يبدو أنّ رفع بيوس لمرتبة القديسين قد يعمق الخلاف بين اليهود والكاثوليك خاصة أنّ إسرائيل مصرة على فتح أرشيف الفاتيكان لفترة الحرب العالمية الثانية، وذلك بعد قرار البابا بنديكتوس الثاني عشر المضي قدما في دعوى تطويب سلفه بيوس الثاني عشر المتهم بالتزام الصمت حيال محرقة اليهود. وأكد يغال بالمور المتحدث باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية لوكالة فرانس برس أنّ "عملية التطويب لا تعنينا، إنّها مسألة لا تعني إلّا الكنيسة الكاثوليكية. أما في ما خص دور بيوس الثاني عشر فيعود إلى المؤرخين تقييمه، ولهذا السبب نطلب فتح أرشيف الفاتيكان العائد لفترة الحرب العالمية الثانية". غير أنّ مراقبين يرون في المطالبة بفتح أرشيف الفاتيكان محاولة جديدة في برامج الاحتواء التي يتبعها اليهود بشأن المسيح متخذين من المحرقة المزعومة ذريعة في كل حين لأجل تمرير نواياهم وخططهم الخفية. وشكل توقيع البابا لمرسوم إعلان "بطولة فضائل" سلفه بيوس الثاني عشر، وهي الخطوة الأخيرة التي تسبق تطويبه المحتمل، مفاجأة لدى جميع المراقبين. ومثلت قضيّة تطويب بيوس الثاني عشر حجر عثرة أمام زيارة بنديكتوس إلى الأراضي المحتلة نظرا لتخوف البابا في حال المضي قدما في هذا الملف من تقويض العلاقات الكاثوليكية - اليهودية. وكان البابا بنديكتوس السادس عشر، الذي زار الأراضي المقدسة هذا العام، أعلن سلفيه يوحنا بولس الثاني وبيوس الثاني عشر "مكرمين"، في أول خطوة على طريق تطويبهما المحتمل. وأثار إعلان بيوس الثاني عشر "مكرما" احتجاجات شديدة في صفوف أبناء الطائفة اليهودية في برلينوروما. والتطويب هو آخر خطوة قبل الارتقاء إلى مرتبة القديسين في الكنيسة الكاثوليكية. وطلب بعض اليهود من البابا عدم تطويب البابا بيوس لحين دراسة مزيد من المعلومات حول فترة توليه للبابوية. واتهم البابا بيوس الثاني عشر نهاية الستينات بأنّه التزم الصمت حيال محرقة اليهود، ما أدّى إلى إبطاء دعوى تطويبه التي انطلقت في 1967. ولكن منذ تسلم الألماني يوزف راتزينغر، الذي كان مراهقا خلال الحكم النازي، السدة البابوية في 2005 واتخذ بنديكتوس السادس عشر اسما له، اخذ يدافع عن سلفه. وكان الحاخام ديفيد روزين الذي يشارك في المفاوضات حول "الاتفاق الاساسي" الذي أرسى العلاقات الدبلوماسية بين الكرسي الرسولي والدولة العبرية في 1993 أعلن العام الماضي أنّ أرشيف الفاتيكان لن يفتح قبل العام 2013 على أقرب تقدير. ويستند بنديكتوس السادس عشر في موقفه إلى وثائق من الأرشيف الفاتيكاني "لا تزال سرية ويجري تصنيفها"، وهو مقتنع بأن بيوس الثاني عشر انقذ أرواح العديد من اليهود في أوروبا عبر السماح لهم بالاختباء في مؤسسات دينية في روما والخارج، وقد التزم الهدوء لتفادي تفاقم أوضاعهم. لكن وزير الرفاه الاجتماعي، إسحق هيرتزوغ، أكد أنّ "نية تحويل بيوس الثاني عشر إلى قديس ليست مقبولة". وتولّى بيوس الثاني عشر رئاسة الكنيسة الكاثوليكية في العالم بين عامي 1939 و1958. ويدّعي مؤرخون يهود وإسرائيليون أنه لم يفعل شيئاً لمنع محرقة اليهود على أيدي الحكم الألماني النازي. يقول الوزير المسؤول عن شؤون يهود الشتات ومكافحة السامية والمكلّف بملف العلاقات مع الطوائف المسيحية أنّ "محاولة تحويل بيوس الثاني عشر إلى قديس هو استغلال للنسيان ولانعدام الوعي" غير أنّ الفاتيكان رد على تصريحات هيرتزوغ باعتبارها "تدخّلاً فظا في شؤونه". ودافع بنديكتوس السادس عشر عن سلفه في 2008 مؤكدا أنّ الاهتمام بالبابا بيوس الثاني عشر "تركز في السنوات الأخيرة على إشكالية واحدة بشكل مبالغ فيه مع معالجة الموضوع بنظرة أحادية الجانب"، معتبرا أنّ هذا الأمر "حال دون معالجة عادلة لموضوع البابا بيوس الثاني عشر وهو شخصية بالغة الأهمية على الصعيدين التاريخي واللاهوتي" تركت "إرثا ثمينا" للكنيسة الكاثوليكية. يذكر أنّ هناك أزمة أخرى تخيّم على العلاقات بين الفاتيكان وإسرائيل، وتتعلّق بمكانة الكنيسة الكاثوليكية في الأراضي المقدسة، ومنح تأشيرات دخول إلى إسرائيل لرجال الدين المسيحيين.