حيرة وصدمة عمت الأوساط الإعلامية وفي الشارع التونسي بعد ورود أنباء عن تصفية الزميلين سفيان الشورابي ونذير القطاري. هذه الحيرة عمقتها ضبابية الرؤية لدى وزارة الخارجية والحكومة التي عجزت عن حلّ الملف كما بدت عاجزة متراخية عن كشف الحقيقة ومعرفة مصير الزميلين. ورغم الألم الذي نحسّ به جميعا بسبب طول مدة احتجاز الصحفيين وما سببه ذلك من عذاب لعائلتيهما، ومن عذاب أكبر اذا ثبت خبر التصفية فان الكثير من الأسئلة تطرح هنا عن الغموض والمماطلة والاطراف المستفيدة من هذه القضية. في البداية وجب التأكيد ان الكثير من الجهات التونسية باتت واعية بان ملف الزميلين اصبح محل مساومة ومقايضة من حكومة طبرق ومليشيات حفتر، ضغطا على الحكومة التونسية واستعمالا له في الصراع الدائر في ليبيا. وهذا ما صرح به مثلا الزميل يوسف الوسلاتي عضو نقابة الصحفيين منذ يومين والذي كشف فيه عن قناعة النقابة بتلاعب حكومة طبرق بالملف. من جهة اخرى يجوز التساؤل هنا عن صمت الحكومة التونسية على التطمينات العديدة التي صدرت عن حكومة طبرق الموالية لحفتر ولماذا لم يقع الانطلاق منها في الضغط على هذه الحكومة للعب دور حقيقي في الافراج عن الزميلين. بالاضافة الى ذلك نسوق المعلومات التالية والتي بات يعرفها الجميع. أولا سفيان ونذير وقع خطفهما مرة اولى واطلاق سراحهما ثم اختفيا مرة ثانية في منطقة تخضع لسيطرة مليشيات ابراهيم حظران النفطية والموالية لحفتر. ومع وقوع جريمة شارلي إيبدو في فرنسا ادعت مجموعة تنسب نفسها لداعش إعدام الصحفيين ونشرت صورا لسفيان ونذير سرعان ما تبين لاحقا أن الأمر ليس صحيحا. وبعد الضجة التي أحدثها ذلك الخبر بقيت الاتصالات حثيثة بدون أية نتيجة مع محاولات للضغط من قبل حكومة طبرق على الحكومة التونسية للاعتراف بها ودعمها ضد حكومة المؤتمر الوطني في طرابلس. وهنا يحق لنا ان نتساءل لماذا سكتت حكومة طبرق كل هذه المدة عن المجموعات المفترضة انها تختطف الزميلين في منطقة نفوذها؟ وقد كشف هنا محمود الذوادي رئيس مركز تونس لحرية الصحافة أنّ قضية سفيان الشورابي ونذير القطاري يسودها الغموض من جميع الجوانب، خاصة وأنّ وزير الداخلية الليبي في حكومة طبرق وقبل 3 أشهر أعلن بصفة رسمية أنّه سيتم إطلاق سراح سفيان ونذير وهو ما يوحي بأنّ الجهات الرسمية الليبية تعلم بمكان وبمصير الصحفيين التونسيين. فلماذا لم يصدق وعد وزير الداخلية الليبي؟ ولما أطلق وعدا للحكومة التونسية؟ اما السؤال الأخطر: من اختطف الزميلين ولماذا لم تعلن أية جهة عن مسؤوليتها؟ ولماذا لم تطالب أية جهة بفدية او غير ذلك؟ ثم اذا كانت المجموعة الخاطفة تتبع داعش فلماذا لم تصور فيديو وتعلن مسؤوليتها كما تعودنا على ذلك مع مثل هذه الجماعات؟ ثم لماذا اعلنت وزارة العدل الليبية عبر الاعلام الخبر الأخير ولم تتصل بنظيرتها التونسية عبر القنوات الديبلوماسية الرسمية ومنح المزيد من الوقت للتأكد من حقيقة الخبر؟ كل هذه الأسئلة وغيرها تضع حكومة طبرق ومليشيات حفتر في قفص الاتهام؟ وتشير الى مسؤوليتها القريبة والبعيدة على حياة الزميلين؟ بل وتشير الى سعي حفتر وعصابته الى استغلال القضية لتوريط الحكومة التونسية في انحياز وتبعية لجهة ليبية دون اخرى؟ ان الحكومة التونسية اليوم مطالبة بأخذ موقف واضح والسعي وراء معرفة الحقيقة كاملة قبل ان يزداد الملف تعقيدا وغموضا وطمسا مع وضع ليبي معقد وصعب ويزداد كل يوم تعقيدا.