفال لا يفعلون أكثر من توجيه الدعوة للطفل لأن يتحدى أكثر وأن يستمر في السلوك السيئ أكثر ".
12- احرص على عدم إثارة التناقضات في حياة الطفل لا تحدثه عن: مضار التدخين وأنت تدخن... وعاقبة الكذب وتأمر أحدهم بالرد بأنك غير موجود بالبيت فإذا نهيناه عن أمر ينبغي أن نكون أول المبتعدين عنه.
13- تعلم فن النهي: من أخطاء الآباء الشائعة أنهم ينهون كزعماء نصبوا أنفسهم للأمر والنهي وعلى غيرهم الخضوع والطاعة. إن الأبناء والناس عموما يرفضون ما يصلهم على شكل أوامر ونواهي بينما يقبلونها لو جاءتهم في صورة: تمن تجميل اقتراح.. فثمة فرق شاسع بن توجه لابنك: " إياك أن تفعل لا تفعل.. ". و" أتمنى أن لا تقوم بهذا الشيء كم هو جميل أن لا يكون المرء مدخنا " والأسلوب القرآني فريد في تعليم هذا الفن [ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ اليُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ العُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا العِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ] (البقرة: 185) [وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الجَاهِلُونَ قَالُوا سَلاماً ] (الفرقان: 63). [ذَلِكَ الكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ ]( البقرة: 2-3 ).
القاعدة الثانية: الطفل على الفطرة، وأي توتر في علاقته بالكبار يطرح علامة استفهام: من المخطئ ؟‍!
من الحقائق الثابتة لدى المسلم أن: " كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء هل ترون فيها من جدعاء ؟! " ( الحديث ). والفطرة كما أشار إلى ذلك الرسول صلى الله عليه وسلم تعني: الجمال والكمال الخلقي والخلقي... وأقل ما في هذا الجمال أنه صفحة بيضاء نقية جاهزة للنقش واستقبال الرسائل التربوية الخارجية.
هذا الصفاء، وهذه الفطرة تستمر طيلة سن البراءة وهو سن ما دون التمييز من هنا نتساءل حين يوصف الأطفال بالعناد، والعدوانية، وعدم اتباع أوامر الآباء والمربين وضعف التحصيل الدراسي خلال السنوات الأولى.. من المسؤول عن هذه العيوب والنقائص ؟!
من المسؤول عن أي علاقة توتر تتم بين طرفين أحدهما عاقل مميز والآخر طفل قاصر لا يميز ؟!
هلا توجهنا إلى ذواتنا لنكتشف مواطن النقص والخلل سواء في سلوكياتنا أو أخلاقنا أو طرق تعاملنا مع الأطفال؟
لو أصر الطفل على اللعب والحركة وأحدث صوتاً وإزعاجاً داخل البيت وفي نفس الوقت أصرت الأم أو الأب على تسكيته وشل حركته ليتسنى لهما متابعة البرامج التلفازية واتهم الطفل البريء أنه عنيد مزعج فمن يا تري العنيد ؟ هل هو هذا الطفل الذي من طبعه وغرائزه أن يتحرك ويكتشف العالم من حوله من خلال الحركة اللعب؟ أم هذان الأبوان الأنانيان اللذان يصران على إرغام الطفل على سلوك ضد ضرورات نموه ونشأته الفيزيولوجية على سلوك ضد ضرورات نموه ونشأته الفيزيولوجية والنفسية ؟
لو أصدرت الأم على وضع اللقمة في فم أبنها البالغ من العمر سنتين مثلاً، وأصر هو على أن يأكل بيده دون حاجة لمساعدة غيره وتمسكت الأم بموقفها خوفاً على ثياب الطفل أو السجاد وأصر الطفل على موقفه تماشياً مع بداية الاعتماد على الذات والنزوح نحو الاستقلالية عن شخصية الأم هذه الغريزة الطبيعية لدي كل طفل بعد شهره الخامس والعشرين، شهر بداية وضع اللبنات الأساسية لشخصية الإنسان واتهمت الأم ابنها بالعناد هذا إذا لم تعاقبه بصفعة أو صحية في وجهة فمن يا تري العنيد حقاً.
هل هو هذا الطفل الذي يخضع لسنن إلهية زرعها الله لنمو الإنسان أم هذه الأم التي تريد أن تقف حجر عثرة أمام هذا النمو الطبيعي ؟!
