يحكى في القديم أن ملكا يدعى فرجان كسب نمرا متوحشا يدعى " نمرون" و ذات يوم تعرض هذا النمر لحادثة ففر من القصر ليجد نفسه في غابة كثيفة الأشجار و كان هناك شاب وديع اسمه "احمد " يخرج إلى تلك الغابة كل أسبوع لاصطياد بعض الطرائد ، و فجأة وجد نفسه أمام نمر الملك " فرجان" و هو يئن و يتوجع فتقدم أحمد نحوه و سأله : ما بك أيها النمر ؟ هل أنت مريض ؟! رد عليه النمر قائلا : لا لا أبدا .... أنا لست مريضا ، و لكني لا أستطيع المشي فالملك "فرجان" هو من سبب لي هذا الألم.... نظر النمر لصديقه أحمد نظرة لوعة و رحمة و قال له : أرجو أن تساعدي يا صديقي أحمد – لقد هربت من قصر الملك و قد يبعث حراسه ليقتلوني ... فقال احمد لنمرون : لا تخف ، دعني أفحصك ، و إن كان بإمكاني مساعدتك فتيقن أنني سوف لن أبخل عليك ؟ لكن تعدني بالعودة إلى قصر الملك فرجان عندما تتعافي ، لأني إن تسترت عنك فقد يغضب ملك غابتنا فرجان و يأمر بسجني. وافق النمر على شرط أحمد ، و قال له : حسنا ، كن مطمئنا يا صديقي سوف أعود للقصر عندما تتحسن حالتي اقترب احمد من النمر فلاحظ في رجله "شوكة" قد انغرست بين مخالبه ،و هي التي كانت سببا في معاناته و جعلته يتألم و غير قادر على المشي ... حاول احمد مسك الشوكة و جذبها ، لكنه لم يفلح لأن " نمرون " كان يتوجع من شدة الألم . لقي أحمد صعوبة في القيام بعمله فقال للنمر : هيا تشجع يا صديقي نمرون ، فلقد خلتك قوي العزيمة - واثق النفس - ثابت القلب، فكيف تضعف أمام شوكة تبدو بسيطة ؟ قال النمر: صحيح من يقول نمر أو أسد كل الحيوانات تهابه و تخافه لأنهما يرمزان إلى القوة كما ذكرت ، و لكن في الواقع نحن معشر النمور نحس مثل باقي الحيوانات و نضعف أحيانا ، إنما هذه الشوكة رغم بساطتها فهي أقلقت راحتي و شلت حركتي ، فحاول أن تمسك بها هذه المرة وتريحني منها... ضحك أحمد و قال : هههههههه .... حاضر يا مولاي نمرون ، سأريحك منها و من أذاها و على حين غفلة ، جذب أحمد "الشوكة " و سال الدم كثيرا من بين مخالب نمرون .... أحس النمر بالفرج، و قال لصديقه أحمد : آه ... آه .... لقد أرحتني من شوكة مؤذية ، لك يا صديقي أحمد ألف شكر. كان الدم يسيل من رجله بغزارة، فأخذ النمر يلحس موقع الجرح ، إلا أن أحمد أخذ قطعة من القماش و لفها على رجله ، فأحس النمر براحة ، بعد أن كانت رجله تؤلمه ففهم أن احمد ساعده و أزال عنه هذا الألم نهائيا . تحسن حال " نمرون" و أصبح قادرا على المشي ، فعاد إلى قصر الملك " فرجان" لأنه وعد صديقه أحمد بذلك. مرت الأيام و الأشهر و وقع احمد بأيدي حراس الملك ، لأنه خالف قانون الغابة و تستر عن "نمرون "و لم يبلغ عنه ، فحوكم عليه بأن يلقى أمام حيوان وحشي مفترس في ساحة يحضرها المشاهدين و المطلوب من احمد أن يقف في هاته الساحة و يصارع الحيوان المفترس و بدون سلاح ، فان تغلب على الحيوان فقد يكرمه الملك و إن افترسه الحيوان فقد أراح الملك " فرجان " منه. و بعد يومين حان الوقت لينفذ حكم الملك ، فتم فتح باب صغير من جانب الساحة المعدة للمصارعة و أدخل أحمد إلى الساحة و خرج النمر من القفص ليهجم على احمد ، لكن النمر وقف أمامه احتراما لأحمد و أطلق زئيرا أرعب كل الحضور بما فيهم الملك " فرجان" ذاته ، و بدلا من أن يهاجمه اخذ النمر يداعب "احمد" فاندهش الملك و تعجب لمثل هذا التصرف . فهم أحمد أن النمر الذي هو أمامه هم صديقه "نمرون" الذي خلصه من الشوكة . فقال في نفسه : الحمد لله ، انه نمر وفي حفظ الجميل و نفذ وعده... تذكر نمرون إحسان أحمد له ، و تعجب الحاضرون و سأل الملك " فرجان" أحمد عن سر ما حدث فعرف منه القصة و عز عليه أن يكون الحيوان أكثر إشفاقا من الإنسان فصاح لرجاله أن أطلقوا سراح احمد فورا. تعلم الملك درسا لن ينساه ، فغير سلوكه مع مر الأيام و أصبح " فرجان " ملكا محبوبا بعد أن كان مستبدا و عنودا و ظالما ... وظل أحمد يعمل بالقصر ، يرافق صديقه " نمرون" و مرت أشهر وأعوام و تزوج أحمد من ابنة الملك "شهرزاد" و أصبح يعيش في قصر الملك مع نمره المحبوب " نمرون "و زوجته ابنة الملك فرجان ، في سلام و سعادة و اطمئنان. مع تحيات كاتب القصة: رضا سالم الصامت