ابتزاز وتشويه سمعة: أسرار خطيرة..الترند القادم الذي يغيّر قواعد اللعبة في تونس    عاجل/ أبرز ما جاء في لقاء رئيس الدولة بأعضاء اللّجنة التي كلّفها بإيجاد حلول للوضع البيئي بقابس..    وزير الشباب والرياضة: التزامنا ثابت بدعم أحمد الجوادي على غرار سائر الرياضيين ذوي المستوى العالي    عاجل: وزيرة المرأة أسماء الجابري تحسم الجدل و تردّ على مقترح تعدّد الزوجات    فرنسا: رجل يعثر على سبائك ذهبية في حديقة منزله ويبلغ الأمن    المراقب الدائم لفلسطين بالأمم المتحدة في فيينا: أكثر من 100 ألف جريح ما زالوا في غزة..    ترامب يصنّف السعودية حليفا رئيسيا من خارج 'الناتو'    أبهر التوانسة: من هو المعلّق عامر عبد الله؟    كل ما يلزمك تعرفوا على حفل جوائز كاف 2025 : وقتاش و شكون المترشحين ؟    حرارة شتوية وطقس بارد اليوم وغدوة..وال''ويكاند'' شتوي بامتياز    طقس اليوم: أمطار غزيرة ورياح قوية بعدة جهات    اختتام مهرجان تيميمون للفيلم القصير: الفيلم الجزائري "كولاتيرال" يتوج بجائزة القورارة الذهبية وتنويه خاص للفيلم التونسي "عالحافة" لسحر العشي    يفتتحه فيلم 'صوت هند رجب': مهرجان الدوحة للأفلام ينطلق غداً بمشاركة 97 فيلما    سيلفي'ثمين'من البيت الأبيض يشعل الإنترنت    الأطباء الشبان غاضبون ويحتجون أمام البرلمان    لجنة المالية والميزانية تشرع في مناقشة فصول مشروع قانون المالية لسنة 2026 فصلا فصلا    تأهل كوراساو وهايتي وبنما إلى كأس العالم    بالفيديو: هذا ما قاله المعلق الإماراتي على المنتخب بعد مباراة تونس والبرازيل    غمراسن : تواصل أشغال ترميم قصر بوغالي واستعدادات لتهيئة مدخل قصر الفرش    وزير السياحة يؤدي زيارة عمل إلى ولاية القصرين يومي 17 و18 نوفمبر 2025    بن سلمان: نُريد أن نكون ضمن الاتفاقيات الإبراهيمية    الأمن الروسي يرفع السرية عن عملاء للنازيين في الحرب الوطنية العظمى تعاونوا لاحقا مع CIA    سوسة: بطاقة إيداع ضد طفل إثر محاولة قتل رجل مسن    الشوط الأول: البرازيل تتعادل مع تونس    انتخاب القائد العام للكشافة التونسية محمد علي الخياري نائبًا لرئيس اللجنة الكشفية العربية    مواسم الريح للأمين السعيدي، رحلة فلسفية في أعماق الذات البشرية    عاجل/ السعودية تعلن عن رغبتها في الانضمام لاتفاقيات ابراهام    التونسية آمنة قويدر تتوج بجائزة الانجاز مدى الحياة 2025 بالمدينة المنورة    عمل جديد لسامي الفهري ...و هذي تفاصيلوا    انطلاق فعاليات النسخة الخامسة من المناظرة التونسية للمنتجات المحليّة    المنستير: تسجيل معدّل تساقطات لا يتجاوز 9 بالمائة منذ غرة سبتمبر المنقضي (مندوبية الفلاحة)    ندوة علمية تحت عنوان " تقوية العضلات...