تخاف الأم على الثياب والأواني ولكنها لا تخاف أن تدمر شخصية خاصة بموقف عناد منها. كم نشكوا من ضعف شخصيات أنبائنا ؟! وكم نشكوا من انطوائيتهم الزائدة عن الحد ؟! وكم نشكوا من فشلهم في مواجهة الناس ؟! وما يخطر على بالنا أننا قد نكون نحن السبب لأننا بموقف خاطئ منا دمرنا شخصيته، وأصبناها بالأحباط وفقدان الثقة في النفس وكنا سبباً في بث هذه المشاكل النفسية لديه.
إذا فشل طفل احتاج إلى التشجيع لينهض ويتجاوز الفشل أما إذا عنف واستهزي به فإنه يصاب بالأحباط وفقدان الثقة بالنفس وقد تستمر هذه العاهات مدى الحياة !
إن أي توتر يحدث بين أب أو أم من جهة وطفل دون سن التمييز من جهة أخرى ينبغي أن يثير ليدنا أكثر من تساؤل.. من المخطئ ؟ ومن المصيب ؟ وليس من البديهي أن يكون العاقل البالغ على صواب !!
القاعدة الثالثة: الطفل إنسان له مشاعر وأحاسيس... عامله باحترام
كثير منا يظن أن الطفل مجرد كائن صغير... لا يفهم، لا يعرف، لا يشعر لا يحس، لا يتأثر.. ويخطئ من يعتقد ذلك !
إن مرحلة الطفولة هي أكثر المراحل حساسية ورقة وتأثرا... ومن خلالها ترسم معالم شخصية الإنسان ومستقبله...
إذا أهان الوالد ابنه واستهزأ به.. وبالغ في احتقاره.. لا يلبث الولد أن ينشأ على أحد حالين.
1- طفل أثرت معاملة الاحتقار على شخصيته أصيب بالفشل والضعف والاستكانة والاستسلام، واقتنع بداخله إنه إنسان ضعيف، فاشل لا يقدر على شيء والنتيجة فقدان الثقة بالنفس، انطواء، انعزال عن الآخرين، خجل، جبن خوف.
2- طفل لم يقبل أن يكون ضحية ممارسات الاحتقار والاستهزاء... يتمرد على كل قانون وعرف يرفض كل أمر ونهي ونصح عن الوالد المستهزئ..... يعارض. يرفض، يبالغ في إبراز ذاته واستقلاليته... والنتيجة: معاند مشاكس من الدرجة الأولى، متمرد على القيم والمثل التي تمثلها المؤسسة الأسرية.. مستعد للانسياق وراء كل منحرف وجانح...
وكلا الحالتين تمثل صورة إنسان غير مقبول اجتماعيا، فاشل غير مؤهل للمسابقة في تغيير وتطوير مجتمعه، أو استقبال الرسائل التربوية... ويحتاج تأهيلهم إلى جهد كبير ووقت ليس بالقليل... والسبب استهتار بشخصية نظن أنها صغيرة لا تفقه ولا تفهم... ونشكو بعد ذلك من عناد أبنائنا أو انحرافهم، أو انطوائيتهم الزائدة عن الحد ؟!..
إن الوالدين مطالبان ب:
- معاملة أبنائهم بكل احترام وتقدير...
- محاورتهم بكل أدب...
- فهم أفكارهم وأحاسيسهم ومشاعرهم... انطلاقا من رؤيتهم أي الأبناء لا من رؤية الكبار، فما يبدو لهذين الوالدين تافها قد يكون في نظر أبنائهم مهما.
- إشراك الأبناء في أمور وحياة الأسرة بالاستشارة، وأخذ رأيهم في بعض القضايا إشعارا لهم بأهميتهم داخل الأسرة.
- المرونة في التعامل معهم مع مراعاة نموهم السريع الذي يطبع سن الطفولة.
- إبعادهم عن جو الاختلاف والمشاجرات الزوجية التي قد تسبب لهم معاناة أليمة يكبتونها عادة بداخلهم... ولا يشك عاقل في تأثيرها السلبي على سلوكياتهم ومستقبلهم الدراسي والنفسي والاجتماعي...
- الاستماع إلى الأبناء متى ما رغبوا في الحديث والكلام مع الوالدين والجلوس على هيئة تناسب مستوياتهم. ولننطلق دوما من قناعة وعلم بأننا نتعامل مع إنسان ذي مشاعر وإحساسات... لابد من مراعاتها كما نحب أن تراعي مشاعرنا لينشأ أطفالنا على احترام الآخرين.. ومن شب على شيء شاب عليه ‍‍!!
القاعدة الرابعة: ( أقنع الطفل ولا تفرض عليه فرضا ).
