قامت قوات الشرطة الجزائرية أمس الاثنين بتطويق مقرات قناة «الوطن» الخاصة ثم داهمته، بعد حوالي أسبوع من الجدل الذي صاحب استضافتها لقائد سابق لتنظيم مسلح محل، هدد فيه الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، وبعد أيام من إعلان وزير الإعلام عن مقاضاة القناة على بثها تلك التصريحات، ليبقى الجميع في انتظار الطريقة التي سيتم بها التعامل مع صاحب التصريحات نفسه. وتفاجأ العاملون بقناة «الوطن» صباح أمس بقوات الشرطة تقوم بتطويق مقر القناة، ثم تأمر المتواجدين داخله بمغادرته، لتشميعه وحجز التجهيزات الموجودة في داخله، بعد صدور أمر بإغلاق مقر القناة في الجزائر من طرف وزارة الإعلام ونفذه الوالي المنتدب لمدينة درارية أعالي العاصمة، بتهمة ممارسة نشاط غير شرعي، وبث أفكار هدامة. وتواصل بث القناة لكن بشكل مقتضب، مع بث مستمر لشريط إخباري كتب على عجل (بسبب الأخطاء الواردة به) والذي يشير إلى تطويق المكان من طرف قوات (الشرطة) وإلى صدور أوامر بوقف البث وإطفاء الأجهزة وغلق المقرات، لأن أمرا صدر بوقف بث القناة، لأنها تبث من الخارج. وصرح مالك القناة رجل الاعمال جعفر شلي »استغرب خطوة وزير الاتصال الذي صرح الاسبوع الماضي انه سيلاحقنا امام القضاء ثم يأمر باغلاق القناة قبل ان يصدر حكم المحكمة». واضاف متسائلا «ماذا حدث خلال الاسبوع حتى يستعجل الأمر؟ ام انه يدرك ان هناك من القضاة الشرفاء الذين لا يمكن املاء الاحكام عليهم». ورغم تفهم مالك القناة، وهو قيادي سابق في الحزب الاسلامي »حركة مجتمع السلم»، غضب الحكومة من بث هذه التصريحات فانه عبر عن استغرابه بما ان مدير ديوان رئاسة الجمهورية احمد اويحيى استقبل مزراق باعتباره «شخصية وطنية» بمناسبة المشاورات حول تعديل الدستور صيف 2014. واكد شلي انه سيرفع دعوى امام القضاء لالغاء قرار الاغلاق، وحماية »مصدر قوت 170 عاملا في القناة». وكان وزير الاتصال اعلن الاسبوع الماضي ملاحقة قناة الوطن قضائيا ومالكها اثر تهديدات اطلقها مداني مزراق قائد الجيش الاسلامي للانقاذ سابقا، الذراع العسكري للجبهة الاسلامية للانقاذ المحظورة، في برنامج «حوار» بث في الثالث من تشرين الاول/اكتوبر. وبحسب مصدر في الوزارة فإن «وزير الاتصال حميد قرين طلب من الوالي (المحافظ) اغلاق القناة لأنها تعمل بشكل غير قانوني ومست برموز الدولة». وتعتبر هذه الخطوة متوقعة، بعد بث القناة لبرنامج حواري استضافت فيه مدني مزراق قائد ما كان يسمى الجيش الإسلامي للإنقاذ (المنحل) الجناح المسلح لجبهة الإنقاذ، والذي هدد فيه مزراق بوتفليقة بإسماعه كلاما لم يكن يتوقعه، إن لم يتراجع عن تصريحاته، التي رفض فيها بشكل مبطن عودة عناصر جيش وجبهة الإنقاذ إلى ممارسة السياسة، وهي التصريحات التي أثارت جدلا واسعا، وعلق عليها وزير الإعلام حميد قرين بالتأكيد على أن وزارته ستقاضي قناة «الوطن» بسبب استضافتها لمدني مزراق. وبررت وزارة الإعلام قرار غلق القناة باعتداء هذه الأخيرة على رموز الدولة، موضحة أن القرار الذي اتخذته جاء طبقا لقانون الإعلام، الذي ينص على الأطر التي يجب أن تمارس فيها المهنة. وأشارت إلى أن القناة تخالف قانون السمعي البصري الذي ينص على أن بث أي قناة يجب أن يتم بعد الحصول على ترخيص منشور في الجريدة الرسمية، مع العلم أن القانون سالف الذكر غير مطبق حتى الآن، على أي من القنوات الخاصة وعددها الآن تجاوز ال40 قناة، والتي تنشط كلها كقنوات أجنبية، خمس منها فقط حصلت على الاعتماد للنشاط كقنوات معتمدة في الجزائر. وأوضحت أن المرسوم التنفيذي رقم 14 52 الصادر في أبريل/نيسان 2014، يحدد كيفية منح اعتماد القنوات الأجنبية العاملة في الجزائر، والذي على أساسه تمنح تراخيص مؤقتة لمكاتب القنوات الأجنبية وبطاقات اعتماد لصحافييها. جدير بالذكر أن وزارة الإعلام كانت قد استدعت مالك القناة جعفر شلي وهو قيادي في حركة مجتمع السلم (تيار إسلامي) بعد استضافة مدني مزراق، لإبلاغه احتجاجها على التصريحات التي بثتها القناة، قبل أن يعلن الوزير حميد قرين عن نيته مقاضاة القناة. وتم حل الجبهة الإسلامية للإنقاذ في 1992 بعد ان دعت إلى الكفاح المسلح اثر الغاء نتائج الانتخابات التشريعية التي فازت الجبهة بدورتها الاولى. وتم تاسيس الجيش الاسلامي للانقاذ بعد ذلك بعام. وفي 1997، ابرم مزراق هدنة مع الجيش والقى آلاف المسلحين من عناصر تنظيمه السلاح. وصدر بعد ذلك عفو عنهم في اطار سياسة الوئام الوطني التي انتهجها بوتفليقة في سنوات الالفين. وقد اكد مزراق لقناة الوطن ان الاتفاق الذي ابرمه مع الرئاسة والمخابرات «ينص على حق المسلحين في العمل السياسي وتأسيس حزب».وبالنسبة لوزارة الاتصال فان «قناة الوطن تجاوزت الخط المسموح به». وتواصل القناة بث برامجها المسجلة مسبقا دون امكانية بث برامج جديدة بما ان مكاتب الانتاج في الجزائر «قد تم ختمها بالشمع» بحسب الشريط الاخباري في اسفل الشاشة.