ركيز أساسية في اعادة التأهيل" يوم 29 نوفمبر 2025 بمدينة سوسة " "    مباراة ودية - المنتخب التونسي تحت 23 عاما يفوز على نظيره الاماراتي 3-2    هل تعاني من تنميل مستمر في يدك؟ علامة خطيرة على هذا المرض    عاجل/ رصد تعويضات بقيمة 30 م د لفائدة هؤلاء..    مونديال 2026: سبعة منتخبات تتنافس على ثلاث بطاقات مباشرة في ختام تصفيات الكونكاكاف    افتتاح الندوة الدولية "الثقافة العربية والتحديات الراهنة"    قائم القروض البنكية المسلّمة للأشخاص الطبيعيين منذ بداية العام..#خبر_عاجل    قبلي: ارتفاع حجم الانتاج الجملي للتمور البيولوجية خلال الموسم الحالي    مباراة ودية: تشكيلة المنتخب الوطني في مواجهة نظيره البرازيلي    إجراءات إستثنائية لتنظيم عمليات توزيع منتوجات التمور والتفاح والقوارص والرمان والزيتون    مفزع/ 1052 قتيلاً في حوادث المرور منذ بداية السنة..!    طاقم تحكيم فرنسي لإدارة مباراة تونس والبرازيل الودية    تحويل جزئي لحركة المرور على مستوى الوصلة المؤدّية من الطريق الوطنيّة رقم 3 أ1 نحو سوسة والحمّامات بداية من الثلاثاء    تونس: أمطار هذا الشتاء ستتجاوز المعدلات العادية في الشمال    فيروس من'' الخفافيش'' يظهر في إثيوبيا: يقلق الصحة العالمية ...شنوا حكايتو ؟    فتح بحث تحقيقي بعد العثور على محامية متوفاة منذ 3 أيام في أكودة    ميزانية النقل لسنة 2026: برمجة اقتناء طائرات وحافلات وعربات مترو ودعم الموارد البشرية    مختار التليلي: " سامي الطرابلسي يحكمو فيه في المنتخب وخليني ساكت خير"    واشنطن: رفض حماس لقرار الأمم المتحدة دليل على تقدمنا بالمسار الصحيح    الشروع في مناقشة ميزانية مهمة التعليم العالي والبحث العلمي لسنة 2026    الثلاثاء: الحرارة في انخفاض وأمطار متفرقة بهذه المناطق    العلم اثبت قيمتها لكن يقع تجاهلها: «تعليم الأطفال وهم يلعبون» .. بيداغوجيا مهملة في مدارسنا    الكوتش وليد زليلة يكتب: ضغط المدرسة.. ضحاياه الاولياء كما التلاميذ    تونس تتسلّم 30 قطعة أثرية بعد ترميمها في روما    المعهد القومي العربي للفلك يعلن عن غرة جمادى الثانية    رأي: الإبراهيمية وصلتها بالمشروع التطبيعي الصهيوني    شوف وقت صلاة الجمعة اليوم في تونس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فساد الدين أصل كل فساد

يكثُر الحديث في زماننا، وفي مجتمعاتنا العربية عن الفساد بأنواعه: السياسي منه والمالي والأخلاقي... ولا يتكلم أحد بالقدر اللازم والعمق الواجب، عن أصل ذلك الفساد كله.. ونحن قبل أن نبدأ كلامنا هنا، نبغي أن نفرق بين فساد الدين وفساد التدين. ونعني بذلك أن الفسوق عن الدين فيما يعود إلى الفرد، هو غير الفسوق العام الذي يتعلق بفساد التصور والتعقل.