التعامل مع الأبناء فن وعلم؛ فكما أننا نبذل الجهد لنتعلم مهارة من مهارات الحياة مع الآلة، أو قيادة السيارة محترمين قوانين المرور، ومتعلمين الطرق السليمة للتعامل مع سيارة ما.. فكيف بالتعامل مع أعقد موجود مخلوق في هذا الكون، ألا وهو الإنسان، وأعقد ما يكون وهو طفل صغير في مراحل تكوينه ونموه...
كثيرا ما نفرض على أبنائنا أوامر دون أن نحمل أنفسنا عناء تفسيرها أو تعليلها أو شرح مغزى ما نريد من أوامرنا، معتقدين أنه طفل صغير لا يفهم... ونظن مخطئين ذلك وتغيب عن أذهاننا أنه وهو طفل يفهم أكثر مما نتصور. ولو افترضنا جدلا أنه لا يفهم واستمرت أو امرنا تنهال على مسامع أبنائنا فإننا سنحولهم إلى آلات أو حاسوب يبرمج حسب إرادة مالكه أو مستخدمه الذي يضغط على زر الأوامر، وما على الحاسوب إلا الإستجابة.. فمن يرضي لابنه أن يصبح آلة لتنفيذ الأوامر ؟!.... ومن يرضى لنفسه أن يصبح آلة لإصدار الأوامر ؟!
حين تصبح العلاقة بين الوالدين وأبنائهما مجرد علاقة إصدار أوامر وتنفيذها فإن شخصية الابن تتأثر سلبيا ويغلب عليها طابع الجمود والتقوقع، وتغيب عنها كل الصفات الإيجابية التي تؤهل الإنسان ليكون صاحب ابداع ومواهب.
لو تجاوزنا الأوامر الكيفية: أفعل، لا تفعل !! كل ! نم ! اخرج ! لا تلعب ! لا تلمس هذا !! فإننا لن نقدم لأبنائنا رصيدا ذاتيا يكتسبون من خلاله معايير القيمة التي تحدد لديهم الخطأ والصواب والحق والباطل والضار والنافع...
إن استقلالية أبنائنا بشكل إيجابي رهين بمدى اكتسابهم لهذه المعايير من خلال سلوكياتنا اليومية، وما نلقنه إياهم من معارف ومهارات..
تصور لو أن كل أب وأم جعل أوامره بشكل مقبول لدى الطفل، معللا إياها بحقائق علمية واقعية لأصبحت حياتنا مدرسة يومية لأبنائنا:
- كل التفاح؛ فإنه يحتوي على فيتامين يساعدك على النمو ويقوي عظامك..
- لا تكثر من الحلويات؛ فإنها تسبب تسوس الأسنان وبالتالي آلاما حادة..
- لا تلمس خيوط الكهرباء؛ حتى لا يصعقك التيار وقد يؤدي بحياتك..
- ادخل البيت فإن الجو حار وقد تصاب بالضربة الشمسية...
- نم مبكرا حفاظا على صحتك.....
- لا تكثر من مشاهدة التلفزيون؛ فإن كثرة متابعته تؤثر على بصرك..
- لا تلعب في هذا الوقت المتأخر حتى لا تؤذي جيراننا وهكذا نعلمهم ونمنحهم معايير لمعرفة ما يليق وما لا يليق.. وبذلك نحقق الكثير من الإيجابيات في حياة أبنائنا نفتح حوارا، نحدثهم، نجعله يسمعوننا، نعبر لهم عن حبنا لهم، وكذلك عن تخوفنا من أن يصيبهم أذى ونربط أوامرنا وتوجيهاتنا بالعواطف والأواصر التي تربطنا بهم.. وحين تفتقد أوامرنا هذا الأسلوب التعليلي فإننا ننقلب في أذهان أبنائنا إلى أنانيين كبار لا يفكرون في غيرهم..
ثماني قواعد من أجل تعامل أفضل:
حاول أن:
1- تقنع أبنك، ولا تفرض عليه فرضا.
2- تجتنب الأوامر الكيفية..
3- لا تكن آلة لإصدار الأوامر..
4- لا تجعل من ابنك آلة لتنفيذ الأوامر..
5- احترم ابنك من خلال إقناعه، وعدم نهيه بطريقة استفزازية.
6- لا تضغط عليه بإرغامه على أشياء... فإن كثر الضغط تسبب القلق والنفور.
7- مارس الثناء والتشجيع؛ لتهيئة الطفل لتنفيذ ما يراد منه.
8- لا تكثر من الأوامر ولا تشعر أبناءك بمراقبتك الصارمة.
تذكر !!
من أين نشأت انحرافات الشباب في الدول الغربية إلا من أنهم لم يقتنعوا بالقيم والمبادئ والمثل والأخلاق !!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.