برع الصهاينة ثمّ الغرب في تنسية العرب والمسلمين أصول قضاياهم!... فمن حديث عن احتلال فلسطين بات الحديث عن تقسيم... ومن تقسيم بنسب متساوية (51 % للفلسطينيين مقابل 49 لليهود الصهاينة) بات الحديث عن دولة "إسرائيل" وعن اللاجئين الفلسطينيين، حتّى ذهب تحقيق الدولة الفلسطينية عند متخلّفي العرب، ولو افتراضيّا ضربا من البطولة الاستثنائية في دنيا السياسة، فنّ الممكن!... ومن حقّ المقاومة لإخراج المحتلّ من الأراضي التي احتلّها بعد التقسيم الظالم، انقلب الحديث عن إرهاب وعن حقّ المُرهَب في مقاومة الإرهابيين، وإن استدعى ذلك استعمال بعض القوّة النّاعمة كالفسفور الأبيض والأورنيوم المخصّب والقنابل الذكيّة وذات الأطنان الحاطمة المبيدة!... وأمّا أصل القضيّة فجريمة بشعة ارتكبها الوزير الأوّل البريطاني... فهو من تعهّد للصهاينة بأرض ينشؤون عليها دولتهم، وهو من وجد الدعم وقتها ممّا يسمّى عصبة الأمم التي شرّعت للظلم وشرعنته مقابل درء داء ما تحمّلوا وجوده بين ظهرانيهم سمّوه الساميّة!... فالغرب شديد الحساسيّة للساميّة يخافها ولا يقترف معانيها ويسندها بالاعتداء على النّاس هناك في الشرق الأوسط العربي الفلسطيني المسلم كافل أهل الديانات منصِفهم!... ولذلك كان على العرب والمسلمين أن يعملوا دائما وبقدر يفوق القدر الذي يعمل به الصهاينة والغرب على التنسية، بهدف التذكير وتأصيل القضيّة!... فإنّ ذلك التأصيل (إرجاع الأمر إلى أصله وليس المعنى الشرعي للكلمة) هو الذي يرشدهم إلى اختيار وسائلهم واختيار مخاطبهم كذلك!... كان على العرب والمسلمين أن يتوجّهوا للبريطانيين يذكّرونهم بجريمة رئيس وزرائهم فيما يحدث اليوم بفلسطين عموما وبالمسجد الأقصى خصوصا بدل أن يقفوا بأبواب الصهاينة يتكفّفون اهتمامهم، يكسبونهم شرعية وقيمة لا تليق بالمجرمين... كان على العرب أن يتوجّهوا إلى الأمم المتّحدة يذكّرونهم بجريمة عصبة الأمم التي شرّعت للاحتلال بالقوّة، في وقت كان تأسيسها لمنع الاحتلال واستعمال القوّة!... كان على العرب والمسلمين أن يروا الصهاينة والساسة الغربيين بصورهم وقيمهم الحقيقية مجرمين أو مؤازين للمجرمين، بدل أن يروهم حماة "إنسانيّة"، قد أنّت في الأيّام الأخيرة تحت وطأة بعض الآلاف من المهجّرين الذين اقتحموا مخاطر حدودهم وإذلال مصوّريهم وصحافييهم تحت وقع أسلحتهم الفتّاكة التي آزروا بها الدكتاتوريّة في بلادنا. أو يروهم "حقوق إنسان" لا تكترث إلّا لإنسان "سام" وضيع لا ينتسب إلى الإنسانيّة بأيّ رابط من الرّوابط!... ليكن العرب دقيقين في معرفة عدوّهم وليعتمدوا في تقديراتهم الأمثلة الحيّة، فما الذي كان يحصل مثلا لو أنّ جهة ما قرّرت التمركز في رقعة من رقع أوروبا أو أمريكا أو حتّى في جزيرة بعيدة مجمّدة!... أكانت تجد التأييد من أحد؟!... أكانت الأمم المتّحدة سليلة عصبة الأمم تكترث لها فتقنع أصحاب الأرض باقتطاع جزء من أرضهم لإيوائها أو تقويتها اقتصاديّا أو تمكينها من أسلحة نوويّة منعتها عن غيرها أو أدرجتها ضمن فرق مسابقاتها وألعابها الرّياضيّة!...
إنّه لمن الجرم الحديث عن "إنسانيّة" يقترفها المجرمون... إنّه من سوء الإدراك نسبة الخير للمجرمين... إنّه من العطالة والبطالة والقعود التغاضي عن أفعال المجرمين!... إنّه في النّهاية من الظلم نفي الإنسانيّة عموما عن الغربيين، فإنّ منهم أهل مروءة وإنّ منهم عدولا وإنّ منهم حقوقيين، علينا جميعا التعاون معهم، فإنّهم هم الأقدر على إقناع الظلمة فيهم بالعدول عن السلوك السوء وإرجاع الحقوق إلى أهلها في فلسطين وفي غير فلسطين!... وإنّه لا بدّ في النّهاية من التأكيد على أنّ انحراف أهل السياسة في الغرب إنّما يتأكّد ويزداد بانحراف حكّامنا في بلداننا وبعدم قدرتنا نحن على تقويمهم وإلزامهم قاماتهم!... والله من وراء القصد
مصدر الخبر : بريد الحوار نت a href="http://www.facebook.com/sharer.php?u=http://alhiwar.net/ShowNews.php?Tnd=28318&t=كي لا تنسنا " الإنسانيّةُ" الجريمة&src=sp" onclick="NewWindow(this.href,'name','600','400','no');return false"