إن التدين الفردي في الأزمنة المتأخرة، وبسبب البعد الزماني عن عصر النبوة، قد خرج في شطر كبير منه، عن معاملة الله التي هي الأصل، إلى معاملة المجتمع والدولة، ومعاملة فقهاء المذاهب، والجماعات الدينية المختلفة. وعلى قدر هذا الانحراف في التوجه، يكون الانقطاع عن الله، الذي تغيب معه ثمار التدين، وإن أُبقي على صورته؛ بل إنه (التدين) قد يعود وبالا على صاحبه، بتحقق البعد عن الله. وهذا هو ما يؤدي اليوم، إلى كل هذا العنف الذي نراه بين أهل الدين الواحد، والذي عاد معضلة حيّرت العالمين. ونعني من هذا، أن التدين المقطوع، أسوأ من التقصير والعصيان، إن كانا مع تحقق اتصال جزئي بنور النبوة. وهذا أمر يكاد يكون مجهولا لعموم الناس، الذين ما عادوا يعلمون حقيقة ما هم عليه. ولن نخوض هنا في تفاصيل شروط تحقيق الاتصال وأسبابه، لأن ذلك سيخرج بنا عن المراد.
إن الدين الذي يؤخذ عن المؤسسات الرسمية، لا يأبه فيه الموجِّهون كثيرا بمآل العباد في الآخرة؛ وإنما همهم موافقته (الدين) لأهواء بعض الجهات (المتأدلجة على الخصوص)، أو موافقة بعض السياسات الإقليمية والعالمية.. وهذا يعني أن غاية الدين، قد صارت دنيوية في المرتبة الأولى. ولو سأل المرء نفسه: هل سأضمن -مثلا- الفوز بالجنة عند تمام طاعتي لتوجهات حكومة بلدي؟ لَداخَله بعض التردد في الجزم بالإجابة. ذلك، لأن الجنة في الآخرة ليست مخصوصة بدولة معيّنة ولا بجماعة بعينها؛ ولا هي مُقتسَمة بين دول وجماعات بعينها على معنى مخصوص؛ وإنما هي لله، يتفضل بها على من يشاء من عباده. وقد يجد المرء من جيرانه في الجنة -إن كان من أهلها- مَن كان يظنه من الخصوم والمخالفين، بحسب الاعتبارات الدينية الوضعية في الدنيا، والتي كان ربما من المتعصبين لها. وهذا، سيكون من المفاجآت التي ستطالع الناس في الآخرة، وما أكثرها!.. وعلى هذا، فعلى العبد أن يراجع معاملاته لربه، على ضوء الوحي الذي أنزله، بتجرد عن كل الاعتبارات التي ورثها من مجتمعه الضيق.
إن التدين المقطوع، هو السبب في كل الفساد الذي تعرفه مجتمعاتنا العربية، مع كونها كلها على الإسلام من حيث الظاهر. ذلك لأن الانقطاع، يُبقي على الصورة، ويذهب بالمعنى، كما هو الشأن دائما. ودين (تدين) كهذا، لا يكون إلا أجوف، فاقدا لروحه، مباينا لحقيقته. ومعه، يسهل على العبد أن يأتي كل الكبائر المنهي عنها، فضلا عن الصغائر. ومن هنا نجد مسؤولينا غارقين في سرقة المال العام، وفي ظلم الناس وقهرهم؛ وكأنهم لا يؤمنون بالآخرة وحسابها!.. ولقد وصل الفساد الآن إلى الطبقات الدنيا من الشعوب أيضا، والتي كانت إلى عهد قريب خزان الإيمان (إيمان العجائز البسيط) لدى الأمة. وهذا يعني أن الفساد قد بلغ حدا، لا تنفع معه الآن العلاجات "الموضعية" ولا الوقتية. وهذه الحال، هي ما تكون عليه الأمة قُبيل ظهور المهدي عليه السلام. والإصلاح تبعا لهذا، لا يكون إلا جذريا..
