مرة اخرى تنقسم ساحة الحراك في تونس ، وتتباين مواقف النشطاء بشكل حاد ومخيف ، يواصل الانقسام هيمنته على المشهد منذ توجت ثورة الحرية والكرامة ، وخاصة منذ افصحت صناديق اكتوبر 2014 عن اسرارها ، منذ ذلك الحين وتونس تعاني من تنافر حاد بين نشطاء الساحة الواحدة ، ساحة كان يمكن ان تتسع للمشترك ويخضع فيها المختلف الى سجالات هادئة وعميقة ، لكن شيء من ذلك لم يحدث ومضت القطيعة والتنافر والتضاد يُحكمون قبضتهم على المشهد الناشئ والحساس. منذ نتائج انتخابات التأسيسي ، تسيد الاقتسام وتربع وبسط نفوذه ، وبينما اختار القسم الاول من النشطاء الانحياز الى شرعية الصناديق ، اختار القسم الثاني الانحياز الى الجبهة الرافضة للواقع الجديد والراغبة في اعادة العملية برمتها وبادوات اخرى ،ثم تشعب الامر الى محاولة اعادة النظر في الثورة وشبابها ومن ثم الشروع في تأهيل الماضي وتحسين حقبته والارتقاء بها الى ما فوق حقبة شرعية الثورة . التباين عصف بجميع المحاور ، ضرب الثقافي والسياسي والاجتماعي والاعلامى ..وحط رحاله عند الهوية لتكون ارضيتها حاضنة لصراعات جد متنافرة ، ذهب فيها البعض الى اعلاء هيبة الهوية وتبجيلها ، بينما ذهب الطرف الآخر الى اعتبارها ترسانة من الهوس التاريخي المكبل ، المنتهي الصلاحية . شهدت الايام الاخيرة بروز ملفات عمقت الهوة بين الطرفين ، وأظهرت فجوة ساحقة بين نشطاء غالبيتهم من شباب الثورة اسهموا بقوة في حراكها وانخرطوا في مداولاتها التي امتدت من سبعطاش الى اربعطاش ، وبين نشطاء خيروا الاستعانة بالمنظومة القديمة لطرد المنظومة الوافدة من رحم اول انتخابات حرة شهدتها تونس على مدى تاريخها ، تمثلت الهوة في جنوح شباب الثورة الى المطالبة بالشفافية في التعامل مع ملف المحروقات ومجمل الثروات الباطنية للبلاد ، ودشنوا صفحات ومواقع لاقت الرواج الكبير ، في المقابل اختار غيرهم من النشطاء المدعومين ببعض النخب المخضرمة ، الانحياز الى نوعية اخرى من المطالب ، حين ركزوا على حقوق الشواذ في تونس ، واستماتوا في الدفاع عن اسناد التراخيص للجمعيات التي تعني بالشذوذ الجنسي وتسعى الى رفع الضيم عن الشواذ ، ومغازلة المجتمع التونسي ليطبع مع اللواط والسحاق وهما العنوان البارز للمثلية او ما يطلق عليه الاقليات الجنسية . ودخل المعسكران في تجاذبات حادة وصلت الى حد السباب والتخوين ، وفي حين شنع معسكر شباب الثورة على خصومه الزج بتونس في اتون الاستفزاز ومشاغبة القضايا الكبرى بطرح مسألة الشذوذ ومحاولة التسويق لها في مجتمع عربي مسلم ، اتهم المعسكر الآخر شباب الثورة بطرح قضايا مفتعلة ، معتبرا ان مسالة الشفافية حول ملف الطاقة والثروات المعدنية ، من المطالب الخارجة عن السياق وليست ذات جدوى ، ووصفها البعض بالمطالب العبثية التي تهدف الى الاساءة للسلطة ومشاغبة البلاد عن قضاياها الحقيقة . في كل الحالات ، ومهما تكن القضايا المطروحة ، على مختلف النشطاء وخاصة شريحة الشباب ، ان يسعوا بجدية الى ردم الهوة او تقليصها ، وايجاد المشترك الذي يمكن ان يسهموا من خلاله في دفع البلاد نحو بر الامان ، وعلى شباب الثورة ان يحسنوا طرح مطالبهم من شفافية وعدالة اجتماعية والتوازن في فرص التنمية بين الجهات ، وذلك بالابتعاد عن الاساليب الحادة والعبارات الموجعة ، كما يتحتم على خصومهم من النشطاء المدعومين ببعض النخب ، ان يتجنبوا طرح ملفات مثل الشذوذ والطعن في الثورة ، وتمجيد حقبة بن علي ومحاولة تبييضها وتنقيتها من الجرائم ، والاهم الابتعاد عن استفزاز الشعب في هويته من خلال تحليل الخمر والزنا والاستهزاء بالشهر الكريم وبالآذان ، وتمجيد كل من يتطاول على المقدسات . اذا توفرت الرغبة من هذا وذاك ، لا شك سنصل