في اليوم العاشر من هذا الشهر يحتفل فيه العالم باليوم العالمي لحقوق الإنسان كل على طريقته، بعض البلاد تقوم بندوات، تقيّم فيها مدى ما وصلت إليه الدولة فتثبته، و تنظر في النقائص التي غفلت عنها، وهي محل مطالبة من الشعب، لفتح حوار في كيفية تفاديها. أما بلادنا فالأحرار من أبناء الشعب، يغتنمون هذه الفرصة للتعريف بالوضع السائد في البلاد، و الحقوق المسلوبة، و الاضطهاد المستمر على الأحرار في تونس، سجنا و تعذيبا و تشريدا و تضييقا و متابعة أمنية. فتطلق في هذه المناسبة صيحة فزع، تستنجد فيها بالعالم الحر بمنظماته و هيئاته و رجالاته، لوقف انتهاكات حتى أبسط الحقوق في تونس. أما السلطة فتحيي هي الأخرى هذه المناسبة، بطريقتين متوازيتين في التوقيت، متضادتين في الأداء، في إطار التنوع و التعددية التي حالت "الظروف أو المصلحة العليا" دون تطبيقها. و محاكاة للوضع السياسي في البلاد. أما الطريقة الأولى فهي على مستوى وسائل الإعلام الرسمية، مرئية و مكتوبة ، و من بعض المطبلين من الأبواق المأجورة، أين يتم الحديث بدون خجل و لا حياء و لا وخزة ضمير، عن الانجازات في مجال حقوق الإنسان، و ما تنعم به البلاد من حرية و استقرار و رفاهية، و مشاركة ديمقراطية لكل المواطنين. و من المؤسف أن يصحب مثل تلك البرامج التلفزيونية صورا للمعمار في تونس، لبناءات شاهقة, وطرقات معبدة ، دون أن تشاهد أية صورة لإنسان يدلي برأيه و لا حوار مع أحد. أما الطريقة الثانية، فهي في واقع الأمر تغطية للحدث و للمناسبة، بطريقة أمنية بحتة، أين تشاهد حصة تطبيقية مضادة تماما لحقوق الإنسان، حيث قامت السلطة بحملة من المداهمات و التتبعات و الاعتقالات و المحاكمات للأحرار، صحفيين و حقوقيين، ومن خير رجالات و شباب تونس . قبيل عيد الأضحى اعتقلت السيد لطفي الدراسي ، و لا يزال رهن الاعتقال، ثم السيد معتوق العير، و السيد عبد الرزاق الونيفي، و ملازمة عدد من المسرحين، بمراقبة مستمرة و تضييق دائم، و محاصرة بيت الناشط الحقوقي لسعد الجوهري، منذ ما لا يقل عن أسبوع، ثم مداهمته ، و ترويع أفراد عائلته و حجز هاتفين من بيته. و قد تمت المداهمة بغية اعتقاله، و من رحمة الله انه لم يكن بالبيت حينها. لسعد الجوهري -هذا الرجل هو سجين سابق، قضى مدته في محنة التسعينات، أين تعرض إلى التعذيب، و لازال يعاني جراء ذلك، من كسر في ظهره و رجله و من مرض القلب، و وضعيته الصحية لا تحتمل أية مضاعفات. و قد استشهد أخوه في أوائل هذه المحنة، "الأستاذ سحنون الجوهري، الناشط الحقوقي رحمه الله تعالى، متأثرا بجراحه نتيجة الإهمال الصحي و نحّمل السلطة كامل المسؤوليّة في أن تعيد الكرّة مع أخيه أو مع غيره من الأحرار. هكذا تحيي السلطة في بلادي اليوم العالمي لحقوق الإنسان بمزيد من الانتهاك و التضييق و الترويع و توسيع السجون و تكميم الأفواه. و نحن إذ نستنكر كل ما يجري، ننادي بأعلى صوت أن لا للحصار الأمني على البلاد و العباد لا لهتك حقوق الإنسان في تونس لا لترويع الأهالي و العائلات. و نهيب بكل المنظمات و الهيئات الحقوقية الدولية و المحلية، أن تقوم بدورها في وقف هذا الضيم على المعذبين في تونس، من حقوقيين و صحفيين و من خيرة شباب تونس على رأسهم الدكتور صادق شورو. أحمّل مسؤولية العذابات التي يعاني منها الأحرار، و عائلاتهم طول هذه السنين، تهجيرا و تعذيبا و سجنا و تضييقا و إقصاء، إلى كل معاول الهدم من أمنيين و حزبيين، و كل من انتعش على حساب آلام و أنين أبناء وطنه، و عمل على تأبيد الانغلاق السياسي. أحمّل المسؤولية إلى كل معاول الهدم من "المثقفين"الاستئصالين، الذين طبلوا و صفقوا للظلم و زينوه، و طمسوا الحق بشهاداتهم الزائفة، و تخويفهم من المعارضة، و من الإسلاميين. أحمّل المسؤولية إلى كل من سكت عن الحق ،في أي موقع كان ، و لاذ بالصمت ، و لم يعل صوته دفاعا عن المظلومين في البلاد. أحمّل المسؤولية للسلطة في تأبيد الانغلاق السياسي، و خطر الحل الأمني الذي تنتهجه، طيلة عشريتين و أكثر، دون توقف و لا تعقل ولا تدبر، و لا نظر لمصلحة البلاد و العباد، و التعامل مع المخالف المعارض على أنه عدوّ ، في حين أنه شريك لازم، تهمه مصلحة العباد و البلاد، و مخالفته إثراء و إضافة و تنوع، أساسه الشعور بالمسؤولية و الحرص على مصلحة البلاد و العباد. أحمّلها المسؤولية و هي التي بيدها أن تنهي هذا الضيم، و تخرج البلاد من هذه المعاناة و قد سدت أذانها، أمام كل الأصوات من الداخل و الخارج التي تنادي بالمصالحة الشاملة، و فتح حوار تسترد فيه الحقوق، و تعمر فيه البلاد بمختلف كفاءات أبناءها، و بحق المواطنة الكاملة لكل التونسيين بمختلف مشاربهم، أحيي الأحرار المكبلين داخل السجن و خارجه من كل فئات المجتمع و أطيافه. أحيي الإسلاميين من أبناء حركة النهضة و على رأسهم الدكتور الصادق شورو ،الذين صبروا و صابروا و رابطوا ، و استماتوا في المطالبة بحقهم و حق أبناء الشعب بمختلف مشاربهم ، في الكرامة و العدالة و الحرية بالطرق السلمية، و لم يجروا إلى العنف و رد الفعل طيلة هذه السنين، حرصا على مصلحة البلاد و العباد، و التزاما بمنهجهم الرافض للعنف مهما كان مأتاه. "فلا تهنوا و لا تحزنوا و أنتم الأعلون" أطلقوا سراح الدكتور شورو أطلقوا الأحرار حقوقيين و صحفيين، فكوا قبضتكم عن المسرحين.