إن المرحلة التي تستقبلها الأمة اليوم، لهي أصعب من كل ما عرفته فيما قبل. وكل قياس لها على ما شهدته (الأمة) في تاريخها، هو من القصور عن إدراك المرحلة، وهو من دلالات التخلف. إن ما نتحدث عنه، ليس هو ما نراه الآن ماثلا؛ وإنما ما هو قادم، ولا عهد لأحد به!.. وإن ما يشتغل به الناس من مقارنة بين أنظمة الحكم الاستبدادية (الجبرية)، وما يطمحون إليه من أمانيهم (تصورات افتراضية)، مع إغفال لحال التدين لدى الفرد، ليس إلا مقاربات اختزالية متجاوزة، لا يمكن أن يُتوصل معها إلى نتيجة تُذكر؛ إلا ما كان من إطالةٍ لعمر الفتن فحسب؛ لأن ميدان الإصلاح هو النفوس، لا الأنظمة. والتدين الذي يُعنى به الإسلاميون في المقابل، ليس تدينا أصيلا، يبلغ به الناس الغاية من معاملة الله؛ وإنما هو تدين مقطوع، يزعم الوصل حيث لا وصل. ومن لا خبرة له بأحوال القلوب، لا يمكنه تبيّن ما نقول بسهولة، والصورة الظاهرة تعطي في عين بصيرته عكسه.
قبل مقدم المهدي، لا مجال للكلام عن إصلاح عام؛ وأقصى ما يمكن نيله من خير وطمأنينة، هو ما يجده مَن يكون على صلة بالربانيين، الذين جعلهم الله أمانا لمن يحتمي بهم في هذه الأزمنة. ونعني من هذا الكلام، أن كل حركة تريد أن تعمل للإصلاح العام، ستكون من أسباب تقوية استعار نار الفتن، ليس غير. ولا تكفي هنا النية، التي يعتمدها العوام في أعمالهم، أو العملُ على نصوص الوحي المناسبة للوضع الأصلي وللقواعد العامة؛ ولكن يتطلب الأمر علما استثنائيا بأحكام أزمنة الفتنة وما يدخل تحتها من تركيب وامتزاج؛ ويتطلب نورا يكشف حقيقة المشهد، الغائبة خلف دخان الأفكار والتنظيرات. وافتقاد ما ذكرنا، هو عينه ما يجعل كلام الفقهاء اليوم، يعطي نتائج عكسية.. لأنهم يعملون بأحكام الوضع الأصلي، في ظروف استثنائية. وهذا لا يُعد فقها بالمعنى الصحيح، ما دام الفقه هو إدراك الثوابت والمتغيرات إدراكا خاصا، على ما هي عليه في كل زمن. وهذا المعنى يدخل في معنى التجديد الديني، الذي لا يخلو منه زمان؛ وإن كان التفاوت في العمل به حاصلا، إن نحن نظرنا إلى مختلف مراحل تاريخنا كله، وقارناها بعضا إلى بعض.
إن المعلوم من الفقه الجامد الرسمي المتوارث، قد أصبح مانعا عن بلوغ ما دللنا عليه من إصلاح محدود عدديا، يُدرك بصحبة الربانيين؛ وهذا هو أصل كل تخلف للأمة عن إدراك دينها اليوم، من غير أدنى شك. وهو يشبه من يضغط دواسة البنزين، مع عدم رفعه الكوابح ..، يبغي أن يسير!.. ومع حال كهذه، فإن الجهود وإن كانت كبيرة، لا تؤتي معشار ما يُنتظر من ورائها من ثمار. ومن عرف ما أوضحنا، فإنه يكون قد عرف ما عليه فعله في هذه المرحلة. فما عليه إلا أن يختار لنفسه ما يراه نافعا له ولأمته؛ بعيدا عن تأثير التيار العام، الذي لن يأخذه إلا إلى عين الفتنة ووسطها.
لن نعرض بتفصيل، لما يُمكن أن يورده بعض الناس من مقارنة بين دولنا و"الدول المتقدمة"، التي يزعمون أنها قد حققت التقدم من غير اعتبار للدين؛ لأن ذلك السياق مختلف عما نحن بصدده، ولأن شعوبنا لم تتخلّ عن الدين بالكلّية، كما أراد لها المغرضون. وعدم إسقاط الدين من الاعتبار، مع عدم إيلائه ما يستحق من عناية في الآن نفسه،


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.