الى قواسم مشتركة ، توفر لتونس مجهودات تحتاجها في بناء حاضرها و مستقبل اجيالها . - See more at: http://www.achahed.com/%d8%ae%d8%b5%d9%88%d9%85%d8%a9-%d8%a8%d9%8a%d9%86-%d8%a7%d9%86%d8%b5%d8%a7%d8%b1-%d8%a7%d9%84%d8%a8%d8%aa%d8%b1%d9%88%d9%84-%d9%88%d8%a7%d9%86%d8%b5%d8%a7%d8%b1-%d8%a7%d9%84%d8%b4%d8%b0%d9%88%d8%b0.html#sthash.tXFEkDGI.dpuf منذ نتائج انتخابات التأسيسي ، تسيد الاقتسام وتربع وبسط نفوذه ، وبينما اختار القسم الاول من النشطاء الانحياز الى شرعية الصناديق ، اختار القسم الثاني الانحياز الى الجبهة الرافضة للواقع الجديد والراغبة في اعادة العملية برمتها وبادوات اخرى ،ثم تشعب الامر الى محاولة اعادة النظر في الثورة وشبابها ومن ثم الشروع في تأهيل الماضي وتحسين حقبته والارتقاء بها الى ما فوق حقبة شرعية الثورة . التباين عصف بجميع المحاور ، ضرب الثقافي والسياسي والاجتماعي والاعلامى ..وحط رحاله عند الهوية لتكون ارضيتها حاضنة لصراعات جد متنافرة ، ذهب فيها البعض الى اعلاء هيبة الهوية وتبجيلها ، بينما ذهب الطرف الآخر الى اعتبارها ترسانة من الهوس التاريخي المكبل ، المنتهي الصلاحية . شهدت الايام الاخيرة بروز ملفات عمقت الهوة بين الطرفين ، وأظهرت فجوة ساحقة بين نشطاء غالبيتهم من شباب الثورة اسهموا بقوة في حراكها وانخرطوا في مداولاتها التي امتدت من سبعطاش الى اربعطاش ، وبين نشطاء خيروا الاستعانة بالمنظومة القديمة لطرد المنظومة الوافدة من رحم اول انتخابات حرة شهدتها تونس على مدى تاريخها ، تمثلت الهوة في جنوح شباب الثورة الى المطالبة بالشفافية في التعامل مع ملف المحروقات ومجمل الثروات الباطنية للبلاد ، ودشنوا صفحات ومواقع لاقت الرواج الكبير ، في المقابل اختار غيرهم من النشطاء المدعومين ببعض النخب المخضرمة ، الانحياز الى نوعية اخرى من المطالب ، حين ركزوا على حقوق الشواذ في تونس ، واستماتوا في الدفاع عن اسناد التراخيص للجمعيات التي تعني بالشذوذ الجنسي وتسعى الى رفع الضيم عن الشواذ ، ومغازلة المجتمع التونسي ليطبع مع اللواط والسحاق وهما العنوان البارز للمثلية او ما يطلق عليه الاقليات الجنسية . ودخل المعسكران في تجاذبات حادة وصلت الى حد السباب والتخوين ، وفي حين شنع معسكر شباب الثورة على خصومه الزج بتونس في اتون الاستفزاز ومشاغبة القضايا الكبرى بطرح مسألة الشذوذ ومحاولة التسويق لها في مجتمع عربي مسلم ، اتهم المعسكر الآخر شباب الثورة بطرح قضايا مفتعلة ، معتبرا ان مسالة الشفافية حول ملف الطاقة والثروات المعدنية ، من المطالب الخارجة عن السياق وليست ذات جدوى ، ووصفها البعض بالمطالب العبثية التي تهدف الى الاساءة للسلطة ومشاغبة البلاد عن قضاياها الحقيقة . في كل الحالات ، ومهما تكن القضايا المطروحة ، على مختلف النشطاء وخاصة شريحة الشباب ، ان يسعوا بجدية الى ردم الهوة او تقليصها ، وايجاد المشترك الذي يمكن ان يسهموا من خلاله في دفع البلاد نحو بر الامان ، وعلى شباب الثورة ان يحسنوا طرح مطالبهم من شفافية وعدالة اجتماعية والتوازن في فرص التنمية بين الجهات ، وذلك بالابتعاد عن الاساليب الحادة والعبارات الموجعة ، كما يتحتم على خصومهم من النشطاء المدعومين ببعض النخب ، ان يتجنبوا طرح ملفات مثل الشذوذ والطعن في الثورة ، وتمجيد حقبة بن علي ومحاولة تبييضها وتنقيتها من الجرائم ، والاهم الابتعاد عن استفزاز الشعب في هويته من خلال تحليل الخمر والزنا والاستهزاء بالشهر الكريم وبالآذان ، وتمجيد كل من يتطاول على المقدسات . اذا توفرت الرغبة من هذا وذاك ، لا شك سنصل الى قواسم مشتركة ، توفر لتونس مجهودات تحتاجها في بناء حاضرها و مستقبل اجيالها .